جولة أمريكية جديدة وبيانات هامة تطرح على الساحة الأمريكية
بعد أن انقضت الجلسة الأمريكية الأولى عزيزي القارئ والتي اتسمت بالهدوء النسبي بما يخص البيانات الرئيسية التي غابت عن الساحة الأمريكية يوم أمس الاثنين، يعود الاقتصاد الأكبر في العالم بجولة جديدة في هذا الأسبوع حاملا معه بيانات جديدة تعكس نشاطات أصعدة مختلفة لقطاعات أمريكية عدة.
حيث بالنسبة للبيانات الرئيسية الصادرة اليوم فنبدؤها بقطاع الصناعة وتقرير نيويورك الصناعي والذي من المتوقع أن يرتفع خلال شهر شباط ليصل إلى 15.00 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 11.92، هذا مع العلم أن قطاع الصناعة الأمريكي لم يتوانى عن تقديم الدعم للاقتصاد خلال نهاية العام 2009 وبداية العام الماضي، إلا أن القطاع واجه تباطؤا نوعا ما بعد ذلك، ولكنه استعاد بعضا من عزمه مع بداية هذا العام ليثبت القطاع بأنه تمكن من تخطي المرحلة الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي نفس الوقت سيصدر عن وزارة التجارة الأمريكية تقرير أسعار الواردات، ذلك التقرير الذي يعكس أسعار البضائع المستوردة في الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن ترتفع الأسعار خلال كانون الثاني بنسبة 0.8% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 1.1%، أما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن يرتفع خلال كانون الثاني بنسبة 4.4% أي بأدنى من السابق 4.8%.
واضعين بعين الاعتبار أن المستهلكين الأمريكيين استعادوا بعضا من الثقة بالبضائع الأجنبية مما قاد إلى انخفاض نسبي في مستويات الطلب على البضائع الأمريكية وتحسن مستويات الطلب على الأجنبية، حيث أن ارتفاع الدولار الأمريكي خلال الفترة الأخيرة أسهم في تقلص توجه المستهلكين نحو البضائع الأمريكية، وهذا بدوره أضعف الصادرات الأمريكية، وذلك مع العلم أن مستويات الطلب الإجمالية لا تزال ضعيفة نظرا لمعدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني التي تثقل كاهل النشاطات الاقتصادية في المنطقة.
مشيرين إلى أن الاقتصاد لا يزال ضمن مواجهات كبيرة مع العقبات التي تتمثل في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة المرتفعة التي لا تزال ضمن مستويات عليا عند 9.0%، وهذا سيجعل الاقتصاد الأمريكي يأخذ وقتا أطول في تحقيق الاستقرار أو التعافي التام إلى حين الوصول إلى مرحلة النمو على المدى البعيد.
في حين تنتقل بنا البيانات إلى تقرير مبيعات التجزئة الأمريكية، حيث أن التقرير سيغطي شهر كانون الثاني أيضا، إذ من المتوقع أن يظهر التقرير ارتفاع المؤشر بنسبة 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.6%، أما باستبعاد المواصلات فمن المحتمل أن يثبت المؤشر عند 0.5%، بينما من المتوقع أن تثبت المبيعات باستثناء المواصلات والوقود عند 0.4%.
وهنا نشير بأن مبيعات التجزئة تأثرت من ارتفاع مستويات الإنفاق خلال شهري كانون الأول والثاني، ولكن ضمن وتيرة معتدلة وتدريجية، وذلك مع العلم أن مبيعات التجزئة تشكل ما يصل إلى 50% تقريبا من إجمالي إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرين بأنه على الرغم من تقدم مستويات الإنفاق نوعا ما إلا أنها لا تزال ضعيفة وبطيئة.
وهنا نشير بشكل عام أن الاقتصاد الأمريكي على ما يبدو وأنه تمكن من استعادة بعض من العزم الذي فقده خلال الفترة الماضية بما يخص مرحلة تعافيه من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أن النشاطات الاقتصادية وفي مختلف القطاعات الأمريكية أخذت بالتحسن ضمن وتيرة ملحوظة مؤخرا.
ولكن بالمقابل فإن مسألة الانتعاش أو التعافي التام لا تزال مبكرة نوعا ما، حيث أن العقبات لا تزال تقف أمام الاقتصاد الأمريكي ونموه بالشكل المنشود، إذ على الرغم من انخفاض مستويات البطالة خلال كانون الثاني إلى 9.0% وبأفضل من التوقعات، إلا أنها لا تزال ضمن معدلات مرتفعة، وذلك وفقا لما صرح به الفدرالي الأمريكي وعلى لسان السيد برنانكي بالتحديد.
وسيتوجب على الشركات الأمريكية التفكير في مسألة البدء بتوظيف أعداد جديدة للحد من عقبة البطالة والتي تعد مفتاح الخلاص بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، ناهيك عن موضوع التشديد الائتماني الذي يحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديد.
ومع هذا كله عزيزي القارئ إلا أن الثقة في الاقتصاد الأمريكي تمكنت من إيجاد مكان لها في الأسواق وبشكل نسبي وتدريجي، حيث كما أشرنا أعلاه فإنه على ما يبدو وأن مرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي استعادت بعضا من عزمها مؤخرا بعد التباطؤ الذي شهدته قطاعات أمريكية مختلفة خلال النصف الثاني من العام 2010.
وأخيرا نشير بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بعيدا عن تحقيق التعافي التام من المرحلة الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، حيث من المؤكد سيلزمه المزيد من الوقت ليستقر ويصل إلى بر الأمان، والذي من المتوقع حدوثه بشكل نسبي مع قدوم النصف الثاني من العام 2011...