التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
انهيار المعادن الثمينة
شهدت أسواق المعادن الثمينة موجة من البيوع الكبيرة في تداولات الأسواق المالية الدولية، حيث شهدنا انخفاضاً حاداً في كل من سعر الذهب و الفضة و البلاتين كان أكثره حدّة على الفضة. و هذا ما يظهر بأن هنالك عمليات جني أرباح هائلة من قبل مضاربين في السعر السوقي للمعادن الثمينة. إن اتجاه الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الماضي لـ " تعديل السياسات المالية " من خلال استبدال سندات الدين قصيرة الأمد بأخرى طويلة الأمد، حيث قام الفيدرالي بالإعلان عن استبدال سندات تصل قيمتها إلى 400 مليار دولار أمريكي.
إن خطوة الفيدرالي كانت سبباً لتخلّص العديد من المتداولين من أصول تغطية مخاطر انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي في حال أقر الفيدرالي الأمريكي سياسة تخفيف كمي، لكن بما أن الفيدرالي أقر سياسة أخرى غير سياسة التخفيف الكمي، تخلّص المتداولون من تغطيتهم لمخاطر انخفاض الدولار الأمريكي و هذا ما سبب موجة من البيوع، و مع انخفاض السعر اتجه المضاربون أيضاً لبيع أصولهم من المعادن الثمينة و شيئاً فشيئاً حتى حصلت موجة بيع هائلة و قوية.
انخفض سعر الذهب خلال جلسة يوم الجمعة الماضي بمقدار 4.55% و أغلق تداولات الأسبوع الماضي عند سعر 1657.20 دولار للأونصة، فيما انخفض سعر البلاتين بحوالي 4.40% ليغلق تداولات الجمعة عند مستوى 1608.00 دولار. بالنسبة لسعر الفضة، فقد انخفض بشكل هائل فاقداً 13.70% لينهي تداولات الأسبوع الماضي عند مستوى 30.93 دولار.
استمرت موجات البيع الكبيرة هذا اليوم أيضاً، فنرى سعر الذهب اليوم و قد فقد أكثر من 6.00% ليتداول في هذه اللحظات عند سعر 1553.40 دولار للأونصة بانخفاض مقداره 6.26%. بالنسبة لسعر الفضة، فقد انخفض اليوم بحوالي 12.87% عندما تداول في هذه اللحظات عند مستوى 26.95 دولار للأونصة، فيما البلاتين فقد انخفض بمقدار 1477.00 دولار للأونصة. إن تحرك أسواق المعادن الثمينة كبير جداً، و الأسعار المشار لها في هذه الفقرة تقريبية لما كانت عليه حوالي الساعة 02:45 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:45 بتوقيت غرينتش ).
أخيراً انهارت أسواق المعادن الثمينة أمام ثقل الدولار الأمريكي، لكن في الحقيقية كان ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي فقط الحافز الذي سبب هذه الموجة الهابطة الكبيرة، فعندما أقر الفيدرالي " تعديل" سياساته، بدأت موجة جني الأرباح و مع قوّة الدولار الأمريكي بدأ مضاربون في التخلّص من المعادن الثمينة، و هكذا حتّى حصلت موجة بيع مهولة !
في الحقيقة، الحركة الكبيرة في أسواق المعادن الثمينة قد تدفع العديد من شركات صانعة السوق برفع تكاليف الهامش و متطلبات التداول، حتى أن مؤسسة CME قامت برفع تكاليف الهامش بمقدار 21% على الذهب و 16% على الفضة و سوف يبدأ هذا اعتباراً منذ نهاية تداولات هذا اليوم الاثنين، أي منذ بداية تداولات يوم غد.
إن خطوة رفع تكاليف الهامش هذه المرّة قد تكون سبباً لتقليل عمليات البيع على المكشوف، فكما كانت سبباً لتقليل عمليات الشراء في الموجات الصاعدة، فمثل هذه التغيرات قد تجبر المضاربين الذين يقومون باستخدام أساليب البيع على المكشوف في تقليل مراكزهم المالية. بذلك، قد يكون الانخفاض الذي حصل يوم الجمعة الماضي و هذا اليوم هو الانخفاض الأكبر لو قورن في حركات الأسبوع عامة، هذا في حال حصلت موجات هابطة.
في الحقيقة، لا توجد متغيرات اقتصادية تدعم انخفاض أسعار المعادن الثمينة. فأزمة الديون السيادية الأوروبية ما زالت تقلق المتداولين إلى جانب التباطؤ الحاد في الاقتصاد الدولي. لذلك، يجب أن نستوعب بأن ما يحصل في أسواق المعادن الثمينة الآن عبارة عن عمليات جني أرباح هائلة من قبل مضاربين في السعر السوقي و محافظ كبيرة، و قد تعود الأسعار للاستقرار في وقت قريب .