الأزمات الدولية لا تهتم بعطلات نصف الفترة البريطانية، وهو ما أدركته حكومة ديفيد كاميرون على نحو أثار انزعاجها. فقد تعرض الائتلاف لتقريع شديد خلال الأسبوع لاستجابته الخاملة للأزمة الليبية – خاصة تباطؤه في إجلاء البريطانيين من البلد. ومن المربك أن يتم ترك مقر رئاسة الوزراء شاغراً، بوجود كاميرون في الشرق الأوسط ونائبه، نيك كليج، في منحدرات التزلج مع عائلته في سويسرا.
بالتأكيد كان من الممكن أن تتم عملية الإجلاء بسرعة أكبر، لكن سيكون من غير المنصف السماح لذلك بتعريف استجابة كاميرون لما يعد أكبر تحدٍ له في السياسة الخارجية.
فقد كان رئيس الوزراء أمام أزمة متشعبة. ومن سوء الحظ، وربما من المفيد، أنه كان مقرراً أن يذهب في خضم الأزمة إلى أبو ظبي برفقة وفد من العاملين في مجال التسلح. لكنه على أي حال، كان قادراً على إنقاذ الموقف بالتوقف في القاهرة، وإلقاء خطاب مناصر للديمقراطية في الكويت، وبالتالي وضع نفسه إلى جانب قوى الحرية.
إن حجم التغيير الضارب على امتداد العالم العربي مذهل. ولم يعد من العجيب وصفه بـ ''لحظة 1989'' الشرق أوسطية. وينبغي لبريطانيا أن تضع نفسها بوضوح إلى جانب الإصلاحيين. فأيا كان عدم الاستقرار في المدى القصير، فإن مصالح بريطانيا في المدى الطويل – ومصلحة القارة الأوروبية الواسعة – تكمن في تقدم دول من شاكلة مصر وليبيا نحو انفتاح سياسي واقتصادي أكبر.
لكن كاميرون في حاجة إلى طرح ما يتجاوز الأقوال. ففي السياق الليبي اقترح تدابير غير مثيرة للجدل، مثل احتجاز أصول النظام. ولعل ما هو أكثر صلة بالأمر، تذكيره العقيد القذافي بأن ''العدالة الدولية لها ذراع وذاكرة طويلتان''.
ربما كان التزام الحذر أمرا حتمياً في وقت يظل فيه مواطنون بريطانيون عالقون في ليبيا. كذلك الواقع يقول إن بريطانيا بمفردها لا تستطيع فعل الكثير. وإذا كان كاميرون يتطلع إلى تشكيل الأوضاع، فليس بوسعه فعل ذلك سوى بجمع الأوروبيين مع الأمريكيين وإقناعهم بتنسيق تحركاتهم. فالتحدي يتجاوز إدارة الأزمة في المدى القصير، ويمتد ليشمل إيجاد استراتيجية أوسع تجاه المنطقة.
ويستطيع المجتمع الدولي فعل ما هو أكثر لوقف العقيد القذافي. وهذه الصحيفة تعتقد بوجوب إنشاء منطقة حظر طيران تحدّ من قدرته على شن الحرب، كما ترى ضرورة تقديم مساعدات إنسانية. لكن في المدى الطويل هناك حاجة إلى مساعدة الدول العربية على بناء مؤسسات سياسية حرة، وقضاء مستقبل، وحياة مدنية. والحمائية التي تضر بالصادرات العربية ينبغي التخفيف منها.
بالطبع، اللاعب الأساسي في كل هذا هو الولايات المتحدة. لكن كاميرون يستطيع أن يلعب دورا من خلال العمل المتجانس مع فرنسا والاتحاد الأوروبي. ولعب ذلك الدور بصورة حكيمة سيتفوق على أي عثرات للحكومة في عطلة نصف الفترة.