يطل علينا أسبوع جديد يجمل في جعبته حفنة صغيرة من البيانات الاقتصادية الهامة،
بعد الحماسة التي سيطرت على الأسواق المالية فالبنك المركزي البريطاني فاجأننا بتوسيع برنامج شراء الأصول،
و استأنف البنك الأوروبي العمل برنامج شراء السندات المدعومة دعما لمستويات النمو المتباطئة بعد تفاقم أزمة الديون السيادية في القارة العجوز،
و جاء تقرير الوظائف الأمريكي مبهرا بارتفاع فاق التوقعات،
و أننا هذا الأسبوع على موعد مع بيانات التضخم الأوروبية و تقرير الوظائف البريطاني.
قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي البريطاني تثبيت سعر الفائدة عند مستوياتها القريبة من الصفر عند 0.50%، و لكنه قام برفع قيمة برنامج شراء الأصول 75 مليار جنيه ليصبح 275 مليار جنيه، و أشار البنك عن سبب هذه الحركة تراجع الصادرات البريطانية و تباطؤ مسيرة النمو بشكل كبير وسط تراجع النظرة المستقبلية للاقتصاد التي قد تؤدي إلى تراجع مستوى التضخم إلى ما دون 2.0% على المدى المتوسط، و تتوقع اللجنة أن تستغرق سياسة شراء الأصول 4 أشهر حتى تكتمل.
قرر البنك المركزي الأوروبي إعادة العمل ببرنامج شراء السندات المدعومة لدعم مستويات النمو المتباطئة في البلاد ،و قرر أيضا تقديم عمليتان إقراض منفصلة ذات أمد استحقاق عام بهدف تقليص الآثار السلبية لتفاقم أزمة الديون السيادية في أوروبا، و يرى البنك بأن مخاطر المرتبطة بمعدلات التضخم متوازنة، في حين أن التوقعات المستقبلية المرتبطة بالنمو نحو الأسفل بشكل مكثف.
أشعلت موديز المخاوف في الأسواق من جديد فقد قامت بتخفيض التصنيف الائتماني لـ 12 بنك بريطاني ، و تسعة بنوك برتغالية وسط تفاقم أزمة الديون العامة في هذين البلدين، هذا مع يسلط الأضواء على أزمة الديون السيادية من جديد.
تقلص اهتمام المستثمرين بالبيانات الاقتصادية، فالتركيز هذه الأيام مسلط على تطورات أزمة الديون السيادية خاصة و أن العديد من المستثمرين يرون بأن اليونان أصبحت قريبة من الإفلاس، و أصيب المستثمرون بالإحباط بعد أن قام وزراء مالية الأوروبيين بتأجيل الحديث عن قرار الدفعة السادسة من قرض الإنقاذ حتى تشرين الثاني، إلا أنه في الوقت تتزايد التوقعات بأن قادة الاتحاد الأوروبيين سيقومون بدعم القطاع المصرفي.
يواجه قادة الاتحاد الأوروبي الضغوط من المستثمرين للإسراع بوضع خطة متكاملة لإنقاذ القطاع المصرفي في القارة الأوروبية قبيل اجتماع مجموعة العشرين بنهاية الأسبوع الجاري،
من المتوقع أن تضخ الخطة رأس المال للقطاع المصرفي في القارة العجوز، تتزايد التوقعات بأن قادة الاتحاد الأوروبي سوف يوافقون على خطة متكاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، و من المحتمل بأن المقرضين في القارة الأوروبية بحاجة إلى 20 مليار يورو من رأس المالي الإضافي.
بالعودة إلى البيانات الاقتصادية، فأننا ننتظر هذا الأسبوع بيانات التضخم من منطقة اليورو خلال سبتمبر إذ من المتوقع أن تسجل القراءة السنوية ثابتا عند مستويات 3.0%، مما يشير لارتفاع الضغوط التضخمية في منطقة فوق المستويات المقبولة للبنك، الذي يركز دائما على استقرار الأسعار في سياسته النقدية، أي بما معناه بأن رفع سعر الفائدة الذي حصل في إبريل و يونيو لم يجدي نفعا لتخفيض الضغوط التضخم في المنطقة،
و هذا ما يعطي الإشارة إلى أن خفض سعر الفائدة المرجعي لن يكون قريبا ضمن مساعي البنك للحفاظ على الاستقرار العام للأسعار.
لكن إذا لم تنجح سياسة شراء السندات المدعومة بدعم مستويات النمو في المنطقة، فأن البنك سوف يركز على دعم مستويات النمو أكثر من الحفاظ على استقرار ، أي بما معناه فان البنك سوف يقوم يلجا لخفض سعر الفائدة خاصة بأن قرار البنك المركزي الأوروبي خلال الاجتماع الماضي بالاتفاق أي بعدم الإجماع بأن بعض الأعضاء في المجلس الحكومي لم يصوتوا لتثبيت سعر الفائدة بل لخفضها.
بالانتقال إلى البنك المركزي البريطاني الذي تجاهل الارتفاع الكبير في معدلات التضخم و قام بتوسيع برنامج شراء الأصول بهدف مستويات النمو في البلاد، فلم يكون أمام البنك إلا هذا الخيار خاصة بعد انكماش أداء القطاع الصناعي و البناء مع التباطؤ الحاد في أداء قطاع الخدمات ، الذي أدى بالنهاية لتعديل السلبي على مستويات النمو.
تواجه المملكة العديد من الصعاب الأخرى على رأسها ارتفاع العجز في الميزانية العامة، الذي دفع الحكومة لإقرار أكبر تخفيضات في الإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية، و التي كان لها الأثر السلبي على مستويات الإنفاق الاستهلاكي خاصة مع رفع ضريبة المبيعات، و تسريح عدد من موظفي القطاع العام.
ننتظر هذا الأسبوع تقرير الوظائف البريطاني، و الذي من المتوقع أن يظهر تراجعا في أعداد طلبات الإعانة خلال الشهر الماضي بمقدار 19.0 ألف طلب من السابق 20.3 ألف، مع توقعات بارتفاع معدلات البطالة خلال الثلاثة أشهر المنتهية في آب لمستويات 8.0% من السابق 7.9%.
يعتمد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديدة ,
خاصة بعد أن قامت الحكومة بتسريح 300 ألف موظف من القطاع العام ضمن المساعي لتخفيض العجز في الميزانية العامة، و هذا ما دفع معدل البطالة في البلاد للارتفاع قريبا من مستويات 8.0%.