الأهرام - 10/09/2012
الاقتصادي العربي والدولي الدكتور طلال أبو غزالة الخبير في منظمة التجارة العالمية رئيس منظمة الملكية الفكرية أكد تفاؤله بمستقبل مصر الاقتصادي وتنبأ بأنه سيكون من أهم 20 اقتصاد في العالم خلال العشر سنوات المقبلة، مطالبا الحكومة المصرية بعدم التضحية بالمستقبل في سبيل حل المشاكل الحالية والتي لا تحل بالمعالجات المالية أو القروض وإنما بزيادة العمل والإنتاجية وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة .. فكان نص الحوار للأهرام.
* ما رؤيتك لمستقبل مصر الاقتصادي؟
- أعلن تفائلي المطلق بمستقبل مصر لما تملكه من موارد بشرية وطبيعية وتاريخ وحضارة ، وطبقا للمؤشرات الاقتصادية العالمية ودراسة سابقة لصندوق النقد الدولي أكدا فيها أن المستقبل للدول الأكثر عددا سكانيا لإرتباطها بزيادة الإنتاجية ، وثانيا عقب نجاح الثورة وإنتهاء ما يسمي باحتكار الاقتصاد ومنع المنافسة ، مما يجعلني اكد أن مصر قادرة أن تصبح خلال العشر سنوات المقبلة من أحد عشرين اقتصاد علي مستوي العالم لأنه في ظل وجود تنافسية حقيقية ومنع احتكار إي منتج أو خدمة فسيكون أمام المستهلك خيارات أكبر وبأسعار أفضل وجودة أعلى.
* بماذا تنصح الحكومة المصرية في المرحلة التي تمر بها البلاد؟
- نصحيتي المخلصة كمواطن عربي لصانعي القرار والحكومة في مصر ودائما أقول أن مصر قاطرة العرب أتمني إلا نخطئ كما تخطئ الحكومات الأخرى في الوطن العربي بالإنشغال بحل المشاكل الآنية وإعتبارها الأهم وننسي أن الأولوية في المستقبل ، ومشكلة حكوماتنا دائما أنها تريد أن تعالج مشاكل اليوم لترضي المواطن اليوم وتضحي بالمستقبل في سبيل ذلك ، وإنما يجب التضحية بالحاضر في سبيل العمل للمستقبل والأجيال القادمة ، ثانيا وضع رؤية وخطة اقتصادية مستقبلية الآن وليس غدا تكون واضحة تستهدف زيادة العمل والإنتاجية لزيادة الناتج القومي ، ولا تفكر في إجراءات تجميلية أو معالجات مالية آنية للترقيع ، لإن القروض لا تحل مشاكل التجارة والمعيشة والبطالة حيث أن 80% من الناتج القومي في الدول المتقدمة قائم علي الشركات الصغيرة والقطاع الخاص ، والاعتقاد بان المشاريع العملاقة هي المنقذ خطأ ، فالشركات ذات الأسماء المشهورة والتي تملك القدرة علي الإعلام والإعلان لا تحل مشاكل البطالة الذي يوظف أكبرالمشروعات الصغيرة وأصحاب المهن مثل الحلاق والبقال والمصانع ، مما يستوجب دعم المبادرات الصغيرة والمبتدئة ووضع التخطيط المناسب للأهتمام والإرتقاء بها ودعمها وتقديم التسهيلات لنموها لزيادة فرص العمل واستيعاب أكبر عدد من فرص العمل .
* هل الاقتراض من المؤسسات الدولية ضرورة لمصر لدعم التراجع الاقتصادي؟
- أكد أن الاقتراض يكون فقط لفترة استثنائية وليس حلا مثاليا فهو غالبا ما يؤدي إلي زيادة العجز في الموازنة بسبب إضافة أقساطه وتكاليف فؤائد القرض ، وهل وضع حساب لتسديد ذلك القرض، ولا يجوز أن نتورط مثل الدول الأخرى بأن كل ما اقترضنا نضطر للاقتراض مرة أخري لتسديد الدين الذي قبله ، وإما بالنسبة لمصر وطلبها من صندوق النقد قرض بقيمة 4.8 مليار دولار وأنه يعطي شهادة إيجابية وطمأنة للمستثمرين ، فاقول أنه يعطي شهادة سلبية أكبر فمعروف أنه لا يقترض إلا من هو في مشكلة ومن يذهب للبنك مضطرا ومحتاجا ، وكذلك التغني بإن القرض الخارجي فائدته أقل من الأقتراض الداخلي فهذا أيضا يجب معالجته لإنه لا يجب أن تكون الفائدة شاسعة عن الفائدة العالمية فقد كان مقبولا في الماضي لعدم الثقة في الاقتصاد ومن يديره ، ولكن إذا أردت مصر إعطاء إنطباعا لقوة اقتصادها الآن فيكون بتخفيض فائدة الاقتراض المحلي وبذلك تشجع المؤسسات المحلية ، فإذا كانت المشاكل كبيرة في هذه المرحلة الانتقالية ولكنها ليست كبيرة علي شعب عظيم وقيادة مخلصة.
* بماذا تحلل تراجع الدول الخليجية بعد الثورة بتقديم مساعدات لمصر؟
- أولا لا أقبل أن تأخذ مصر مساعدات فلا يمكن أن تبني دولة اقتصادها ومستقبلها علي المساعدات ، وما أتمناه ويجب حدوثه أن يعتمد الاقتصاد علي الشراكات الاقتصادية والمنفعة المتبادلة القائمة علي المساواة مع الجانب الخليجي كشركاء، فالقرض أو المساعدة لا يقيم مشروعات ويشغل عمالة وإنما جذب المستثمر ليقيم مشروعات مشتركة بعد توفير البيئة الاستثمارية وتحديد المشروعات المطلوبة للتنمية بعد سماع طلبات هؤلاء المستثمرين واحتياجاتهم من السوق المصري ليقيم مشاريع في مصر تشغل عمالة ، ومصر تملك جميع الموارد التي تجعل المستثمر يلهث للاستثمار في مصر لأنه سوق واعد يملك الكثير من فرص العمل ، وربما يرجع تراجع الدول الخليجية عن وعودها لعدم وضوح الرؤية سابقا ولكن مع انتخاب الرئيس واستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية لا يمكن أن يتخلي العرب عن مصر فمصر هي العرب والعرب هم مصر.
* ما هو ارتباط التعليم بالاقتصاد ؟
- للأسف الشديد غائب ارتباط التعليم وجودته بالاقتصاد عند أكثر الدول العربية فالاقتصاد الآن هو تعليم ويجب وضعه كأولوية في خططنا الاقتصادية من أجل أن نخرج من يستطيع أن يخدم الاقتصاد وليس فقط من يحمل شهادة ، أنه ليس هناك مشكلة بطالة في الدنيا وإنما هناك مشكلة فجوة بين احتياجات سوق العمل ومنتجات مؤسسات التعليم فعندما تخرج إنسان لا يصلح للعمل أنت تساهم في البطالة لا تحل مشكلة البطالة ، ويجب تحويل جامعاتنا إلي مؤسسات تعليمية بدلا أن تكون مؤسسات عقارية ، فلا حاجة الآن لحرم دراسي مساحته 20 فدان ، حيث أن 80% من جامعات أمريكا في عام 2020 لن يكون فيها حرم جامعي ستكون جامعات فضائية افتراضية تدير تعليمها إلكترونيا ، ، بالإضافة إلي عدم استطاعة إي بلد فتح جامعة في كل قرية ومدنية ولكن تستطيع إتاحة التعليم لكل طالب في مصر عن طريق التحول للتعليم الرقمي ، وهذا ليس اختراع مني فهو الاتجاه الآن لكل دول العالم المتقدمة ، وذلك في تقرير صادر من أسبوع من استراليا المتقدمة في التعليم يقول أن مؤسساتنا التعليمية والجامعية في حاجة إلي تسوماني لإنقاذها من الفشل ، فما بالنا والجامعات في أغلب الدول العربية مقبلة علي إفلاس لأنها تدير مراكز عقارية من أجل استيعاب آلاف الطلبة في مباني لا لزوم لها مجمعات ومدرجات وصفوف وقال أنه سيطلق مشروع في يناير المقبل سيغير نظام التعليم في العالم كله يهدف إلي أن يتاح التعليم الأعلي علي مستوي العالم لكل مواطن عربي ، خاصة أن 500 جامعة في العالم كبري كلها مستعدة للتعاون وتنظيم شراكات لتعلم برامجها الكترونيا لكل مكان في العالم ، فأنا أريد لكل طالب في الصعيد أن يستطيع الحصول علي شهادة من جامعة هارفارد ، وليس معني ذلك أني أقول أن لا يتعلم في جامعاتنا الوطنية ولكن أن تتنافس جامعاتنا الوطنية مع جامعة هارفارد لأن ذلك يخدم الاقتصاد عندما يستطيع أن يستخدم الطالب الكمبيوتر استعمال ذكي ويصنع الثروة من خلال الإنترنت فأغنياء العالم اليوم هم عمال معرفة مثل جوجل وبيل جيتس .
* وما الرؤية المستقبلية لتعليم ذو جودة عالية ؟
- تم تكليفي من القمة الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في شرم الشيخ والأمانة العامة للجامعة الدول العربية لتنظيم أول قمة شبابية معرفية عربية تهدف إلي أن يرسم الشباب قيادة المستقبل وسيكون هذا المؤتمر بالقاهرة برعاية الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي وسيحدد فيه الشباب كيف يقود العالم مستقبلا فنحن الكبار نستطيع تهيئة البيئة المناسبة ولكن الشباب يدري أكثر ما هو المطلوب كمصدر للمعرفة ، ولما لا والأمة العربية كانت مصادر لصنع المعرفة لمدة 500 عام حكم العالم خلالها حضاريا ليس بالصواريخ أو الدبابات ولا بالقتل ونستطيع أن نعود بل ويجب أن نعود .
* ما الذي يمكن أن تفعله مصر لجذب الاستثمارات العربية ؟
- بصفتي رئيس منتدى تطوير السياسات الاقتصادية في الأردن وكخبير في منظمة التجارة العالمية لتطوير السياسات الاقتصادية العالمية أتمني أن تدعو مصر إلي مؤتمر اقتصادي عربي للخبراء يجمع المستثمرين والتجار ورجال الأعمال فقط ، وليس السياسيين والوزراء والحكام ، للتعرف منهم علي ماذا يريد ون من الاقتصاد المصري للعمل التجاري والاستثماري والخدمي ، وإرسال رسالة أن هناك رغبة حقيقية في التغيير ووجود عقلية تسمع وتستفيد من آراء شركاء مصر في التنمية ، بالإضافة إلي اختيار صانع القرار المصري ما يراه مناسبا من اقتراحات وتوصيات لتطوير السياسات الاقتصادية المصرية من منظور عربي لتصبح مصر بيئة استثمارية أفضل تسقطب الاستثمار والتجارة وتفتح أسواقها في الخارج وليس من جهة واحدة ، نريد شراكة حقيقية مثل ما بين أوروبا وأمريكا حيث أن 75% من الاستثمار الخارجي الأمريكي في أوروبا و75% من الاستثمار الأوروبي موجود في أمريكا ، مشيرا إلي أن هناك دراسة له بأننا العرب مصدرين لرأس المال ولسنا مستوردين ، ولذلك أريد استثمارات عربية قائمة علي الشراكات وليس للقروض أو المساعدات ، بالإضافة إلي أن الصناديق السيادية العربية هي الأكبر في العالم والمستثمرين والشركات العربية في الخارج هي أهم مستثمر الآن في العالم فبدلا من استجداء الاستثمارات الأجنبية أقول لأخي وشريكي العربي أنا أعطيك سوقا أفضل من السوق الأوروبي والأمريكي فلا يوجد عندنا تأميم أو الاستيلاء علي الأموال وتجميدها ومنع التصرف فيها فهذا موجود في الغرب .