المركزي المصري يلجأ إلى إجراءات بوليسية لكبح جماح الدولار
اصل الدولار الأمريكي صعوده أمام الجنيه المصري مسجلا 11.75 جنيها في السوق السوداء.
وبعد فشل الإجراءات الفنية في إحتواء الأزمة، كشر محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر عن أنيابه، ولجأ إلى شطب شركات الصرافة المتلاعبة في أسعار الدولار.
واستدعى الإجراءات البوليسية، بعد إخفاق الإجراءات الفنية، عن طريق إعداد قائمة تتضمن عشر شركات سوف يطالها الشطب، وسحب التراخيص نهائيا خلال ساعات؛ وبالفعل تم إغلاق تسع شركات نهاية الأسبوع الماضي.
وأوضح عامر في تصريحات خاصة أن صبره قد نفذ، ولم يعد يحتمل أفعال بعض شركات الصرافة المتلاعبة. ولم يستبعد عامر وقوف بعض العناصر، التي لم يذكر اسمها، خلف هذه الشركات المتلاعبة، لتحقيق أغراض يأتي على رأسها تدمير الاقتصاد الوطني.
وأضاف عامر أنه عقد أكثر من اجتماع مع مسؤولي الشركات ووجه بضرورة الالتزام بقواعد العمل، وهو ما لم يحدث.
وقال عامر إن التعديلات المقترحة على قانون البنوك التي ينوي القيام بها سوف تتضمن قواعد وشروط ترتبط بشركات الصرافة لإحكام الرقابة عليها.
كل ذلك يشير إلى أن شهر العسل انتهى سريعا بين محافظ البنك المركزي وأسواق الصرافة سريعا، رغم كلمات المديح التي كان يكيلها له أصحاب شركات الصرافة بالشعبة العامة للصرافة في اتحاد الغرف التجارية مع الأيام الأولى لتوليه منصبه خلفا لهشام رامز نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبدأ أصحاب شركات الصرافة ممن طالهم الشطب الهجوم علي محافظ المركزي، متهمين إياه بأنه يبيت النية لإغلاق سبعين في المئة من شركات الصرافة، والنسبة الباقية سوف يتحكم فيها.
وتمسك البنك المركزي بأسعار تداول الدولار المعلنة في المزادات الدورية التي تطرح أسبوعياً عند حدود 8.78 جنيهات. ويرتفع السعر في البنوك إلى 8.88 جنيهات بزيادة 10 قروش كهامش ربح. وترتفع الأسعار في شركات الصرافة إلى 8.93 جنيهات بزيادة 5 قروش عن أسعار البنوك. لكن الأسعار الرسمية المعلنة في أجهزة الصرافة هي على الورق فقط، ويتم التعامل بأسعار أعلى بزيادة 150 قرشاً في كل دولار عن الأسعار الرسمية المعلنة.
ووجه المحافظ رسالة إلى شركات الصرافة والمتلاعبين بعد قراره غير المتوقع بإغلاق الشركات. وجاءت الرسالة الأولى، بحسب مصدر في البنك المركزي رفض ذكر اسمه، قوية بمضمونها بأن سحب التراخيص لن يستثني أحدا مهما كانت مكانته، وذلك بعد أن تضمنت قائمة الشركات المشطوبة شركة نائب رئيس الشعبة العامة للصرافة سيد عبد الكريم، الذي كان يحضر كل الاجتماعات الذي عقدها المحافظ مع مسؤولي الشركات خلال الأسابيع الماضية. ولفت المصدر النظر إلى ذلك كان كإنذار إلى أحد كبار الشعبة، الذي يعتقد أن يد الرقابة لن تطاله.
وأضاف المصدر أن المضاربين لن يسلموا من الخسائر لأن ما يحدث في السوق من زيادة أسعار لا تعبر عن الوضع الحقيقي للطلب.
هذا، ولقد هدأت المضاربات على الدولار مؤقتاً منذ بداية الأسبوع الماضي. وتترقب الأسواق حركة التعامل الأحد، أول أيام الأسبوع، عملا للبنوك، مع انتظار الصادر غداً عن البنك المركزي والجهات الرقابية التي تكثف عملها لضبط السماسرة والمتلاعبين.
ويطرح البنك المركزي يوم الثلاثاء المقبل المزاد الدوري بقيمة ١٢٠ مليون دولار للبنوك لتمويل استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية وفق قوائم السلع المحددة من جانب البنك المركزي، والتي يأتي علي رأسها القمح واللحوم وزيوت الطعام وألبان الأطفال والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج.
ويلاحَظ أن الاحتياطي النقدي بدأ في التعافي لدى البنك المركزي من جديد بعد أن ضخت الإمارات العربية ملياري دولار في الاحتياطي كوديعة، وذلك خلال زيارة ولي عهد أبو ظبي التي انتهت خلال الساعات الماضية، ويبلغ الاحتياطي حالياً 16.5 مليار دولار.
وينتهج البنك المركزي سياسة تجفيف منابع الاستيراد العشوائي للمحافظة على أرصدة النقد الأجنبي. وبدأ المركزي تنفيذ ضوابط لفتح الاعتماد لشحنات البضائع المستوردة تتضمن إلزام المستورد بتحمل مبالغ التأمين النقدي كافة بنسبة 100% للشحنات الواردة من الخارج، ومن مال المستورد الخاص. وحظر المركزي على البنوك تقديم قروض للمستوردين لدفع قيمة التأمين، بالإضافة إلى عدم الاعتداد بأوراق الشحنات التي تسلم باليد عن طريق المستورد للبنك المحلي لفتح الاعتماد المستندي للاستيراد، واشترط المركزي أن تأتي المستندات عن طريق أحد البنوك في البلد الوارد منها الشحنات المستوردة.
وتتوازى إجراءات المركزي مع إجراءات الحكومة التي نفذت طلبات عامر بضرورة إصدار حزمة من القرارات، وتنقية سجل المستوردين لفلترة الوارد من الخارج. وأصدر طارق قابيل وزير التجارة والصناعة عددا من القرارات كان آخرها ضوابط وشروط لتطبيق مواصفات مشددة في السلع الواردة من الخارج، وزيادة الضوابط المطلوبة للقيد في سجل المستوردين، وزيادة حد القيد من 10 آلاف جنيه إلى 500 ألف جنيه للفرد.
ويخطط البنك المركزي لخفض الاستيراد بنسبة 80% على الأقل خلال العام الحالي بما يوازي 20 مليار دولار، وخفض فاتورة الواردات إلى 60 مليار دولار بدلاً من 80 مليار دولار. وأعلنت وزارة التجارة والصناعة أن إجراءات عامر في تخفيض الاستيراد بدأت تؤتي ثمارها، وأعلن عن تراجع قيمة الواردات خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين بقيمة 2.8 مليار دولار، نسبته 27%، وسجلت 7 مليارات و568 مليون دولار خلال شهري يناير وفبراير في العام الحالي مقابل 10 مليارات و397 مليون دولار خلال الشهرين المذكورين من العام الماضي 2015.
وأرجع وزير التجارة هذا التخفيض إلى الإجراءات الخاصة بترشيد الواردات، والتي ساهمت في التقليل من استنزاف العملات الصعبة، وإتاحة التدفقات النقدية والاعتمادات البنكية من جانب المركزي والبنوك لتوفير مستلزمات الإنتاج لقطاع الصناعة.