عرض مشاركة واحدة
قديم 31-05-2012, 02:07 PM   المشاركة رقم: 10
الكاتب
الشيخ غريب
عضو جديد
الصورة الرمزية الشيخ غريب

البيانات
تاريخ التسجيل: May 2012
رقم العضوية: 9763
العمر: 65
المشاركات: 135
بمعدل : 0.03 يوميا

الإتصالات
الحالة:
الشيخ غريب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشيخ غريب المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: التتار وحلم غزو العالم

** الخليفة والتتار :-
ثم بدأ التتار يفكرون جدياً في غزو مدينة " أربيل " التي تقع في شمال العراق فدب الرعب في المدينة وكذلك في مدينة " الموصل " التي تقع غرب أربيل ؛وفكر بعض أهل أربيل والموصل في الهروب من طريق التتار ؛ فخشي الخليفة العباسي " الناصر لدين الله " أن يعدل التتار عن أربيل ويتجهوا إلى بغداد فبدأ يفيق من ثباته العميق فبدأ يستفر الناس لملاقاة التتار في أربيل إذا وصلوا إليها ؛ فأعلن حالة الأستنفار العام في كل مدن العراق التي تقع تحت سيطرته فبدأ جيش الخلافة العباسية في التجهز وكان كل ما جمعه الخليفة من الإستنفار العام للمعركة ثمانمائة رجل فقط ولم يستطع قائد الجيش العباسي وكان يدعى " مظفر الدين " أن يلتقي بالتتار بهذا العدد الهزيل ؛ فعندما رأى أمامه جيش التتار وهم مئات الآلاف وهو لا يتعدى الثمانمائة رجل فانسحب من أمامهم ؛ ولكن –سبحان الله – فقد حدث أمر غريب وهو أن التتار شعروا أن هذا الأنسحاب خدعة وأن هذه الفرقة ما هي إلا مقدمة للجيش الإسلامي الكبير ؛ فلا يُعقل أن جيش الخلافة العباسية المرهوبة لا يزيد عن ثمانمائة جندي لذلك قرر التتار تجنب المعركة وانسحبوا بجيوشهم وآثروا أن يدخلوا مع الخلافة في صدام مباشر واستبدلوا ذلك بما يعرف بحرف الاستنزاف فسيقومون بضربات خاطفه موجعة للعراق ؛ سيحاصرون العراق حصاراً طويلاً مستمراً لإضعاف العراق ثم القيام بأحلاف واتفاقيات مع الدول والأمارات المجاورة للعراق لتسهيل الحرب ضد العراق في الوقت المناسب ؛ لذلك انسحب التتار ليطول عُمر العراق عدة سنوات أُخرى .
_________________________________
** تبريز :-
انسحب التتار من أربيل إلى مدينة " تبريز " وهي مدينة إيرانية وكان قائدها كما ذكر سابقاً يدعى " أوزبك بن البهلوان " الذي كان لا يفيق من شرب الخمر ؛ فعاد التتار إلى تبريز ليحاولوا مخالفة العهد الذي عقدوه مع أوزبك لكن فوجئ التتار بتغيير الحكم في المدينة وتولى قيادة البلاد رجلاً يدعى " شمس الدين الطغرائي " وكان رجلاً مجاهداً يفقه دينه ودنياه فقام – رحمه الله- يحمس الناس على الجهاد وعلى إعداد القوة ؛ وقوى قلوبهم على الأمتناع حذرهم من عاقبة التخاذل والتواني فعلمهم ما عرفوه نظرياً قبل ذلك ولم يطبقوه أبداً بصورة عملية في حياتهم فعلمهم أن الإنسان لا يموت قبل ميعاده أبداً وأن رزقه وأجله قد كتب له قبل أن يولد وأنهم مهما فعلوا للتتار فلن يتركوهم إلا إذا احتمى المسلمون وراء سيوفهم ودروعهم أما بغير قوة فلن يحمى حق على وجه الأرض ؛ فتركت الحمية في قلوب أهل تبريز فقاموا مع قائدهم البار يحصنون بلدهم ويصلحون الأسوار ويوسعون في الخندق ويجهزون السلاح ويضعون المتاريس ويرتبون الصفوف ؛ فتجهز القوم وللمرة الأولى منذ زمن للجهاد في سبيل الله فسمع التتار بأمر المدينة وسمعوا بحالة العصيان المدني فيها وحالة الأستنفار العام وسمعوا بدعوة التجهز للقتال في سبيل الله فسمعوا بكل ذلك فماذا فعل التتار ؟ فأخذ التتار قراراً عجيباً قرروا عدم دخول " تبريز " وعدم الدخول في قتال مع قوم قد رفعوا راية الجهاد في سبيل الله والقى الله – عز وجل – الرعب في قلوب التتار على كثرتهم من أهل تبريز على قلتهم ؛ الجهاد في سبيل الله فعل فعلته المتوقعة بل إن القوم لم يجاهدوا ولم يصلوا إلى مرحلة الجهاد لكن عقدوا النية الصادقة وأعدوا الإعداد المستطاع فتحقق الوعد الرباني الوعد الذي لا خلف له وهو وقوع الرهبة في قلوب الأعداء عند إعداد المسلمين قال تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " ؛ فما حجم تبريز بالنسبة لجيوش التتار وما حجمها بالنسبة للمدن والدول الإسلامية التي سقطت ؛ قال تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " فما النتيجة " ترهبون به عدوا الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون " .
كانت هذه صورة مشرقة في وسط هذا الركام المظلم ورحم الله " شمس الدين الطغرائي " الذي جدد الدين في هذه المدينة المسلمة وسبحان الله – نفس هذا الحدث تكرر مع مدينة " كنجه " فقد أعلنت أيضاً الجهاد في سبيل الله وأعدت العدة فلم يدخل إليها تتري واحد .
** سقوط " داغستان والشيشان " :-
ترك التتار تبريز وكنجه واتجهوا إلى داغستان والشيشان وهما تقعان في شمال أذربيجان على ساحل بح قزوين فقام التتار كعادتهم بتدمير كل شئ في هذه البلاد وقتل معظم من وجدوه في طريقهم وكانت أشد المدن معاناة هي مدينة " شماخي " وهي تقع في دولة داغستان حالياً .
** الهجوم على " روسيا " :-
ترك التتار هذه المنطقة وجاوزوها إلى ما بعدها وهي " روسيا " ؛ ودخل التتار أرض روسيا وكانت في ذلك يعيش فيها النصارى واستمر التتار في تقدمهم حتى وصلوا إلى حوض نهر " الفولجه " في روسيا وقاتلوا أهل هذه البلاد من النصارى وأثخنوا فيهم القتل وارتكبوا معهم من البشائع ما كانوا يرتكبونه مع المسلمين وبقوا تقريباً سنة 618 – في داخل أرض روسيا وهي أراض واسعة فسيطروا على الجنوب الغربي من أرض روسيا في هذه السنة .
وفي سنة 619- حافظ التتار على أملاكهم ووتضوا ملكهم في هذه المناطق .
ونراجع سريعاً أسماء الدول التي سقطت في أيدي التتار إلى هذه اللحظة من سنة 619 – وهي :

كازاخستان – قرغيغستان – طاجكستان – أوزباكستان – تركمانستان – باكستان باستثناء المناطق الجنوبية منها والمعروفة بإقليم " كرمان " لم يصل إليه التتار بعد – أفغانستان – معظم إيران ماعدا الجزء الغربي منها الذي كان تحت سيطرة طائفة الإسماعيلية – أذربيجان – أرمينيا وجورجيا النصرانيتين – الجنوب الغربي من روسيا .
_________________________
** دخول سنة 620:-
بينما كان جنكيز خان يبسط سطوته على الدولة الخوارزمية وما حولها استمرت الحملات التترية على روسيا وانشغل التتار بحرب روسيا في سنة 620؛ لكن في هذه السنة نعلق فيها على أربعة أحداث فقط :
1- توغل التتار في بلاد روسيا وحققوا انتصارات عديدة لكن في نهاية المطاف توقفوا أمام طائفة تدعى طائفة " البلغار " وحدثت بينهم موقعة عظيمة هُزم فيها التتار هزيمة منكرة وقتل منهم خلقاً كثيراً إلى حد أن التتار فقدوا السيطرة على معظم المناطق الغربية التي كانوا يحتلونها ففقدوا السيطرة على روسيا وجورجيا وأرمينيا والشيشان وداغستان وأذربيجان وشمال إيران هذا كله نتيجة هزيمة واحدة في روسيا وكانت هذه فرصة من السماء للمسلمين لكي يعيدوا ترتيب الأوراق وترتيب الصفوف وتجهيز العدة ليقابلوا التتار وهم في حالة إرتباك بعد هذه الهزيمة الكبيرة ؛ كان هذا هو المتوقع لكن لم يحدث شئ من هذا القبيل وما حدث هو أن أحد أمراء المسلمين في هذه المنطقة جمع عُدته وعتاده وهجم على قبائل الكرج في جورجيا ؛ وهذا الحدث يحتاج إلى وقفة فهذا حدث عجيب في هذا الوقت نعم بين الكرج والمسلمين حروب مستمرة إلا أنهم الآن في شبه هدنة غي رسمية فليس من الحكمة أبداً فتح جبهات جديدة على المسلمين في وجود العدو الأكبر لهم وهو التتار وبالأخص أن الكرج أيضا يعانون مما يعاني منه المسلمون فالكرج يكرهون التتار وأصيبوا كما أصيب المسلمون من التتار ؛ فكان المتوقع في ذلك الوقت من المسلمين إن كانوا يتحلون بالحكمة السياسية أن يتحالفوا بحذر مع الكرج ضد التتار أو على الأقل يحيدوا صفهم لكن يدخلوا في حرب مع الكرج يستنزفوا فيها قوة المسلمين وقوة الكرج في وجود القوة التترية الضخمة إلى جوارهم فهذا يعتبر من سوء الحكمة في تقدير الأمور ؛ ودارت الحرب بين الطرفين وفقد كل منهما عدداً كبيراً من القتلى والأهم من ذلك أنهم فقدوا الثقة وإمكانية التحالف ضد التتار ولم يستغل المسلمون موازين القوى في ذلك الوقت لصالحهم فكان هذا من أهم أسباب ضعفهم ؛ ثم سكنت الحرب وأُقيم الصلح من جديد بين الكرج والمسلمين لكن بعد فقد طاقة مهولة من الطرفين .
2- نتيجة هزيمة التتار في هذه المنطقة ظهر أحد أبناء " محمد بن خوارزم " غير جلال الدين يُدعى " غياث الدين بن محمد بن خوارزم " ؛ فقام غياث الدين هذا بجمع الرجال وأشغل الفراغ النسبي الذي خلفه التتار وتملك المنطقة وسيطر على معظم إيران من مدن الري واصبهان وغيرها ووصل في سيطرته إلى إقليم كرمان في باكستان وهذه المنطقة كما ذكرنا لم يصل إليها التتار وأصبحت سيطرة غياث الدين بن خوارزم على مناطق شمال وغرب وجنوب غيران أما المنطقة الشرقية فما زالت تحت الأحتلال التتري وهي إقليم خُرسان فالتتار ملاصقون تماماً لغياث الدين ؛ فكان المتوقع من الخليفة العباسي " الناصر لدين الله " في ذلك الوقت أن يساعد غياث الدين بن خوارزم لأنه يقف بينه وبين التتار فكان المتوقع أن يساعده إن لم يكن بدوافع الدين والأخوة والنصرة للمسلمين فليكن بسبب الأبعاد الإستراتيجية الهامة فهو يقف كحائط صد أمام الخلافة العباسية لكن الخليفة العباسي لم يدرك هذه الأبعاد وكان الناصر لدين الله كما يقول المؤرخون " رجلاً ظالماً مستبداً فرض المكوس والضرائب على كل شعبه فكل أزمة إقتصادية تحدث يفرض ضريبة جديدة فيحل الأزمة من قوت الشعب وكان مهتماً بالحفلات والملذات والصيد واللعب وعم الفساد في زمانه فارتفعت الأسعار وقلت المؤن والموارد ؛ فلم ينس الناصر لدين الله الخلافات القديمة مع الدولة الخوارزمية فهو يريد أن يفكك الدولة التي بدأت تنموا بجواره بقيادة غياث الدين فراسل خال غياث الدين وكلن يُدعى " إغان طائسي " وكان رجلاً كبير صاحب رأي في الحرب وكان أميراً في جيش غياث الدين فراسله الخليفة العباسي ووعده أن يساعده في حالة ما إذا انقلب على غياث الدين وأمده بالجند والسلاح والأفكار ولم يهمه مطلقاً الفتنة التي ستحدث في إيران إلى جواره تماماً وأعجبت الفكرة " إغان طائسي " وجمع الجند وبدا ينادي بالعصيان ضد غياث الدين وهو ابن أخته فحدث ما لم يُتوقع ؛ التقى إغان طائسي مع ابن أخته غياث الدين في موقعة فاصلة للسيطرة على إيران ودارت موقعة كبيرة وسقطت الأعداد الكثيرة من المسلمين قتلى بسيوف المسلمين وفي النهاية إنهزم إغان طائسي وهرب هو ومن معه بعد أن قُتل عدد كبير من جنده .
3- هذه الحادثة التي سنتحدث عنها ذكرها بن الأثير في كتابه وقدم لها عبارة فقال " حادثة غريبة لم يوجد مثلها " وهي أن مملكة الكرج النصرانية بعد أن أتمت صلحها مع المسلمين وصل إلي قمة الحكم فيها امرأة وكانت غير متزوجة فطلب منها الأمراء أن تتزوج رجلاً يدير عنها البلاد فوافقت وأرادت أن تتزوج من بيت يكون بيت ملك وشرف فلم تجد أي بيت في مملكتها فسمع بذلك أحد ملوك المسلمين يدعى " مغيث الدين بن طغرر شاه بن قلج أرسلان " من ملوك السلاجقة وكان يحكم منطقة الأناضول وكان له ابن كبير فأرسل إلى ملكة الكرج وطلب منها أن يزوجها لابنه فرفضت الملكة وقالت أنها لا تتزوج من رجل مسلم فلا يمكن أن يملك مملكة الكرج رجل مسلم فقال لهم :" إن ابني يتنصر ويتزوجها " ؛ فوافقوا على ذلك وتنصر الولد المسلم وتزوج ملكة الكرج وانتقل إلى مملكتهم ليكون حاكماً عليهم وبقي على نصرانيته ؛ وللعبرة أن هذا الولد مات على نصرانيته محبوساً في مملكة الكرج بعد أن عزلوه عن الحكم – فإنا لله وإنا إليه راجعون- .
4- هجم الجراد بكميات هائلة على أكثر أقاليم المسلمين فأهلك الكثير من الغلات والخُضر بالعراق والجزيرة والشام وفارس وغيرها .
** دخول سنة 621 :-
نعلق فيها على ثلاثة أحداث فقط :

1- حدث بين " غياث الدين " الذي كان يحكم إيران في ذلك الوقت حدثت حدث بينه وبين أحد الأمراء في هذه المنطقة فتنة وهذا الأمير هو " سعد الدين دكنه " ودار بينهما قتال طويل حتى رضي الطرفان بتقسيم البلاد إلى نصفين شمالي وجنوبي فالجنوب به " سعد الدين دكنه " والشمال به " غياث الدين " .
2- دخل ثلاثة آلاف جندي تتري إلى إيران فوضعوا السيف في مدن ( الري – ساوا – قُم – قاشان – همدان ) ولم يُرفع في وجههم سيف .
3- قلت الأمطار في البلاد في هذه السنة فكانت الأمطار تجئ قليلة جداً وفي أوقات متفرقة وخرج عليهم الجراد للمرة الثانية ليأكل الزرع القليل الذي خرج في وجود المطر القليل وغلت الأسعار في العراق – الموصل – وسائر ديار الجزيرة وهي المنطقة الشمالية من العراق وسوريا .
______________________________________
** دخول سنة 622 و 623 :-
1- خفت في هاتين السنتين القبضة التترية على غرب الدولة الخوارزمية وغرب وشمال إيران ؛ واكتفوا ببعض الحملات المتباعدة واهتموا بتوطيد الملك في أركان الدولة الخوارزمية الشاسعة التي وقعت في أيديهم ؛ لكن حدث أمر جديد في هاتين السنتين فقد ظهر على مسرح الأحداث فجأة "جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاه " الذي لم يستطع العيش في بلاد الهند بسبب علاقته السيئة مع الغوريين حكام الهند في هذه الفترة فعندما رأى أن الأوضاع قد استقرت نسبياً في إيران والتتار قد اكتفوا بتوطيد الملك في أركان الدولة الخوارزمية الشرقية رأى أن الوقت قد أصبح مناسباً فدخل أرض إيران يبحث عن ملكه الضائع وكان الذي يحكم إيران في ذلك الوقت هو أخوه "غياث الدين " في الشمال وسعد الدين دكنه في الجنوب ؛ فتحالف " جلال الدين بن محمد بن خوارزم " مع " سعد الدين دكنه " ضد أخيه " غياث الدين بن محمد بن خوارزم " وبدأ جلال الدين في غزو إقليم فارس ( إيران حالياً ) من الجنوب إلى الشمال ووصل إلى غرب إيران وسيطر على كل المنطقة الغربية من إيران ووجد جلال الدين نفسه قريباً من الخلافة العباسية في العراق فتذكر الخلافات القديمة بينه وبين الخلافة العباسية فقرر غزو الخلافة العباسية فدخل بجيشه البصر وحاصرها وأهلها من المسلمين فحاصرها شهرين فلم يستطع دخولها فتركها وأتجه إلى الشمال واقترب من بغداد فحاصرها فخشي الناصر لدين الله الخليفة العباسي على نفسه وعلى مدينة فحصن المدينة وجيش الجيوش لكن فعل فعلاً شنيعاً بشعاً لا يتخيل يقول ابن الأثير تعليقاً على هذا الفعل " فعل الذنب الذي يتصاغر إلى جواره كل الذنوب " أرسل إلى التتار يستعين بهم على حرب جلال الدين لكن التتار في ذلك الوقت كانوا منشغلين عن حرب جلال الدين ولم يأتوا لمساعدة الخليفة ولم يستطع جلال الدين دخول بغداد فتركها وانتقل إلى غيرها من البلاد ؛ وكانت حروبه هو ومن معه من الجنود الخوارزمية حروب شرسة مفسدة مع أن كل البلاد المغنومه بلاد إسلامية كان يفعل بهم الأفاعيل من قتل وسبي ونهب وتخريب ؛ فبلغ سلطان جلال الدين من جنوب فارس إلى الشمال الغربي لبحر قزوين وهي وإن كانت منطقة كبيرة إلا أن كلها قلاقل وأضطرابات بالإضافة إلى العداءات الكثيرة التي أورثها جلال الدين في قلوب كل سكان المنطقة.
2- في أو آخر عام 622- توفي الخليفة العباسي " الناصر لدين الله " الذي حكم البلاد لمدة 47سنة وتولى ابنه الحكم وهو " الظاهر بأمر الله " لكن كان الولد على النقيض تماماً من أبيه فكان رجلاً صالحاً تقياً أظهر من العدل والإحسان ما لم يسبق إلا عند القليل إلى حد أن ابن الأثير يقول " أنه لو قيل أنه لم يلي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقاً " فرفع الضرائب الباهظة عن الناس وأعاد إليهم حقوقهم وأخرج المظلومين من السجون وتصدق على الفقراء حتى قيل في حقه " أنه كان غريباً تماماً على هذا الزمان الفاسد " ولقد قال ابن الأثير عنه " إني أخاف أن تقصر مدة خلافته لأن زماننا وأهله لا يستحقون خلافته " وصدق ظن ابن الأثير فلم يمر إلا تسعة أشهر فقط وتوفي الظاهر بأمر الله وقد ذكر الرواة أن الأسعار في أيامه رخصت جداً وتحسن الاقتصاد في العراق في تسعة أشهر فقط ؛ وتولى الحكم من بعده " المستنصر بالله " وفي هذه الأثناء كان جلال الدين مستمراً في حروبه في هذه المنطقة ضد المسلمين .
** دخول سنة 624 :-

1- أستمر جلال الدين في هذه السنة في حروبه ضد المسلمين ومما يذكر عنه أنه حاصر مدينة " أخلاط " في تركيا وهي مدينة مسلمة فقتل منها خلقاً كثيراً وامتدت أيدي الجنود الخوارزميين إلى كل شئ في المدينة بالسلب والنهب حتى سبوا الحريم المسلمين .
2- وفي هذا العام حدث أمر هام هو وفاة القائد التتري المجرم السفاح " جنكيز خان " لعنه الله- وعمره 72 عاماً ملأ هذه الأعوام بالدماء والسلب والنهب والقتل فأقام مملكة واسعة من كوريا في الشرق إلى فارس في الغرب بنيت هذه المملكة على جماجم البشر ومعظمهم من المسلمين ؛ وبموته هدأت الأمور نسبياً في المنطقة واحتفظ التتار بما ملكوه من بلاد المسلمين إلى وسط إيران تقريباً وجلال الدين يبسط سيطرته على المناطق الغربية من إيران والمناطق الغربية من بحر قزوين ؛ وتوقف القتال وكأن كل فريق رضي بما يملك واستقرت الأمور من سنة 624- عند وفاة جنكيز خان إلي سنة 627- .
** دخول سنة 626:-

في هذا العام وأثناء فترة الهدوء النسبي حدث أمر هلم وهو تسليم بيت المقدس الذي حرره " صلاح الدين " رحمه الله- قبل ذلك بأربعين سنة إلى الصليبيين صلحاً لأن أمراء الشام اتفقوا علي إعطاء بيت المقدس للصليبيين ليساعدوهم في غزو مصر .
** دخول سنة 628 :-

انتهت فيها فترة الهدوء النسبي فهذه السنة تحمل هجمة تترية جديدة على العالم الإسلامي ؛ استقر مُلك التتار في منغوليا ومات جنكيز خان منذ أربعة سنوات وتولى القيادة من بعده زعيم تتري جديد يُدعى " أوكي تاي " خاقان جديد للدولة التترية ؛ نظم هذا الخاقان أمور الدولة التترية في الأربع سنوات الماضية في منطقة الصين ومنغوليا وبدأ يفكر من جديد في اجتياح العالم الإسلامي بل وفكر في استكمال الحروب داخل روسيا ويدخل أوروبا وقرر عدم الهجوم على الخلافة العباسية في ذلك الوقت .



التوقيع

  1. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ( الرعد -17)
  2. ولست بعلام لغيوب وإنما أرى بلحاظ الأمر ما هو واقع

عرض البوم صور الشيخ غريب  
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 31-05-2012, 02:07 PM
الشيخ غريب الشيخ غريب غير متواجد حالياً
عضو جديد
افتراضي رد: التتار وحلم غزو العالم

** الخليفة والتتار :-
ثم بدأ التتار يفكرون جدياً في غزو مدينة " أربيل " التي تقع في شمال العراق فدب الرعب في المدينة وكذلك في مدينة " الموصل " التي تقع غرب أربيل ؛وفكر بعض أهل أربيل والموصل في الهروب من طريق التتار ؛ فخشي الخليفة العباسي " الناصر لدين الله " أن يعدل التتار عن أربيل ويتجهوا إلى بغداد فبدأ يفيق من ثباته العميق فبدأ يستفر الناس لملاقاة التتار في أربيل إذا وصلوا إليها ؛ فأعلن حالة الأستنفار العام في كل مدن العراق التي تقع تحت سيطرته فبدأ جيش الخلافة العباسية في التجهز وكان كل ما جمعه الخليفة من الإستنفار العام للمعركة ثمانمائة رجل فقط ولم يستطع قائد الجيش العباسي وكان يدعى " مظفر الدين " أن يلتقي بالتتار بهذا العدد الهزيل ؛ فعندما رأى أمامه جيش التتار وهم مئات الآلاف وهو لا يتعدى الثمانمائة رجل فانسحب من أمامهم ؛ ولكن –سبحان الله – فقد حدث أمر غريب وهو أن التتار شعروا أن هذا الأنسحاب خدعة وأن هذه الفرقة ما هي إلا مقدمة للجيش الإسلامي الكبير ؛ فلا يُعقل أن جيش الخلافة العباسية المرهوبة لا يزيد عن ثمانمائة جندي لذلك قرر التتار تجنب المعركة وانسحبوا بجيوشهم وآثروا أن يدخلوا مع الخلافة في صدام مباشر واستبدلوا ذلك بما يعرف بحرف الاستنزاف فسيقومون بضربات خاطفه موجعة للعراق ؛ سيحاصرون العراق حصاراً طويلاً مستمراً لإضعاف العراق ثم القيام بأحلاف واتفاقيات مع الدول والأمارات المجاورة للعراق لتسهيل الحرب ضد العراق في الوقت المناسب ؛ لذلك انسحب التتار ليطول عُمر العراق عدة سنوات أُخرى .
_________________________________
** تبريز :-
انسحب التتار من أربيل إلى مدينة " تبريز " وهي مدينة إيرانية وكان قائدها كما ذكر سابقاً يدعى " أوزبك بن البهلوان " الذي كان لا يفيق من شرب الخمر ؛ فعاد التتار إلى تبريز ليحاولوا مخالفة العهد الذي عقدوه مع أوزبك لكن فوجئ التتار بتغيير الحكم في المدينة وتولى قيادة البلاد رجلاً يدعى " شمس الدين الطغرائي " وكان رجلاً مجاهداً يفقه دينه ودنياه فقام – رحمه الله- يحمس الناس على الجهاد وعلى إعداد القوة ؛ وقوى قلوبهم على الأمتناع حذرهم من عاقبة التخاذل والتواني فعلمهم ما عرفوه نظرياً قبل ذلك ولم يطبقوه أبداً بصورة عملية في حياتهم فعلمهم أن الإنسان لا يموت قبل ميعاده أبداً وأن رزقه وأجله قد كتب له قبل أن يولد وأنهم مهما فعلوا للتتار فلن يتركوهم إلا إذا احتمى المسلمون وراء سيوفهم ودروعهم أما بغير قوة فلن يحمى حق على وجه الأرض ؛ فتركت الحمية في قلوب أهل تبريز فقاموا مع قائدهم البار يحصنون بلدهم ويصلحون الأسوار ويوسعون في الخندق ويجهزون السلاح ويضعون المتاريس ويرتبون الصفوف ؛ فتجهز القوم وللمرة الأولى منذ زمن للجهاد في سبيل الله فسمع التتار بأمر المدينة وسمعوا بحالة العصيان المدني فيها وحالة الأستنفار العام وسمعوا بدعوة التجهز للقتال في سبيل الله فسمعوا بكل ذلك فماذا فعل التتار ؟ فأخذ التتار قراراً عجيباً قرروا عدم دخول " تبريز " وعدم الدخول في قتال مع قوم قد رفعوا راية الجهاد في سبيل الله والقى الله – عز وجل – الرعب في قلوب التتار على كثرتهم من أهل تبريز على قلتهم ؛ الجهاد في سبيل الله فعل فعلته المتوقعة بل إن القوم لم يجاهدوا ولم يصلوا إلى مرحلة الجهاد لكن عقدوا النية الصادقة وأعدوا الإعداد المستطاع فتحقق الوعد الرباني الوعد الذي لا خلف له وهو وقوع الرهبة في قلوب الأعداء عند إعداد المسلمين قال تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " ؛ فما حجم تبريز بالنسبة لجيوش التتار وما حجمها بالنسبة للمدن والدول الإسلامية التي سقطت ؛ قال تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " فما النتيجة " ترهبون به عدوا الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون " .
كانت هذه صورة مشرقة في وسط هذا الركام المظلم ورحم الله " شمس الدين الطغرائي " الذي جدد الدين في هذه المدينة المسلمة وسبحان الله – نفس هذا الحدث تكرر مع مدينة " كنجه " فقد أعلنت أيضاً الجهاد في سبيل الله وأعدت العدة فلم يدخل إليها تتري واحد .
** سقوط " داغستان والشيشان " :-
ترك التتار تبريز وكنجه واتجهوا إلى داغستان والشيشان وهما تقعان في شمال أذربيجان على ساحل بح قزوين فقام التتار كعادتهم بتدمير كل شئ في هذه البلاد وقتل معظم من وجدوه في طريقهم وكانت أشد المدن معاناة هي مدينة " شماخي " وهي تقع في دولة داغستان حالياً .
** الهجوم على " روسيا " :-
ترك التتار هذه المنطقة وجاوزوها إلى ما بعدها وهي " روسيا " ؛ ودخل التتار أرض روسيا وكانت في ذلك يعيش فيها النصارى واستمر التتار في تقدمهم حتى وصلوا إلى حوض نهر " الفولجه " في روسيا وقاتلوا أهل هذه البلاد من النصارى وأثخنوا فيهم القتل وارتكبوا معهم من البشائع ما كانوا يرتكبونه مع المسلمين وبقوا تقريباً سنة 618 – في داخل أرض روسيا وهي أراض واسعة فسيطروا على الجنوب الغربي من أرض روسيا في هذه السنة .
وفي سنة 619- حافظ التتار على أملاكهم ووتضوا ملكهم في هذه المناطق .
ونراجع سريعاً أسماء الدول التي سقطت في أيدي التتار إلى هذه اللحظة من سنة 619 – وهي :

كازاخستان – قرغيغستان – طاجكستان – أوزباكستان – تركمانستان – باكستان باستثناء المناطق الجنوبية منها والمعروفة بإقليم " كرمان " لم يصل إليه التتار بعد – أفغانستان – معظم إيران ماعدا الجزء الغربي منها الذي كان تحت سيطرة طائفة الإسماعيلية – أذربيجان – أرمينيا وجورجيا النصرانيتين – الجنوب الغربي من روسيا .
_________________________
** دخول سنة 620:-
بينما كان جنكيز خان يبسط سطوته على الدولة الخوارزمية وما حولها استمرت الحملات التترية على روسيا وانشغل التتار بحرب روسيا في سنة 620؛ لكن في هذه السنة نعلق فيها على أربعة أحداث فقط :
1- توغل التتار في بلاد روسيا وحققوا انتصارات عديدة لكن في نهاية المطاف توقفوا أمام طائفة تدعى طائفة " البلغار " وحدثت بينهم موقعة عظيمة هُزم فيها التتار هزيمة منكرة وقتل منهم خلقاً كثيراً إلى حد أن التتار فقدوا السيطرة على معظم المناطق الغربية التي كانوا يحتلونها ففقدوا السيطرة على روسيا وجورجيا وأرمينيا والشيشان وداغستان وأذربيجان وشمال إيران هذا كله نتيجة هزيمة واحدة في روسيا وكانت هذه فرصة من السماء للمسلمين لكي يعيدوا ترتيب الأوراق وترتيب الصفوف وتجهيز العدة ليقابلوا التتار وهم في حالة إرتباك بعد هذه الهزيمة الكبيرة ؛ كان هذا هو المتوقع لكن لم يحدث شئ من هذا القبيل وما حدث هو أن أحد أمراء المسلمين في هذه المنطقة جمع عُدته وعتاده وهجم على قبائل الكرج في جورجيا ؛ وهذا الحدث يحتاج إلى وقفة فهذا حدث عجيب في هذا الوقت نعم بين الكرج والمسلمين حروب مستمرة إلا أنهم الآن في شبه هدنة غي رسمية فليس من الحكمة أبداً فتح جبهات جديدة على المسلمين في وجود العدو الأكبر لهم وهو التتار وبالأخص أن الكرج أيضا يعانون مما يعاني منه المسلمون فالكرج يكرهون التتار وأصيبوا كما أصيب المسلمون من التتار ؛ فكان المتوقع في ذلك الوقت من المسلمين إن كانوا يتحلون بالحكمة السياسية أن يتحالفوا بحذر مع الكرج ضد التتار أو على الأقل يحيدوا صفهم لكن يدخلوا في حرب مع الكرج يستنزفوا فيها قوة المسلمين وقوة الكرج في وجود القوة التترية الضخمة إلى جوارهم فهذا يعتبر من سوء الحكمة في تقدير الأمور ؛ ودارت الحرب بين الطرفين وفقد كل منهما عدداً كبيراً من القتلى والأهم من ذلك أنهم فقدوا الثقة وإمكانية التحالف ضد التتار ولم يستغل المسلمون موازين القوى في ذلك الوقت لصالحهم فكان هذا من أهم أسباب ضعفهم ؛ ثم سكنت الحرب وأُقيم الصلح من جديد بين الكرج والمسلمين لكن بعد فقد طاقة مهولة من الطرفين .
2- نتيجة هزيمة التتار في هذه المنطقة ظهر أحد أبناء " محمد بن خوارزم " غير جلال الدين يُدعى " غياث الدين بن محمد بن خوارزم " ؛ فقام غياث الدين هذا بجمع الرجال وأشغل الفراغ النسبي الذي خلفه التتار وتملك المنطقة وسيطر على معظم إيران من مدن الري واصبهان وغيرها ووصل في سيطرته إلى إقليم كرمان في باكستان وهذه المنطقة كما ذكرنا لم يصل إليها التتار وأصبحت سيطرة غياث الدين بن خوارزم على مناطق شمال وغرب وجنوب غيران أما المنطقة الشرقية فما زالت تحت الأحتلال التتري وهي إقليم خُرسان فالتتار ملاصقون تماماً لغياث الدين ؛ فكان المتوقع من الخليفة العباسي " الناصر لدين الله " في ذلك الوقت أن يساعد غياث الدين بن خوارزم لأنه يقف بينه وبين التتار فكان المتوقع أن يساعده إن لم يكن بدوافع الدين والأخوة والنصرة للمسلمين فليكن بسبب الأبعاد الإستراتيجية الهامة فهو يقف كحائط صد أمام الخلافة العباسية لكن الخليفة العباسي لم يدرك هذه الأبعاد وكان الناصر لدين الله كما يقول المؤرخون " رجلاً ظالماً مستبداً فرض المكوس والضرائب على كل شعبه فكل أزمة إقتصادية تحدث يفرض ضريبة جديدة فيحل الأزمة من قوت الشعب وكان مهتماً بالحفلات والملذات والصيد واللعب وعم الفساد في زمانه فارتفعت الأسعار وقلت المؤن والموارد ؛ فلم ينس الناصر لدين الله الخلافات القديمة مع الدولة الخوارزمية فهو يريد أن يفكك الدولة التي بدأت تنموا بجواره بقيادة غياث الدين فراسل خال غياث الدين وكلن يُدعى " إغان طائسي " وكان رجلاً كبير صاحب رأي في الحرب وكان أميراً في جيش غياث الدين فراسله الخليفة العباسي ووعده أن يساعده في حالة ما إذا انقلب على غياث الدين وأمده بالجند والسلاح والأفكار ولم يهمه مطلقاً الفتنة التي ستحدث في إيران إلى جواره تماماً وأعجبت الفكرة " إغان طائسي " وجمع الجند وبدا ينادي بالعصيان ضد غياث الدين وهو ابن أخته فحدث ما لم يُتوقع ؛ التقى إغان طائسي مع ابن أخته غياث الدين في موقعة فاصلة للسيطرة على إيران ودارت موقعة كبيرة وسقطت الأعداد الكثيرة من المسلمين قتلى بسيوف المسلمين وفي النهاية إنهزم إغان طائسي وهرب هو ومن معه بعد أن قُتل عدد كبير من جنده .
3- هذه الحادثة التي سنتحدث عنها ذكرها بن الأثير في كتابه وقدم لها عبارة فقال " حادثة غريبة لم يوجد مثلها " وهي أن مملكة الكرج النصرانية بعد أن أتمت صلحها مع المسلمين وصل إلي قمة الحكم فيها امرأة وكانت غير متزوجة فطلب منها الأمراء أن تتزوج رجلاً يدير عنها البلاد فوافقت وأرادت أن تتزوج من بيت يكون بيت ملك وشرف فلم تجد أي بيت في مملكتها فسمع بذلك أحد ملوك المسلمين يدعى " مغيث الدين بن طغرر شاه بن قلج أرسلان " من ملوك السلاجقة وكان يحكم منطقة الأناضول وكان له ابن كبير فأرسل إلى ملكة الكرج وطلب منها أن يزوجها لابنه فرفضت الملكة وقالت أنها لا تتزوج من رجل مسلم فلا يمكن أن يملك مملكة الكرج رجل مسلم فقال لهم :" إن ابني يتنصر ويتزوجها " ؛ فوافقوا على ذلك وتنصر الولد المسلم وتزوج ملكة الكرج وانتقل إلى مملكتهم ليكون حاكماً عليهم وبقي على نصرانيته ؛ وللعبرة أن هذا الولد مات على نصرانيته محبوساً في مملكة الكرج بعد أن عزلوه عن الحكم – فإنا لله وإنا إليه راجعون- .
4- هجم الجراد بكميات هائلة على أكثر أقاليم المسلمين فأهلك الكثير من الغلات والخُضر بالعراق والجزيرة والشام وفارس وغيرها .
** دخول سنة 621 :-
نعلق فيها على ثلاثة أحداث فقط :

1- حدث بين " غياث الدين " الذي كان يحكم إيران في ذلك الوقت حدثت حدث بينه وبين أحد الأمراء في هذه المنطقة فتنة وهذا الأمير هو " سعد الدين دكنه " ودار بينهما قتال طويل حتى رضي الطرفان بتقسيم البلاد إلى نصفين شمالي وجنوبي فالجنوب به " سعد الدين دكنه " والشمال به " غياث الدين " .
2- دخل ثلاثة آلاف جندي تتري إلى إيران فوضعوا السيف في مدن ( الري – ساوا – قُم – قاشان – همدان ) ولم يُرفع في وجههم سيف .
3- قلت الأمطار في البلاد في هذه السنة فكانت الأمطار تجئ قليلة جداً وفي أوقات متفرقة وخرج عليهم الجراد للمرة الثانية ليأكل الزرع القليل الذي خرج في وجود المطر القليل وغلت الأسعار في العراق – الموصل – وسائر ديار الجزيرة وهي المنطقة الشمالية من العراق وسوريا .
______________________________________
** دخول سنة 622 و 623 :-
1- خفت في هاتين السنتين القبضة التترية على غرب الدولة الخوارزمية وغرب وشمال إيران ؛ واكتفوا ببعض الحملات المتباعدة واهتموا بتوطيد الملك في أركان الدولة الخوارزمية الشاسعة التي وقعت في أيديهم ؛ لكن حدث أمر جديد في هاتين السنتين فقد ظهر على مسرح الأحداث فجأة "جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاه " الذي لم يستطع العيش في بلاد الهند بسبب علاقته السيئة مع الغوريين حكام الهند في هذه الفترة فعندما رأى أن الأوضاع قد استقرت نسبياً في إيران والتتار قد اكتفوا بتوطيد الملك في أركان الدولة الخوارزمية الشرقية رأى أن الوقت قد أصبح مناسباً فدخل أرض إيران يبحث عن ملكه الضائع وكان الذي يحكم إيران في ذلك الوقت هو أخوه "غياث الدين " في الشمال وسعد الدين دكنه في الجنوب ؛ فتحالف " جلال الدين بن محمد بن خوارزم " مع " سعد الدين دكنه " ضد أخيه " غياث الدين بن محمد بن خوارزم " وبدأ جلال الدين في غزو إقليم فارس ( إيران حالياً ) من الجنوب إلى الشمال ووصل إلى غرب إيران وسيطر على كل المنطقة الغربية من إيران ووجد جلال الدين نفسه قريباً من الخلافة العباسية في العراق فتذكر الخلافات القديمة بينه وبين الخلافة العباسية فقرر غزو الخلافة العباسية فدخل بجيشه البصر وحاصرها وأهلها من المسلمين فحاصرها شهرين فلم يستطع دخولها فتركها وأتجه إلى الشمال واقترب من بغداد فحاصرها فخشي الناصر لدين الله الخليفة العباسي على نفسه وعلى مدينة فحصن المدينة وجيش الجيوش لكن فعل فعلاً شنيعاً بشعاً لا يتخيل يقول ابن الأثير تعليقاً على هذا الفعل " فعل الذنب الذي يتصاغر إلى جواره كل الذنوب " أرسل إلى التتار يستعين بهم على حرب جلال الدين لكن التتار في ذلك الوقت كانوا منشغلين عن حرب جلال الدين ولم يأتوا لمساعدة الخليفة ولم يستطع جلال الدين دخول بغداد فتركها وانتقل إلى غيرها من البلاد ؛ وكانت حروبه هو ومن معه من الجنود الخوارزمية حروب شرسة مفسدة مع أن كل البلاد المغنومه بلاد إسلامية كان يفعل بهم الأفاعيل من قتل وسبي ونهب وتخريب ؛ فبلغ سلطان جلال الدين من جنوب فارس إلى الشمال الغربي لبحر قزوين وهي وإن كانت منطقة كبيرة إلا أن كلها قلاقل وأضطرابات بالإضافة إلى العداءات الكثيرة التي أورثها جلال الدين في قلوب كل سكان المنطقة.
2- في أو آخر عام 622- توفي الخليفة العباسي " الناصر لدين الله " الذي حكم البلاد لمدة 47سنة وتولى ابنه الحكم وهو " الظاهر بأمر الله " لكن كان الولد على النقيض تماماً من أبيه فكان رجلاً صالحاً تقياً أظهر من العدل والإحسان ما لم يسبق إلا عند القليل إلى حد أن ابن الأثير يقول " أنه لو قيل أنه لم يلي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقاً " فرفع الضرائب الباهظة عن الناس وأعاد إليهم حقوقهم وأخرج المظلومين من السجون وتصدق على الفقراء حتى قيل في حقه " أنه كان غريباً تماماً على هذا الزمان الفاسد " ولقد قال ابن الأثير عنه " إني أخاف أن تقصر مدة خلافته لأن زماننا وأهله لا يستحقون خلافته " وصدق ظن ابن الأثير فلم يمر إلا تسعة أشهر فقط وتوفي الظاهر بأمر الله وقد ذكر الرواة أن الأسعار في أيامه رخصت جداً وتحسن الاقتصاد في العراق في تسعة أشهر فقط ؛ وتولى الحكم من بعده " المستنصر بالله " وفي هذه الأثناء كان جلال الدين مستمراً في حروبه في هذه المنطقة ضد المسلمين .
** دخول سنة 624 :-

1- أستمر جلال الدين في هذه السنة في حروبه ضد المسلمين ومما يذكر عنه أنه حاصر مدينة " أخلاط " في تركيا وهي مدينة مسلمة فقتل منها خلقاً كثيراً وامتدت أيدي الجنود الخوارزميين إلى كل شئ في المدينة بالسلب والنهب حتى سبوا الحريم المسلمين .
2- وفي هذا العام حدث أمر هام هو وفاة القائد التتري المجرم السفاح " جنكيز خان " لعنه الله- وعمره 72 عاماً ملأ هذه الأعوام بالدماء والسلب والنهب والقتل فأقام مملكة واسعة من كوريا في الشرق إلى فارس في الغرب بنيت هذه المملكة على جماجم البشر ومعظمهم من المسلمين ؛ وبموته هدأت الأمور نسبياً في المنطقة واحتفظ التتار بما ملكوه من بلاد المسلمين إلى وسط إيران تقريباً وجلال الدين يبسط سيطرته على المناطق الغربية من إيران والمناطق الغربية من بحر قزوين ؛ وتوقف القتال وكأن كل فريق رضي بما يملك واستقرت الأمور من سنة 624- عند وفاة جنكيز خان إلي سنة 627- .
** دخول سنة 626:-

في هذا العام وأثناء فترة الهدوء النسبي حدث أمر هلم وهو تسليم بيت المقدس الذي حرره " صلاح الدين " رحمه الله- قبل ذلك بأربعين سنة إلى الصليبيين صلحاً لأن أمراء الشام اتفقوا علي إعطاء بيت المقدس للصليبيين ليساعدوهم في غزو مصر .
** دخول سنة 628 :-

انتهت فيها فترة الهدوء النسبي فهذه السنة تحمل هجمة تترية جديدة على العالم الإسلامي ؛ استقر مُلك التتار في منغوليا ومات جنكيز خان منذ أربعة سنوات وتولى القيادة من بعده زعيم تتري جديد يُدعى " أوكي تاي " خاقان جديد للدولة التترية ؛ نظم هذا الخاقان أمور الدولة التترية في الأربع سنوات الماضية في منطقة الصين ومنغوليا وبدأ يفكر من جديد في اجتياح العالم الإسلامي بل وفكر في استكمال الحروب داخل روسيا ويدخل أوروبا وقرر عدم الهجوم على الخلافة العباسية في ذلك الوقت .




رد مع اقتباس