إشارات ببدأ هدوء الأسعار في الاقتصاد البريطاني
ختام هذا الأسبوع يأتي مع إعلان بريطانيا عن مستوى الأسعار عند أبواب المصانع في شهر أغسطس/آب إذ أظهر تباطؤ يعد الأدنى منذ ستة أشهر، وما يشير إلى العديد من المستجدات التي قد تطرأ على المستوى العام للأسعار عند إنتقال السلع من المصانع إلى يد المستهلك النهائي.
مؤشر أسعار المنتجين للمخرجات السنوي – يقيس اسعار السلع النهائية عند أبواب المصانع و قبل إنتقالها إلى يد المستهلك النهائي- سجل في شهر أغسطس/آب مستوى 4.7% من 5% للقراءة السابقة فيما كانت التوقعات تشير إلى 4.8%. و على المستوى الشهري سجل المؤشر ثباتا ليظل عند مستوى 0.0% من 1% للقراءة السابقة التي كانت متوافقة مع التوقعات.
هذا التراجع في أسعار المنتجين يرجع إلى بدء ظهور علامات ضعف العوامل المؤقتة التي كانت وراء ارتفاع الاسعار منذ بداية العام الحالي، فبخلاف ضعف مستويات الطلب في النصف الثاني من العام الحالي مع تراجع الطلب على المستوى المحلي و العالمي، فإن انخفاض أسعار المنتجات البترولية كان عاملا مساعدا وبشكل كبير في انخفاض الأسعار.
أسعار النفط انخفضت لأكثر من 14.5% في شهر أغسطس/آب وحده بفعل تنامي المخاوف بشأن وتيرة نمو الإقتصاد العالمي، الأسعار انحدرت من أعلى مستوى في تلك الفترة عند 82.95$ للبرميل و تحقيق إغلاق شهري عند مستوى 71.62$ للبرميل.
على الجانب الآخر فإن انخفاض أسعار الطاقة عالميا كان له أيضا التأثير على اسعار مدخلات الإنتاج و المواد الخام سواء المحلية أو المستوردة و إن كانت الأخيرة استفادت من قوة الجنيه الإسترليني أمام اليورو و الدولار في تلك الفترة.
مؤشر أسعار المنتجي للمدخلات انخفض على المستوى السنوي إلى 8.1% من 10.8% للقراءة السابقة فيما كانت التوقعات تشير إلى 9%، و على المستوى الشهري انكمش المؤشر مسجلا مستوى -0.5% من -1.0% للقراءة السابقة فيما كانت التوقعات تشير إلى 0.2%.
وفي نفس السياق سجل مؤشر أسعار المنتجين للمخرجات الجوهري- يستثني أسعار السلع ذات التذبب الشديد في أسعارها مثل أسعار المنتجات البترولية- تراجع مسجلا 0.1% من 0.2% للقراءة السابقة على المستوى الشهري و على المستوى السنوي سجل 4.6% من 4.7% للقراءة السابقة.
يستنتج من مما طرأ على ذلك المؤشر أن المستوى العام للأسعار في طريقه إلى الإنخفاض داخل الاراضي الملكية، إذ أن قراءة مؤشر اسعار المستهلكين السنوي عن شهر يوليو/تموز سجلت مستوى 3.1% وإن كان تراجع عن ذروته بنسبة 3.7% في شهر نيسان/ابريل السابق. وهو بذلك فوق الحد الأعلى للمستوى الآمن لاستقرار الأسعار.
وبذلك نستطيع أن نلمح تأكيدات لتقارير البنك المركزي البريطاني بشأن أن معدل التضخم في طريقه إلى الإنخفاض بفعل وجود فائض كبير في الطاقة الإنتاجية و أن الأسعار سوف تفقد زخمها لا محالة بعد ان أوضح البنك أن الإرتفاع كان وراؤه عوامل مؤقتة مثل ارتفاع أسعار الطاقة و معاودة رفع سعر الضريبة على المبيعات بجانب ضعف قيمة الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية الأخرى بنحو الربع على مدار الثلاث اعوام السابقة.
وفي تقرير التضخم الذي صدر عن البنك البريطاني في مايو/أيار أوضح فيه إلى إمكانية انخفاض معدل التضخم دون المستوى الآمن لأستقرار الأسعار بنسبة 2% خلال العامين القادمين أي بحلول عام 2012 وقد يسجل 1.5%.
يتزامن انخفاض مستويات التضخم مع التوقعات التي تشير إلى حدوث تباطؤ في النصف الثاني من العام الحالي و هذا التباطؤ معني بمستويات النمو سواء في بريطانيا أو على مستوى العالم و هذا ما أكد عليه البنك الإحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بوضع الاقتصاد الأمريكي و كذا البنك المركزي الأوروبي الخاص باقتصاديات منطقة اليورو. أيضا منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية صرحت بأن الاقتصاد العالمي من شأنه أن يفقد قوته و يتوقع أن يشهد بدء تقلص قوة النمو عالميا.
لذا البنك المركزي البريطاني حتى هذه اللحظة لم يأخذ عليه عدم تحركه السريع لمواجه الإرتفاع العام للأسعار، كما أن مهمة البنك الرئيسية أصبحت في الوقت الراهن تتمثل في دفع عجلة النمو الاقتصادي لتحقيق إتزان في مواجهة ما تقوم به الحكومة من تطبيق خطط لخفض الإنفاق العام تعد الأعلى منذ نصف قرن.
جدير بالذكر أن البنك لايزال ابقى بالأمس على نفس سياسته النقدية حيث لايزال برنامج شراء الأصول بقيمة 200 بليون جنيه إسترليني و سعر الفائدة لايزال عند أدنى مستوياته منذ أن تم تأسيس البنك بنسبة 0.50%.
وكان البنك قد خفض توقعات النمو على المستوى السنوي لتصل إلى 3% مقارنة بما كان متوقعا في تقرير شهر مايو/أيار لنسبة 3.6%. ويأتي ذلك في الوقت الذي تتقلص فيه قوة وتيرة نمو الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام الحالي. هذا فضلا عن أن الأوضاع الاقتصادية لم تستقر بالشكل الكامل بعد في البلاد.