''الزمن وحده يمكن أن يقول لنا. إصدار الأحكام (الآن) صعب''، هكذا كان ميرفين كينج، محافظ بنك إنجلترا، في وضع دفاعي عند تقديمه تقرير البنك عن التضخم. فمع ناتج متذبذب وأسعار متسارعة الارتفاع، يعد الوقت غير سعيد بالنسبة لمن يمسك بقياد أسعار الفائدة.
معلقو السوق ركّزوا على لغة كينج في خطابه إلى وزير المالية لتوضيح معدل التضخم المرتفع. في كلمات تردد صداها في تقرير التضخم، قال كينج إن مخاطر التضخم التي ربما تجاوزت الهدف، أو قصُرت عنه، كانت متوازنة، مفترضاً أن المعدلات تتحرك وفق ما تتوقع الأسواق حالياً. البعض اعتبر ذلك قبولاً ضمنياً بتلك التوقعات، التي تراهن على ارتفاع في سعر الفائدة بحلول أيار (مايو).
كينج كان حريصاً على رفض تلك الفكرة. وكان مصيباً بفعله ذلك. فالبنك يتخذ قراراته شهراً تلو شهر، لكن الغموض الاقتصادي الحالي من الاتساع بمكان ـــ والانقسامات داخل لجنة السياسة النقدية ـــ تشير إلى أن كل شيء يمكن أن يتغيّر خلال ثلاثة أشهر. والأمر يتوقف كثيراً على أرقام النمو المقبل ـــ لكن مثلما لا ينبغي الرهان كثيراً على الانكماش في الربع الرابع، لا ينبغي أيضا لجودة الربع الأول وحدها إخافة بنك إنجلترا ودفعه نحو المكابح.
والتطورات الأخيرة دفعت بنك إنجلترا إلى تعديل تصوره: يتوقع الآن تضخماً أكثر ونمواً أقل في 2011، مقارنة بتوقعات سابقة. وقلص توقعاته باتجاه تقديرات أقل وردية بالنسبة للطاقة الاحتياطية وتأثيرات التضخم في الجولة الثانية. ويضفي ذلك قدراً ضئيلا من الرشادة المتأخرة. لكن هناك أسبابا لاحتمال أن يكون عدم مبادلة الناتج بالتضخم أكثر سوءا مما كان يُعتقد.
أحد هذه الأسباب أن الأسواق تشك بشكل متزايد في الانحياز غير المتسق للبنك. إذا كانت لجنة السياسة النقدية ستفعل كثيراً لمنع الأسعار من الارتفاع بشكل متباطئ، مقارنة بارتفاعها بشكل متسارع، من المنطقي توقع أن يتجاوز التضخم مستوى 2 في المائة في الأجل الطويل. سبب آخر هو خطر التقليل من تقدير التأثير الواقع على التضخم جراء انتهاء الضغوط الانكماشية الآتية من الصين خلال العقد الماضي.
هذه هواجس تتعلق بالأجل الطويل. في الأجل القصير، البنك على حق في مزاعمه بأن ارتفاع التضخم يمكن إلى حد كبير إخماده بزيادات ضريبية ومن خلال تكاليف الطاقة وتراجع الجنيه الاسترليني ـــ وكلها عوامل للضغط لمرة واحدة على الدخل الحقيقي، وهو ما لا يمكن للسياسة النقدية منعه.
لكن ما يعد إلى حد بعيد خارج سيطرة البنك هو ما إذا كان العمال سيقبلون بتآكل أجورهم الحقيقية، أم أنهم سيطلقون حلزون الأسعار ـــ الأجور. في اقتصاد ما زال كاسداً، على صانعي السياسة النقدية الأمل في أن يكبح أولئك الذين بلا وظائف مطالب العاملين. هناك كثيرون ممن يواجهون وقتاً أكثر إيلاماً مما يواجه كينج.