المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صور الجرائم الاقتصادية وأثرها على الاقتصاد العالمي والعربي


التحليلات و الاخبار
10-07-2011, 04:50 PM
صور الجرائم الاقتصادية وأثرها على الاقتصاد العالمي والعربي

http://ecpulse.com/ecpulse.com/mainforms/NewsImages/Articles_10-07-2011_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9.PN G

مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في الولايات المتحدة خلال 2008 بسبب تفشي الفساد بالعديد من القطاعات الاقتصادية والذي أدى إلى تدهور الرأسمالية تحت مظلة الحروب والصراعات التجارية، والإسراف في القروض العقارية والذي أعقبه انهيارات حادة في أسواق المال الغربية بعد سقوط بنوك عملاقة، وهو نفس السيناريو الذي شهدته الاتحاد السوفيتي بعد أن فشلت نماذجها الاقتصادية، كما هوت أيضا النمور الأسيوية في بئر الخسائر بسبب الإسراف في عمليات الصفقات طويلة الأجل والمشروعات عالية المخاطر، إلا أن أخطر صور الفساد التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر هو المتاجرة بالشعارات السياسية لتفتيت الحقائق الاقتصادية التي من المفترض أن تستهدف صالح سكان أهل الأرض، في الوقت الذي يناشد فيه المجتمع الدولي التصدي بقوة لظاهرة غسيل الأموال والاتجار في البشر والمخدرات ومنع وجود مؤسسات تتاجر في السلاح والتي ينتج عنها تأجيج نيران الصراعات والحروب الأهلية والإقليمية وما ينتج عنه في النهاية خراب العالم، وفي هذه الدراسة سوف نلقي الضوء على صور الجرائم الاقتصادية وأثرها على الاقتصاد العالمي

تعريف الجريمة الاقتصادية: هو عبارة عن كل نمط جديد من الجرائم التي أفرزتها التغيرات والتحولات الاقتصادية، كما تعرف الجريمة الاقتصادية بأنها فعل ضار له مظهر خارجي يخل بالنظام الاقتصادي والائتماني وبأهداف السياسة الاقتصادية، أو هي جميع الانتهاكات التي تمس الملكية العامة والتعاونية ووسائل الإنتاج وتنظيم الإنتاج الصناعي والزراعي والحرفي بشكل يؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني أو يحقق منفعة شخصية غير مشروعة.

التحولات الاقتصادية وأثرها في تنامي الجرائم الاقتصادية

لقد أفرزت سياسة الإصلاح والتحولات الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي للدول العربية على العالم عددا مهولا من الجرائم الاقتصادية، وكانت من أهم الملامح الأساسية لسياسة هذا الانفتاح الاقتصادي في عددا من الدول العربية الإفراط التشريعي وارتجالية القرارات والتي نتج عنها صدور بعض القوانين والقرارات المشوهة وغير المحكمة أو المنسجمة مع الواقع تلا ذلك إدخال المزيد من التعديلات المستمرة والسريعة على هذه القوانين في فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز في بعض الأحيان شهور.

وقد ترتب على هذه التحولات الاقتصادية السريعة دون الاستعداد الجيد والترتيبات الملائمة لنجاح هذه التحولات العديد من الأزمات التي انعكست على توجهات وسلوكيات أفراد المجتمع حيث اتجهت رأسمالية الإصلاح في سعيها السريع إلى تكوين الثروة وبروز بعض الوسائل غير المشروعة للكسب وفي المقابل كانت الفئات المنتجة في المجتمع أكثر الفئات معاناة في ظل هذا التحول، وهو ما نتج عنه تدهور قيمة العامل المنتج وأصبحت المكانة الاجتماعية المتميزة غير مرتبطة بمفاهيم العلم والثقافة بالإضافة إلى سيادة قيم الفردية واللامبالاة بمصالح المجتمعات وظهور الطبقات الطفيلية التي تقوم بتجميع الثروة بشكل لا يتناسب وطبيعة العملية الإنتاجية السائدة دونما إسهام حقيقي في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

ومع دخول الشركات الأجنبية للاستثمار في دول أخرى نتج عن ذلك ظهور قدر كبير من الفساد بسبب هذه الشركات حيث أظهرت التجارب العملية على مر السنين أن الشركات الأجنبية في البلدان المضيفة تستطيع المشاركة في الصراع السياسي الداخلي عن طريق إنشاء علاقات وثيقة مع بعض الفئات المحلية ذات النفوذ المتمثلة في دوائر رجال الأعمال والسلك السياسي والعسكري والحكومي وتحاول تلك الفئات تحقيق مصالحها من خلال وسائل متعددة بدءا بتقاضي الرشوة حتى الأعمال المشتركة مرورا بالمساعدات المالية للأحزاب السياسية وتخطيط الدعاية الانتخابية واستغلال السلطة في الحصول على التراخيص والأذونات وتقديم التسهيلات والزج بالمال العام في مشروعات غير مدروسة.

ومن أمثلة تفشي أوضاع الفساد هو ارتباط أسماء مسئولين حكوميين في العديد من البلدان المتقدمة والنامية بعدد من قضايا الفساد، فعلى سبيل المثال فضيحة شركة لوكهيد الأمريكية بعد قيامها برشوة أعداد كبيرة من المسئولين الحكوميين في عدد من الدول في الوقت الذي استخدمت هذه الشركات أساليب الضغط الاقتصادي المختلفة لمقاومة الحكومات الوطنية التي تنتهج سياسات لا ترضى عنها الشركات أما البنوك الأجنبية فقد هيمنت مراكزها الرئيسية على شطر كبير من النشاط الاقتصاد في بعض الدول من خلال تمتعها بوضعية خاصة في النظام المصرفي نتيجة شغل الوزراء ونوابهم وكبار المسئولين السابقين مناصب قيادية لعدد منها كما تحولت هذه البنوك إلى أماكن لعمل أبناء الطبقة الجديدة للتمتع بمزايا الرواتب العالية وعليه باتت تلك البنوك قادرة من خلال تلك العلاقات على التأثير في بعض السياسات النقدية عندما تتعارض مع مصالحها.

وجدير بالذكر أن تجار العملة في البنوك الأجنبية قد شكلت نوعا من الضغط في بعض الدول حتى أنهم أسهموا في إيقاف بعض القرارات الوزارية التي هدفت إلى قصر فتح الاعتمادات المستندية للاستيراد من الخارج على البنوك التجارية المملوكة للدولة بهدف انحسار نشاط بنوك الانفتاح قدر الإمكان في تمويل الاستثمارات الجديدة، وبالفعل تم تعديل تلك القرارات في نهاية الربع الأخير من عام 1981 إلى جانب رضوخ بنوك القطاع العام بشراء العملات الأجنبية من السوق السوداء بالسعر الذي يفرضه تجار العملة وإعادة تحميل تلك الأسعار على قروض شركات القطاع العام تحت مسمى علاوة تدبير عملة وهو ما نتج عنه توسيع نطاق السوق السوداء لتجارة العملة ورفع أسعار منتجات القطاع العام نتيجة لزيادة تكاليف الاقتراض.

ونوعا آخر من الفساد المصرفي هو تحرير سعر الصرف بسرعة مفاجئة في العديد من البلدان العربية وترك تحديده لقوى السوق مع عدم وجود أرصدة كافية من النقد الأجنبي والتسارع في خصخصة المشروعات الاقتصادية المملوكة للدولة دون الاعتماد على أسس اقتصادية في ذلك أسهمت في ارتفاع العديد من أسعار السلع وتحول عدد كبير من العاملين في هذه المشروعات إلى القطاع غير الرسمي.

وفي العالم العربي وفي بداية التسعينات ظهر اتجاه متزايد لتمويل الدين العام والخاص العربي من خلال إصدار الأوراق المالية المطروحة محليا والسماح بالاكتتاب فيها وتداولها من قبل رأس المال المحلي والدولي على السواء أو طرحها مباشرة في أسواق المال الدولية وإن كان هذا الإجراء يحمل في واقع الأمر درجة أكبر من الخطر وفي مصر أدى تحقيق هدف الربح السريع في البنوك إلى التركيز على نشاط الأوراق المالية عوضا عن النشاط المصرفي العادي ويذكر أن الاستثمار في هذا القطاع قد حقق نسبا عالية من الأرباح بلغت في بعض البنوك 88% في بنك مصر و 76% لبنك الإسكندرية وارتفاع قيمة المحفظة المالية للبنوك بصورة تجاوزت الحد الأمثل نظريا.

كما أن قيام الحكومات بعملية خصخصة البنوك دون الشروط والإمكانات الواجبة يمكن أن يعرض أمن الجهاز المصرفي للخطر وسلامته خاصة مع وجود منافسة شديدة، الأمر الذي يؤدي إلى الدخول في أنشطة تتسم بالمجازفة والخطر كالاتجاه لتمويل الأنشطة التي كانت مقيدة من قبل والدخول في أنشطة المضاربة مثل أسواق الأوراق المالية، وما يترتب على ذلك من فقدان السيطرة النقدية إذا ما تعرضت الدول لتدفقات رأسمالية كبيرة ومفاجئة وما يصاحب ذلك من زيادة مفرطة في سعر الصرف الحقيقي وضعف الحساب الجاري كما حدث في دول جنوبي شرقي آسيا.

المشكلات الاقتصادية وتنامي الجريمة الاقتصادية

في الحقيقة إن معظم الدول العربية أصبحت تعاني من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المؤدية للجريمة ومن هذه المشكلات ظاهرة البطالة ثم المديونية الخارجية وتأثيرها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى تواضع نمو معدلات الادخار والاستثمار كمحددات رئيسية للتطور الاقتصادي، في الوقت الذي تتدني فيه مستويات الدخول وارتفاع تكلفة المعيشة مع نقص كبير لتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة للدول العربية وتزايد الفوارق الطبقية وهجرة الأموال العربية للخارج، ومن أمثلة هذه المشكلات الآتي.

إن تواضع معدلات الادخار والاستثمار يحد من معدلات الادخار الذي تقتطعه الدولة من دخلها من أجل استخدامه في تمويل الاستثمارات المحلية بما يضيف طاقات جديدة للجهاز الإنتاجي وتستوعب عمالة جديدة

انخفاض معدل النمو الاقتصادي وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار البترول حيث أن هناك تراجعا في معدلات النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية البترولية، ويرجع هذا إما لسوء استغلال عائدات النفط من خلال وضعها في بنوك خارجية تستفيد منه الدول الأجنبية، أو شراء سلع غير مفيدة للدولة بأسعار عالية، أو قيام السلطات المسئولة بسرقة عائدات النفط والإنفاق ببذخ على السهرات والاحتفالات.

هجرة الأموال العربية للخارج وعلاقاتها بالجريمة حيث إن تدفق رؤوس الأموال العربية إلى الخارج ينطوي على تحويل الادخار من الاستثمار المحلي إلى الاستثمار المالي الأجنبي وبذلك يتم تقليص معدل النمو الاقتصادي الذي كان من الممكن أن يتحقق وبالتالي ضياع فرص عمل لاستيعاب العاطلين الذي بلغ عددهم أكثر من 15 مليون عاطل حاليا بما وضع المنطقة العربية في مقدمة مناطق العالم المصابة بالبطالة كما تترتب على هذه الهجرة تقليص القاعدة الضريبية حيث تنتقل الثروات الخاصة للأفراد خارج سلطة الإدارة الضريبية المحلية ما يزيد من عجز الميزانية والتدهور في توزيع الدخل بنقل عبء الضريبة من رأس المال إلى العمل.

وهكذا فإن تزايد أعداد العاطلين يشكل إهدارا لطاقة عنصر العمل من جهة، ويشكل من جهة أخرى تهديدا للاستقرار السياسي والاجتماعي ويوفر أرضا خصبة لنمو التطرف السياسي والعنف الجنائي وانحدار المتعطلين إلى هوة الفقر وزيادة معدل الإعالة وتزايد الاضطرابات الأسرية والصراعات على الملكيات.

الآثار الاقتصادية للجرائم الاقتصادية

للجريمة الاقتصادية آثارها على مناخ الاستثمار والدخل القومي ومستويات الأسعار المحلية وقيمة العملات الوطنية وعلى الجهاز المصرفي والسياسات الاقتصادية المختلفة وبخاصة السياسات النقدية والمالية وهو ما ينتج عنها التأثير على الموازنات العامة للدول وموازين مدفوعاتها مع العالم الخارجي والتأثير على الأوضاع الاجتماعية للأفراد والمجتمع فمثلا تتسبب جريمة الرشوة في رفع تكاليف الصفقات وفي عدم الثقة في الاقتصاد بالإضافة إلى إعاقتها للاستثمارات المحلية الأجنبية طويلة الأجل، كما أنه الرشوة تدفع إلى التخفي خارج القطاع الرسمي وتحد من قدرة الدول على زيادة الإيرادات وتتضمن تكلفة الجريمة التكاليف المباشرة التي تمثل العبء المالي الذي يقع على المجتمع وقد أجريت عدة محاولات حول أهمية التكاليف الظاهرة للخدمات الخاصة بالوقاية من الجريمة والحجز والمحاكم والنفقات الوقائية التي ينفقها الأشخاص المعرضون للاعتداء كدفع مرتبات للحراسة أو أقساط للتأمين والخسائر المباشرة أو اللاحقة التي تقع على المجني عليهم وأسرة الجاني ومجتمعة.

تأثير الجريمة على الدخل القومي

يتمثل أثر الجرائم الاقتصادية في صورها المختلفة في حجم الخسائر التي تعرضه دورة المتغيرات الرئيسية في دورة النشاط الاقتصادي حيث التأثير على عرض عناصر الإنتاج (رأس المال مثلا الذي يتم توجيه جزء منه وبطريقة غير مشروعة في العمل في مجال المخدرات وفي غسل الأموال مما يسبب إهدارا لموارد الدولة وانخفاضا في الناتج القومي الإجمالي).

في الوقت الذي تمثل فيه قيمة الدخول غير المشروعة حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي وتعد استنزافا للأموال الموجهة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبعد استقطاع ما ينفق على المخدرات وما يتم تهريبه من أموال لغسلها وجرائم الائتمان المصرفي وغيرها من الجرائم الاقتصادية، يتدنى نصيب الفرد من الدخل القومي ومن المدخرات المحلية الأساسية في تكوين رأس المال.

كما أن تعاطي المخدرات مثلا يؤدي إلى نقص في الكفاءة الإنتاجية للفرد وتدهورها وهو ما يسبب انخفاضا في الناتج القومي الإجمالي وفي المعروض من السلع والخدمات بالإضافة إلى تراجع الدخل المتاح للإنفاق على السلع والخدمات المشروعة وهو ما يوضح لنا الخروج عن دورة النشاط الاقتصادي لكونه لا يتجه إلى السلع والخدمات التي ينتجها القطاع الإنتاجي وبالتالي يعد نقصا في الإنفاق العام الذي قد يؤدي بدوره إلى حالة كساد في الاقتصاد، ومن جانب آخر فإن تدهور القوة الشرائية للعملات المحلية يساهم بشكل كبير في ارتفاع معدلات الجريمة،حيث أثبتت الدراسات أن الكساد الاقتصادي يقاس بارتفاع معدلات البطالة وحالات الإفلاس التجاري وتدهور القوة الشرائية لعملة الدولة.

وفي تقرير إحصائي عالمي أشارت البيانات إلى أن حجم الإنفاق على المخدرات في الولايات المتحدة يصل إلى 190 مليار سنويا، كما شهدت عمليات الغش التجاري انتشارا موسعا على الصعيد العالمي حيث تراوحت نسبتها ما بين 5 إلى 10% من حجم التداول التجاري العالمي أي ما يعادل 780 مليار دولار سنويا، في حين يبلغ حجم الغش التجاري في الدول العربية حوالي 50 مليار سنويا.

فيما وقد أشارت الإحصائيات الأمريكية إلى أن 90% من الأفلام والموسيقى وبرامج الحاسب في الصين هي عبارة عن مواد منسوخة لتصل خسائر الشركات الأمريكية سنويا إلى 250 مليار دولار تقريبا بسبب عمليات القرصنة على حقوق الملكية في العالم، فيما وقد قامت الصين العام الماضي بمصادرة أكثر من 73 مليون منتج مقلد من بينها 18 مليون كتاب، و 48 مليون منتج سمعي ومرئي، كما بلغت خسائر الاقتصاد السعودي من عمليات الغش التجاري حوالي 4 مليار ريال سنويا.

تأثير الجرائم الاقتصادية والفساد على الاستثمار

في ظل انتشار الفساد بكافة أشكاله يفضل المستثمرون البعد عن الدخول في الاستثمارات الإنتاجية والميل إلى الأنشطة الخدمية على حساب الإنتاجية فعندما يتوقع المستثمرون عدم الالتزام بالقواعد والإجراءات المعلنة وعجز الدولة عن تطبيق القوانين وأن البيروقراطية الفاسدة هي الحاكم والمسيطر في كل شيء في الدولة فإن كل ذلك يدفع المستثمر الملتزم إلى الرغبة في تحقيق أرباح من خلال الاستثمارات الخدمية كبديل عن الاستثمار الإنتاجي وقد تؤدي الأوضاع السائدة إلى الهروب المستثمر إلى الخارج والاستثمار في أنشطة تحقق عائد أقل برأسمال أقل.

وفي مصر على سبيل المثال خلصت إحدى الدراسات التطبيقية أن جرائم الفساد المتصلة بسوء توجيه الاستثمار قد حظيت باهتمام كبير من بين إجمالي الموارد والتوجه إلى قطاعات أكثر ملاءمة لإخفاء المعاملات المرتبطة بالفساد حيث انتشرت عمليات التعاقد على سلع غير صالحة للاستخدام والشراكة بمشروعات لا تزيد من الطاقة الإنتاجية، كما تبين أن العلاقة بين الفساد ومعدلات الاستثمار تؤثر بشكل سلبي على مستوى الأداء الاقتصادي.

هذا وتمثل عمليات غسل الأموال نحو 25% من إجمالي التعاملات في أسواق المال العالمية التي يجد فيها غاسلوا الأموال فرصتهم بإعادة تدوير الأموال دون الاهتمام بالتوظيف الجيد أو بالجدوى الاقتصادية مما يشكل عبئا كبيرا على مناخ الاستثمار.

http://ecpulse.com/ecpulse.com/MainForms/ReportImages/%D8%BA%D8%B3%D9%8A%D9%84.PNG

وتشوه الجرائم الاقتصادية الشروط التنافسية المفترضة في المناقصات حيث تفترض المنافسة توفر المعلومات وحرية الدخول للجميع ولكن الفساد بطبيعته السرية يجعل المعلومات غير متاحة بل يستطيع الحصول عليها من يدفع الرشوة أو العمولة كما أن الحصول على العقود بهذه الطريقة يسهم في زيادة الأسعار وزيادة تكلفة السلعة أو المشروع المتعاقد عليه وتمكين أشكال الانحراف عن قيام الشركات المملوكة لأحد المسئولين أو ذويهم بتولي المناقصات أو تدخل أحد المسئولين لإرساء العطاءات على شركة بيعنها بالإضافة إلى ما يترتب عليه من إدخال المدفوعات ضمن بنود التكاليف.

تأثير الجريمة الاقتصادية على الإيرادات العامة والحد من التراكم الرأسمالي

تؤدي جريمة الرشوة مقابل دخول سلع دون تحصيل رسومها الجمركية إلى خسارة الاقتصاد وضياع موارد الدولة بالإضافة عن الأثر المترتب على اعتياد الموظف على السلوك الفاسد ويميل الموظفون الفاسدون إلى الاحتفاظ بالمدخرات الناجمة عن أعمال الفساد بأرصدة سرية بالبنوك الأجنبية مما يحد من تراكم رؤوس الأموال المتاحة للاستثمار محليا.

وتمثل الأنشطة المرتبطة بعمليات غسل الأموال أنشطة لا تتحمل أية أعباء ضريبية وعليه تقل الموارد السيادية للدولة وتتزايد الديون العامة ويستمر العجز في الموازنة العامة وتسهم ضآلة الموارد المالية للدولة في تخفيض حكم الإنفاق العام الذي يمس قطاعات حيوية كالإسكان والصحة والتعليم والبحث العلمي والضمان الاجتماعي وقد يدفع هذا الوضع إلى الإصدار النقدي الجديد أو الاقتراض الداخلي والخارجي وما ينجم عن ذلك من تزايد حجم الدين وفوائده.

ومع إلغاء الحواجز والحدود أصبح أمام رأس المال أن يتحرك في مختلف أنحاء العالم بحرية كبيرة بل أصبح يفرض على الدول التي يرغب في أن يستثمر فيها شروطه الخاصة التي تستهدف تحقيق أكبر قدر من الربح على حساب مبادئ العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية وأحيانا على حساب السيادة الوطنية، كما اضطرت الدول إلى تبني سلسلة من الإجراءات والتدابير التي دعت إليها المنظمات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وأبرزها تفويت معظم المشاريع التي كانت تديرها الدول وتشرف عليها إلى القطاع الخاص بالإضافة إلى تخلي الدولة عن التزاماتها بتوفير العدالة الاجتماعية لمواطنيها على أساس أن مصلحة رأس المال تتقدم على جميع الاعتبارات الأخرى، ولو أدى ذلك إلى الزيادة في نسبة البطالة وإلى تخفيض الأجور وتدني القوة الشرائية وانتشار الأمية، ويزعم دعاة العولمة أن التنظيم الذاتي للسوق العالمية سيوفر قدر كبير من الفوائد للأفراد على أساس قدراتهم الشخصية ومساهمتهم في الإنتاج.

تأثير الجرائم الاقتصادية على الإنفاق العام

لقد سعت الدول العربية إلى زيادة نفقاتها الأمنية والدفاعية لحماية الأمن والاستقرار في الداخل ولحماية مكتسبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإذا كانت الإحصاءات تدل على أن هذه الدول قد حصلت على أكثر من 50% من تجارة السلاح للدول النامية في الثمانينات فإن ذلك مرجعه الدفاع عن أمن دولها، وكذلك الصراعات والحروب الإقليمية فالسياسة الدفاعية أساس من أساسيات الأمن العربي.

وتؤثر النفقات الدفاعية العربية على خطط التنمية حيث وصلت نسبتها حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي العربي في بعض السنوات وتصل هذه النسبة إلى 20% في دول الخليج العربي كما تمثل نسبة النفقات الدفاعية 62% من إجمالي الديون العربي البالغة في أوائل التسعينيات حوالي 80 مليار دولار كذلك فإن خدمة الديون العسكرية العربية تفوق ضعف نفقة الأسلحة الجديدة وتقدر هذه النسبة ما بين 20% إلى 25% من إجمالي الفوائد على الدين الخارجي.

وتنفق الحكومات العربية كثيرا من المال والجهد لمكافحة جرائم المخدرات حيث تزداد تكاليف هذه المواجهة مع تزايد حجم ظاهرة المخدرات وتتضمن هذه التكاليف التدابير الوقائية والأجهزة الأمنية والقضائية والقانونية وتكاليف علاج الإدمان وتنفق الأموال على أجهزة الإعلام المختلفة والمؤسسات التربوية والثقافية والعلمية ووزارات الشباب والرياضة وتمتد النفقات المالية التي تتحملها موازنات الدولة إلى مجال السجون والإصلاحات وأجور العاملين والمباني والإعاشة والرعاية الصحية وغيرها وتأمين المصحات والمتابعة وإعادة التأهيل للمدمنين.

تأثير فساد الشركات الدولية العملاقة على الاقتصاديات العربية

تتخذ تأثيرات فضائح الفساد في الدول الأخرى على الاقتصاديات العربية صورا متعددة مباشرة وغير مباشرة فعلى سبيل المثال يمكن القول أن أفراد الشعب العربي الذين يملكون أسهما في الشركات الأمريكية التي كانت موضوعا لفضائح الفساد والتي انهارت أسعار أسهمها قد تعرضوا لخسائر فادحة أو فقدان كامل استثماراتهم، ولإدراك حجم تأثيرات فضائح فساد الشركات الأمريكية على الاقتصاديات العربية يمكننا الإشارة إلى شركة إنرون الأمريكية ذات العلاقات بالاقتصاديات العربية لما لها من نشاطات عديدة في الدول العربية والتي كانت تمتلك 24.5% من أسهم مشروع دولفين إنرجي لبناء أنابيب نقل الغاز الطبيعي من قطر إلى دولة الإمارات بتكلفة 3.5 مليار دولار، وعليه فإن تأثير انهيار إنرون على هذا المشروع يتوقف على مصدر تمويل حصتها أو على فرص استبدلها بدون تكلفة إضافية كما وقعت هذه الشركة عقودا لشراء كميات من الغاز الطبيعي لبعض الدول العربية وتسويقها وتمتلك حصة من أسهم محطة توليد الكهرباء في غزة بجانب إدارتها لهذه المحطة وقد حصلت على قروض كبيرة من مؤسسة الراجحي السعودية وترتب على هذه القروض ديون مختلفة بلغت 100 مليون دولار مستحقة للمؤسسة السعودية أصبح مشكوكا في تحصيلها كما لحق الفساد بشركة زيروكس كبرى شركات أجهزة تصوير المستندات بنحو 6 مليار دولار وشركة وورلد كوم ثاني أكبر شركة للاتصالات في العالم التي اعترفت بالتحايل لإخفاء خسائر بلغت 3.8 مليار دولار ترتب عليها انخفاض سهم هذه الشركة من 60 دولار إلى 10 سنت.

كذلك قامت بتخفيض 21% من إجمالي عدد العاملين في شركاتها في مختلف دول العالم ووقوع حملة الأسهم في خسارة بلغت 100 مليار دولار وارتفعت مديونياتها إلى أكثر من 30 مليار دولار منها 28 مليار على شكل سندات عجزت عن سدادها.

وامتد الفساد ليشمل شركة ميراك الأمريكية العملاقة في مجال صناعة الدواء كما وصلت أصداء الفضائح المالية التي هزت الشركات الأمريكية إلى لندن عاصمة المال والأعمال ما أحدث خللا وتساؤلات عن مدى صدق المعايير المحاسبية للشركات البريطانية وجودتها التي دفعت المساهمين إلى التشكيك في مدى صدق بياناتها المالية.

إن تفشي ظاهرة وجريمة الغش والتلاعب في البيانات المالية للشركات يرجع إلى المفهوم الخاطئ للاقتصاد الحر في الولايات المتحدة والبلدان العربية التي طبقته أخيرا حيث ضعفت نظم الشركات الحكومية الفعالة بحجة تحرير الشركات من القيود التي تعوق سرعة تقدمها لمواجهة المنافسة العالمية والدور الخطير الذي تقوم به بعض مكاتب المحاسبة والمراجعة من خلال استخدام أساليب ملتوية للالتفاف حول قواعد الشفافية والمكاشفة بالإضافة إلى التقارير غير الدقيقة التي تنشرها بعض بيوت السمسرة ومكاتب التحليل المالي عن الشركات.

ومن الآثار السلبية الناجمة عن الفساد والخسائر في هذه الشركات انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الأجنبية في عام 2001 بنسبة 12% أمام اليورو، 6% أمام الإسترليني والين، ثم التراجع الحاد في أسعار الأوراق المالية في بورصة وول ستريت وغيرها من أسواق المال الأمريكية والعالمية، وكذلك تزايد معدلات البطالة نتيجة تزايد إفلاس بعض الشركات.

وفيما يتعلق بالتأثير في اقتصاديات الدول العربية بما فيها دول الخليج العربية فمن المعروف أن إيرادات البترول تأتي بالدولار وتتوقف القيمة الشرائية لهذه الإيرادات على قيمة الدولار لذا فإن أي هبوط في سعر صرف الدولار من شأنه إحداث هبوط مماثل في القيمة الشرائية لإيرادات البترول عند تقويمها أو عند تحويلها إلى عملات أجنبية أخرى ويتعرض المستثمرون الخليجيون لخسائر ضخمة تتمثل في تضاؤل قيمة ما يمتلكونه من أصول في الأسواق الغربية وحالة التداعي المستمرة في البورصات إلى جانب استمرار أسعار الفائدة العالمية عند مستويات متدنية.

صور واقعية من الفساد المالي

الفساد المالي للشركات الأمريكية وراء الأزمة المالية العالمية

لقد أجمع عددا كبيرا من خبراء الاقتصاد في العالم أن الأزمة المالية العالمية جاءت نتيجة عن سوء وفساد بعض السياسات والمؤسسات الأمريكية، حيث أنه منذ يناير 2001 وحتى يونيو 2003 تم تخفيض معدل الفائدة على 12 مرحلة من 6 % إلى 1 %، بشكل متعمد ثم تعاود أسعار الفائدة الارتفاع مرة أخرى من 2003 لتصل إلى 5.5% في نهايات 2007، ومع اندلاع الأزمة المالية العالمية بسبب الفساد المالي في القطاع المصرفي والتأميني، اتجهت أسعار الفائدة مرة أخرى لتصل حتى هذه اللحظة إلى ما بين مستويات صفر و 0.25%، بجانب تسهيل القروض لمن يرغب من خلال شركات الرهن العقاري التي شجعت المناطق التي لم تكن مؤهلة لأخذ قروض من المؤسسات المالية كالفقراء، والمهاجرين، وكبار السن، فبدأ الناس يزورون في البيانات لزيادة دخولهم عن الأرقام الحقيقية حتى يحصلوا على القروض.

هذا وخلال الفترة ما بين عام 2000 إلى عام 2007 فقد انتشر الفساد المالي بشكل كبير حيث قامت المؤسسات المالية بإصدار سندات مضمونة بالرهن العقاري الذي جاء نتيجة قروض بدون ضمانات كافية، في الوقت الذي استصدرت هذه المؤسسات تقييما ممتازا من فئة (AAA) لهذه السندات من إحدى الشركات الثلاث الكبرى في العالم الخاصة بذلك، ثم أنشأت شركات تأمين برأسمال صغير لهذه السندات، وبعد ذلك قامت هذه الشركات بالمراهنة على هذه الأوراق ووصلت المراهنة إلى عشرة أضعاف إجمالي الاقتصاد العالمي، واستفاد من هذه القروض حوالي 20 مليون أمريكي، وبعد ذلك اندلعت الأزمة بعد أن حصلت فقاعة في أسواق المال بلغت قيمتها حوالي 3 تريليون دولار ليس لها أصول، في الوقت الذي عجز فيه المقترضون عن السداد وبدأت سلسلة نهاية النظام الرأسمالي من وقتها.

وأشار صلاح إلى أن حرب 73 أدت إلى ارتفاع أسعار البترول وأصبحت ديون دول العالم الثالث غير قابلة للسداد، مما ترتب عليه أخذ قروض أجنبية والتعثر في سداد عوائدها، فاتجهت الدول إلى الخصخصة، وتحرير أسواق المال، وانتشار سياسة التقشف في الصرف على التعليم والغذاء وغيرها، وخفض قيمة العملة بحجة تشجيع التصدير مما أدى إلى بيع المواد الخام من الدول النامية إلى المتقدمة بنصف الثمن.

ومن أسباب الأزمة المالية أيضا هو استغلال أمريكا لقيمة الدولار للإثراء على حساب العالم كله، بجانب أن سعر الفائدة أقل من سعر التضخم وبالتالي تكون الفائدة سلبية، مما اضطر البنك المركزي لرفع سعر الفائدة في وقت غير مناسب فـأثر سلبا على الأسر المتوسطة، وبعد ذلك فقد الاقتصاد الأمريكية قدرته على المنافسة وسيطر رأس المال على الحكم لأن الإدارة الأمريكية بها رجال أعمال واقتصاديون وليس سياسيين، كما أن ارتفاع الأجور أدى إلى ارتفاع أسعار الخدمات والمنتجات في الوقت الذي شهدت فيه البطالة ارتفاعا قياسيا.

الآثار التي خلفتها الأزمة المالية

إعلان أكثر من 140 بنك إفلاسه، كما بلغ حجم الدين العام 10.802ترليون دولار، في الوقت الذي تشير فيه التوقعات أن يرتفع نسبة الدين المحلي إلى 70%.

أعلنت أكبر شركتان لإنتاج السيارات (فورد وكرايسلر) إفلاسهما في العام الماضي وتدخلت الدولة لإنفاذ ما يمكن إنقاذه الأمر الذي يعلن فشل النظام الاقتصادي الحر الذي تقوده أمريكا، وغير ذلك من الصناعات.

انخفض الطلب على التكنولوجيا الأمريكية طبقا لإحصاءات رسمية أمريكية تؤكد القول إن الربع الأول من عام 2006 حقق عجزا في هذا المجال بمقدار (7.2) مليار دولار عن عام2000 الذي حقق فائضا قدر بـ (4.6).

تضاعف عجز الميزان التجاري الأمريكي ست مرات خلال العشر سنوات الماضية إذ أنه في عام 2001 كان العجز يقدر 363 مليار دولار أي 690.000 ألف دولار في الدقيقة، بينما العجز في عام 2006 بلغ 765 مليار دولار .

تصاعد العجز في ميزانيات التعليم، وصيانة النظام الاجتماعي، أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة البطالة 10.2 %، وبلغ عدد الأميون 40 مليون إنسان لا يجيدون القراءة والكتابة، وفوق هذا تقدر أوثق الدراسات الأمريكية أن الإنفاق على المخدرات وحدها في المجتمع يفوق الإنتاج الإجمالي الوطني لأكثر من 80 دولة من دول العالم الثالث.

أما الجريمة فحدث ولا حرج إذ تشير الدراسات المتخصصة في هذا المجال أن أمريكا لديها أعلى معدل لمرتكبي جرائم القتل، وأكبر عدد من المساجين في العالم إذ بلغ عددهم 2. 3 مليون إنسان أي بمعدل شخص واحد من بين كل 100 شخص من البالغين، وقد ارتفعت هذه المعدلات بواقع سبعة أضعاف الرقم عن عام 1980 م.

الفساد المالي وراء أزمة اليونان

بدأت أزمة الديون السيادية في اليونان مع تصويت اليونانيين للحزب الاشتراكي وفوزه بالأغلبية وتشكيله للحكومة وتحول الأحزاب اليمينية إلي صفوف ومقاعد المعارضة في عام 2009 وكان وزير المالية في الحكومة الخاسرة اليمينية أحد أهم البارزين على المستوى الأوروبي والعالمي باعتباره النموذج الأفضل للإصلاح بحكم أفكاره اليمينية المتطرفة وبحكم تطبيقه الحرفي لنموذج الإصلاح لليمين المحافظ الأمريكي العالمي ودوره الكبير في القيام بعملية خصخصة واسعة النطاق ومنح رجال الأعمال وأسواق المال حريات واسعة بعيدا عن الرقابة والتدقيق وقد أثبتت الأزمة اليونانية أن هذا الوزير كان يقوم بعملية تزوير واسعة النطاق للحسابات القومية وأن المؤشرات الإجمالية للاقتصاد والمال في اليونان كانت ملفقة وكانت مؤشرات العجز المعلنة وقت توليه المسئولية تبلغ 6% من الناتج المحلي الإجمالي ووصلت في أعلي تقديراتها إلي 8% وعندما انفجرت الأزمة اكتشف الجميع أن عجز الموازنة الحقيقي يبلغ 13.6% وأن المديونية العامة تبلغ 115% من الناتج المحلي الإجمالي وانفتحت ملفات الفساد الحكومي والعام على مصارعها ليكشف عن عشرات المليارات من الدولارات المنهوبة والمسروقة وعن أوضاع تهرب ضريبي لا حدود لها يستفيد منها الكبار والأثرياء.

هذا وقد كشف التقرير الأخير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية عن اتساع ظاهرة الفساد بكل صوره وأشكاله في اليونان التي جاءت في مقدمة الدول فسادا واحتلت المرتبة 71 من بين 180 دولة على المستوى العالمي، كما أكدت المنظمة أزمة اليونان المالية ترجع بشكل رئيسي إلى الفساد المالي لأصحاب السلطة وما ترتب عليه من غضب شديد لدي الشعب والمواطنين حيث أصبح الحصول علي الخدمات العامة بكل صورها وأشكالها ومنها الخدمات الصحية مرتبط بالرشوة حتي يمكن تلقي العلاج اللازم كما أشارت دراسة صادرة عن اتحاد الصناعات اليونانية العام الماضي إلى أن خسائر التهرب الضريبي المتفشي في الشركات الخاصة تبلغ 30 مليار دولار سنويا كان من الممكن أن تقلل بشكل كبير من عجز الموازنة والدين العام كما تشير دراسات اقتصادية وتحليلات إلي تفشي الرشوة في المؤسسات العامة وان اثنين من كل خمسة من رؤساء المؤسسات يحصلان علي رشوة عن توقيع التعاقدات.

ومع تأثر الاتحاد الأوروبي بالأزمة المالية العالمية وانفلات الأوضاع المالية فإن تعليق الانهيار اليوناني على شماعة العجز المالي للموازنة والمديونية العامة أصبح يشكل خطورة سياسية علي الأوضاع العامة في دول الاتحاد الأوروبي كاملة بحكم أن العجز الكبير والمديونية العامة المرتفعة أصبحت حقيقة واقعة فرضت نفسها علي الفاتورة الضخمة والمتزايدة لخطط التحفيز الاقتصادي الاستثنائية مما جعل الإصلاح المالي العاجل والسريع مطلبا عاما وشاملا داخل الاتحاد الأوروبي

في الوقت الذي يدعو في الخبراء الأوروبيين إلى تشديد الرقابة على المؤسسات المالية والحكومية بشكل خاص من خلال مفهوم جديد للرقابة المالية يعطي المفوضية الأوروبية سلطة مراجعة الميزانيات ومراجعة الحسابات القومية للدول قبل إن يتم إقرارها من السلطات التشريعية المختصة وهو ما يعني أن الأزمة المالية لم تفرض فقط الرقابة الجادة والمتابعة الدقيقة لأعمال الشركات والمؤسسات الخاصة ومعاملاتها بعد أن كشفت الأزمة العالمية انهيار بنك ليمان براز رز الأمريكي العملاق عن حجم التلاعب الكبير والتزوير والتلفيق الواسع النطاق في معاملاته وأعماله.

وما حدث في اليونان من تزوير وتلفيق للحسابات القومية لتجميل الصورة العامة للاقتصاد ومالية الدولة لا يعبر عن اكتشاف عالمي جديد ولا يعكس أوضاعا شاذة كانت غائبة عن الأذهان بقدر ما يعكس ضغوط الأزمات الحادة وخلال أزمة النمور الاقتصادية الأسيوية في عام 1997 وانهيارها المدوي تحدثت تقارير المنظمات الدولية والإعلام العالمي عن التزوير الفاضح والواسع النطاق للحسابات القومية لهذه الدول وعن تزوير عجز الموازنة والمديونية العامة وكذلك عن النصب والاحتيال في تقدير الصادرات والواردات والحساب الجاري وميزان المدفوعات.

Herr.Omar
10-07-2011, 06:00 PM
شكرا جزيلا للتحليلات والاخبار جهد طيب

تحياتي