عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-2014, 10:00 PM   المشاركة رقم: 6
الكاتب
snowwhite
عضو متميز
الصورة الرمزية snowwhite

البيانات
تاريخ التسجيل: Jul 2014
رقم العضوية: 20069
المشاركات: 902
بمعدل : 0.25 يوميا

الإتصالات
الحالة:
snowwhite غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : snowwhite المنتدى : منتدى الاخبار و التحليل الاساسى
افتراضي رد: ~*¤ô§ô¤*~ *مكتبة حلقــــــات اقتصاديــــة فى التحليل الأساسى -*~*¤ô§ô¤*~

سلسلة حلقات اقتصادية – الحلقة 5 : قيمة النقود والمستوى العام للأسعار



قيمة النقود :

يطلق اصطلاح قيمة النقود على معان متعددة يختلف كل منها عن الآخر :
أولاً ، السبب الذي تقبل من أجله النقود في التعامل ، أو الأساس الذي يجعل للنقود قبولاً في الحياة الاقتصادية
.
ثانياً ، القيمة التنظيمية أو الشرعية للنقود . ويقصد بذلك قيمة النقود في النظام النقدي الداخلي ، فلكل نظام نقدي قاعدة نقدية لها وحدات قياس رئيسية تتمثل في وحدات النقد المتداولة والتي تتمتع بخاصيتي القانونية والنهائية ( اللتان تم الحديث عنهما في الحلقة 3 ) .

ثالثاً ، القيمة الخارجية للنقود ، أي نسبة المبادلة بين العملة الوطنية والعملة الأجنبية ، وهو ما يعرف بسعر الصرف Exchange Rate . و يبين سعر الصرف قيمة النقود في النطاق الدولي أو الخارجي ، وهذه القيمة الخارجية تحدد مقدرة النقود على شراء السلع الأجنبية . وأسعار الصرف ، سواء أكانت ثابتة أو متغيرة ، تعتبر مؤشرات للقوة الشرائية للنقود الوطنية في الاقتصاد العالمي ، ويمكن أن يؤثر التغير في القيمة الخارجية للنقود على القوة الشرائية الداخلية لها .

وتتوقف القيمة الخارجية للعملة على القرار السياسي الذي تتخذه السلطات العامة تحت تأثير الكثير من العوامل الاقتصادية ، وخاصة ما يتعلق منها بالعجز أو الفائض في ميزان المدفوعات أو بهدف مكافحة التضخم ، أو لتشجيع الصادرات أو الواردات . وهناك علاقة وثيقة بين قيمة العملة الداخلية وقيمتها الخارجية ، فغالبية الاقتصاديات أصبحت مندمجة في الاقتصاد العالمي من خلال التجارة الخارجية وحركات رؤوس الأموال . وفي كثير من الأحيان يكون تأثير العوامل الخارجية على قيمة العملة الداخلية أقوى بكثير من تأثير العوامل الداخلية .

رابعاً ، القيمة الداخلية للنقود والمتمثلة في قوتها الشرائية . وينطبق مفهوم القيمة على الكمية الحقيقة للنقود وليست الكمية الاسمية ( فكمية النقود الاسمية تعني الكمية المعبر عنها بوحدات النقد المستخدمة كالدولار والباوند وغيرها ) ، ويقصد بقيمة النقود الحقيقية قدرتها على أن تتبادل في السوق مقابل كمية ما من المنتجات من سلع وخدمات .

الأسعار المطلقة والأسعار النسبية :

هناك نوعين من الأسعار : الأسعار النسبية أو الحقيقية Relative Prices ، والأسعار المطلقة أو النقدية
Nominal Prices

وتعبر الأسعار النسبية عن قيمة المبادلة المباشرة بين السلع ، أي تمثل أسعار السلع الاقتصادية من خلال علاقاتها التبادلية . ومجموع القيم الناتجة عن العلاقات التبادلية بين السلع والخدمات تكوّن هيكل الأسعار في الاقتصاد القومي .
والتغيرات في الأسعار النسبية أو نسب المبادلة بين السلع والخدمات تؤثر في سلوك الأشخاص الاقتصادية وقدراتها ، وترتب تعديلات كثيرة في توزيع الدخل ، وفي دورة الإنتاج والاستهلاك ، وفي عملية تخصيص الموارد .

أما التغير في الأسعار المطلقة - وعلى عكس التغير في الأسعار النسبية – فهو لا يؤثر في الحياة الاقتصادية . فزيادة كافة أسعار السلع والخدمات دون تغير في نسب المبادلة فيما بينها لا يترتب عليها إعادة توزيع الثروة بين الأشخاص الاقتصادية . كما أن التحديد الشامل لقيمة النقود ، لا يستطيع أن يبين لنا ما هي السلع والخدمات التي تضاعفت أسعارها ، وتلك التي انخفضت أسعارها ، وأخيراً تلك التي بقيت أسعارها ثابتة ، فنحن نعبر عن كافة أسعار السلع والخدمات من خلال نموذج عام ومجرد هو المستوى العام للأسعار .

هناك علاقة وثيقة بين التغيرات التي تحدث في الأسعار المطلقة وما يترتب على ذلك من تقلبات في قيمة النقود والمستوى العام للأسعار ، وبين التغيرات التي تحدث في الأسعار النسبية . فالتغيرات في الأسعار المطلقة أو النقدية تتضمن اختلالات أساسية في العلاقات بين الأسعار النسبية لمختلف مجموعات السلع والخدمات المكونة للمستوى العام للأسعار ، ويتبلور ذلك بصورة واضحة في العلاقة بين دخل العمل ، أي الأجور وبين أسعار السلع الاستهلاكية .

قياس تغيرات قيمة النقود :

بما أن مدى ما تحكمه النقود من كميات السلع في المبادلة إنما يتوقف على مستوى الأسعار ، فإن هناك علاقة بين تغير مستوى الأسعار وتغير قيمة النقود ، ومن البديهي أن تغير مستوى الأسعار في اتجاه معين إنما يعني تغير قيمة النقود أو قوتها الشرائية في الاتجاه العكسي ، وذلك طالما أنه يترتب على زيادة الأسعار نقص كمية المنتجات التي تتبادل في مقابلها الوحدة من النقود ، وبالتالي نقص قيمة هذه الوحدة أو قوتها الشرائية ، كما أنه يترتب على انخفاض الأسعار زيادة كمية المنتجات التي تتبادل في مقابلها الوحدة من النقود ومن ثم زيادة قيمتها أو قوتها الشرائية .

ويتعين هنا التفرقة بين نوعين من التغير في الأسعار ، أولاً ، التغير في المستوى النسبي للأسعار ، والذي يقصد به ما يحدث من تغير في سعر سلعة أو خدمة بالنسبة إلى أسعار السلع والخدمات الأخرى . ثانياً ، التغير في المستوى العام للأسعار والذي يعني تغير أسعار السلع والخدمات في مجموعها وبصفة عامة . وهذا هو التغير المقصود عند الكلام عن قيمة النقود وما يطرأ عليها من تغير .

إن المسألة تتوقف على الغرض الذي نقصده من بحث قيمة النقود ، فقد نقصد معرفة تغير القوة الشرائية للأفراد بصفتهم مستهلكين ( أسعار التجزئة ) ، كما قد نهتم بمعرفة تغيرات القوة الشرائية للنقود في أسواق الجملة ، كذلك قد نقصد إلى معرفة تغير القوة الشرائية للنقود بالنسبة لسلع الاستهلاك ولسلع الإنتاج التي تم خلقها خلال الفترة الجارية ، وقد نقصد إلى معرفة تغير القوة الشرائية للنقود بالنسبة لسلع السوق الداخلي ، أي السلع التي لا تدخل في التجارة الدولية ، وقد يدور البحث حول معرفة قوتها الشرائية بالنسبة للسلع الداخلة في نطاق التبادل الدولي .

ويترتب على أنه لا يوجد مستوى واحد للأسعار ، بل أنواع مختلفة من مستويات الأسعار تتعدد طبقاً لتعدد وتنوع الأغراض المتوخاة من دراسة قيمة النقود . وما يهمنا نحن في بحثنا عن المؤثرات الاقتصادية على حركة العملات هو قيمة العملة في نطاق التبادل الدولي .

ولكن كيف تقاس تغيرات قيمة النقود ؟ وكيف نحدد إن كانت قد ارتفعت أو انخفضت في فترة ما بالنسبة لما كانت عليه في فترة أخرى ؟ لمعرفة ذلك يلجأ الاقتصاديون لما يعرف باسم الأرقام القياسية للأسعار .

الأرقام القياسية للأسعار :

يمكن تعريف الأرقام القياسية indexبأنها عبارة عن ملخص التغيير النسبي في أسعار مجموعة معينة من السلع خلال فترة أو فترات مختلفة ، بالقياس إلى ما كان عليه ذلك المستوى في فترة سابقة تتخذ أساساً للمقارنة ، ويطلق عليها فترة الأساس . ولما كان من المألوف أن نعبر عن التغير النسبي في سعر أية سلعة من السلع بتكوين نسبة مئوية بين سعرها في وقت معين وسعرها في وقت آخر يتخذ أساساً للقياس أو 100 % ، فإن في الإمكان تركيب رقم قياسي لأسعار مجموعة من السلع باستخراج متوسط إحصائي لهذه الأرقام النسبية للأسعار ، وتعرف اصطلاحاً بمناسيب الأسعار .

وللوصول إلى حساب وتركيب الأرقام القياسية للأسعار يجب اتباع عدة خطوات نذكرها بإيجاز فيما يلي :
أ‌- اختيار السلع المراد حساب التغير النسبي في مستوى سعرها .
ب‌- اختيار فترة معينة تعتبر فترة الأساس ( حيث الأسعار تساوي 100 % ) حيث تقارن الأسعار في فترة أو فترات أخرى بالأسعار التي سادت فيها .
ت‌- يتم حساب الرقم القياسي بقسمة ثمن السلعة في الفترة المراد بيان التغير فيها على ثمنها في فترة الأساس وأن نضرب في 100 . ويعرف هذا الثمن الأخير بمنسوب السعر وذلك للدلالة على نسبته إلى ثمن فترة الأساس وعلى أنه ليس سعراً حقيقياً ، وبالطريقة نفسها نحصل أيضاً على مناسيب سعر كل سلعة من السلع الأخرى في كل فترة من فترات المقارنة .

مثلاً :
في سنة الأساس 2000 كان سعر السلعة (ب) 8 دولارات ، وفي العام التالي صار سعرها 8.5 دولارات مع بقاء كمية الاستهلاك هي نفسها . بقسمة ثمن السلعة في العام 2001 على ثمنها في فترة الأساس وضربها بـ 100 يكون الناتج 106.25 ، ويكون سعرها قد ارتفع 6.25 % .

وإذا ما أردنا أخذ عدد من السلع الاستهلاكية في سنة الأساس 2000 لا بد من احتساب كميات استهلاكها أيضاً ، وتساوي : (أ) 0.1 دولار ل 140 قطعة ، (ب) 8 دولارات ل 15 قطعة ، (ج) 0.75 دولار ل 88 قطعة ، وهو ما مجموعه 200 دولار .
في السنة التالية أصبحت أسعار نفس السلع مع بقاء كميات استهلاكها على حاله تساوي : (أ) 0.05 دولار ، (ب) 8.5 دولار ، (ج) 0.8 دولار ، وهو ما مجموعه يساوي 204.9 دولار .
204.9 – 200 = 4.9 دولار ( الارتفاع المطلق للأسعار) ، أما الارتفاع النسبي أو الحقيقي فيساوي ( 204.9 - 200 / 200 ) * 100 = 2.45% عن سنة الأساس 2000 .

مؤشر أسعار المستهلكين Consumer Price Index :

عند احتساب مستوى الأسعار ( مؤشر أسعار المستهلكين ) لأي دولة فإن قائمة طويلة جداً من الأسعار الاستهلاكية يتم احتساب أسعارها للوصول إلى الرقم الذي نشاهده نحن في رزنامة الأخبار الاقتصادية ، وقد يتم احتساب الرقم السنوي أو الرقم الشهري .
وهناك مؤشر رديف لمستوى أسعار المستهلكين أيضاً حيث يتم استبعاد أسعار السلع الغذائية والطاقة وهو ما يعرف بمؤشر أسعار المستهلكين النواتي Core Consumer Price Index ، وهو الأكثر تعبيراً عن حقيقة مستوى الأسعار .

ما هو تأثير مؤشر أسعار المستهلكين على حركة العملات ؟
مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين ترتفع أسعار السلع والخدمات ، وينعكس ذلك بالتالي على سعر العملة ارتفاعاً ، ولكن لماذا يرتفع سعر العملة ؟ هنا لا يتعلق الأمر بأسعار المستهلكين مباشرة وذلك لأن ارتفاع الأسعار سينعكس انخفاضاً في قيمة العملة ، إنما يرتبط الارتفاع في سعر العملة هنا بمستقبل التضخم وأسعار الفوائد التي سنتحدث عنها في حلقات قادمة بإذن الله .

إذا نظرنا إلى الشارت المرفق للباوند دولار ومؤشر الأسعار الحقيقي للمملكة المتحدة لسنة الأساس 1973 ، وحتى عام 2003 ، فإننا نلاحظ بوضوح ارتفاع مستوى الأسعار الحقيقي في ترند تصاعدي ، كما نلاحظ ارتفاع سعر الصرف في ترند تصاعدي مرافق ، والفجوات الهبوطية للباوند هي نتيجة دخول عوامل أخرى قوية أيضاً :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أما إذا أردنا رؤية التأثير القصير المدى على الحركة ، فنأخذ أيضاً الباوند كمثال : في 17 نيسان إبريل 2007 ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين السنوي البريطاني 3.1 % ، فكسر الباوند دولار مستوى قياسي جديد عند النقطة 2.0000 :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وفي 20 آذار مارس 2007 أتى مؤشر أسعار المستهلكين الشهري الكندي على ارتفاع كبير بلغ 0.7 % ، وبالتالي انعكس ارتفاعاً كبيراً على الدولار الكندي وبالتالي هبوط الزوج دولار أمريكي / دولار كندي كما هو مبين في الشارت :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مؤشر أسعار المستهلكين للدول الرئيسية الثمان لعام 2007 : الولايات المتحدة ، أوروبا ، المملكة المتحدة ، سويسرا ، كندا ،اليابان ، أستراليا ، ونيوزيلندا :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مؤشر أسعار المنتجين Producer Price Index :

يقيس مؤشر أسعار المنتجين متوسط التغير السعري في مجموعةثابتة من البضائع التي تعرض في الأسواق من قبل المنتجين ، على عكس مؤشر أسعار المستهلكين الذي يقيس البضائع التي تطلب في الأسواق من قبل المستهلكين .

ويتتبع المحللون مؤشرأسعار المنتجين لاعتباره أحد الأدوات الأساسية لقياس التضخم في الاقتصاد ويعتبرمهماً لكونه يعبر عن التغيرات السعرية التي تحدث في القطاع الإنتاجي ، ولكنه يعتبر أيضاً أقل أهمية وقدرة من مؤشر المستهلكين على تحديد مستوى الأسعار .
وكما هوالحال بالنسبة لمؤشر أسعار المستهلكين فإنه يفضل أن يستثنى منه أسعار الطاقة لأنهاشديدة التغير ، ويطلق عليه حينئذ مؤشر أسعار المنتجين النواتي Core Producer Price Index .

إن دراسة هذا المؤشر تسمح بمعرفة فيما إذا كان هناك ضغوط من ناحية التضخم على الاقتصاد أم لا وفيما إذا كان مستوى التضخم يرتفع أو ينخفض . وارتفاع هذا المؤشر يدل على أن مؤشر أسعار المستهلكين سيرتفع أيضاً ( يحدث ذلك على المدى الطويل وليس شرطاً أن يحدث في نفس الوقت ، وذلك لوجود علاقة غير مباشرة بين المؤشرين ) ، وبالتالي فإن أسعارالفوائد سترتفع على المدى القريب مما يكسب العملة قوة مقابل العملات الأخرى ، معالأخذ بعين الاعتبار أن ارتفاع التضخم قد يضعف ثقة المستهلك في الاقتصاد وبالتاليفي العملة .

مبيعات التجزئة Retail Sales :

اعتبر الرقم القياسي لأسعار التجزئة هو الأكثر مغزى في الدلالة على ما يحدث من تغير في قيمة النقود أو قوتها الشرائية ، وذلك لأنه يرتبط بسلع وخدمات تهم بصفة مباشرة كل فرد من أفراد المجتمع بلا استثناء ، فضلاً عن دلالته الواضحة على ما يحدث من تغير في نفقات المعيشة من وقت إلى آخر .

ومبيعات التجزئة هي عبارة عن كمية البضائع المباعة في متاجرالتجزئة ( المفرق ) ، وتعكس التغيرات الشهرية للمؤشر مدى التغير في نسبة المبيعات ، ويتتبع المحللون الاقتصاديون هذا البيان كونه يعبر بشكل كبير عن إنفاق المستهلكين .

وتأتي أهمية هذا البيان أيضاً من كونه مؤشراً قوياً لأنه يعبر عن نصف المبلغ الذي ينفقه المستهلكون ، كما يعبر عن مدى التطور في ثلث القطاعاتالاقتصادية . وغالباً ما يستثني المحللون مبيعات السيارات لكونها شديدة التغير ولا تمثل بشكل فعلي ارتفاع أو انخفاض إنفاق المستهلكين .

وفي مثال على تأثير مؤشر مبيعات التجزئة على حركة العملات ، فإن ارتفاعاً في المبيعات سوف يؤثر إيجاباً على العملة والعكس صحيح . ففي 15 شباط فبراير 2007 جاء مؤشر مبيعات التجزئة الشهري البريطاني على هبوط حاد كما هو مبين في الصورة ، مما أدى إلى هبوط الباوند دولار بشكل كبير :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



عرض البوم صور snowwhite  
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25-07-2014, 10:00 PM
snowwhite snowwhite غير متواجد حالياً
عضو متميز
افتراضي رد: ~*¤ô§ô¤*~ *مكتبة حلقــــــات اقتصاديــــة فى التحليل الأساسى -*~*¤ô§ô¤*~

سلسلة حلقات اقتصادية – الحلقة 5 : قيمة النقود والمستوى العام للأسعار



قيمة النقود :

يطلق اصطلاح قيمة النقود على معان متعددة يختلف كل منها عن الآخر :
أولاً ، السبب الذي تقبل من أجله النقود في التعامل ، أو الأساس الذي يجعل للنقود قبولاً في الحياة الاقتصادية
.
ثانياً ، القيمة التنظيمية أو الشرعية للنقود . ويقصد بذلك قيمة النقود في النظام النقدي الداخلي ، فلكل نظام نقدي قاعدة نقدية لها وحدات قياس رئيسية تتمثل في وحدات النقد المتداولة والتي تتمتع بخاصيتي القانونية والنهائية ( اللتان تم الحديث عنهما في الحلقة 3 ) .

ثالثاً ، القيمة الخارجية للنقود ، أي نسبة المبادلة بين العملة الوطنية والعملة الأجنبية ، وهو ما يعرف بسعر الصرف Exchange Rate . و يبين سعر الصرف قيمة النقود في النطاق الدولي أو الخارجي ، وهذه القيمة الخارجية تحدد مقدرة النقود على شراء السلع الأجنبية . وأسعار الصرف ، سواء أكانت ثابتة أو متغيرة ، تعتبر مؤشرات للقوة الشرائية للنقود الوطنية في الاقتصاد العالمي ، ويمكن أن يؤثر التغير في القيمة الخارجية للنقود على القوة الشرائية الداخلية لها .

وتتوقف القيمة الخارجية للعملة على القرار السياسي الذي تتخذه السلطات العامة تحت تأثير الكثير من العوامل الاقتصادية ، وخاصة ما يتعلق منها بالعجز أو الفائض في ميزان المدفوعات أو بهدف مكافحة التضخم ، أو لتشجيع الصادرات أو الواردات . وهناك علاقة وثيقة بين قيمة العملة الداخلية وقيمتها الخارجية ، فغالبية الاقتصاديات أصبحت مندمجة في الاقتصاد العالمي من خلال التجارة الخارجية وحركات رؤوس الأموال . وفي كثير من الأحيان يكون تأثير العوامل الخارجية على قيمة العملة الداخلية أقوى بكثير من تأثير العوامل الداخلية .

رابعاً ، القيمة الداخلية للنقود والمتمثلة في قوتها الشرائية . وينطبق مفهوم القيمة على الكمية الحقيقة للنقود وليست الكمية الاسمية ( فكمية النقود الاسمية تعني الكمية المعبر عنها بوحدات النقد المستخدمة كالدولار والباوند وغيرها ) ، ويقصد بقيمة النقود الحقيقية قدرتها على أن تتبادل في السوق مقابل كمية ما من المنتجات من سلع وخدمات .

الأسعار المطلقة والأسعار النسبية :

هناك نوعين من الأسعار : الأسعار النسبية أو الحقيقية Relative Prices ، والأسعار المطلقة أو النقدية
Nominal Prices

وتعبر الأسعار النسبية عن قيمة المبادلة المباشرة بين السلع ، أي تمثل أسعار السلع الاقتصادية من خلال علاقاتها التبادلية . ومجموع القيم الناتجة عن العلاقات التبادلية بين السلع والخدمات تكوّن هيكل الأسعار في الاقتصاد القومي .
والتغيرات في الأسعار النسبية أو نسب المبادلة بين السلع والخدمات تؤثر في سلوك الأشخاص الاقتصادية وقدراتها ، وترتب تعديلات كثيرة في توزيع الدخل ، وفي دورة الإنتاج والاستهلاك ، وفي عملية تخصيص الموارد .

أما التغير في الأسعار المطلقة - وعلى عكس التغير في الأسعار النسبية – فهو لا يؤثر في الحياة الاقتصادية . فزيادة كافة أسعار السلع والخدمات دون تغير في نسب المبادلة فيما بينها لا يترتب عليها إعادة توزيع الثروة بين الأشخاص الاقتصادية . كما أن التحديد الشامل لقيمة النقود ، لا يستطيع أن يبين لنا ما هي السلع والخدمات التي تضاعفت أسعارها ، وتلك التي انخفضت أسعارها ، وأخيراً تلك التي بقيت أسعارها ثابتة ، فنحن نعبر عن كافة أسعار السلع والخدمات من خلال نموذج عام ومجرد هو المستوى العام للأسعار .

هناك علاقة وثيقة بين التغيرات التي تحدث في الأسعار المطلقة وما يترتب على ذلك من تقلبات في قيمة النقود والمستوى العام للأسعار ، وبين التغيرات التي تحدث في الأسعار النسبية . فالتغيرات في الأسعار المطلقة أو النقدية تتضمن اختلالات أساسية في العلاقات بين الأسعار النسبية لمختلف مجموعات السلع والخدمات المكونة للمستوى العام للأسعار ، ويتبلور ذلك بصورة واضحة في العلاقة بين دخل العمل ، أي الأجور وبين أسعار السلع الاستهلاكية .

قياس تغيرات قيمة النقود :

بما أن مدى ما تحكمه النقود من كميات السلع في المبادلة إنما يتوقف على مستوى الأسعار ، فإن هناك علاقة بين تغير مستوى الأسعار وتغير قيمة النقود ، ومن البديهي أن تغير مستوى الأسعار في اتجاه معين إنما يعني تغير قيمة النقود أو قوتها الشرائية في الاتجاه العكسي ، وذلك طالما أنه يترتب على زيادة الأسعار نقص كمية المنتجات التي تتبادل في مقابلها الوحدة من النقود ، وبالتالي نقص قيمة هذه الوحدة أو قوتها الشرائية ، كما أنه يترتب على انخفاض الأسعار زيادة كمية المنتجات التي تتبادل في مقابلها الوحدة من النقود ومن ثم زيادة قيمتها أو قوتها الشرائية .

ويتعين هنا التفرقة بين نوعين من التغير في الأسعار ، أولاً ، التغير في المستوى النسبي للأسعار ، والذي يقصد به ما يحدث من تغير في سعر سلعة أو خدمة بالنسبة إلى أسعار السلع والخدمات الأخرى . ثانياً ، التغير في المستوى العام للأسعار والذي يعني تغير أسعار السلع والخدمات في مجموعها وبصفة عامة . وهذا هو التغير المقصود عند الكلام عن قيمة النقود وما يطرأ عليها من تغير .

إن المسألة تتوقف على الغرض الذي نقصده من بحث قيمة النقود ، فقد نقصد معرفة تغير القوة الشرائية للأفراد بصفتهم مستهلكين ( أسعار التجزئة ) ، كما قد نهتم بمعرفة تغيرات القوة الشرائية للنقود في أسواق الجملة ، كذلك قد نقصد إلى معرفة تغير القوة الشرائية للنقود بالنسبة لسلع الاستهلاك ولسلع الإنتاج التي تم خلقها خلال الفترة الجارية ، وقد نقصد إلى معرفة تغير القوة الشرائية للنقود بالنسبة لسلع السوق الداخلي ، أي السلع التي لا تدخل في التجارة الدولية ، وقد يدور البحث حول معرفة قوتها الشرائية بالنسبة للسلع الداخلة في نطاق التبادل الدولي .

ويترتب على أنه لا يوجد مستوى واحد للأسعار ، بل أنواع مختلفة من مستويات الأسعار تتعدد طبقاً لتعدد وتنوع الأغراض المتوخاة من دراسة قيمة النقود . وما يهمنا نحن في بحثنا عن المؤثرات الاقتصادية على حركة العملات هو قيمة العملة في نطاق التبادل الدولي .

ولكن كيف تقاس تغيرات قيمة النقود ؟ وكيف نحدد إن كانت قد ارتفعت أو انخفضت في فترة ما بالنسبة لما كانت عليه في فترة أخرى ؟ لمعرفة ذلك يلجأ الاقتصاديون لما يعرف باسم الأرقام القياسية للأسعار .

الأرقام القياسية للأسعار :

يمكن تعريف الأرقام القياسية indexبأنها عبارة عن ملخص التغيير النسبي في أسعار مجموعة معينة من السلع خلال فترة أو فترات مختلفة ، بالقياس إلى ما كان عليه ذلك المستوى في فترة سابقة تتخذ أساساً للمقارنة ، ويطلق عليها فترة الأساس . ولما كان من المألوف أن نعبر عن التغير النسبي في سعر أية سلعة من السلع بتكوين نسبة مئوية بين سعرها في وقت معين وسعرها في وقت آخر يتخذ أساساً للقياس أو 100 % ، فإن في الإمكان تركيب رقم قياسي لأسعار مجموعة من السلع باستخراج متوسط إحصائي لهذه الأرقام النسبية للأسعار ، وتعرف اصطلاحاً بمناسيب الأسعار .

وللوصول إلى حساب وتركيب الأرقام القياسية للأسعار يجب اتباع عدة خطوات نذكرها بإيجاز فيما يلي :
أ‌- اختيار السلع المراد حساب التغير النسبي في مستوى سعرها .
ب‌- اختيار فترة معينة تعتبر فترة الأساس ( حيث الأسعار تساوي 100 % ) حيث تقارن الأسعار في فترة أو فترات أخرى بالأسعار التي سادت فيها .
ت‌- يتم حساب الرقم القياسي بقسمة ثمن السلعة في الفترة المراد بيان التغير فيها على ثمنها في فترة الأساس وأن نضرب في 100 . ويعرف هذا الثمن الأخير بمنسوب السعر وذلك للدلالة على نسبته إلى ثمن فترة الأساس وعلى أنه ليس سعراً حقيقياً ، وبالطريقة نفسها نحصل أيضاً على مناسيب سعر كل سلعة من السلع الأخرى في كل فترة من فترات المقارنة .

مثلاً :
في سنة الأساس 2000 كان سعر السلعة (ب) 8 دولارات ، وفي العام التالي صار سعرها 8.5 دولارات مع بقاء كمية الاستهلاك هي نفسها . بقسمة ثمن السلعة في العام 2001 على ثمنها في فترة الأساس وضربها بـ 100 يكون الناتج 106.25 ، ويكون سعرها قد ارتفع 6.25 % .

وإذا ما أردنا أخذ عدد من السلع الاستهلاكية في سنة الأساس 2000 لا بد من احتساب كميات استهلاكها أيضاً ، وتساوي : (أ) 0.1 دولار ل 140 قطعة ، (ب) 8 دولارات ل 15 قطعة ، (ج) 0.75 دولار ل 88 قطعة ، وهو ما مجموعه 200 دولار .
في السنة التالية أصبحت أسعار نفس السلع مع بقاء كميات استهلاكها على حاله تساوي : (أ) 0.05 دولار ، (ب) 8.5 دولار ، (ج) 0.8 دولار ، وهو ما مجموعه يساوي 204.9 دولار .
204.9 – 200 = 4.9 دولار ( الارتفاع المطلق للأسعار) ، أما الارتفاع النسبي أو الحقيقي فيساوي ( 204.9 - 200 / 200 ) * 100 = 2.45% عن سنة الأساس 2000 .

مؤشر أسعار المستهلكين Consumer Price Index :

عند احتساب مستوى الأسعار ( مؤشر أسعار المستهلكين ) لأي دولة فإن قائمة طويلة جداً من الأسعار الاستهلاكية يتم احتساب أسعارها للوصول إلى الرقم الذي نشاهده نحن في رزنامة الأخبار الاقتصادية ، وقد يتم احتساب الرقم السنوي أو الرقم الشهري .
وهناك مؤشر رديف لمستوى أسعار المستهلكين أيضاً حيث يتم استبعاد أسعار السلع الغذائية والطاقة وهو ما يعرف بمؤشر أسعار المستهلكين النواتي Core Consumer Price Index ، وهو الأكثر تعبيراً عن حقيقة مستوى الأسعار .

ما هو تأثير مؤشر أسعار المستهلكين على حركة العملات ؟
مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين ترتفع أسعار السلع والخدمات ، وينعكس ذلك بالتالي على سعر العملة ارتفاعاً ، ولكن لماذا يرتفع سعر العملة ؟ هنا لا يتعلق الأمر بأسعار المستهلكين مباشرة وذلك لأن ارتفاع الأسعار سينعكس انخفاضاً في قيمة العملة ، إنما يرتبط الارتفاع في سعر العملة هنا بمستقبل التضخم وأسعار الفوائد التي سنتحدث عنها في حلقات قادمة بإذن الله .

إذا نظرنا إلى الشارت المرفق للباوند دولار ومؤشر الأسعار الحقيقي للمملكة المتحدة لسنة الأساس 1973 ، وحتى عام 2003 ، فإننا نلاحظ بوضوح ارتفاع مستوى الأسعار الحقيقي في ترند تصاعدي ، كما نلاحظ ارتفاع سعر الصرف في ترند تصاعدي مرافق ، والفجوات الهبوطية للباوند هي نتيجة دخول عوامل أخرى قوية أيضاً :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أما إذا أردنا رؤية التأثير القصير المدى على الحركة ، فنأخذ أيضاً الباوند كمثال : في 17 نيسان إبريل 2007 ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين السنوي البريطاني 3.1 % ، فكسر الباوند دولار مستوى قياسي جديد عند النقطة 2.0000 :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وفي 20 آذار مارس 2007 أتى مؤشر أسعار المستهلكين الشهري الكندي على ارتفاع كبير بلغ 0.7 % ، وبالتالي انعكس ارتفاعاً كبيراً على الدولار الكندي وبالتالي هبوط الزوج دولار أمريكي / دولار كندي كما هو مبين في الشارت :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مؤشر أسعار المستهلكين للدول الرئيسية الثمان لعام 2007 : الولايات المتحدة ، أوروبا ، المملكة المتحدة ، سويسرا ، كندا ،اليابان ، أستراليا ، ونيوزيلندا :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مؤشر أسعار المنتجين Producer Price Index :

يقيس مؤشر أسعار المنتجين متوسط التغير السعري في مجموعةثابتة من البضائع التي تعرض في الأسواق من قبل المنتجين ، على عكس مؤشر أسعار المستهلكين الذي يقيس البضائع التي تطلب في الأسواق من قبل المستهلكين .

ويتتبع المحللون مؤشرأسعار المنتجين لاعتباره أحد الأدوات الأساسية لقياس التضخم في الاقتصاد ويعتبرمهماً لكونه يعبر عن التغيرات السعرية التي تحدث في القطاع الإنتاجي ، ولكنه يعتبر أيضاً أقل أهمية وقدرة من مؤشر المستهلكين على تحديد مستوى الأسعار .
وكما هوالحال بالنسبة لمؤشر أسعار المستهلكين فإنه يفضل أن يستثنى منه أسعار الطاقة لأنهاشديدة التغير ، ويطلق عليه حينئذ مؤشر أسعار المنتجين النواتي Core Producer Price Index .

إن دراسة هذا المؤشر تسمح بمعرفة فيما إذا كان هناك ضغوط من ناحية التضخم على الاقتصاد أم لا وفيما إذا كان مستوى التضخم يرتفع أو ينخفض . وارتفاع هذا المؤشر يدل على أن مؤشر أسعار المستهلكين سيرتفع أيضاً ( يحدث ذلك على المدى الطويل وليس شرطاً أن يحدث في نفس الوقت ، وذلك لوجود علاقة غير مباشرة بين المؤشرين ) ، وبالتالي فإن أسعارالفوائد سترتفع على المدى القريب مما يكسب العملة قوة مقابل العملات الأخرى ، معالأخذ بعين الاعتبار أن ارتفاع التضخم قد يضعف ثقة المستهلك في الاقتصاد وبالتاليفي العملة .

مبيعات التجزئة Retail Sales :

اعتبر الرقم القياسي لأسعار التجزئة هو الأكثر مغزى في الدلالة على ما يحدث من تغير في قيمة النقود أو قوتها الشرائية ، وذلك لأنه يرتبط بسلع وخدمات تهم بصفة مباشرة كل فرد من أفراد المجتمع بلا استثناء ، فضلاً عن دلالته الواضحة على ما يحدث من تغير في نفقات المعيشة من وقت إلى آخر .

ومبيعات التجزئة هي عبارة عن كمية البضائع المباعة في متاجرالتجزئة ( المفرق ) ، وتعكس التغيرات الشهرية للمؤشر مدى التغير في نسبة المبيعات ، ويتتبع المحللون الاقتصاديون هذا البيان كونه يعبر بشكل كبير عن إنفاق المستهلكين .

وتأتي أهمية هذا البيان أيضاً من كونه مؤشراً قوياً لأنه يعبر عن نصف المبلغ الذي ينفقه المستهلكون ، كما يعبر عن مدى التطور في ثلث القطاعاتالاقتصادية . وغالباً ما يستثني المحللون مبيعات السيارات لكونها شديدة التغير ولا تمثل بشكل فعلي ارتفاع أو انخفاض إنفاق المستهلكين .

وفي مثال على تأثير مؤشر مبيعات التجزئة على حركة العملات ، فإن ارتفاعاً في المبيعات سوف يؤثر إيجاباً على العملة والعكس صحيح . ففي 15 شباط فبراير 2007 جاء مؤشر مبيعات التجزئة الشهري البريطاني على هبوط حاد كما هو مبين في الصورة ، مما أدى إلى هبوط الباوند دولار بشكل كبير :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




رد مع اقتباس