ارتفعت عملة البيتكوين متجاوزة أعلى مستوياتها السابقة على الإطلاق لتسجل رقمًا قياسيًا جديدًا عند 69170 دولار مع قيمة سوقية تبلغ حوالي 1.35 تريليون دولار يوم الاثنين (4 مارس)، وصلت العملة لأعلى سعر في تاريخها الممتد منذ 15 عام حتى قبل حدث تنصيف البيتكوين الذي طال انتظاره والذي من المتوقع أن يأخذ العملة المشفرة إلى مستويات غير مسبوقة.
تأتي هذه الأخبار بعد أقل من عامين من انهيار العملات المشفرة والذي أدى إلى تبخر مليارات الدولارات وبلغ ذروته بالإدانات الجنائية لعمالقة الصناعة سام بانكمان فرايد وتشانغبينج تشاو، فبعد سقوط بورصة FTX في نوفمبر 2022 انخفضت عملة البيتكوين إلى أقل من 17000 دولار.
لم يتفاجأ معظم المحللين بهذا الانتعاش، فقد ارتفع سعر تداول البيتكوين وانخفضت منذ فترة طويلة في دورات متقلبة، لكنهم منقسمون بشأن ما يعنيه ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستقبل، يؤكد المتحمسون للعملات المشفرة أن صعود عملة البيتكوين هو علامة على نضجها وقوتها المكتشفة حديثًا، بينما يزعم المتشككون أن الأساسيات الهزيلة هي التي تدعم صعود البيتكوين الأخير، وأن نجاحها مجرد نتيجة ثانوية لقصة عالمية أكبر، فبعد ارتفاعها القياسي مباشرة انخفضت العملة مرة أخرى إلى 61 ألف دولار بعد ظهر يوم الثلاثاء (5 مارس).
البيتكوين يسجل رقم قياسي جديد بعد عامين
انخفضت عملة البيتكوين بشكل كبير بسبب حالة عدم اليقين التي غذتها رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعد كوفيد 19 في 2020، ولم تتعافى إلا في عام 2023 مع استقرار موقف السياسة النقدية نحو التوقف المؤقت، لكن كان عام 2024 رائعًا بالنسبة للبيتكوين حتى الآن مع الارتفاع المفاجئ في الأسعار.
في الشهر الماضي ارتفعت عملة البيتكوين بنسبة 51.09% تقريبًا لتصل إلى مستوى 50000 دولار في منتصف فبراير، اعتبارًا من 4 مارس وصلت العملة لأعلى مستوياتها على الاطلاق عند 69 ألف دولار بقيمة سوقية تبلغ 1.35 تريليون دولار.
السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار هو التدفقات القوية إلى صناديق الاستثمار المتداولة للبيتكوين الفورية والتي وافقت عليها لجنة الأوراق المالية والبورصات مؤخرًا فقط، وفقًا لشركة خدمات المعلومات “The Block”، اعتبارًا من 29 فبراير شهدت صناديق البيتكوين الفورية المتداولة في البورصة إجمالي صافي تدفق يومي يقارب 678.67 مليون دولار، حيث ساهمت شركات Blackrock وFidelity وGrayscale بشكل كبير في أحجام هذه الصناديق.
يعتقد الخبراء أن حدث تنصيف البيتكوين القادم في أبريل 2024 قد حفز أيضًا معنويات السوق تجاه تجاوز العملة لأعلى مستوياتها على الإطلاق، ويتوقع خبراء السوق أن تتجاوز BTC جميع الارتفاعات السابقة وتسجل أرقامًا قياسية جديدة.
كيف تؤثر التدفقات المالية إلى صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين على سعر العملة؟
بدأ الأسبوع الماضي بشكل رائع بالنسبة لصناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين، حيث سجلت تدفقًا داخليًا بقيمة 520 مليون دولار يوم الاثنين (4 مارس) وارتفع إلى 577 مليون دولار يوم الثلاثاء (5 مارس) مسجلاً ارتفاعًا بنسبة 10.96%، جاء هذا التدفق الهائل بمساعدة صندوق BlackRock iShares – ETF التابع لشركة بلاك روك التي شهدت تدفقًا بقيمة 520 مليون دولار فقط، مما أدى إلى وصول البيتكوين إلى مستويات جديدة قبل حدث التنصيف.
وفقًا لبيانات بحث BitMEX، يقود صندوق BlackRock iShare ETF حاليًا صناديق البيتكوين الفورية المتداولة في البورصة بعدما شهد تدفقًا صافيًا قدره 577 مليون دولار ولديه وحده 520 مليون دولار.
بلغ صافي التدفق لصناديق الاستثمار المتداولة أكثر من 6.5 مليار دولار وتراوحت حيازات الأصول فوق 141000 بيتكوين، وقد شهد صندوق Fidelity Bitcoin ETF تدفقًا ماليًا بنحو 126 مليون دولار وشهد صندوق Ark 21Shares تدفقًا صافيًا قدره 5.4 مليون دولار في يوم الثلاثاء (5 مارس)، وقد أظهر ذلك معنويات صعودية قوية وموجة صعودية محتملة.
عملة البيتكوين تتحرك مثل الأصول الخطرة الأخرى
تم تصميم عملة البيتكوين كبديل لنظام التمويل التقليدي، حيث قد يتمكن الأشخاص من إرسال الأموال حول العالم دون وسطاء، ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، استمدت عملة البيتكوين قيمتها إلى حد كبير وفقًا لاتجاهات الاقتصاد الكلي الأكبر، على وجه التحديد، تحركت عملة البيتكوين مثل أصول المضاربة وهي فئة عالية المخاطر من الاستثمارات التي تجذب الاهتمام بسبب قدرتها على الزيادة بشكل كبير، بدلاً من فائدتها الأساسية، فعندما تقلصت أسعار الفائدة خلال الوباء مما سمح للناس باقتراض واستثمار الأموال بسهولة أكبر ازدهرت عملة البيتكوين، ولكن عندما ارتفعت أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ أربعة عقود بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وجهود البنوك المركزية لمكافحة التضخم انكمش سعر البيتكوين مرة أخرى.
وفي أوائل عام 2024 استمرت أسعار الفائدة مرتفعة، لكن البنك الاحتياطي الفيدرالي اقترح في ديسمبر أنه سيتوقف عن رفع أسعار الفائدة وتنفيذ التخفيضات في 2024، ومنذ ذلك الحين، انخفض التضخم ببطء وكان أداء الاقتصاد الأمريكي أفضل من المتوقع حيث أضاف أصحاب العمل في الولايات المتحدة 353 ألف وظيفة في يناير مع زيادة الأجور أيضا، هذه العوامل تجعل من المرجح أن يكون المستثمرون على استعداد لإنفاق الأموال على الأصول الخطرة، فكل هذه الأشياء تخلق بيئة يمكن فيها لأصول المضاربة ذات المستقبل الأقل يقينًا أن تبدأ في الأداء الجيد مرة أخرى.
هل صعود البيتكوين علامة على صعود أم فخ؟
سواء كان الارتفاع في أسعار البيتكوين ووصولها إلى أعلى مستوى جديد على الإطلاق بعد عامين من التخبط هو علامة على صعود أو فخ، يجب على المستثمرين التداول بحذر في الوقت الذي يكون فيه للسوق وجهات نظر متباينة بشأن تداولات العملات المشفرة التي تنزلق إلى السوق.
أداء سوق العملات المشفرة جيد للغاية في الوقت الحالي ويتعين على المستثمرين توخي الحذر لأن التقلبات السريعة يمكن أن تؤدي ببساطة إلى تبخر الأموال بالسرعة نفسها التي كانت تتضاعف بها.
آخر مرة تجاوز فيها سعر البيتكوين 57000 دولار كانت في عام 2021، عندما وصل السعر إلى ذروته وبدأ انعكاس العملة في سوق هابطة لفترة طويلة، وبحلول بداية عام 2022 انخفض السعر إلى 32900 دولار وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 42% تقريبًا، يُظهر السوق الحالي بعض أوجه التشابه وقد ينتهي به الأمر إلى أن يصبح فخًا.
أسباب ارتفاع عملة البيتكوين
من بين الأسباب الرئيسية لارتفاع عملة البيتكوين لتصل إلى أعلى مستوياتها ما يلي:
- تدفقات قوية إلى صناديق الاستثمار المتداولة للبيتكوين الفورية.
- من المتوقع أن يتم حدث تنصيف البيتكوين في أبريل 2024، وقد يكون هذا سببًا آخر لارتفاع عملة البيتكوين فمن المتوقع أن يدفع الأسعار إلى الأعلى والتي قد تتجاوز أعلى مستوى لها على الإطلاق قبل الحدث.
- توقعات المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يستمر في وقف رفع أسعار الفائدة وربما خفضها مع استقرار الاقتصاد.
- أدت مشاكل القطاع المصرفي في الولايات المتحدة إلى قيام مؤيدي العملة الرقمية بتأكيد أهمية التمويل اللامركزي والحاجة إلى السيطرة الكاملة على أموال الفرد دون تنظيم البنوك التي تجد نفسها صعوبة في البقاء واقفة على قدميها في بيئة اقتصادية عالمية صعبة.
ما الذي ينتظرنا في المستقبل بالنسبة للبيتكوين؟
في حين أن مستقبل البيتكوين لا يزال غير واضح، يمكن للمستثمرين الأفراد الاستفادة من الوضع الحالي من خلال تنويع محافظهم الاستثمارية، يحتاج المستثمرون إلى توخي الحذر لأن الأحداث القادمة يمكن أن تؤدي إلى تقلبات شديدة في أسعار البيتكوين والتي يمكن أن تتأرجح في أي اتجاه.
عند تحليل ما إذا كان يجب على المستثمرين استثمار أموالهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس في البيتكوين، من المهم ملاحظة أنه على الرغم من ارتفاع قيمة البيتكوين إلا أنها قد تستمر في الانهيار كما حدث في الماضي.
هل ستصل عملة البيتكوين إلي 100 ألف دولار بحلول نهاية عام 2024؟
العام الحالي هو عام النصف الرابع لعملة البيتكوين والذي من المتوقع أن يحدث في شهر أبريل، إنها تشكل أساس السياسة النقدية للبيتكوين وتدعم ندرتها المتزايدة عن طريق خفض معدل نمو المعروض من البيتكوين إلى النصف كل أربع سنوات تقريبًا.
وفي مرحلة ما، تجاوز معدل نمو العرض من البيتكوين 10% ولكن تم تخفيضه إلى حوالي 1.75%، وفي شهر النصف المتوقع في أبريل سينخفض هذا المعدل إلى 0.85% فقط، سيستمر تخفيض BTC إلى النصف حتى يتم استخراج جميع العملات البالغ عددها 21 مليون في وقت ما من عام 2140، حاليًا، يتم تداول حوالي 19.6 مليون عملة بيتكوين في سوق العملات المشفرة.
يعتقد “جيف كندريك” رئيس أبحاث العملات المشفرة في بنك ستاندرد تشارترد أن سعر البيتكوين من المقرر أن يصل إلى 100000 دولار بحلول نهاية العام الحالي، وقال أن يمكن أن يكون تنصيف البيتكوين أحد مصادر ارتفاع الأسعار.
يعتقد المحللون أن الارتفاع الحالي مجرد بداية لدورة أخرى
يعتقد أحد خبراء سوق التشفير البارزين أن قيمة عملة البيتكوين ستستمر في الزيادة خلال هذا العام والعام المقبل، لم تصل عملة البيتكوين بعد إلى “النصف” وهي آلية مدمجة في عملة البيتكوين تهدف إلى جعل العملة أكثر ندرة وبالتالي أكثر قيمة، يحدث تنصيف البيتكوين كل أربع سنوات تقريبًا مع تحديد النصف التالي في أبريل، أعقب كل من عمليات التنصيف الثلاثة السابقة قفزات كبيرة في سعر البيتكوين، مما دفع الناس إلى الاعتقاد بأن نفس الشيء سيحدث مرة أخرى.
نظرًا لأن عملة البيتكوين هي أحد الأصول المضاربة، فإن المشاعر الإيجابية حولها تميل إلى الازدياد، إذا اعتقد الناس أن التنصيف سيزيد سعر البيتكوين فقد يشترون المزيد منه، وهو ما يمكن أن يؤدي في الواقع إلى ارتفاع الأسعار، وهي ديناميكيات ذاتية التعزيز حيث يتجلى الاعتقاد في الواقع.
لكن ديناميكية التعزيز الذاتي وتقليص القيود التنظيمية هي بالضبط ما يثير قلق البعض، ففي كل مرة ترتفع فيها العملات المشفرة تنخفض مرة أخرى، يشير خبراء التشفير إلى أنه خلال انهيار العملات المشفرة الأخير لم تكن هناك أي عدوى تقريبًا مع بقية النظام المالي، لأن المنظمين أبقوا صناعة العملات المشفرة على مسافة بعيدة، وما سنشهده خلال الأشهر والسنوات المقبلة هو زيادة الترابط مع جوهر النظام المالي، لذا فإن السؤال هو، إلى أي مدى ستكون الاتصالات واسعة النطاق؟ وهل سيؤدي انهيار العملات المشفرة إلى انهيار النظام المالي، تمامًا كما أسقطت المشتقات المالية النظام المالي في عام 2008؟.
