واطسون، كمبيوتر IBM فائق القدرات الذي اتخذ مكانه في الأسبوع الماضي، مطلقاً بذلك نقاشاً محموماً حول محدوديات الدماغ البشري. وهو قادم من أجل صناعة الخدمات المالية وربما يصل، ومعه إخوته، قريبا إلى البنك المجاور لدارك.
إن القطاع المالي الذي يخرج مضطرباً من أزمة قضت على معظم منتجاته المربحة، ومن إصلاح تنظيمي شامل يحد من النشاطات عالية الربحية، يرى في تكنولوجيا المعلومات منقذا له.
حين سألت قبل أشهر قليلة، جيس ستالي، رئيس بنك جيه بي مورجان شيز الاستثماري، عن كيفية استمرار صناعته في حقبة تتسم بعوائد أدنى، أجابني بكلمتين: ''التكنولوجيا والثورة''.
وفي الأسبوع الماضي كشف ستالي أثناء حديث إلى مستثمرين ملأوا إحدى القاعات، أن جيه بي مورجان قطع نصف الطريق في خطة مدتها خمس سنوات لتقليص المنصات الخارجية لتداول العملة لديه من عشر إلى اثنتين، من خلال استخدام أنظمة تكنولوجيا معلومات أكفأ.
ويعني ذلك وفراً سنوياً يبلغ 300 مليون دولار بحلول عام 2014، والقضاء على إعادة نشر ما يصل إلى ثلاثة آلاف وظيفة.
ومعظم مؤسسات وول ستريت لديها التوجه نفسه. وبحسب ديفيد فنيار، كبير المسؤولين الماليين في جولدمان ساكس، بات موظفو تكنولوجيا المعلومات يشكلون ما يقارب ثلث موظفي البنك، أي ضعف عددهم قبل عقد من الزمن.
وهذه الاستراتيجيات ليست جديدة. فإذا استمعت جيداً، تجد أن أساطين وول ستريت هم أقرب إلى هنري فورد منهم إلى بيل جيتس. وإذا استطاعت المجموعات المالية من خلال تكنولوجيا المعلومات أتمتة المهام التي يقوم البشر المعرضون للأخطاء، والذين يحصلون على علاوات هائلة، فإن قاعدة تكاليفها ستتقلص، الأمر الذي يعزز الأرباح ويبعث السرور في قلوب المستثمرين.
وعلى النقيض من الأسهم التي كانت تتداول إلكترونياً منذ سنوات، فإن الدخل الثابت لا يزال يرتكز على العامل البشري. ويعود ذلك جزئياً إلى أن معظمه مكون من مشتقات مفصلة مسبقاً، وغير مدرجة في بورصات التداول.
وخلال السنوات الجيدة مكّن غياب شفافية السعر بخصوص هذه المنتجات التي يتم التداول بها مباشرة خارج البورصات، البنوك من تقاضي أسعار مرتفعة من الزبائن. لكن في بيئة يوقع فيها المنظمون العقوبات على الأصول السائلة ويدفعون بمزيد من المشتقات نحو البورصات، فإن اللمسة البشرية أصبحت عبئاً لا بد من استبداله بالعمليات اللوغاراثمية الأرخص.
ويبدو ذلك جيداً من الناحية النظرية، خصوصا لأن لدى البنوك كثيرا من زاد تكنولوجيا المعلومات. لكن على الرغم من كل مظاهر تكنولوجيا المعلومات التي يمتلكها قطاع البنوك (الشاشات الحمراء، والخضراء، والميزانيات الضخمة لتكنولوجيا المعلومات، والمصرفيين الذين يحملون أجهزة الاتصال)، فإنه غير كفء على صعيد تكنولوجيا المعلومات بشكل محزن.
والسبب الرئيسي لذلك هو أنه بينما نما عمالقة القطاع المصرفي من خلال عمليات الاستحواذ، فقد تم ترزيم أنظمة تكنولوجيا المعلومات على عجل ودون أن تكون متكاملة.
وفي وقت قريب يعود إلى عام 2009، كان لدى سيتي جروب التي هي نتيجة لأربع عمليات اندماج على الأقل، 25 ألف مطور برامج، أي أكثر مما لدى كثير من شركات وادي السيليكون.
ويقدر جيه بي مورجان، مثلا، أن إحداث التكامل التكنولوجي لديه في مجال العملات الأجنبية سيكلفه نصف مليار دولار. وإذا ضربت هذا الرقم في خطوط منتجات وبلدان عديدة، فإن عدداً قليلاً فقط من المؤسسات المالية سيتمكن من المشاركة في الثورة التكنولوجية دون إلحاق الأذى بالأرباح قصيرة الأجل. ويكاد يكون في حكم المؤكد أن التوسع في استخدام التكنولوجيا سيعمل على تقليل هوامش الأرباح، بينما يرفض الزبائن دفع أموال إضافية مقابل التداول الإلكتروني.
ونجد في كريدي سويس، وهو مشارك كبير في عمليات تداول الأسهم إلكترونياً، أن التداول المؤتمت يشكل أكثر من 90 في المائة من حجم التداول، إلا أنه يساهم فقط بـ 42 في المائة من العوائد. ويمكن لكريدي سويس وبنوك قليلة، مثل جولدمان، إنجاح ذلك لأن الكمبيوترات فائقة القدرات لديها تمكنها من إدخال كميات كبيرة من التداولات عبر أنظمتها.
وأضافت التكاليف المباشرة الأولى للتكنولوجيا ميزة أن تكون عائقاً أمام داخلين جدد، الأمر الذي يتيح لخمسة، أو ستة من كبار المشاركين الهيمنة على الوضع.
لكن ما الذي يحدث إذا لم يرغب المستثمرون في تداول كل شيء إلكترونياً؟ وبالطريقة ذاتها التي لا يشتري بها الناس المنازل، والسيارات، والقوارب على الشبكة؟