خلال الأسبوع الماضي أصدرت كل من هيئة تداول السلع الآجلة ((CFTC وهيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) تحذيرا واضحا حول ما اعتبرته مخاطر مرتبطة بتداول الخيارات الثنائية خارج البورصة (OTC) حيث رأتها أسلوب تداول غير قانوني بحسب التشريعات الأمريكية.
هيئات التنظيم المشار إليها سعت من خلال تحذيرها الواضح والمفصل, والذي تم نشره على مواقعها الرسمية, إلى إيصال رسالتها المقصود بها لفت انتباه المستثمرين الأمريكيين ومحاولة دفعهم لتجنب الانخراط في تداول الخيارات الثنائية خارج المقصورة.
القرار الأخير جاء متناغما مع صلاحيات هيئات التنظيم الأمريكية والتي يفوضها القانون في الإشارة إلى التجاوزات القانونية المحتملة واخذ زمام المبادرة فيما يتعلق بالحفاظ على مصالح المستثمرين. وفى سياق هذا النهج الاستباقي وجهت كلا الهيئتين اتهامات إلى شركة محددة تعمل في مجال الوساطة بالخيارات الثنائية, وهى بنك دي بيناري, بالسعي نحو اجتذاب عملاء من الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
الاختيار بين التداولات داخل البورصة وخارج المقصورة؟
بنك دي بيناري قررت إيقاف قبولها لأية عملاء من الولايات المتحدة وذلك كنتيجة مباشرة للاتهامات التي وجهت إليها من قبل الهيئات التنظيمية. احد ممثلي الشركة أوضح إلى موقع فوركس ماجنتيس لابحاث السوق في اتصال معه اليوم أن بنك دي بيناري لا تقبل بتاتا أي عملاء خاضعين للولاية القضائية الأمريكية, وهو الأمر الذي يبدو متناقضا بشكل واضح مع الدعاية المكثفة التي كانت تقوم بها الشركة لاجتذاب عملاء أمريكيين, وهو الأمر الذي على ما يبدو نجحت فيه للدرجة التي لفتت انتباه هيئات الرقابة الأمريكية ودفعتها إلى ملاحقتها قضائيا.
CFTC كانت وجهت اتهاماتها اليوم إلى بنك دي بيناري, والتي تزعم أن مقرها الرئيسي يقع في وول ستريت, بانتهاك قواعد CFTC لحظر تداول الخيارات خارج البورصة من خلال توفير عقود خيارات السلع للعملاء الأمريكيين, فضلا عن محاولة اجتذاب وقبول وتأكيد تنفيذ أوامر العملاء من الولايات المتحدة. شكوى CFTC اتهمت بنك دي بيناري أيضا بالعمل كتاجر لعمولات العقود الآجلة (FCM) دون الحصول على التراخيص اللازمة.
شكوى CFTC ضد بنك دي بيناري شملت اتهامه أيضا بتشغيل موقع للتداول على الويب يمكن من خلاله للعملاء شراء أو بيع خيارات (” الاستدعاء” أو ” الوضع”) والذي يقوم المتداول بموجبه بالتنبؤ بما إذا كان سعر سلعة معينة سوف يرتفع أو ينخفض خلال فترة زمنية محددة, وهو ما يتطابق مع تعريف CFTC لخيارات OTC الثنائية عبر الانترنت.
على وجه التحديد فان بنك دي بيناري عملت خلال الفترة من مايو أيار 2011 إلى مارس آذار 2013 في تشغيل موقع للويب يوفر خدمات التداول عبر الانترنت والتي يتم بموجبها السماح لعملاء الولايات المتحدة بتداول منتجات الخيارات المحظورة من قبل CFTC. ومن خلال موقعها على الويب, سعت بنك دي بيناري إلى اجتذاب والسماح للعملاء من الولايات المتحدة بشراء وبيع الخيارات والمراهنة على أسعار القمح والنفط والبلاتين والسكر والبن والذرة وأزواج العملات الأجنبية ومؤشرات الأسهم.
شكوى CFTC تضمنت أيضا توجيه اتهام لبنك دي بيناري بالعمل كشركة FCM غير مسجلة في الفترة من يوليو تموز 2011 إلى مارس آذار 2012. أخيرا فان الشكوى اتهمت الشركة بعدم قصر توفير منتجاتها على المشاركين المسموح لهم وذلك من خلال السماح للعملاء من الولايات المتحدة بالتداول دون طلب معلومات عن خبرتهم أو صافي ثروتهم.
التطورات المشار إليها كان من المتوقع حدوثها على خلفية المنافسة الكبيرة بين وسطاء الخيارات الثنائية لضمان حصتهم في هذا السوق المتنامي, والذي بالقطع ستكون الولايات المتحدة احد مراكز الثقل الرئيسية التي تستهدفها أنشطة هؤلاء الوسطاء.
هيئات التنظيم الأخرى من المؤكد أنها تتابع عن كثب التطورات المشار إليها, وقد تكون وكالة الخدمات المالية اليابانية احد الأمثلة البارزة على ذلك, حيث سعت في وقت سابق إلى وضع مجموعة كاملة من الإجراءات الملزمة لشركات الخيارات الثنائية, وهو الأمر الذي يشير إلى أن ولايات قضائية أخرى قد تسلك نفس المسلك وهو ما قد يقود في نهاية المطاف إلى نتيجتين لا ثالث لهما.
الاحتمال الأول هو أن صناعة الخيارات الثنائية قد تصبح ملزمة بإجراء تبادلاتها من خلال بورصة حقيقية وهو السيناريو الذي بموجبه سيتم تمرير الصفقة من شركة الخيارات الثنائية إلى احد مواقع التبادلات الحقيقية لتنفيذها بدلا من الوضع الحالي والذي يقوم فيه العميل بالمراهنة مقابل مكتب إدارة المخاطر الداخلي التابع للشركة, أما الاحتمال الثاني فسيتمثل على الأرجح في الخروج من الأسواق التي تتسم ببيئة تنظيمية متشددة خصوصا وانه من المتوقع أن تتزايد حدة صرامتها في المستقبل.
زاكي بيكهولتز, الرئيس التنفيذي لإحدى شركات الخيارات الثنائية العاملة حديثا, CTOption, ذكر تعليقا على هذا الموضوع قائلا :” في المدى القصير سنشهد على الأرجح تجنب وسطاء الخيارات الثنائية لمنطقة أمريكا الشمالية والولايات القضائية المشابهة نظرا لان الامتثال مع قوانينها سيتطلب تغيرات تشغيلية وتكنولوجية هائلة تستلزم بدورها استثمارات طائلة قد لا يكون الجميع مستعدا لتوفيرها في المرحلة الحالية, ولكن على المدى الطويل نعتقد أن أسلوب تنفيذ التداولات داخل البورصة الحقيقية سيكون هو السبيل الوحيد للوسطاء الراغبين بالعمل في بيئات خاضعة للتنظيم. لهذا السبب فنحن نقوم حاليا بإعداد نظامنا كي نكون متوافقا مع أسلوب التداولات داخل البورصة كما أجرينا مناقشات مبدئية مع NADEX لهذا الغرض.”
إيلان تزوريا الرئيس التنفيذي لـ Tradologic , المزود الرائد لتقنيات الخيارات الثنائية, عبر عن وجهة نظره في هذا الشأن قائلا:” لدينا في Tradologic سياسة واضحة يتجنب بموجبها الوسطاء العاملون معنا تشغيل علاماتهم التجارية في الولايات المتحدة. بكل وضوح فان الوثيقة الرسمية لسياسة الشركة تشير إلى أن منصة تداولنا غير مخصصة للتداول في بعض مناطق الولايات القضائية التي تتعارض مع تنظيماتها. بالنسبة للسيد إيلان فان الولايات المتحدة هي احد المناطق الرئيسية التي ستحظي باهتمام الشركة خلال الفترة القادمة, موضحا أن الطريقة الصحيحة لدخول هذا السوق ستستلزم تهيئة العديد من الجوانب التقنية. تزوريا استطرد قائلا” حاليا هناك فرصة كبيرة لتغيير صناعة الخيارات الثنائية, ولهذا السبب فنحن في طريقنا إلى تطوير منصة تداول إضافية تكون متوافقة مع تجارة الخيارات الثنائية في البورصات الحقيقية. بدأنا بالفعل مفاوضات عن نادكس بهدف البدء في تطوير منصة تداول متوافقة مع قوانين التنظيم الأمريكية.”