عرض مشاركة واحدة
قديم 31-05-2012, 02:08 PM   المشاركة رقم: 11
الكاتب
الشيخ غريب
عضو جديد
الصورة الرمزية الشيخ غريب

البيانات
تاريخ التسجيل: May 2012
رقم العضوية: 9763
العمر: 65
المشاركات: 135
بمعدل : 0.03 يوميا

الإتصالات
الحالة:
الشيخ غريب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشيخ غريب المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: التتار وحلم غزو العالم

** تقييم أوضاع العالم ككل حتى سنة 639 :-
1- وصلت حدود دولة التتار في هذه السنة من كوريا شرقا إلى بولندا غرباً ومن سيبريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً فأصبحت قوة التتار في ذلك الوقت هي القوة الأولى في العالم بلا منازع .
2- تولى قيادة التتار بعد " أوكي تاي " إبنه " كيوك بن أوكي تاي " وكان له الرأي في تثبيت الأقدام في البلاد المفتوحة ؛ ولم يكن لديه سياسة توسعية كأبيه فأوقف الفتوحات في أوروبا والعالم الإسلامي .
3- ابتلع التتار في فتوحاتهم السابقة النصف الشرقي للأمة الإسلامية وضموا معظم الأقاليم الإسلامية في آسيا إلى دولتهم فقضوا على معظم مظاهر الحضارة في هذه المناطق كما قضوا على أي نوع من المقاومة في هذه المناطق الواسعة .
4- ظل القسم الأوسط من العالم الإسلامي وهو يبدأ من العراق إلى مصر مفرقاً ومشتتاً وانشغل حُكام هذه المناطق بالصراعات الداخلية بينهم وأزداد تفككهم بصورة كبيرة كذلك كان القسم الغربي من العالم الإسلامي الذي يضم كلاً من ليبياً وتونس والجزائر والمغرب وغرب أفريقيا وكان أيضاً هذا القسم مفككاً تماماً بعد سقوط دولة الموحدين .
5- ذاق الأوروبيين النصارى من ويلات التتار كما ذاق المسلمون وذبح منهم مئات الآلاف أو الملايين ودُمرت كنائسهم وأحرقت مدنهم وهددوا تهديداً كبيراً خوفا من أن يصل التتار إلى روما عُقر دار الكاثوليكية في أوروبا .
6- مع أن النصارى رأوا أفعال التتار إلا أن الملوك النصارى في أوروبا الغربية في ( فرنسا- إنجلترا – إيطاليا – ألمانيا ) فكانوا يرون أن هذه مرحلة مؤقتة سوف تقف أما حروب النصارى الصليبيين ضد المسلمين فكانت في رأيهم حروب دائمة لا تنتهي ومن ثم اعتقد ملوك الصليبيين أنهم لابد أن يتعاونوا تعاوناً تعاوناً كاملاً مع التتار ضد المسلمين بالرغم من كل الأعداد الهائلة من النصارى التي ذبحت على أيدي التتار .
* فلماذا يعتقد الصليبيين أن حرب المسلمين دائمة وحرب التتار مؤقتة ؟
- لأن حرب الصليبيين مع المسلمين حرب عقائدية فالعداء بين المسلمين والصليبيين على أساس ديني فالصراع بينهما أبدي ؛ فالنصارى لن ينهوا القتال إلا بدخول إحدى الطائفتين في الأخرى كما يقول الله –غز وجل – في كتابه الكريم " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " - أما حروب التتار فهي لم تكن حروب عقائدية أبداً فعقيدة التتار كانت عقيدة مشوهة باهتة مجموعة من أديان شتى فلم يُسمع عن قائد تتري واحد حاول أن ينشر هذه العقيدة في البلاد المفتوحة إنما كان كل هدف التتار هو الإباده والتشريد وجمع المال وسبي النساء والأطفال وإلى ذلك من أمور التخريب ومن كانت هذه صفته فلم يُكتب له الإستمرار أبداً لذلك على الغم من الصدمات التي تلقتها أوروبا على يد التتار إلا أن أوروبا استمرت في تكثيف الجهود لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع التتار .
7- بدأ يحدث تغير عقائدي في الجيش التتري بعد حملات التتار في أوروبا وذلك بزواج عدد كبير من قادة التتار من فتيات نصرانيات أوروبيات وبذلك بدأت الديانة النصرانية تتغلغل نسبياً في الجيش المغولي وهذا ساعد على إمكانية التعاون التتري الصليبي فيما بعد وأن يجتمع الحقد التتري مع الحقد الصليبي على إسقاط الخلافة العباسية واجتياح الشام .
8- استمرت الحروب الصليبية الأوروبية على المسلمين في مصر والشام فلم تنقطع مع كل هذه المجازر التترية في أوروبا ؛ فلم تنقطع المجازر الصليبية في بلاد الشام ومصر وكانت مصر وبلاد الشام في ذلك الوقت تحت حكم الأيوبيين ودار الصراع بينهم على حكم هذه المقاطعات وأصبح المسلمون يقعون في مثلث خطير فالصليبيين من ناحية والتتار من ناحية أخرى وزعماء المسلمين من ناحية ثالثة .
9- في عام 640- توفي المستنصر بالله الخليفة العباسي وتولى الخلافة " المستعصم بالله " ابن المستنصر بالله وكان عمره آن ذاك 30 عاماً وستسقط الخلافة العباسية في زمانه .
10- لم يبق فاصل بين التتار والخلافة العباسية في العراق إلا شريط ضيق في غرب إقليم فارس وكانت تعيش في طائفة الإسماعيلية الشيعية .
** ما حدث من سنة 639- إلى سنة 649 :-
بعد تولية " كيوك بن أوكي تاي " خاقاناً جديداً للتتار فقرر أن يوقف الحملات التترية التوسعية وقرر أن يتفرغ لتثبيت الأقدام في أجزاء المملكة الواسعة وحكم التتار من سنة 639- إلى سنة 646- فلمدة سبع سنوات لم يدخل التتار في هذه السنوات أي بلد جديد ؛ فرأى الصليبيون في غرب أوروبا هذا النهج غير التوسعي لدى " كيوك " فتجددت الآمال في التعاون معهم ضد المسلمين فأرسل البابا " إنوسنت الرابع " سفارة صليبية إلى منغوليا في سنة 643- والمسافة بين روما وقرقورم 12ألف كم مربع ذهاباً فقط ؛ فأرسل إليه رسالة يعرض عليه فيها التوحد لحرب المسلمين في مصر والشام ولم يكن من أهداف هذه السفارة أن ترفع الظلم عن نصارى أوروبا وروسيا لأن معظم البلاد التي وقعت في أيدي التتار في أوروبا وروسيا كانوا من النصارى الأرثوذكس ؛ فوصل الوفد الصليبي إلى قرقورم وسلم رسالة البابا إلى خاقان التتار ؛ فوجد أن البابا بالإضافة إلى طلبة توحيد العمل العسكري ضد المسلمين فهو يدعوه إلى اعتناق النصرانية فاعتبر خاقان التتار ذلك تعدياً خطيراً من البابا فكيف يطلب من خاقان التتار أعظم دولة على وجه الأرض في ذلك الزمن أن يغير من ديانته مع أن الديانة النصرانية بدأت تتغلغل في البلاط المغولي لكن هذا تعدياً كبيراً على خاقان التتار فرفض السفارة الصليبية إلا بشرط واحد فقط وهو أن يجتمع أمراء الغرب الأوروبي جميعاً ليأتوا إلى منغوليا لتقديم قروب الولاء والطاعة للخاقان التتري بالطبع رفض ملوك أوروبا هذا الشرط وبذلك فشلت السفارة الأوروبية الأولى ؛ فلم ييأس البابا " أنوسنت الرابع " وأخذ يبحث في قواد الجيش التتري في مناطق العالم المختلفة على من عنده الرغبة والحمية في غزو العالم الإسلامي فوجد ضالته في قائد المنطقة الغربية لدولة التتار الذي كان يتمركز في منطقة "أذربيجان وفارس " وهو القائد التتري الكبير " بيجو " وهو من أشهر قواد التتار وفي سنة 645- وبعد السفارة الأولى بعامين أرسل البابا رسالة جديدة إلى " بيجو " في فارس وكان هذا القائد لديه حب ورغبه شديدة في العدوان والهجوم وكانت رغبته الشديدة في التوسع في أراضي المسلمين فوجدت السفارة ترحيباً كبيراً من بيجو وتوقع أن هجوم الصليبيين على مصر والشام سوف يشغل المسلمين في هذه المناطق عن الدفاع عن الخلافة العباسية وبذلك يستطيع أن يتقدم في داخل أراضي العراق ؛ لكن بيجو لم يكن لدية الصلاحيات الكافية لإجراء المعاهدات والمفاوضات مع البابا وغيره فأرسل إلى كيوك وكان مصمماً على عدم التوسع ومصر على قدوم ملوك أوروبا إلى قورقورم لتقديم قروب الولاء والطاعة ففشلت هذه السفارة الثانية .
وفي ذلك الوقت كان " لويس التاسع " ملك فرنسا كان يجهز الحملة الصليبية المشهورة على مصر والمعروفة بالحملة الصليبية السابعة وكان يتمركز في جزيرة قبرص لتجميع الجيوش الفرنسية وغيرها لغزو مصر ؛ وفي سنة 646- وبعد سنة من السفارة الصليبية إلى بيجو فكر لويس التاسع في أن الأمل لم ينقطع بعد في التعاون مع التتار فأرسل سفارة صليبية ثالثة من قبرص إلى منغوليا لمحاولة إقناع التتار بالتعاون من جديد وزود هذه السفارة بالهدايا الثمينة وغيرها لكن وصلت هذه السفارة إلى " قورقورم " العاصمة التترية فوجدت أن الخاقان التتري " كيوك " قد مات وأولاده صغار لا يستطيعون تولي مقاليد الحكم فتولت الحكم أرملته أم أولاده الثلاثة الصغار وكانت تُدعى " إغول قينيش " فتولت الوصاية على أولادها وبالتالي تولت حكم التتار من سنة 646- إلى سنة 649- ؛ فتوجهت سفارة لويس التاسع إلى ملكة التتار فاستقبلتهم الملكة بحفاوة لكن إعتذرت عن إمكانية التعاون معاً لأنها مشغولة بالمشاكل الضخمة التي طرأت في المملكة التترية الضخمة نتيجة موت " كيوك " بالإضافة إلى أن عامة قواد الجيوش التترية لم يكونوا يقبلوا ببساطة على حكم امرأة لدولة التتار فهي دولة تعتمد في أساسهاً على البطش والإجرام والقوة والأوضاع كانت غير مستقرة في منغوليا وغيرها من البلاد فالمطلوب أن يتولى القيادة رجل حازم ؛ فردت السفارة وعادت السفارة الصليبية الثالثة دون نتيجة لكن مع ذلك لويس التاسع أصر على الحرب وغزا بالفعل مصر ونزل إلى دمياط سنة 647- واحتلها وبدأت الحملة الصليبية السابعة على مصر وكان لها آثار كبيرة ؛ الأوضاع في منغوليا لم تكن مستقرة ولم يقبل التتار تولية امرأة عليهم ومن ثم اجتمع المجلس الوطني للتتار واختار في سنة 649- خاقاناً جديداً للتتار وهو " منكو خان " وهذا الإختيار أدى إلى تحول كبير في سياسة التتار وبداية تغيير جذري في المناطق المحيطة بهم وكانت لهذا الخاقان الجديد سياسة توسعية كبيرة شبيه بسياسة جنكيز خان المؤسس الأول لدولة التتار وشبيه أيضاً بسياسة أوكي تاي الذي فتحت أوروبا في عهده لذلك عندما تسلم مقاليد الحكم فكر في إسقاط الخلافة العباسية واجتياح الشام ومصر وإفريقيا فكان لدية أحلام توسعية في كل مكان على وجه الأرض وللأسف فإن حكام المسلمين في هذه الأثناء لم يكونوا على مستوى الأحداث ونسوا تماماً أمر التتار بسبب توقف التوسعات التترية لمدة عشرة سنوات فنسي الناس هذا الأمر بل ونسي الحكام والعلماء المسلمين أن الجزء الشرقي من العالم الإسلامي في أيدي التتار ونسوا أن التتار قد أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الخلافة العباسية والشام ومصر والحجاز إلى حد أن المؤرخين الذين يؤرخون لهذه الفترة لا يذكرون مطلقاً إي شئ عن التتار ؛ وعلى سبيل المثال ففي البداية والنهاية لابن كثير وهو كما نعرف لم يعاصر هذه الحقبة من الزمان بل نقل عن المؤرخين الذين كانوا معاصرين لهذه الأحداث فلم يذكروا في هذه الفترة شيئاً عن التتار مطلقاً ففي البداية والنهاية من سنة 636- إلى سنة 649- لم يذكر شئ البتة عن التتار وكأن القضية التترية قد حُلت تماماً ؛ ولكن تجد أنه ذكر في هذه الفترة في البداية والنهاية أن ابن كثير يصف حياة طبيعية في العراق والشام ومصر أمور في غاية البساطة فمثلاً يذكر ابن كثير أن " الخليفة يعالج بعض المشاكل الإقتصادية " ؛ " قد يحدث وباء فيُعالج " ؛ " يحدث الغلاء فيشق ذلك على الناس فيمنح الخليفة بعض الأموال لمقاومة الغلاء " ؛ " يفتح مدرسة " ؛ " أحد الناس يفتح دار ضيافة " ؛ " أحد الناس يفتح داراً للطب " .................. وهكذا .



التوقيع

  1. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ( الرعد -17)
  2. ولست بعلام لغيوب وإنما أرى بلحاظ الأمر ما هو واقع

عرض البوم صور الشيخ غريب  
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 31-05-2012, 02:08 PM
الشيخ غريب الشيخ غريب غير متواجد حالياً
عضو جديد
افتراضي رد: التتار وحلم غزو العالم

** تقييم أوضاع العالم ككل حتى سنة 639 :-
1- وصلت حدود دولة التتار في هذه السنة من كوريا شرقا إلى بولندا غرباً ومن سيبريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً فأصبحت قوة التتار في ذلك الوقت هي القوة الأولى في العالم بلا منازع .
2- تولى قيادة التتار بعد " أوكي تاي " إبنه " كيوك بن أوكي تاي " وكان له الرأي في تثبيت الأقدام في البلاد المفتوحة ؛ ولم يكن لديه سياسة توسعية كأبيه فأوقف الفتوحات في أوروبا والعالم الإسلامي .
3- ابتلع التتار في فتوحاتهم السابقة النصف الشرقي للأمة الإسلامية وضموا معظم الأقاليم الإسلامية في آسيا إلى دولتهم فقضوا على معظم مظاهر الحضارة في هذه المناطق كما قضوا على أي نوع من المقاومة في هذه المناطق الواسعة .
4- ظل القسم الأوسط من العالم الإسلامي وهو يبدأ من العراق إلى مصر مفرقاً ومشتتاً وانشغل حُكام هذه المناطق بالصراعات الداخلية بينهم وأزداد تفككهم بصورة كبيرة كذلك كان القسم الغربي من العالم الإسلامي الذي يضم كلاً من ليبياً وتونس والجزائر والمغرب وغرب أفريقيا وكان أيضاً هذا القسم مفككاً تماماً بعد سقوط دولة الموحدين .
5- ذاق الأوروبيين النصارى من ويلات التتار كما ذاق المسلمون وذبح منهم مئات الآلاف أو الملايين ودُمرت كنائسهم وأحرقت مدنهم وهددوا تهديداً كبيراً خوفا من أن يصل التتار إلى روما عُقر دار الكاثوليكية في أوروبا .
6- مع أن النصارى رأوا أفعال التتار إلا أن الملوك النصارى في أوروبا الغربية في ( فرنسا- إنجلترا – إيطاليا – ألمانيا ) فكانوا يرون أن هذه مرحلة مؤقتة سوف تقف أما حروب النصارى الصليبيين ضد المسلمين فكانت في رأيهم حروب دائمة لا تنتهي ومن ثم اعتقد ملوك الصليبيين أنهم لابد أن يتعاونوا تعاوناً تعاوناً كاملاً مع التتار ضد المسلمين بالرغم من كل الأعداد الهائلة من النصارى التي ذبحت على أيدي التتار .
* فلماذا يعتقد الصليبيين أن حرب المسلمين دائمة وحرب التتار مؤقتة ؟
- لأن حرب الصليبيين مع المسلمين حرب عقائدية فالعداء بين المسلمين والصليبيين على أساس ديني فالصراع بينهما أبدي ؛ فالنصارى لن ينهوا القتال إلا بدخول إحدى الطائفتين في الأخرى كما يقول الله –غز وجل – في كتابه الكريم " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " - أما حروب التتار فهي لم تكن حروب عقائدية أبداً فعقيدة التتار كانت عقيدة مشوهة باهتة مجموعة من أديان شتى فلم يُسمع عن قائد تتري واحد حاول أن ينشر هذه العقيدة في البلاد المفتوحة إنما كان كل هدف التتار هو الإباده والتشريد وجمع المال وسبي النساء والأطفال وإلى ذلك من أمور التخريب ومن كانت هذه صفته فلم يُكتب له الإستمرار أبداً لذلك على الغم من الصدمات التي تلقتها أوروبا على يد التتار إلا أن أوروبا استمرت في تكثيف الجهود لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع التتار .
7- بدأ يحدث تغير عقائدي في الجيش التتري بعد حملات التتار في أوروبا وذلك بزواج عدد كبير من قادة التتار من فتيات نصرانيات أوروبيات وبذلك بدأت الديانة النصرانية تتغلغل نسبياً في الجيش المغولي وهذا ساعد على إمكانية التعاون التتري الصليبي فيما بعد وأن يجتمع الحقد التتري مع الحقد الصليبي على إسقاط الخلافة العباسية واجتياح الشام .
8- استمرت الحروب الصليبية الأوروبية على المسلمين في مصر والشام فلم تنقطع مع كل هذه المجازر التترية في أوروبا ؛ فلم تنقطع المجازر الصليبية في بلاد الشام ومصر وكانت مصر وبلاد الشام في ذلك الوقت تحت حكم الأيوبيين ودار الصراع بينهم على حكم هذه المقاطعات وأصبح المسلمون يقعون في مثلث خطير فالصليبيين من ناحية والتتار من ناحية أخرى وزعماء المسلمين من ناحية ثالثة .
9- في عام 640- توفي المستنصر بالله الخليفة العباسي وتولى الخلافة " المستعصم بالله " ابن المستنصر بالله وكان عمره آن ذاك 30 عاماً وستسقط الخلافة العباسية في زمانه .
10- لم يبق فاصل بين التتار والخلافة العباسية في العراق إلا شريط ضيق في غرب إقليم فارس وكانت تعيش في طائفة الإسماعيلية الشيعية .
** ما حدث من سنة 639- إلى سنة 649 :-
بعد تولية " كيوك بن أوكي تاي " خاقاناً جديداً للتتار فقرر أن يوقف الحملات التترية التوسعية وقرر أن يتفرغ لتثبيت الأقدام في أجزاء المملكة الواسعة وحكم التتار من سنة 639- إلى سنة 646- فلمدة سبع سنوات لم يدخل التتار في هذه السنوات أي بلد جديد ؛ فرأى الصليبيون في غرب أوروبا هذا النهج غير التوسعي لدى " كيوك " فتجددت الآمال في التعاون معهم ضد المسلمين فأرسل البابا " إنوسنت الرابع " سفارة صليبية إلى منغوليا في سنة 643- والمسافة بين روما وقرقورم 12ألف كم مربع ذهاباً فقط ؛ فأرسل إليه رسالة يعرض عليه فيها التوحد لحرب المسلمين في مصر والشام ولم يكن من أهداف هذه السفارة أن ترفع الظلم عن نصارى أوروبا وروسيا لأن معظم البلاد التي وقعت في أيدي التتار في أوروبا وروسيا كانوا من النصارى الأرثوذكس ؛ فوصل الوفد الصليبي إلى قرقورم وسلم رسالة البابا إلى خاقان التتار ؛ فوجد أن البابا بالإضافة إلى طلبة توحيد العمل العسكري ضد المسلمين فهو يدعوه إلى اعتناق النصرانية فاعتبر خاقان التتار ذلك تعدياً خطيراً من البابا فكيف يطلب من خاقان التتار أعظم دولة على وجه الأرض في ذلك الزمن أن يغير من ديانته مع أن الديانة النصرانية بدأت تتغلغل في البلاط المغولي لكن هذا تعدياً كبيراً على خاقان التتار فرفض السفارة الصليبية إلا بشرط واحد فقط وهو أن يجتمع أمراء الغرب الأوروبي جميعاً ليأتوا إلى منغوليا لتقديم قروب الولاء والطاعة للخاقان التتري بالطبع رفض ملوك أوروبا هذا الشرط وبذلك فشلت السفارة الأوروبية الأولى ؛ فلم ييأس البابا " أنوسنت الرابع " وأخذ يبحث في قواد الجيش التتري في مناطق العالم المختلفة على من عنده الرغبة والحمية في غزو العالم الإسلامي فوجد ضالته في قائد المنطقة الغربية لدولة التتار الذي كان يتمركز في منطقة "أذربيجان وفارس " وهو القائد التتري الكبير " بيجو " وهو من أشهر قواد التتار وفي سنة 645- وبعد السفارة الأولى بعامين أرسل البابا رسالة جديدة إلى " بيجو " في فارس وكان هذا القائد لديه حب ورغبه شديدة في العدوان والهجوم وكانت رغبته الشديدة في التوسع في أراضي المسلمين فوجدت السفارة ترحيباً كبيراً من بيجو وتوقع أن هجوم الصليبيين على مصر والشام سوف يشغل المسلمين في هذه المناطق عن الدفاع عن الخلافة العباسية وبذلك يستطيع أن يتقدم في داخل أراضي العراق ؛ لكن بيجو لم يكن لدية الصلاحيات الكافية لإجراء المعاهدات والمفاوضات مع البابا وغيره فأرسل إلى كيوك وكان مصمماً على عدم التوسع ومصر على قدوم ملوك أوروبا إلى قورقورم لتقديم قروب الولاء والطاعة ففشلت هذه السفارة الثانية .
وفي ذلك الوقت كان " لويس التاسع " ملك فرنسا كان يجهز الحملة الصليبية المشهورة على مصر والمعروفة بالحملة الصليبية السابعة وكان يتمركز في جزيرة قبرص لتجميع الجيوش الفرنسية وغيرها لغزو مصر ؛ وفي سنة 646- وبعد سنة من السفارة الصليبية إلى بيجو فكر لويس التاسع في أن الأمل لم ينقطع بعد في التعاون مع التتار فأرسل سفارة صليبية ثالثة من قبرص إلى منغوليا لمحاولة إقناع التتار بالتعاون من جديد وزود هذه السفارة بالهدايا الثمينة وغيرها لكن وصلت هذه السفارة إلى " قورقورم " العاصمة التترية فوجدت أن الخاقان التتري " كيوك " قد مات وأولاده صغار لا يستطيعون تولي مقاليد الحكم فتولت الحكم أرملته أم أولاده الثلاثة الصغار وكانت تُدعى " إغول قينيش " فتولت الوصاية على أولادها وبالتالي تولت حكم التتار من سنة 646- إلى سنة 649- ؛ فتوجهت سفارة لويس التاسع إلى ملكة التتار فاستقبلتهم الملكة بحفاوة لكن إعتذرت عن إمكانية التعاون معاً لأنها مشغولة بالمشاكل الضخمة التي طرأت في المملكة التترية الضخمة نتيجة موت " كيوك " بالإضافة إلى أن عامة قواد الجيوش التترية لم يكونوا يقبلوا ببساطة على حكم امرأة لدولة التتار فهي دولة تعتمد في أساسهاً على البطش والإجرام والقوة والأوضاع كانت غير مستقرة في منغوليا وغيرها من البلاد فالمطلوب أن يتولى القيادة رجل حازم ؛ فردت السفارة وعادت السفارة الصليبية الثالثة دون نتيجة لكن مع ذلك لويس التاسع أصر على الحرب وغزا بالفعل مصر ونزل إلى دمياط سنة 647- واحتلها وبدأت الحملة الصليبية السابعة على مصر وكان لها آثار كبيرة ؛ الأوضاع في منغوليا لم تكن مستقرة ولم يقبل التتار تولية امرأة عليهم ومن ثم اجتمع المجلس الوطني للتتار واختار في سنة 649- خاقاناً جديداً للتتار وهو " منكو خان " وهذا الإختيار أدى إلى تحول كبير في سياسة التتار وبداية تغيير جذري في المناطق المحيطة بهم وكانت لهذا الخاقان الجديد سياسة توسعية كبيرة شبيه بسياسة جنكيز خان المؤسس الأول لدولة التتار وشبيه أيضاً بسياسة أوكي تاي الذي فتحت أوروبا في عهده لذلك عندما تسلم مقاليد الحكم فكر في إسقاط الخلافة العباسية واجتياح الشام ومصر وإفريقيا فكان لدية أحلام توسعية في كل مكان على وجه الأرض وللأسف فإن حكام المسلمين في هذه الأثناء لم يكونوا على مستوى الأحداث ونسوا تماماً أمر التتار بسبب توقف التوسعات التترية لمدة عشرة سنوات فنسي الناس هذا الأمر بل ونسي الحكام والعلماء المسلمين أن الجزء الشرقي من العالم الإسلامي في أيدي التتار ونسوا أن التتار قد أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الخلافة العباسية والشام ومصر والحجاز إلى حد أن المؤرخين الذين يؤرخون لهذه الفترة لا يذكرون مطلقاً إي شئ عن التتار ؛ وعلى سبيل المثال ففي البداية والنهاية لابن كثير وهو كما نعرف لم يعاصر هذه الحقبة من الزمان بل نقل عن المؤرخين الذين كانوا معاصرين لهذه الأحداث فلم يذكروا في هذه الفترة شيئاً عن التتار مطلقاً ففي البداية والنهاية من سنة 636- إلى سنة 649- لم يذكر شئ البتة عن التتار وكأن القضية التترية قد حُلت تماماً ؛ ولكن تجد أنه ذكر في هذه الفترة في البداية والنهاية أن ابن كثير يصف حياة طبيعية في العراق والشام ومصر أمور في غاية البساطة فمثلاً يذكر ابن كثير أن " الخليفة يعالج بعض المشاكل الإقتصادية " ؛ " قد يحدث وباء فيُعالج " ؛ " يحدث الغلاء فيشق ذلك على الناس فيمنح الخليفة بعض الأموال لمقاومة الغلاء " ؛ " يفتح مدرسة " ؛ " أحد الناس يفتح دار ضيافة " ؛ " أحد الناس يفتح داراً للطب " .................. وهكذا .




رد مع اقتباس