لماذا يصعب على الولايات المتحدة تحديد رغبتها في قوة أو ضعف الدولار؟
2017-02-13
بات التساؤل حول ما إذا كانت "قوة الدولار أمراً إيجابياً أم سلبياً بالنسبة للاقتصاد الأمريكي؟" من أكثر المواد إثارة للجدل حالياً في الولايات المتحدة، لا سيما بعد ما سببه من حيرة لرئيس البلاد "دونالد ترامب".
وفي إحدى لياليه الأولى في السلطة، لم يغالب "ترامب" النوم حتى الثالثة صباحاً بحثاً عن إجابة دقيقة، ليستقر في النهاية على الاتصال بمستشاره للأمن القومي أملاً في أن يرضي شغفه، بحسب ما أوردته تقارير إخبارية.
وبطبيعة الحال لم ينل "ترامب" مراده من الجنرال السابق "مايك فلين" الذي أجابه بـ"لا أعلم"، ورغم أن الرئيس الأمريكي يبدو ضل وجهته لطلب النصيحة إلا أن السؤال يظل مثار جدل.
وفي هذا التقرير تستعرض "الإيكونوميست" بعض الطرق التي يمكن من خلالها التوصل إلى إجابة لسؤال الرئيس الأمريكي.
الإجابة تختلف وفق المتغيرات
إحدى الطرق التي يمكن من خلالها الإجابة على هذا السؤال تتوقف بالأساس على التساؤل أولاً حول نتائج حدوث ارتفاعات عشوائية في قيمة الدولار.
- بما أن معظم الأمريكيين يدخرون ثرواتهم ويحصلون على رواتبهم بالدولار فارتفاعه بشكل عام جيد لهم وسيئ لغير الأمريكيين، إذ قد يسبب متاعب مالية للأسواق الناشئة المثقلة بالديون.
- قد يكون هذا أمراً طيباً لكن الدولار يسلك مساراً ما بفعل سبب محدد أو مجموعة من الأسباب، وبالتالي يتوقف الأمر على معرفة الأسباب وراء قوة أو ضعف العملة الأمريكية.
- في حال ارتفع الدولار نظراً لاكتشاف أمريكا لشيء مذهل لا يمكن للعالم أن يتوقف عن طلبه مثل النفط، فقد يكون هذا نافعا للجميع، مع التذكر أن هناك دوماً رابحين وخاسرين في الولايات المتحدة وغيرها.
تحديد القيمة الحقيقية
هناك طريقة أخرى للاقتراب من الحل: وهي بالتساؤل عما إذا كانت قيمة العملة الأمريكية مبالغا فيها أما أنها أقل، فإذا كانت تفوق ما يجب أن تكون عليه ثم تراجعت فذاك أمر صحي.
- لكن كيف يمكن معرفة ذلك؟ هذا سهل ويمكن التحقق منه عبر مطالعة الحساب الجاري، فإذا حقق فائضا باستمرار فالعملة غالباً دون قيمتها لكن في حالة العجز فإنها مبالغ فيها.
- الولايات المتحدة تسجل عجزاً في الحساب الجاري منذ مطلع الثمانينيات، وبالتالي فالدولار مبالغ في قيمته وخفضه سيكون أفضل بالنسبة لها، لكن هذا يطرح سؤالاً آخر "كيف لم تعدل العملة قيمتها طوال هذه المدة؟".
- المبالغة في قيمة الدولار كل هذا الوقت جاءت كونه عملة الاحتياطي المهيمنة في العالم منذ وقت بعيد، وواصلت العديد من البلدان حيازته حفاظاً على استقرار سعر الصرف لديها.
- لا يمكن لأي بلد أو عملة مختلفة أن تصلح لخدمة احتياطي العملات، بينما أمريكا غنية ولديها اقتصاد ضخم وقدرة عالية على تحصيل الضرائب إلى جانب القوة العسكرية والمالية والدبلوماسية.
تقييم الوضع الراهن
الولايات المتحدة يمكنها توفير كميات كبيرة من الدولارات والسندات الحكومية وغيرها من الأصول المقومة بعملتها دون التعرض لأي أزمات قد تقود لتغيرات مفاجئة في قيم هذه الأصول.
- تقبلت الولايات المتحدة دورها كمزود العالم بعملة الاحتياطي وتقبلت المسؤوليات المنطوية على ذلك، وسبق وتعاونت مع بلدان أخرى لتوفير السيولة الدولارية في حالة الطوارئ.
- المقصد أن الشركات والحكومات الأجنبية تميل لشراء السندات الأمريكية بكميات كبيرة، وارتفاع شهية الأجانب للأصول الدولارية (حتى مع انخفاض العائدات) يسمح للأمريكيين بشراء أكثر مما ينتجون.
- اعتبار الدولار عملة للاحتياط يصب في الصالح الأمريكي العام نوعاً ما، حيث يسهم في دفع التجارة العالمية والخدمات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة للعالم، وفي المقابل يسمح ذلك للأمريكيين بشراء المزيد مقارنة بما ينتجون.
- قد يهتم البعض بإجابة تساؤل "ترامب" لكن أيضاً قد يكون الوضع الراهن هو الأفضل للقضاء على الفوضى في معيارية الدولار (كونه العملة الرئيسية لقياس باقي العملات) في ظل عدم وجود بديل جاهز.