على الرغم من أنه خسر قضيته بالتأكيد الآن، يواصل العقيد القذافي قمع الشعب الليبي بشراسة. ومن المفجع أن شرذمة من المؤيدين المسلحين ينفذون تعليماته بـ''القتال حتى الموت'' و''تطهير ليبيا بيتاً بيتاً''. فالتظاهرات في مختلف المدن تم قصفها وهوجمت بالمدفعية ونيران البنادق.
إن قدرة العقيد القذافي على إحداث المعاناة ربما كانت في حالة اضمحلال. فهناك أعداد متزايدة من طياريه ينشقّون، وهناك علامات على أن ولاء الجيش له يهتز في ظل الضغط. ومعظم البلاد بات خارج السيطرة المباشرة، لكن لا ينبغي التهوين من شأن نواياه الوحشية.
ومع أنه حاول استعارة صفحة من كتاب حافظ الأسد في قصف شعبه، مثلما فعل الزعيم السوري عام 1982، إلا أن الديكتاتور ربما يسعى بالأحرى إلى محاكاة صدام حسين. وفي حال أحرق حقول النفط، فإن العواقب يمكن أن تكون وخيمة ليس بالنسبة لليبيا فحسب، بل للاقتصاد العالمي.
ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يكتفي ببساطة بالفرجة والسماح بحدوث ذلك. يجب أن يكون الكل معنيّاً بكبح جماح العقيد القذافي وتمكين ليبيا من الاستمرار بلا إرباك على درب الحرية والكرامة.
الأمر الأول يجب أن يكون الحد من قدرة القذافي على إلحاق الأذى. ولتحقيق هذه الغاية على مجلس الأمن أن يفرض على الفور حظرا على الطيران في المجال الجوي الليبي. وهذا كفيل على الأقل بمنع استخدام قوته الجويّة لقصف المتظاهرين، أو تحريك قواته وجلب المرتزقة لتطويل أمد القتال. ولجعل ذلك فعالا بشكل حقيقي، ينبغي أن يشمل الحظر الطائرات العمودية وكذلك الطائرات ذات الأجنحة الثابتة.
ومثل هذه الإجراءات لن تكون جديدة على مجلس الأمن. فقد فرض منطقة حظر طيران فوق كردستان العراق عام 1991 لحماية السكان من فظائع صدّام حسين، على الرغم من أنه استغل في وقت لاحق ثغرة الطائرات العمودية لقمع التمرد. صحيح أن موافقة الصين وروسيا ستكون مطلوبة لمثل هذه الخطوة، وقد كانتا تاريخياً حساستين تجاه أي شيء يمس السيادة الوطنية. لكن سيكون من الصعب على البلدين تبرير منع صدور قرار، بالنظر إلى تهديدات العقيد القذافي المقلقة بشكل متزايد. وغداة المجازر في رواندا قبل مجلس الأمن بأن هناك ''مسؤولية لحماية السكان'' من فظائع يقترفها حكامهم.
ومنطقة حظر الطيران مجرد جزء من القصة. على المجتمع الدولي كذلك مسؤولية ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان الليبيين. ينبغي فتح ممرات من تونس ومصر يدخل من خلالها مثل هذا العون. وعلى الأمم المتحدة أن تكون مستعدة لحماية المنشآت النفطية إذا ما بدأ العقيد القذافي في تدميرها.
إن الحكم السيئ للعقيد القذافي آيل بالتأكيد إلى نهايته بفضل شجاعة الليبيين. وفي حين أن العالم العريض لا يمكن أن يخوض معركة الليبيين نيابة عنهم، إلا أن عليه أن يفعل ما يمكنه للحد من قدرة الديكتاتور على إحداث الضرر فيما يؤمل أن يكون أيامه الأخيرة.