أسواق العملات في انتظار تصريحات مصيرية
في خضم أزمة الديون السيادية الأوروبية و التباطؤ الاقتصادي في العام إلى جانب التباطؤ الواضح الذي يبديه الاقتصاد الأمريكي، أصبح من الضروري أن نرى تصريحات من مسئولين كبار في الدول العظمى تعطي تلميحات عن ما هي السياسات التي سوف يتم إتباعها من أجل إنقاذ الاقتصاد الدولي من تباطؤ حاد قد يودي به للركود مجدداً.
قرار البنك المركزي البريطاني
شهدنا البنك البريطاني هذا اليوم يحتفظ بسعر الفائدة عند نفس المستوى السابق 0.50% لمحاولة إيقاف التباطؤ الاقتصادي الذي ظهر في البلاد، و كذلك حافظ البنك على سياسة شراء الأصول عند المستوى 200 مليار جني لنفس السبب المذكور. أظهر الاقتصاد البريطاني انخفاضاً في النمو خلال الربع الثاني، حيث انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي من 0.5% إلى 0.2%، و لو بقي التباطؤ في نفس الوتيرة، فقد نرى انكماشاً اقتصادياً في بريطانيا كنتيجة الربع الثالث الجاري، و هذا ما لا يريده البنك البريطاني.
تأثير قرار البنك البريطاني على زوج الجنيه مقابل الدولار
تذبذب الجنيه الإسترليني بشكل حاد جداً قبل و بعد إصدار القرار، حيث أن المتداولين توقّعوا أن يضيف البنك على مبلغ الـ 200 مليار جنيه لدعم الاقتصاد، لكن عدم إقرار مثل هذه السياسة، دفع في سعر صرف الجنيه الإسترليني للارتفاع مقابل الدولار قليلاً بعد ملامسته للأدنى عند 1.5911 ليحقق الأعلى الذي ما زال أقرب إليه عند 1.5051 دولار للجنيه الإسترليني الواحد.
إن الجنيه الإسترليني ما زال ضعيفاً مقابل الدولار الأمريكي بحسب وجهة نظر التحليل الفني، فتداول الزوج تحت سعر 1.6170 دولار للجنيه الواحد يبقي على احتمال أن يعود الاتجاه الهابط، لكن حالياً، بتداول الزوج فوق 1.6000، قد نرى مزيداً من التذبذب و انتظاراً لباقي تصريحات هذا اليوم لحين تحديد مصير الجنيه بالنسبة للمستوى النفسي المشار له، و بعده المقاومة المشار لها. من الأسفل، مستوى الدعم 1.5935 يجب أن يتم كسره و تثبت التداولات ما دونه لتأكيد استمرارية الاتجاه الهابط لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكي.
انتظار قرار البنك المركزي الأوروبي و تصريح تريشيه الصحفي
لكن لا تنتهي قصة أسواق العملات و التصريحات هنا، بل نحن الآن في انتظار قرار البنك المركزي الأوروبي تجاه سعر الفائدة و الذي من المتوقع بشدّة أن يتم تركه عند مستوى 1.50%، لكن الأنظار سوف تتجه نحو تصريح السيد تريشيه الصحفي، و سوف يبحث المتابعون عن أي إشارة عن وضع الاقتصاد أو تقديم دعم له من خلال سياسات شراء السندات، كذلك سوف يهتم المتداولون و المحللون في أي ملامح أو تفسير من البنك المركزي الأوروبي بما يخص أزمة الديون السيادية الأوروبية.
التأثير المتوقع لقرار البنك المركزي الأوروبي على سعر صرف اليورو
طبعاً، سوف يكون قرار البنك الأوروبي و تصريح السيد تريشيه ذا تأثير عميق و حاد على سعر صرف اليورو، حيث أن تداولات اليورو خلال الفترة المقبلة قد تعتمد على ما سوف نراه اليوم من تصريح تريشيه. و في انتظار التصريح و قرار الفائدة الأوروبية، انخفض سعر صرف اليورو هذا اليوم نمن مستواه الأعلى عند سعر 1.4099 ليلامس الأدنى عند 1.4039 دولار لليورو الواحد.
إن سعر 1.4025 يمثّل أول مستويات الدعم الجوهرية للزوج، كذلك مستوى 1.3970 يمثّل الدعم الأهم لتحديد مصير الاتجاه اللحظي لسعر صرف اليورو هذا اليوم. في حال استطاع سعر صرف اليورو الثبات فوق مستويات الدعم، قد يحاول عندها أن يرتفع ليختبر مستوى المقاومة 1.4150 مجدداً، و التي يجب أن يتم اختراقها من أجل تأكيد أن اليورو ما زال يمتلك العزم الصاعد للارتفاع. لكن، في حال تم كسر مستوى 1.3970، فقد تضعف فرصة الاتجاه الصاعد بشكل كبير.
في الحقيقة، يجب ربط التحليل الفني هذا اليوم مع التحليل الأساسي المشتق من قرار البنك الأوروبي و حديث السيد تريشيه محافظ البنك. فتصريح يرفع الثقة في اليورو، و الاقتصاد الأوروبي إلى جانب عدم إظهار تغيير جذري في السياسات المالية، قد يكون قادراً على دفع اليورو. لكن، لو أظهر تريشيه أي تغيّر جذري في السياسات المالية أو النقدية، فقد تكون هذه بمثابة نكبة لليورو خصوصاً في حال أشار إلى احتمالات تثبيت الفائدة لفترة طويلة و تحرر التصريح من سياسة " تغير السياسات المالية بحسب ما يحتاج الاقتصاد".
لا يجب أن ننسى تصريحات أمريكية هامة، تفوق أهميتها القرار البريطاني و التصريح الأوروبي
حتى مع أهمية تصريح تريشيه و قرارات البنك المركزي الأوروبي المنتظرة و قرار البنك البريطاني الذي شهدناه اليوم، سوف نكون أيضاً مع تصريح من أوباما الرئيس الأمريكي كذلك مع تصريح من رئيس الاحتياطي الأمريكي برنانكي. وظيفة أوباما سوف تكون رفع الثقة في أسواق الوظائف الأمريكية و محاولة إظهار قدرته على دعم سوق الوظائف، و بالنسبة لبرنانكي، فسوف تكون مهمة إقناع المتداولين بأن الفيدرالي قادر و مستعد تماماً لإجراء تسهيلات أو سياسات تخفيف كمي لدعم الاقتصاد.
إن مثل هذه التصريحات التي سوف ننتظرها من المنصب السياسي الأول و المنصب الاقتصادي الأول في الولايات المتحدة الأمريكية قد يحرّك الثقة في الأسواق المالية بشكل حاد جداً، و منها حركة الدولار الأمريكي مقابل سائر العملات، و الذي اعتدنا أن ينخفض سعر صرفه مع ارتفاع الثقة و العكس بالعكس.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني، صراع الثقة و التشاؤم هو الذي سوف يحكمهما
الصراع بين الثقة و التشاؤم و الذي قد تسفر عنه تصريحات هذا اليوم، سوف تنعكس مباشرة على سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني الذي تداول اليوم في نطاق لا يتعدّى الأعلى للدولار 77.41 و الأدنى له 77.12 ين للدولار الأمريكي الواحد. الميل الهابط على الزوج هذا اليوم ما زال ضعيفاً جداً، و ضمن نطاق الموجة الصاعدة التي حصلت يوم الثلاثاء الماضي بعد إشارات عديدة من بنك اليابان بأن هنالك مراقبة للمضاربات على الين الياباني و أن البنك سوف يتصدّى لارتفاع سعر صرف الين الياباني الذي تقف المضاربة وراءه.
لكن بعد التصريحات هذا اليوم، يجب أن نرى ميل الثقة في الأسواق المالية، و نربط هذا مع حركة الزوج، فارتفاع الثقة في العادة يرفع من سعر العملات ذات العائد المرتفع و تنخفض العملات ذات العائد المنخفض، لكن الصراع بين العملتين ذوات العائد المخفض ( الدولار و الين ) قد يزيد هذا اليوم.
أخيراً، لا نستطيع إلا أن ننظر إلى الفرنك الذي ينخفض دون توقّف
الانخفاض الذي يشهده سعر صرف الفرنك السويسري مقابل سلّة العملات الأجنبية مستمر، فرغم بعض الارتفاع القليل في سعر صرف الفرنك السويسري أمس مقابل الدولار، إلا أنه عاد اليوم للانخفاض دافعاً الدولار نحو أعلى مستوى له منذ 27-أيار/مايو-2011 الماضي عند مستوى 0.8651 فرنك للدولار الواحد. هذا و قد حقق الفرنك السويسري الأعلى له اليوم عند 0.8570.
منذ أن وضع البنك السويسري الحد الأدنى لسعر اليورو مقابل الفرنك لمحاولة منع ارتفاع سعر صرف الفرنك بشكل هائل، و نحن نرى بأن الفرنك السويسري ينخفض.