يرتفع سعر صرف الدولار الأمريكي في الأسواق المالية بعض الشيء هذا اليوم مقابل سلّة العملات الرئيسية. فقد استطاع مؤشر الدولار الأمريكي الارتفاع بعد أن لامس الأدنى له خلال تداولات هذا اليوم عند 76.87 نقطة و هذا المستوى هو الأدنى لسعر صرف الدولار الأمريكي منذ التاسع من شهر تشرين الثاني-نوفمبر/2010. لكن في نفس الوقت، يساور الشك المتداولين حول استطاعة الدولار الأمريكي الارتفاع بأكثر من هذا حيث تبدو تداولات الدولار الأمريكي الإيجابية اليوم باهتة مقابل معظم العملات الأجنبية.
انخفض سعر صرف اليورو و كذلك سعر صرف الين الياباني مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم، لكن نرى بأن الانخفاض حصل بعد موجات صاعدة لكل منهما، و الانخفاض ما زال محدوداً جداً. لكن الجنيه الإسترليني، أصر على أن يتمسّك في اتجاهه الصاعد اليوم ليقاوم ارتفاع الدولار الأمريكي و يبقى في تداولاته الإيجابية ليقترب بالتدريج من مستوياته الأعلى مقابل الدولار الأمريكي منذ الرابع من تشرين الثاني-نوفمبر/2010.
البيانات الاقتصادية التي صدرت من أوروبا اليوم لا يمكن اعتبارها سلبية، بل على العكس، فقد أشارت البيانات الاقتصادية اليوم إلى أن هنالك ارتفاع في أسعار المنتجين بمقدار 0.8% خلال شهر كانون الأول-ديسمبر/2010 مما يشير إلى حقيقة الضغوط التضخمية التي بدأت تعصف في الاتحاد الأوروبي. لكن رغم هذه البيانات، فقد انخفض سعر صرف اليورو بسبب بعض عمليات جني الأرباح التي حصلت في انتظار قرار البنك المركزي الأوروبي يوم غد الخميس و كذلك بسبب الارتفاع الطفيف الذي يشهده سعر صرف الدولار الأمريكي في الأسواق المالية.
بعد أن لامس سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي الأعلى له هذا اليوم و الأعلى منذ التاسع من شهر تشرين الثاني-نوفمبر/2010 عند مستوى 1.3861 دولار لليورو الواحد، انخفض بعد حصول عمليات جني أرباح في الأسواق المالية ليحقق أدنى سعر له مقابل الدولار الأمريكي عند 1.3787 دولار لكن مباشرة بعد ملامسة الأدنى، عاد الزوج ليرتفع فوق مستويات 1.3800. هذا الانخفاض الذي شهده سعر صرف اليورو يصفه التحليل الفني على أنه تصحيح لإخراج مؤشرات العزم من التشبع الكبير في الشراء لا أكثر، حيث أن التحليلات الفنية تشير إلى أن استقرار الزوج فوق سعر 1.3760 يبقي على فرصة الاتجاه الصاعد كبيرة، فيما العودة للتداول فوق 1.3820 قد تكون سبباً لأن نرى اندفاعاً صاعداً جديداً و محاولة أخرى لاختبار مستوى المقاومة 1.3850 و 1.3890.
من كان يتخيّل أن يحقق قطاع الإنشاءات في بريطانيا نمواً خلال شهر كانون الأول-ديسمبر/2010 الماضي؟ حيث أن الاقتصاد شهد انكماشاً غير متوقع خلال الربع الرابع الماضي، لكن على ما يبدو فالانكماش قد يكون غير شامل و ليس عميقاً و تركّز في الشهر الأول و الثاني من الربع الرابع. أشارت بيانات مؤشر مدراء المشتريات لقطاع الإنشاءات إلى نمو غير متوقع، بل هو نمو يعتبر كبيراً مقارنة في الانكماش المتوقع. أظهر مؤشر مدراء المشتريات ارتفاع من مستوى 49.1 إلى مستوى 53.7 بقفزة واضحة في المؤشر. إن مثل هذه البيانات تعطي توقعات بأن البنك البريطاني قد يكون مجبراً في وقت ليس ببعيد لأن يغير سياسته النقدية برفع سعر الفائدة، أو على الأقل أن يغير السياسة المالية المتبعّة في خطّة APF المالية.
لذلك، ارتفع سعر صرف الجنيه الإسترليني اليوم بوضوح رغم ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في الأسواق المالية، حيث استطاع الجنيه أن يرتفع مقابل الدولار من سعر 1.6126 ليحقق الأعلى له عند سعر 1.6228 دولار للجنيه الإسترليني الواحد. لليوم الثالث على التوالي و نحن نرى سعر صرف الجنيه الإسترليني يرتفع بقوّة مقابل الدولار، و هذا الارتفاع يوحي بأن هنالك العديد من المتداولين الذين غيّروا رأيهم في الاقتصاد البريطاني و كذلك في توقعات اتجاه البنك البريطاني في المستقبل تجاه سياساته المالية و النقدية.
بحسب التحليل الفني، إن استقرار الجنيه الإسترليني فوق الدعم 1.6185 قد يكون سبباً لارتفاع و اختبار لمستوى المقاومة 1.6250 و اختراق هذه المقاومة قد يسبب اختباراً لمستويات 1.6300، الحاجز العنيد الذي قد يكون فاصلاً مهماً في مستقبل حركة الزوج قصيرة و متوسطة الأمد خلال الفترة المقبلة.
رغم ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني، لا يحق للأنصار الدولار الأمريكي أني فرحوا بعد! فنحن الآن في الأسبوع الرابع الذي يحقق فيه الدولار الأمريكي انخفاضاً مقابل الين الياباني و الموجة الصاعد التي حصلت اليوم في سعر صرف الدولار مقابل الين الياباني تعتبر قليلة و يغر ملحوظة أبداً. بل أن تداولات الزوج اليوم كانت ضعيفة جداً و لم تتعدى التداول بين الأدنى للدولار 81.33 و الأعلى للدولار 81.60 ين للدولار الأمريكي الواحد.
التحليل الفني لا يستطيع أن يثق في أي موجة صاعدة للدولار الأمريكي ما دامت التداولات مستقرة ما دون سعر 81.85 و ما دون المقاومة 82.55، حيث أن الدولار مهما ارتفع فلن يدخل اتجاهاً صاعداً فنياً إلا باختراق المستوى الأخير و الثبات فوقه. من جهة أخرى، ثبات التداول ما دون تلك المستويات قد يعيد الضعف للدولار الأمريكي لنعود و نرى عالم الـ 80 ين للدولار الواحد و أول مستوى دعم أمامنا هو 81.05 ثم 80.80 بل قد يدفع الين الياباني في الدولار الأمريكي نحو الهاوية لاختبار مستوياته الأدنى منذ عام 1995 عندما يحقق اختبار الدعم 80.35-80.00 ين للدولار الأمريكي الواحد.
كما نرى، فالارتفاع الذي يشهده الدولار الأمريكي اليوم قليلون هم من يؤمنون بأنه قادر على أن يمتد. فتفضيل الاستثمارات المرتفعة العائد على الدولار، و كذلك تفضيل المضاربة في الأصول و السلع و الأسهم تسبب ابتعادا ًعن الدولار الأمريكي، و هذا ما يجعل الاعتقاد السائد بأن الدولار الأمريكي في موجة تصحيحية وارد جداً و أن العودة للاتجاه الهابط قد تكون قريبة ما لم تستطع بيانات الوظائف الأمريكية يوم الجمعة القادم انتشال الدولار من الهاوية التي سقط فيها!