التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
الذهب ينزلق بعد تعرقله في الثقة
قرر البنك المركزي الأوروبي يوم أمس في أن يقوم بتزويد البنوك الأوروبية في الدولار الأمريكي، و جاء هذا القرار أيضاً بدعم من البنك البريطاني و الياباني و الوطني السويسري إلى جانب الفيدرالي الأمريكي، و هذا بقصد محاولة حل مشكلة أزمة الديون السيادية في الاتحاد الأوروبي. إن هذا القرار و الخطوة الجريئة من البنك المركزي الأوروبي نشرت الثقة في الأسواق المالية، خصوصاً بعد أن تم الاتفاق على إبقاء اليونان في الاتحاد الأوروبي.
بارتفاع الثقة، اتجه المتداولون و المستثمرون نحو أسواق العائد المرتفع، و شهدنا موجات طلب كبيرة على الأسهم دفعت يوم أمس مؤشرات الأسهم الأوروبية للارتفاع و يغلق مؤشر داكس الألماني مكتسباً 3.15% و كذلك ارتفع مؤشر كاك الفرنسي بمقدار 3.27%. بعد هذا، شهدنا جلسة أمريكية ممتازة من ناحية الأسهم، حيث أن المؤشرات ارتفعت رغم بيانات مبيعات التجزئة التي أشارت إلى توقّف النمو في القطاع الأمريكي، و ارتفع مؤشر داوجونز الأمريكي أمس بمقدار 1.66%. هذا اليوم في آسيا أيضاً، بقي التفاؤل مسيطراً، حيث ارتفعت العديد من المؤشرات الرئيسية.
إن ارتفاع الثقة في الأسواق المالية كان سبباً لترك العديد من المتداولين أسواق المعادن الثمينة، فتدخّل البنك المركزي الأوروبي إلى جانب البنوك المركزية الكبرى في العالم لمحاولة حل أزمة الديون السيادية الأوروبية أكسبت المتداولين ثقة كبيرة، و هذا ما سبب انخفاضاً في طلب الأصول الآمنة و المنخفضة العائد، و كذلك حصلت عمليات جني أرباح كبيرة في أسواق المعادن الثمينة في سبيل الاتجاه نحو الأصول المرتفعة العائد بعد انتشار الثقة.
خلال جلسة نيويورك يوم أمس، انخفض سعر الذهب بمقدار 1.72% عندما أغلق الجلسة عند مستوى 1789.80 دولار للأونصة. كذلك، انخفض سعر الفضة بمقدار 2.06% و أغلق سعر الفضة تداولات نيويورك عند مستوى 39.91 دولار، و أخيراً البلاتين، فقد انخفض بحوالي 1.65% لينهي الجلسة عند سعر 1783.00 دولار للأونصة الواحدة من البلاتين. كذلك خلال جلسة لندن، فقد كانت الضغوط واضحة، حيث أغلق الذهب في سعر القطاع المسائي عند 1782.00 مقارنة في سعر القطع الصباحي 1806.00 دولار للأونصة، و هذا يظهر لنا أن موجة جني الأرباح يوم أمس في أسواق المعادن الثمينة كانت عامة.
يبدو أن سعر الذهب يتجّه لإغلاق هذا الأسبوع في أكبر خسائر له على مستوى الأسبوع منذ شهر آذار عام 2009، و الانخفاض الذي شهده الذهب خلال هذا الأسبوع بدأ بتأثير من الضغوط السلبية للدولار الأمريكي على المعادن الثمينة، ثم جاءت أمس قرارات البنوك المركزية لتدعم الثقة في الأسواق المالية و تقلل طلب الذهب كملاذ آمن و تحوّط من أزمة الديون. إن اشتراك البنوك المركزية في محاولة حل أزمة الديون السيادية، قللت احتمالات تعمّق الاقتصاد الدولي في التباطؤ، و حتى مع البيانات الاقتصادية التي تميل للسلبية، إلا أن المتداولين الآن متفائلين جداً، مما سبب انخفاضاً واضحاً في أسواق المعادن الثمينة.
في الحقيقة، لم تتوقف الضغوط السلبية على المعادن الثمينة، بل استمرت خلال الجلسة الآسيوية هذا اليوم في ظل استمرار المتداولين في الاتجاه نحو الأصول المرتفعة العائد. فنرى سعر الذهب اليوم يتداول حول مستوى 1769.80 دولار للأونصة بانخفاض مقداره 1.12%، فيما نرى كذلك بأن سعر الفضة انزلق اليوم بمقدار 0.98% ليتداول في هذه اللحظات عند سعر 39.52 دولار، أما البلاتين، فكان انخفاضه اليوم قليلاً مقارنة في الذهب و الفضة، و اكتفى في انخفاض مقداره 0.34% عندما تداول الآن عند سعر 1777.00 دولار للأونصة. هذه الأسعار كما هي في تمام الساعة 02:29 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:29 بتوقيت غرينتش ).
إن البلاتين لم يتعرّض اليوم لموجة جني أرباح كبيرة كالذهب و الفضة، إذ أن انتشار الثقة في الأسواق المالية كان سبباً لتقليل المخاوف تجاه احتمال تباطؤ اقتصادي دولي حاد، و هذا ما أبقى على القليل من الطلبات على البلاتين ، لكن في المحصلة ، فعمليات جني الأرباح من أسواق المعادن الثمينة سببت انخفاضاً في سعر البلاتين أيضاً، إذ أن المتداولين فضّلوا الأصول المرتفعة العائد في أسواق الأسهم و غيرها.
هذا اليوم سوف نكون مع أجندة اقتصادية مزدحمة، حيث ننتظر من سويسرا قرار البنك الوطني لسعر الفائدة و الذي تشير التوقعات إلى أن البنك سوف يترك الفائدة عند 0.0%، فيما بيانات التجزئة من بريطانيا و التضخم في أوروبا سوف تكون مقدمّة لبيانات التضخم الأمريكي، و هذه البيانات قد تكون قادرة على دفع الأسواق المالية في تذبذب كبير، لكن بالنسبة لأسواق المعادن الثمينة، فالتداولات الميّالة للسلبية قد تبقى قائمة طالما بقيت حالة الثقة في الأسواق هي المسيطرة.