كيف ارتفعت أسعار النفط دون خفض كبير وملموس للمعروض؟
2017-02-15
نجح منتجو النفط في دعم أسعاره، حيث ارتفع خام "برنت" بأكثر من 20% منذ أواخر سبتمبر/ أيلول، بينما لم يشهد جانب العرض سوى تغير طفيف.
وجاء ذلك بفضل الالتزام الكبير الذي فاق التوقعات بخطة خفض الإنتاج التي أقرتها "أوبك" بالتعاون مع منتجين مستقلين من بينهم روسيا، في أول اتفاق من نوعه خلال ثماني سنوات، بحسب تقرير لـ"بلومبيرج".
محدودية التأثير
التغيرات كانت صغيرة من حيث القيمة المطلقة، فبحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة تراجعت إمدادات النفط العالمية بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً الشهر الماضي بينما تقول "أوبك" إنه انخفض بمقدار 1.29 مليون برميل يومياً.
- تظهر توقعات "أوبك" للربع الجاري أن مستوى إنتاجها خلال يناير/ كانون الثاني (بلغ 32.13 مليون برميل يومياً) سيظل مساعداً في تجاوز المعروض لحجم الطلب العالمي.
- بافتراض أن الإنتاج سيظل عند مستوياته خلال يناير/ كانون الثاني، فإن إمدادات النفط العالمية ستكون 95.89 مليون برميل يومياً فيما سيبلغ الطلب 94.84 مليون برميل يومياً.
- تراجعت (مخزونات النفط التجارية) لدى الاقتصادات المتقدمة خلال الشهر الماضي، لكنها ما زالت أعلى متوسط الخمس سنوات قرب 299 مليون برميل، وبالطبع لن تنخفض المخزونات بسرعة نظراً لعدم توازن السوق بعد.
- حتى لو انخفضت المخزونات بنفس القدر الذي تراجع به الإنتاج في يناير/ كانون الثاني فذلك سيستغرق 200 يوم أو أكثر لضمان نفادها تماما، في الواقع خفض الإنتاج لم يقدم الكثير حيال أزمة وفرة المعروض.
المنتجون استفادوا ولكن..
كانت أسعار النفط نهاية الشهر الماضي أعلى بنسبة 21% مقارنة بما كانت عليه في السابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول، أي قبل يوم واحد من الإعلان عن خطة "أوبك" لخفض الإنتاج.
- إذا لم تكن صناديق التحوط والعقود طويلة الأجل وراء الارتفاع وتمكنت السعودية من بيع كافة إنتاجها النفطي الشهر الماضي مقابل متوسط سعر السوق، كانت لتحقق 50 مليون دولار يومياً أكثر مقارنة بأغسطس/ آب.
- زادت موسكو إنتاجها بنسبة 4% في الفترة بين أغسطس/ آب إلى نوفمبر/ تشرين الثاني، ثم تعهدت بخفض إمداداتها بمقدار 300 ألف برميل يومياً، بينما وصل الخفض الفعلي إلى 30 ألف برميل يومياً بحسب "أوبك".
- في المقابل، انخفض الإنتاج السعودي بشكل أعمق نسبياً وبلغ ما يقرب من 5% خلال يناير/ كانون الثاني مقارنة بمستويات ديسمبر/ كانون الأول.
- لا يزال السعر الحالي دون مستوى التعادل المالي للعديد من كبار المنتجين (الذي يمكن الدول من معادلة موازناتها دون الحاجة لخفض قيمة العملة المحلية).
العودة للمربع صفر
من الواضح أن القوى النفطية الكبرى التي ترغب في سعر مرتفع للنفط تقف وراء الصخب المثار حول مجهودات خفض الإنتاج، لكن نظراً للوضع الفعلي للسوق ربما تكون قد حققت أقصى ما بوسعها.
- ربما تشعر هذه القوى بالامتنان لقطاع النفط الأمريكي الذي تزايد إنتاجه بوتيرة معتدلة مع ارتفاع الأسعار، فبحسب إدارة معلومات الطاقة نمت إمدادات البلاد بنحو 280 ألف برميل يومياً فقط منذ نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني.
- ما زالت صناعة النفط الصخري الأمريكية تحاول كسر الأرقام القياسية المسجلة منتصف عام 2015، وفي نهاية المطاف سيزول أثر سحر "أوبك" على الأسواق وستصبح أخبار الولايات المتحدة في الصدارة.
- بحدوث ذلك ستنخفض الأسعار مجدداً كونها تتبع الأخبار والأحداث لا العرض والطلب، وستحتاج بلدان "أوبك" وروسيا لضخ المزيد من النفط لدعم الموازنات، وتعود الأسواق للحلقة المفرغة من جديد بعودة الصراع مع منتجي النفط الصخري.
- في نهاية المطاف ستستمر لعبة القط والفأر بين القوى النفطية الكبرى ومنتجي النفط الصخري، ما يمنح مناخاً محفزاً للمضاربين ويسهم في الحفاظ على الأسعار عند مستويات مقبولة.