في الغالب تذهب أكبر الأرباح إلى أولئك الذين هم أسرع الناس انتباهاً لوجود اتجاه عام آخذ في الظهور. لكن كثيراً من المستثمرين، وأنا من بينهم، غالباً ما يُفَوِّتون هذه الأرباح المبكرة بسبب ميل طبيعي في الإنسان يجعله ينتظر ورود أدلة إضافية قبل التصرف.
حل هذا الإشكال واضح. ينبغي أن نكون أسرع في اتخاذ الإجراء المناسب، خصوصاً إذا لم يكن هناك احتمال قوي بحدوث انحراف في الاتجاه العام.
من الأمثلة على ذلك الخطر المتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة. ليس هناك من يعلم متى سترتفع أسعار الفائدة، لكن من الواضح أن المستثمرين على جانبي الأطلسي يشعرون بالقلق.
وتستفيد الأسهم الأمريكية في الوقت الحاضر من التحسن الذي يشهده الاقتصاد. كما الاحتياطي الفيدرالي يدعي أنه لن يرفع أسعار الفائدة إذا كانت الزيادة ستهدد بإبطاء الانتعاش الاقتصادي. لكن المنطق السليم يشير إلى أن الموضوع هو مسألة وقت فقط قبل أن ترتفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى مستويات أقرب إلى المستويات الطبيعية.
الحقائق الكامنة خلف هذا الموضوع تختلف على الجانب الأوروبي من الأطلسي. فالاقتصاد البريطاني يعاني في الوقت الحاضر من المتاعب تحت ثقل الزيادات الضريبية وتخفيضات الإنفاق الحكومي وجمود الإنفاق الاستهلاكي. وعلى الرغم من هذه المشاكل، التضخم في ارتفاع. ويعتقد كثيرون أن بنك إنجلترا أساء فهم القوة التي يتسم بها هذا المنحنى التضخمي وإمكانيته المستقبلية.
ربما لا يكون هناك وجه حق في انتقاد بنك إنجلترا، لكن التصور السائد أكثر أهمية في الغالب من الواقع الفعلي في عالم الاستثمار. نتيجة لذلك يشعر المستثمرون البريطانيون كذلك بالقلق حول مصير أسعار الفائدة، على الرغم من الآفاق الاقتصادية الضعيفة لبريطانيا.
وفي الغالب يكون رد فعل سوق الأسهم سابقاً للأحداث الصاعدة، وأعتقد أن الوقت مناسب الآن للاستعداد للارتفاع في أسعار الفائدة. كيف سأشرح هذه الفكرة؟ يعطينا التاريخ دليلاً مثيراُ للتفكر.
تتفوق أسهم الشركات الصغيرة في الغالب من حيث الأداء على الشركات الكبيرة في بداية فترة ارتفاع الأسعار. ومن العوامل المساهمة في ذلك هو أن الأسماك الصغيرة تعتمد في الغالب على القروض البنكية. وهي تستفيد من أسعار الفائدة المتدنية التي تكون في الغالب متاحة قرب بداية الدورة.
شاهدنا مثالاً جيدا على قوة الشركات الصغيرة في عام 2009 حين ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز للشركات الصغيرة بنسبة 50 في المائة، مقابل زيادة مقدارها 22 في المائة فقط في مؤشر فاينانشيال تايمز 100. وتكرر حدوث هذا الاتجاه العام في 2010.
لكن الاتجاه غالباً ما ينتقل إلى الجهة الأخرى بمجرد أن تبدأ أسعار الفائدة في الارتفاع. فالشركات التي لا توجد عليها ديون كثيرة، أو التي لا ديون عليها تتمتع بميزة على الشركات التي لا بد لها من الاعتماد على القروض البنكية ذات التكلفة الأكبر.
هناك احتمال لأن يكون المستثمرون أخذوا منذ الآن باستباق هذا التحول المرتبط بأسعار الفائدة. في الفترة الأخيرة تفوق أداء مؤشر فاينانشيال تايمز 100 على أداء الشركات الصغيرة لمدة ثلاثة أسابيع متتالية. وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها ذلك في تموز (يوليو) 2010، حين تعزز المؤشر الرئيسي بدَفعة قوية في أسهم شركة بريتش بتروليوم، بعد هبوط حاد في الربع الثاني.
وأغلب ظني أن المستثمرين لم ينتبهوا إلى قروض الشركات في الأشهر الأخيرة، إلا إذا كانت القروض ضخمة أو خارجة عن السيطرة.
لكن القوة النسبية الأخيرة للشركات المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 100 والغنية بالأموال النقدية ربما تكون دليلاً عل أن مخاوف المستثمرين في حالة تغير الآن. إذا كان هذا صحيحاً، فقد آن الأوان للانتباه أكثر من ذي قبل إلى احتياطات الاقتراض لدى الشركات الكبيرة.
من الأمثلة الجيدة على الشركة التي تلفت نظري في هذه البيئة الجديدة للتداول هارفي ناش، المتخصصة في التوظيف. في الأسبوع الماضي كان البيان الأولي مثيراً. ذلك أنه لا توجد ديون على هارفي ناش. وقد حققت زيادة في الأرباح بنسبة 46 في المائة، وكانت هذه الزيادة أكبر بكثير من توقعات الحي المالي في لندن. وزادت الشركة توزيع الأرباح على الأسهم، وتشعر بأن مستقبلها سيكون قوياً.
وارتفعت أسهم الشركة بسبب قوة هذا البيان الأخيرة، لكنني أعتقد أن سعر السهم لا يزال أدنى من قيمته الحقيقية بصورة لا يستهان بها. وتبلغ النسبة الحالية لسعر السهم إلى الأرباح نحو نصف النسبة الموجودة لدى الشركات الرائدة في هذا القطاع.
ووفقاً لكيفن لابْوُود، من شركة سيمور بيرس للوساطة المالية، هناك ثلاثة مواضيع تثير حماسة المستثمرين في هذا القطاع: آفاق النمو في جنوب شرقي آسيا، والتغيرات الهيكلية ضمن سوق العمل الأوروبية، والنمو الذي يحدث الآن في الاقتصاد الأمريكي. وتحتل شركة هارفي ناش موقعاً جيدا في هذه المجالات الثلاثة كافة.
ويعطينا الرسم البياني لحركة السعر دليلاً إيجابياً آخر. لاحظ أن عددا ًمن الاندفاعات في أسعار الأسهم سجلت الذروة في المجال نفسه خلال الشهور الـ 18 الأخيرة. وهناك ''خط مقاومة'' يصل بين كل نقطة من نقاط الذروة. ومنذ ذلك الحين تراجعت إلى منطقة المقاومة، حيث انتهى التراجع بصورة سريعة. ومن الناحية العملية أصبحت المقاومة من العوامل المساندة.
هذه الأنماط التي تتسم ''بالانقلاب في المقاومة والمساندة'' كانت بالنسبة لي من العلامات القوية في تحقيق الأرباح في الأسابيع الأخيرة. وفي الغالب، العودة إلى خطوط المقاومة السابقة تفيد للاستخدام كقاعدة يتم منها انطلاق جولة الاندفاع الثانية. والحركة المتعلقة بالسعر في الأسبوع الماضي تشير إلى أن أسهم هارفي ناش تتبع الآن هذا الاتجاه العام.
الكاتب مؤرخ لسوق الأسهم، ومتداول نشط في التعاملات القصيرة الأجل، ويكتب عن تعاملاته الخاصة.