عرض مشاركة واحدة
قديم 18-01-2015, 07:21 PM   المشاركة رقم: 2
الكاتب
seragsamy
مشرف
الصورة الرمزية seragsamy

البيانات
تاريخ التسجيل: Jun 2010
رقم العضوية: 594
المشاركات: 12,894
بمعدل : 2.54 يوميا

الإتصالات
الحالة:
seragsamy متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : seragsamy المنتدى : ارشيف المواضيع التعليمية
افتراضي رد: ماهي النقود....شرح متكامل

ماهي النقود؟ الحلقة الثانية (سرقة الأمم)

يحكى يا سادة يا كرام أنه في سالف العصور والأزمان في مكان ما خلف المحيطات والصحاري الشاسعة كان هناك جزيرتان نائيتان متجاورتان يستوطنهما شعبان من أطيب شعوب العالم وأكثرها تعاوناً ومحبة. كانت الجزيرة الأولى تسمى (نايا) ويسكنها قبيلة تعرف باسم (سوكو)، بينما يطلق على الجزيرة الثانية اسم (بايا) وتقطنها قبيلة تسمى (توكو).

كانت جزيرة نايا مليئة بالخضرة والثمار الإستوائية، والأنهار العذبة التي كانت مصدراً للمياه المنعشة، والشلالات التي كانت تعد مكاناً رائعاً للاستجمام، كما أن الشواطيء المحيطة بالجزيرة كانت نظيفة جدا وغنية بالثروة السمكية، إضافة إلى هذا فإن الجزيرة كانت غنية بالذهب الذي كان يستخدمه زعيم القبيلة ساكا لصك النقود الذهبية التي تسهل عملية التبادل التجاري بين أفراد القبيلة، كما أن النساء كن يستخدمنه للزينة. كان سكان الجزيرة يعيشون حياة بسيطة مليئة بالتعاون والمحبة، فلا مكان للشجع ولا للطمع، ولا مكان للقروض الربوية التي ترهق كاهل المدينين بالفوائد المتراكمة، بل كانوا متسامحين، متعاونين ومتحابين.

في الجهة المقابلة لجزيرة نايا كانت تقع جزيرة بايا التي تقطنها قبيلة توكو التي يعمل بعض أفرادها في زراعة الأرز وتربية الدواجن والماشية، بينما يعمل البعض الأخر في الحرف اليدوية والصناعات المختلفة. كانت حياة أفراد قبيلة التوكو أيضا مليئة بالتعاون والتسامح، لكن قبيلة التوكو كانت تعتمد على نظام المقايضة في تبادل المنتجات فيما بينهم مما جعلهم أقل تقدما من جيرانهم قبيلة السوكو، إذ أنه على الرغم من حدوث العديد من عمليات المقايضة بين الجزيرتين إلا أن التوكو لم يخطر ببالهم يوما أن يستخدموا النقود لتسهيل عمليات التبادل التجاري.

وفي يوم من أيام الصيف الدافئة، وصل رجلان غريبان إلى شواطيء جزيرة نايا على قارب خشبي، يدعى الأول (جاجو) بينما الثاني يسمى بـ (ساجو)، استقبل أفراد السوكو الضيفين الغريبين بكرم وسخاء مبالغٍ فيه. قام جاجو وساجو بسرد الكثير من القصص والمغامرات التي مرا بها خلال رحلتهما، كما أنهم عرضوا على أفراد القبيلة عملات مختلفة ذهبية وورقية تستخدها بلدان مختلفة حول العالم. كانت هذه المرة الأولى التي يرى فيها أفراد السوكو العملة الورقية مما جعلهم ينبهرون بشكلها خصوصا وأن عليها صورة فاكهتهم المفضلة (الموز). كما عرض جاجو وساجو على أفراد القبيلة آلة طباعة النقود مما زاد من دهشتهم. أحب أفراد قبيلة السوكو الضيفين وطلبوا منهما البقاء على الجزيرة ومشاركتهم الحياة فيها. قام جاجو وساجو بداية بإقناع أفراد قبيلة السوكو بأهمية نظام الوساطة المالية (البنك) وأثره على حياتهم وعلى اقتصادهم، ثم اقترحا إنشاء بنك على الجزيرة وذلك حتى يعم النفع عليهم جميعا، إذ أن البنك سيزيد من مستوى التعاون بين أفراد القبيلة من حيث أنه سيحتفظ بالذهب الذي في حوزة الأهالي ويوفر السيولة اللازمة لمن يحتاجها، لم يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى اقتنع سكان جزيرة النايا بفكرة البنك وذلك اعتقادا منهم أنها فكرة جيدة لمساعدة الآخرين. قام جاجو وساجو بإنشاء بناء صغير ذي قبو، يتوسطه خزنة لحفظ الذهب، وبذلك أنشأ الإثنان أول بنك على جزيرة النايا. احتفل سكان الجزيرة بهذه المناسبة ليال عديدة قام خلالها السكان بإيداع ما بحوزتهم من ذهب في البنك، وحصل المودعون على أوراق نقدية ملونة طبع عليها صورة زعيمهم ساكا وخلفه شجرة الموز (ورقة نقدية واحدة مقابل كل قطعة ذهب يتم ايداعها) على أن تكون الأوراق النقدية قابلة للتحويل إلى ذهب مرة ثانية في حالة رغبة المودع بهذا.

قام السكان بإيداع كافة القطع الذهبية التي كانت في حوزتهم (مئة ألف قطعة ذهبية) لدى البنك، وحصلوا على مئة ألف ورقة نقدية. استخدم الناس النقود الورقية فوجدوها تمتاز بخفة وزنها وسهولة حملها مقارنة بالقطع الذهبية، مما جعل الأوراق النقدية التي تم اصدارها من قبل جاجو وساجو هي العملة السائدة المستخدمة في الجزيرة، إذ قلما تجد أحداً يتداول القطع الذهبية. كان الناس سعداء جدا بهذه الأوراق النقدية، وكانت ثقتهم قوية بها إذ كلما ذهب أحدهم إلى البنك ليحصل على بعض القطع الذهبية مقابل الأوراق النقدية، فإن طلبه كان يجاب بسرعة، مما جعل لجاجو وساجو احتراماً كبيراً وهيبةً لدى السكان.

سمع سكان الجزيرة المقابلة (جزيرة البايا) عن الأوراق النقدية التي يطبعها جاجو وساجو لجيرانهم في الجزيرة المجاورة، وسمعوا عن أثرها على معيشة الناس وكيف أنها جعلت حياتهم أكثر راحة وسهولة ، مما جعل أفراد التوكو يطلبون مساعدة جاجو وساجو للحصول على أوراق نقدية أيضا. لم يتردد جاجو وساجو بمساعدة التوكو للحصول على ما يريدون، فعمدا إلى إنشاء مبنى (بنك) مماثل للمبنى الموجود في الجزيرة المجاورة وبدأ ساجو بإدارة البنك. كان الفرق بين الجزيرتين هو أن التوكو لم يكن لديهم أي قطع ذهبية لايداعها لدى البنك على عكس السوكو، مما جعل ساجو يشترط على أفراد التوكو أنه مقابل كل ألف ورقة نقدية تعطى لكل عائلة يجب إعادة ألف ومئة ورقة في نهاية السنة (زيادة الـ 10% لتغطية رسوم الخدمة المقدمة). وافق التوكو على شرط ساجو وبدأت طباعة الأوراق النقدية، كان يسكن الجزيرة مئة عائلة مما يعني طباعة مئة ألف ورقة. أحس التوكو بالفرق الكبير مع وجود الأوراق النقدية، حيث صارت تبادلاتهم التجارية أكثر سهولة وكفاءة مقارنةً بنظام المقايضة الذي يعمل به سابقاً، حيث أنهم صاروا يقضون وقتا أقصر في البحث عمن يبيعون ويشترون منه، كما أنه صار بإمكانهم التخصص بالمهن التي يتقنونها، بالمقابل فإن اقتصادهم بدأ ينمو بسرعة أكبر مما كان عليه سابقاً.

الآن حانت اللحظة الحاسمة ليطبق جاجو وساجو خطتهم لبسط سيطرتهم ونفوذهم على الجزيرتين، إذ أنه بناءً على ما لاحظاه فإن سكان جزيرة نايا (السوكو) لا يستبدلون أكثر من 10% من القطع الذهبية التي في خزينة البنك، مما يعني أن 90% من القطع الذهبية تبقى دائماً موجودة في خزينة البنك، مما يعني أن بإمكانهم طباعة المزيد من الأوراق النقدية من غير أن يلاحظ أفراد قبيلة السوكو ذلك. قام الإثنان بطباعة 900,000 ورقة نقدية وضخها بصورة قروض لمن يحتاج من السوكو مقابل فائدة وقدرها 15% من قيمة القرض، مما يعني وجود مليون ورقة نقدية موجودة في أيدي السوكو، فلو قام أفراد السوكو بالمطالبة بقطعهم الذهبية مقابل ما بأيديهم من أوراق نقدية فإن المئة ألف قطعة ذهبية التي تشكل 10% من كمية الأوراق النقدية المتداولة موجودة في خزانة البنك وهي جاهزة للاستبدال. (بهذه الطريقة يقوم البنك بإقراض الناس، يتم خلق النقود من ودائع الناس فالألف يتولد عنها آلاف).

لاحظ أفراد السوكو ارتفاع الأسعار المفاجئ من غير أن يعرفوا السبب، كما أن بعض الذين قاموا باستدانة النقود من جاجو وساجو تعثروا في السداد رغم عملهم بجد لتأمين الـ 15% (الفوائد). مما جعل حياة السوكو مليئة بالضغوط النفسية، فالكل يريد أن يجني الأوراق النقدية ليسدد ما اقترضه أو ليحسن مستوى معيشته خصوصاً مع ارتفاع الأسعار. (يجب ملاحظة أن الفوائد على النقود التي تم اقراضها غير موجودة أًصلا في الواقع، إن ماتم إقراضه للسوكو هو 900,000 مقابل فائدة وقدرها 15%، مما يعني أن ما يجب على أفراد السوكو رده هو 900,000+ 135,000= 1,035,000 ورقة نقدية، لكن الكمية المعروضة من النقود هي فقط مليون قطعة مما يعني أن 35,000 ورقة نقدية غير موجودة، فكيف سيتم سدادها؟؟ لابد أن يتعثر بعض أفراد السوكو).
في المقابل فإن أفراد التوكو لم يلحظوا زيادة في الأسعار، لكن تعاملاتهم فيما بينهم تغيرت، فظهر بينهم الجشع والطمع، إذ أن الكل يريد العمل بكل طاقته للحصول على المال الكافي لسداد ديونه للبنك، على الرغم من كل هذا فإن بعضهم كان يتعثر عن سداد دينه.

الآن بدأ جاجو وساجو يجنيان الثروة الحقيقة من المتعثرين كالأراضي، والمواشي وغير ذلك. حتى أن قائد قبيلة التوكو (تاكا) تعثر في قرضه مما جعل البنك يقوم بإعادة جدولة الدين وإعطائه قرضا جديدا لتسيير أعماله، لكنه تعثر مرات ومرات حتى صار لا يستطيع النظر في عيون ساجو، فصار يتحاشى لقاء ساجو، إذ أنه يوما عن يوم صار يفقد هيبته ومكانته في الجزيرة مقابل ساجو الذي بدأ يزداد ثراءاً وهيبةً يوماً بعد يوم.

بعد عدة سنوات أصبح جاجو وساجو (الضيفان اللذان جاءا إلى جزيرة نايا مع آلة طباعة النقود) يملكان معظم الأراضي والممتلكات في جزيرتي نايا وبايا، وتحول أفراد القبيلتين إلى مجرد عمال لديهما، وصار الكثير منهم فقراء، ويعملون لساعات طويلة للحصول على لقمة العيش. لم يعد لديهم وقت كاف للعائلة والأصدقاء أو حتى للعبادة، كما أن المشاكل الاجتماعية والجرائم بدأت بالإنتشار فيما بينهم. تحول مجتمعهم اللطيف إلى مجتمع متوحش، يأكل بعضهم حقوق بعض من أجل البقاء على قيد الحياة. هكذا كانت نهاية قصة السوكو والتاكا القبيلتان اللتان عاشتا في إلفة وتعاون ومحبة قبل قدوم البنك إلى أرضهما.

لم يتوقف جاجو وساجو عن عملهما، بل استمر الإثنان على نفس المنوال منتقلين من بلد إلى آخر، ومن مجتمع إلى مجتمع، ساعين لتحقيق حلمهم الأكبر وهو السيطرة على العالم كله، وذلك من خلال إنشاء بنك عالمي يديرانه، إضافة إلى استصدار عملة ورقية موحدة تجمع كل بلدان العالم.



التوقيع

يمكنك الحصول علي أعلي ربح من الكاش باك الخاص بك أنت وأصدقائك عبر التسجيل في الرابط التالي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور seragsamy  
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-01-2015, 07:21 PM
seragsamy seragsamy متواجد حالياً
مشرف
افتراضي رد: ماهي النقود....شرح متكامل

ماهي النقود؟ الحلقة الثانية (سرقة الأمم)

يحكى يا سادة يا كرام أنه في سالف العصور والأزمان في مكان ما خلف المحيطات والصحاري الشاسعة كان هناك جزيرتان نائيتان متجاورتان يستوطنهما شعبان من أطيب شعوب العالم وأكثرها تعاوناً ومحبة. كانت الجزيرة الأولى تسمى (نايا) ويسكنها قبيلة تعرف باسم (سوكو)، بينما يطلق على الجزيرة الثانية اسم (بايا) وتقطنها قبيلة تسمى (توكو).

كانت جزيرة نايا مليئة بالخضرة والثمار الإستوائية، والأنهار العذبة التي كانت مصدراً للمياه المنعشة، والشلالات التي كانت تعد مكاناً رائعاً للاستجمام، كما أن الشواطيء المحيطة بالجزيرة كانت نظيفة جدا وغنية بالثروة السمكية، إضافة إلى هذا فإن الجزيرة كانت غنية بالذهب الذي كان يستخدمه زعيم القبيلة ساكا لصك النقود الذهبية التي تسهل عملية التبادل التجاري بين أفراد القبيلة، كما أن النساء كن يستخدمنه للزينة. كان سكان الجزيرة يعيشون حياة بسيطة مليئة بالتعاون والمحبة، فلا مكان للشجع ولا للطمع، ولا مكان للقروض الربوية التي ترهق كاهل المدينين بالفوائد المتراكمة، بل كانوا متسامحين، متعاونين ومتحابين.

في الجهة المقابلة لجزيرة نايا كانت تقع جزيرة بايا التي تقطنها قبيلة توكو التي يعمل بعض أفرادها في زراعة الأرز وتربية الدواجن والماشية، بينما يعمل البعض الأخر في الحرف اليدوية والصناعات المختلفة. كانت حياة أفراد قبيلة التوكو أيضا مليئة بالتعاون والتسامح، لكن قبيلة التوكو كانت تعتمد على نظام المقايضة في تبادل المنتجات فيما بينهم مما جعلهم أقل تقدما من جيرانهم قبيلة السوكو، إذ أنه على الرغم من حدوث العديد من عمليات المقايضة بين الجزيرتين إلا أن التوكو لم يخطر ببالهم يوما أن يستخدموا النقود لتسهيل عمليات التبادل التجاري.

وفي يوم من أيام الصيف الدافئة، وصل رجلان غريبان إلى شواطيء جزيرة نايا على قارب خشبي، يدعى الأول (جاجو) بينما الثاني يسمى بـ (ساجو)، استقبل أفراد السوكو الضيفين الغريبين بكرم وسخاء مبالغٍ فيه. قام جاجو وساجو بسرد الكثير من القصص والمغامرات التي مرا بها خلال رحلتهما، كما أنهم عرضوا على أفراد القبيلة عملات مختلفة ذهبية وورقية تستخدها بلدان مختلفة حول العالم. كانت هذه المرة الأولى التي يرى فيها أفراد السوكو العملة الورقية مما جعلهم ينبهرون بشكلها خصوصا وأن عليها صورة فاكهتهم المفضلة (الموز). كما عرض جاجو وساجو على أفراد القبيلة آلة طباعة النقود مما زاد من دهشتهم. أحب أفراد قبيلة السوكو الضيفين وطلبوا منهما البقاء على الجزيرة ومشاركتهم الحياة فيها. قام جاجو وساجو بداية بإقناع أفراد قبيلة السوكو بأهمية نظام الوساطة المالية (البنك) وأثره على حياتهم وعلى اقتصادهم، ثم اقترحا إنشاء بنك على الجزيرة وذلك حتى يعم النفع عليهم جميعا، إذ أن البنك سيزيد من مستوى التعاون بين أفراد القبيلة من حيث أنه سيحتفظ بالذهب الذي في حوزة الأهالي ويوفر السيولة اللازمة لمن يحتاجها، لم يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى اقتنع سكان جزيرة النايا بفكرة البنك وذلك اعتقادا منهم أنها فكرة جيدة لمساعدة الآخرين. قام جاجو وساجو بإنشاء بناء صغير ذي قبو، يتوسطه خزنة لحفظ الذهب، وبذلك أنشأ الإثنان أول بنك على جزيرة النايا. احتفل سكان الجزيرة بهذه المناسبة ليال عديدة قام خلالها السكان بإيداع ما بحوزتهم من ذهب في البنك، وحصل المودعون على أوراق نقدية ملونة طبع عليها صورة زعيمهم ساكا وخلفه شجرة الموز (ورقة نقدية واحدة مقابل كل قطعة ذهب يتم ايداعها) على أن تكون الأوراق النقدية قابلة للتحويل إلى ذهب مرة ثانية في حالة رغبة المودع بهذا.

قام السكان بإيداع كافة القطع الذهبية التي كانت في حوزتهم (مئة ألف قطعة ذهبية) لدى البنك، وحصلوا على مئة ألف ورقة نقدية. استخدم الناس النقود الورقية فوجدوها تمتاز بخفة وزنها وسهولة حملها مقارنة بالقطع الذهبية، مما جعل الأوراق النقدية التي تم اصدارها من قبل جاجو وساجو هي العملة السائدة المستخدمة في الجزيرة، إذ قلما تجد أحداً يتداول القطع الذهبية. كان الناس سعداء جدا بهذه الأوراق النقدية، وكانت ثقتهم قوية بها إذ كلما ذهب أحدهم إلى البنك ليحصل على بعض القطع الذهبية مقابل الأوراق النقدية، فإن طلبه كان يجاب بسرعة، مما جعل لجاجو وساجو احتراماً كبيراً وهيبةً لدى السكان.

سمع سكان الجزيرة المقابلة (جزيرة البايا) عن الأوراق النقدية التي يطبعها جاجو وساجو لجيرانهم في الجزيرة المجاورة، وسمعوا عن أثرها على معيشة الناس وكيف أنها جعلت حياتهم أكثر راحة وسهولة ، مما جعل أفراد التوكو يطلبون مساعدة جاجو وساجو للحصول على أوراق نقدية أيضا. لم يتردد جاجو وساجو بمساعدة التوكو للحصول على ما يريدون، فعمدا إلى إنشاء مبنى (بنك) مماثل للمبنى الموجود في الجزيرة المجاورة وبدأ ساجو بإدارة البنك. كان الفرق بين الجزيرتين هو أن التوكو لم يكن لديهم أي قطع ذهبية لايداعها لدى البنك على عكس السوكو، مما جعل ساجو يشترط على أفراد التوكو أنه مقابل كل ألف ورقة نقدية تعطى لكل عائلة يجب إعادة ألف ومئة ورقة في نهاية السنة (زيادة الـ 10% لتغطية رسوم الخدمة المقدمة). وافق التوكو على شرط ساجو وبدأت طباعة الأوراق النقدية، كان يسكن الجزيرة مئة عائلة مما يعني طباعة مئة ألف ورقة. أحس التوكو بالفرق الكبير مع وجود الأوراق النقدية، حيث صارت تبادلاتهم التجارية أكثر سهولة وكفاءة مقارنةً بنظام المقايضة الذي يعمل به سابقاً، حيث أنهم صاروا يقضون وقتا أقصر في البحث عمن يبيعون ويشترون منه، كما أنه صار بإمكانهم التخصص بالمهن التي يتقنونها، بالمقابل فإن اقتصادهم بدأ ينمو بسرعة أكبر مما كان عليه سابقاً.

الآن حانت اللحظة الحاسمة ليطبق جاجو وساجو خطتهم لبسط سيطرتهم ونفوذهم على الجزيرتين، إذ أنه بناءً على ما لاحظاه فإن سكان جزيرة نايا (السوكو) لا يستبدلون أكثر من 10% من القطع الذهبية التي في خزينة البنك، مما يعني أن 90% من القطع الذهبية تبقى دائماً موجودة في خزينة البنك، مما يعني أن بإمكانهم طباعة المزيد من الأوراق النقدية من غير أن يلاحظ أفراد قبيلة السوكو ذلك. قام الإثنان بطباعة 900,000 ورقة نقدية وضخها بصورة قروض لمن يحتاج من السوكو مقابل فائدة وقدرها 15% من قيمة القرض، مما يعني وجود مليون ورقة نقدية موجودة في أيدي السوكو، فلو قام أفراد السوكو بالمطالبة بقطعهم الذهبية مقابل ما بأيديهم من أوراق نقدية فإن المئة ألف قطعة ذهبية التي تشكل 10% من كمية الأوراق النقدية المتداولة موجودة في خزانة البنك وهي جاهزة للاستبدال. (بهذه الطريقة يقوم البنك بإقراض الناس، يتم خلق النقود من ودائع الناس فالألف يتولد عنها آلاف).

لاحظ أفراد السوكو ارتفاع الأسعار المفاجئ من غير أن يعرفوا السبب، كما أن بعض الذين قاموا باستدانة النقود من جاجو وساجو تعثروا في السداد رغم عملهم بجد لتأمين الـ 15% (الفوائد). مما جعل حياة السوكو مليئة بالضغوط النفسية، فالكل يريد أن يجني الأوراق النقدية ليسدد ما اقترضه أو ليحسن مستوى معيشته خصوصاً مع ارتفاع الأسعار. (يجب ملاحظة أن الفوائد على النقود التي تم اقراضها غير موجودة أًصلا في الواقع، إن ماتم إقراضه للسوكو هو 900,000 مقابل فائدة وقدرها 15%، مما يعني أن ما يجب على أفراد السوكو رده هو 900,000+ 135,000= 1,035,000 ورقة نقدية، لكن الكمية المعروضة من النقود هي فقط مليون قطعة مما يعني أن 35,000 ورقة نقدية غير موجودة، فكيف سيتم سدادها؟؟ لابد أن يتعثر بعض أفراد السوكو).
في المقابل فإن أفراد التوكو لم يلحظوا زيادة في الأسعار، لكن تعاملاتهم فيما بينهم تغيرت، فظهر بينهم الجشع والطمع، إذ أن الكل يريد العمل بكل طاقته للحصول على المال الكافي لسداد ديونه للبنك، على الرغم من كل هذا فإن بعضهم كان يتعثر عن سداد دينه.

الآن بدأ جاجو وساجو يجنيان الثروة الحقيقة من المتعثرين كالأراضي، والمواشي وغير ذلك. حتى أن قائد قبيلة التوكو (تاكا) تعثر في قرضه مما جعل البنك يقوم بإعادة جدولة الدين وإعطائه قرضا جديدا لتسيير أعماله، لكنه تعثر مرات ومرات حتى صار لا يستطيع النظر في عيون ساجو، فصار يتحاشى لقاء ساجو، إذ أنه يوما عن يوم صار يفقد هيبته ومكانته في الجزيرة مقابل ساجو الذي بدأ يزداد ثراءاً وهيبةً يوماً بعد يوم.

بعد عدة سنوات أصبح جاجو وساجو (الضيفان اللذان جاءا إلى جزيرة نايا مع آلة طباعة النقود) يملكان معظم الأراضي والممتلكات في جزيرتي نايا وبايا، وتحول أفراد القبيلتين إلى مجرد عمال لديهما، وصار الكثير منهم فقراء، ويعملون لساعات طويلة للحصول على لقمة العيش. لم يعد لديهم وقت كاف للعائلة والأصدقاء أو حتى للعبادة، كما أن المشاكل الاجتماعية والجرائم بدأت بالإنتشار فيما بينهم. تحول مجتمعهم اللطيف إلى مجتمع متوحش، يأكل بعضهم حقوق بعض من أجل البقاء على قيد الحياة. هكذا كانت نهاية قصة السوكو والتاكا القبيلتان اللتان عاشتا في إلفة وتعاون ومحبة قبل قدوم البنك إلى أرضهما.

لم يتوقف جاجو وساجو عن عملهما، بل استمر الإثنان على نفس المنوال منتقلين من بلد إلى آخر، ومن مجتمع إلى مجتمع، ساعين لتحقيق حلمهم الأكبر وهو السيطرة على العالم كله، وذلك من خلال إنشاء بنك عالمي يديرانه، إضافة إلى استصدار عملة ورقية موحدة تجمع كل بلدان العالم.




رد مع اقتباس