في ظل تفاقم تداعيات أزمة ديون اليونان ..
كيف ستنعكس على تعافي الاقتصاد العالمي وبالتالي على أسعار النفط ؟
فيما تتجه الكثير من المؤشرات الاقتصادية في إرجاء العالم لإظهار التعافي ، تثير أزمة ديون اليونان مخاوف من أن تهدد هذا التعافي وإعادة الاقتصاد العالمي نحو المربع الأول الذي انطلقت منه وهو انهيار مؤسسات مالية مقرضة لليونان ودول أخرى كأسبانيا والبرتغال. ففي الوقت الذي يرى صندوق النقد أن الاقتصاد العالمي سينمو بمعدل أسرع مما كان متوقعا هذا العام ليحقق نسبة نمو 4.2 في المائة.
حيث توقع أن تحقق الولايات المتحدة نسبة نمو اقتصادي عالية، وان تكون اقل نسبة نمو في أوروبا وان تنمو الاقتصاديات الصاعدة، خاصة في آسيابمعدلات عالية بحيث تكون المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد العالمي , وفي الوقت الذي ترى فيه مجموعة العشرين إن التعافي الاقتصادي على المستوى الدولي حقق نتائج أسرع من المتوقع ،
في هذا الوقت تتفاقم تداعيات أزمة ديون اليونان لتلقي بظلال قاتمة على آفاق النمو المتوقعة.
فديون اليابان ليست مشكلة محلية بل هي عالمية الأبعاد
كون هذه الديون منتشرة على مساحة واسعة من المصارف المنتشرة في الاقتصاديات المتقدمة وعبر الشبكة المصرفية العالمية. ومما يزيد من خطورة الموضوع أن دول أخرى قد تعاني من انهيارات مالية إذا ما تفجرت أزمة ديون اليونان. تفجر هذه الأزمة في حال لم تقم اليونان بدفع المستحقات لهذا العام و المقدرة ب 40مليار ، سيكون أمرا مشابها لتفجر أزمة الأصول السامة التي تولدت عن الرهون العقارية في 2008 ، صحيح أن مبالغ المستحقات على اليونان اقل بكثير من من السندات والمشتقات المهيكلة في عام الازمة العالمية ، ألا ان تفجر ازمة ديون اليونان سيفجر فورا ديون البرتغال واسبانيا لان هذه الدول ستعجز عن السداد كونها لن تجد الأسواق المشترية لسندات جديدة تسد بها القروض السابقة المستحقة خصوصا بعد ان جاء قرار مؤسسة ستاندرد أند بور حول التخفيض الائتماني لليونان والبرتغال، حيث أن المؤسسة أشارت إلى تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية طويلة وقصيرة الأجل من BBB+ و A-2 إلى BB و B على التوالي، مما بعث تطلعات مستقبلية متشائمة. وهو ما خلق ضغطا متزايدا على كل من اليونان والبرتغال وخاصة بالنسبة للديون المحملة على تكاليف الاقتراض التي تواصل ارتفاعها، الأمر الذي أجبر كل منهم على تنشيط عملية الإنقاذ في المقام الأول، هذا في الوقت الذي تتوارد فيه الأنباء عن تشدد المستشارة الألمانية ميركل حول تقديم المساعدات الى اليونان، مما أوصل عوائد سندات الاستحقاق لعشرة أعوام إلى أعلى معدل لها منذ حوالي احدى عشر عاما، اضافة توسع الفارق ما بين السندات اليونانية السيادية والسندات الألمانية القياسية إلى أعلى مستوى منذ أي وقت مضى. هذا يشكل ضغطا متزايدا على كل من اليونان والبرتغال وخاصة بالنسبة للديون المحملة على تكاليف الاقتراض التي تواصل ارتفاعها. قرار تخفيض التصنيف الائتماني للدون السيادية نشر الرعب حول مسألة الضمان الذي يمكن ان تقدمه اليونان للبنك المركزي الأوروبي مقابل المساعدات التي يمكن ان يقدمها الأتحاد الأوربي ، مما قد يعمل على تفاقم الأزمة لتعمل على إعادة تجميد السيولة في الأسواق والتي قد تتشكل أيضا من التشاؤم الذي عم الأسواق.
ومع ذلك يبقى السؤال هو
هل ستحصل اليونان على ما يدعم خطة الإنقاذ ؟
بعد أن طالبت اليونان من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بتفعيل خطة الإنقاذ ، تمكنت هواجس عديدة من التشكك في فعالية المساعدات ، مشيرين إلى أن الوضع حتى الآن أكثر تعقيدا خصوصا في خضم إعلان مؤسسة ستاندرد أند بور الخاصة بالتقييمات الائتمانية، حول قيامها بتخفيض التصنيف الائتماني لليونان. الأهم في تلك الهواجس هو ما صدر عن المانيا التي اكدت على ان على اليونان ان توافق على إجراءات تقشفية كبيرة قبل ان تتسلم اي مساعدات مالية من الاتحاد الاوربي، وان عدم تنفيذ مثل هذه الإجراءات التقشفية سيهدد الدعم المقترح والتي حذرت أيضا من أن رفع الضغط عن كاهل اليونان بسرعة قد يرخي من الجهود المطلوبة لوضع البلد على الطريق الصحيح في تصحيح أوضاعه المسرفة في البذخ الذي لا يتناسب مع الإمكانات الاقتصادية وعلى مدى مواصلة اليونان خلال السنوات القادمة لبرنامج الادخار الصارم الذي بدأت به. غير ان ما يمكن ان يساعد اليونان على تقوية إجراءات التقشف هو تفعيل حزمة المساعدات (شبكة الأمان) التي يجري التفاوض بشأنها بين المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي من جهة واليونان من جهة أخرى، والتي ستكون ستكون جاهزة الأسبوع المقبل (مطلع مايو). إذ أن تلكؤ اليونان في تنفيذ المطالب الألمانية هو المعرضة الشعبية التي تخشى ممنها الحكومة وتشل حركتها في اتخاذ ما يلزم لمواجه الشروط التي يفرضها كل من الضندوف وتسانها الحكومة الألمانية يشدة والتي تتمثل بإجراءات تقشفية تحت إشراف صندوق النقد الدولي فضلا عن زيادة الضرائب وخفض الأجور وهي الخطوات التي أعلنتها الحكومة اليونانية بالفعل في وقت سابق. وفي تقديرنا ومها اشتدت معالم الأزمة المالية لليونان ، لإانها لن تصل الى التفجر والانتشار عاميا لأسباب عدة :-
· ولها ان العالم مدرك ومتيقظ لهذه الأزمة وانعكاساتها ونتائجها بخلاف الأزمة التي تفجرت اعقاب الرهون العقارية التي لم تكن في الحسبان حتى في أذهان وكالات التصنيف الائتماني
· أزمة ديون اليونان لها أبعاد سياسة قد تؤثر بمصير الاتحاد الأوربي الذي قد يتفكك اذا ما خرجت اليونان من منطقتة النقدية
· ان التأخير الذي نشهده من قبل ألمانيا وصندوق النقد الدولي هو في الواقع محاولة لمزيد من الضغوط على المعارضة الشعبية في اليونان والتي تعارض الإصلاحات من اجل أن تكف عن التظاهر والاحتجاج من اجل الحصول على المكاسب وعدم فقدانها
لهذه الأسباب نعتقد أن أزمة اليونان التي أدت إلى حالة من الهلع انعكست يوم الأربعاء على الأسواق العالمية والخليجية التي تراجعت جميعها ،
سوف تشهد حلا أكيدا من المساعدات الأوربية وقروض صندوق النقد. وهذا يقودنا إلى موضوعنا الرئيسي وهو آفاق النمو العالمي الذي بدأ واضحا تسارعه في الولايات المتحدة. فقد أعلنت الكثير من الشركات الأمريكية عن نتائجها المالية الخاصة بالربع الأول المنتهي في الحادي والثلاثين من شهر آذار من العام الحالي 2010 ، مع الإشارة إلى أن تلك البيانات أظهرت تواصل التحسن الذي تشهده الأنشطة الاقتصادية في البلاد مما يدعم عجلة التعافي والانتعاش ضمن الاقتصاد الأمريكي، مع العلم بأن معظم تقارير الشركات الأمريكية والتي صدرت خلال الأسبوع الماضي دلت على قوة أداء الشركات الأمريكية خلال الربع الأول. كما أن النظرة المستقبلية للنشاط الاقتصادي خلال الثلاثة إلى الستة أشهر المقبلة والتي تظهرها المؤشرات القائدة تشير الى أن بأن الاقتصاد الأمريكي يواصل المسير في الطريق الصحيح للتعافي والانتعاش من تبعات أسوأ أزمة مالية. فقد ارتفع المؤشر إلى 1.4% بالمقارنة مع القراءة السابقة المعدلة والتي بلغت 0.4%. كما أظهر مؤشر أسعار المنتجين، بقاء معدلات التضخم بل والتهديدات التضخمية تحت السيطرة. من جانب آخر أظهرت مبيعات المنازل القائمة ارتفاعا بأعلى من التوقعات خلال شهر آذار الماضي بنسبة 6.8% لتصل إلى 5.35 مليون وحدة سكنية، في حين ارتفعت مبيعات المنازل الجديدة خلال الشهر ذاته لتؤكد على ذلك التحسن في القطاع، حيث جاء ارتفاعها بنسبة 26.9%.
لكل ما تقدم فأن الاقتصاد العالمي سيواصل النمو وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي بمعدل 4.5 يوميا وهي معدلات مقاربة لفترة ما قبل الأزمة العالمية مما سيعطي للنفط زخما صعوديا ربما تعطل في الأسبوع الماضي بسبب تراجع سعر صرف اليورو الذي يرتبط بعلاقة طرديه مع أسعار النفط وعكسية مع الدولار الذي بدوره يرتبط مع أسعار النفط بعلاقة عكسية أدت الى الحد من الـجاه الصعودي للنفط في الأسبوع الماضي حيث ارتفع سعر صرف الدولار تجاه اليورو.
((( منقول ))))