الريال السعودي في مأزق بسبب الدولار الأمريكي
بعد تجدد أزمة الولايات المتحدة الأمريكية من جديد وإعلان مؤسسة التصنيف الائتماني تخفيض التصنيف الائتماني لها إلى AA بعد أن كان AAA، في ظل ما يعانيه الاقتصاد الأمريكي من انكماش وارتفاع معدلات الدين العام وعجز الموازنة وعدم قدرتها على سداد ديونها قصيرة الأجل، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار محتمل للدولار الأمريكي، وهو ما سوف يترتب عليه حدوث كارثة اقتصادية عالمية بسبب ارتباط عملات معظم دول العالم بالدولار الأمريكي في الوقت الذي تمتلك فيه هذه الدول احتياطي كبير جدا من الدولار.
ومن هنا بدأت المخاوف تتصاعد في المملكة العربية السعودية بسبب الخوف من انخفاض قيمة الريال السعودي وفقدان جاذبيته الاستثمارية، إلى جانب القلق بشأن انخفاض الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة والتي تأتي معظمها في سندات الخزانة الأمريكية التي تعثرت الولايات المتحدة عن سداد مستحقات هذه السندات على المدى القصير، في الوقت الذي تعالت في الأصوات منادية بفك هذا الارتباط، إلى جانب المطالبة بإعادة النظر في السياسة النقدية وسعر صرف الريال السعودي.
وعلى صعيد آخر فقد أشار عددا من الخبراء إلى أن عملية فك ارتباط الريال بالدولار يقلل احتمالية هروب الأموال من الدولار ومنطقة الدولار، وذلك لأن مثل هذا المؤشر السلبي لتخفيض تصنيف الديون الأمريكية الذي أحد حلوله تخفيض قيمة العملة بطريقة أو بأخرى، من المتوقع أن يؤدي إلى خفض قيمة الدولار، وفي اللحظة التي يشعر فيها المستثمرون بانخفاض الدولار سيكون هناك هروب منه ومن الدول المرتبطة به، وهذا يجعل هروب الأموال من الريال السعودي المرتبط بالدولار الأمريكي، أو على الأقل لن يكون الريال السعودي جاذبا للاستثمارات في هذه المرحلة تخوفا من انخفاض قيمته.
كما أن تخفيض تصنيف الديون الأمريكية سينعكس على قيمة الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة والعائدات المستقبلية وربحيتها، وهو ما أصبح ضروري أنه على المملكة أن تخرج باستثماراتها من الاقتصاد الأمريكي إلى الدول النامية التي بدأت تصبح من أهم محركات الاقتصاد العالمي في المستقبل.
ومع تعالي الأصوات بالخوف حول الريال، جاءت المخاوف أيضا تجاه النفط، الذي شهد انخفاضا خلال الأسبوع الماضي، إذا ما انهارت قيمة الدولار الذي يتم تسعير النفط به، ولكن من جانبه أشار الدكتور عبد الله باسودان عضو المجلس الاقتصادي الأعلى سابقا أنه لن يكون هناك تأثير على أسعار النفط بسبب أزمة الديون الحكومية الأمريكية إلا إذا انعكس صورة هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي ككل.
ولكن من ناحية أخرى أشار باسودان إلى أنه سوف يكون هناك تأثيرات غير مباشرة للأزمة الحالية على النمو العالمي للطلب على النفط إذا ما تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما سينتج عنه انخفاض قيمة إيرادات المملكة النفطية، ولكن المشكلة تكمن في أن المملكة جزء من مجموعة الأوبك وبمفردها لن تستطيع التحرك، ففي حال استطاعت أوبك خلق آلية لوضع مؤشر آخر من مجموعة من العملات للنفط سيكون أفضل لكنها ستكون في حاجة إلى سوق نفطية.