الدولار الأمريكي ينخفض رغم الثقة المهتزّة في السوق
اعتدنا أن نرى الدولار الأمريكي يترفع مقابل سلّة العملات الأجنبية عندما تسود الأسواق حالة من عدم اليقين و التشاؤم، أو حتى عندما تكون الثقة مهتزّة في الأسواق، نجد الدولار الأمريكي يكتسب العزم الصاعد في ظل الاتجاه له بعد التخلّي عن الأصول المرتفعة العائد. لكن، هذا اليوم نرى الدولار الأمريكي ينخفض رغم التوتّر الذي يسود الأسواق المالية و القلق تجاه أزمات الدين الأمريكية و الأوروبية و التباطؤ في الاقتصاد الدولي.
محضر اجتماع البنك البريطاني أظهر هذا اليوم اتجاه 8 أعضاء من أًصل 9 للتصويت مع الإبقاء على سعر الفائدة عند المستوى الحالي، هذا و قد قرر البنك البريطاني سابقاً الحفاظ على سعر الفائدة عند المستوى المتدني القياسي و كذلك الإبقاء على برنامج شراء الأصول على ما هو عليه. و البيانات الاقتصادية التي صدرت هذا اليوم تظهر لنا بأن البطالة في المملكة المتحدّة ارتفعت على غير المتوقع إلى مستوى 7.9% بحسب مؤشر ILO، لتثبت لنا ضعف الاقتصاد البريطاني عامةً. إن ذلك جعل تأثير انخفاض سعر صرف الجنيه الإسترليني على الدولار الأمريكي محدوداً، حيث نرى الجنيه يتداول في ميل للحيادية الآن بعد انخفاض حاد أصابه خلال الجلسة الأوروبية.
انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني هذا اليوم نحو مستوى 1.6349 دولار للجنيه الإسترليني الواحد متأثراً في بيانات بريطانيا السلبية و الاتجاه في البنك البريطاني نحو الإبقاء على سياسات التسهيل الائتماني على ما هي عليه. لكن، ضعف الدولار الأمريكي ساعد الجنيه على العودة للارتفاع قليلاً ليعوّض الخسائر و يتداول ببعض الإيجابية في هذه اللحظات بعد تحقيقه للأعلى عند 1.6470 دولار للجنيه الإسترليني الواحد. بشكل عام، المكاسب التي حققها الجنيه الإسترليني اليوم على الدولار الأمريكي تعتبر محدودة جداً، لكن من الملاحظ بأن الجنيه الإسترليني يتداول في اتجاه صاعد مقابل الدولار الأمريكي للجلسة الخامسة على التوالي.
بالنسبة للتحليل الفني، فتداول الزوج و ثباته فوق الدعم 1.6365 هو أحد الأسباب التي أوقفت الضغوط السلبية على الزوج، فيما حالياً يبقى أمامنا مستوى 1.6470 و الذي يعتبر مقاومة مصيرية أمام الزوج، و التي باختراقها قد نرى الجنيه يدفع أكثر نحو الأعلى مقابل الدولار الأمريكي. لكن، يجب أن نعلم بأن الفشل في اختراق هذه المقاومة سلبي بحد ذاته للجنيه الإسترليني مقابل الدولار.
بالنسبة لليورو، فقد انخفض هذا اليوم بشكل حاد، فالمتداولون كانوا يأملون بأن يسفر اجتماع الرئيس الفرنسي و المستشارة الألمانية عن دعم للدول الأوروبية، لكن خيّب الاجتماع ظنهم. لكن، استطاع سعر صرف اليورو العودة للارتفاع بشكل كبير معوّضاً كل الخسائر و ليتداول في إيجابية مقابل الدولار، فبيانات التضخم التي صدرت اليوم ما زالت تظهر بأنه من الصعب على البنك المركزي الأوروبي حالياً خفض الفائدة، فمستوى التضخم ما زال عند مستويات 2.5% و هذا فوق المستوى المريح للبنك قريباً ما دون 2.00%.
بعد أن لامس سعر صرف اليورو مقابل الدولار مستوى 1.4323، اندفع صعوداً بشكل سريع جداً ليعود و يستقر في مستوياته المرتفعة، و استمرت الموجة الصاعدة آخذة سعر صرف اليورو لملامسة الأعلى له منذ 27/تموز الماضي ليحقق الأعلى له مقابل الدولار عند 1.4489 دولار لليورو الواحد. إن التحليل الفني يظهر لنا بأن ثبات اليورو فوق مستوى 1.4455 قد يكون دافعاً لاستمرار الاتجاه الصاعد و اختبار مستويات حول 1.4560 دولار لليورو الواحد، بيد أن الفشل في الثبات فوق المستوى المشار له، قد يضعف الاتجاه الصاعد و يعيد سعر صرف اليورو للتداول ضمن النطاق المعتاد منذ الخامس من الشهر الماضي.
أظهر لنا زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني أن ما يجتاح الأسواق المالية حالياً هو ضعف في الدولار، فقد انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني هذا اليوم وسط إقبال المتداولين للين الياباني في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق المالية مهملين بذلك احتمالات تدخّل بنك اليابان لخفض سعر صرف الين الياباني الذي بارتفاعه يتضرر الاقتصاد الياباني بشكل كبير.
انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني هذا اليوم بعد ملامسته للأعلى عند 76.48 ين للدولار الأمريكي الواحد ليلامس الأدنى له عند مستوى 76.45 ين للدولار، لكن رغم الانخفاض الذي شهده سعر صرف الدولار هذا اليوم، ما زال ضمن النطاق المعتاد له منذ ستّة جلسات ماضية، لكنها قريباً من أدنى مستويات تاريخية على الزوج.
يؤكد لنا التحليل الفني بأن مستوى 76.45 و الدعم 76.25 يمثّلان الدعوم التي يجب أن تثبت أمام محاولات الين لسحب الدولار هبوطاً، حيث أن كسر تلك المستويات قد يكون إنذاراً في مزيد من الاتجاه الهابط للدولار الأمريكي. في المقابل، يحتاج الدولار لأن يشهد ارتفاعاً فوق مستوى 77.40 من أجل إثبات دخوله في اتجاه صاعد جيد. في الحقيقة، طالما بقيت التداولات بين مستوى المقاومة و الدعم المشار لهما، قد يبقى الاتجاه الجانبي العام مسيطراً.
تحمل لنا الجلسة الأمريكية هذا اليوم بيانات اقتصادية مرتبطة في التضخم، هي بيانات أسعار المنتجين. التوقعات تشير إلى احتمال قليل من الارتفاع في أسعار المنتجين على مستوى شهر تموز، لكن مع استقرار مستوى التضخم في الأسعار على المدى السنوي، لكن في القيمة الجوهرية، فالتوقعات تشير إلى انخفاض طفيف في مستوى نمو الأسعار. إن بيانات التضخم قد تكون إشارة أخرى تضاف في رصيد توقعات ماذا سوف يقوم به الفيدرالي الأمريكي لاحقاً للسيطرة على التباطؤ الاقتصادي و الحد من احتمال عودة الاقتصاد الأمريكي نحو الركود، و في حال أظهرت البيانات انخفاضاً واضحا ًفي التضخم في أسعار المنتجين، قد نرى الدولار الأمريكي يستمر في اتجاهه الهابط هذا اليوم.