تذبذب سعر الذهب و لكن بعزم سلبي في نهاية التداولات الأسبوعية
وصلنا إلى نهاية الأسبوع مع استمرار سحابة التشاؤم بالسيطرة على سماء الأسواق العالمية، حيث أنه من جهة يرى المحللون أن الاقتصاد الأمريكي متوجهاً نحو حالة من الركود، و من الجهة الأخرى تستمر أزمة الديون السيادية بالسيطرة على القارة الأوروبية ناشرةً الذعر بين المستثمرين، الأمر الذي يدعم الذهب ليتخذه المستثمرين ملاذاً آمناً.
إلا أن المستثمرين عُقب قرار الفيدرالي الأمريكي بخطة تحفيزية تدعم الاقتصاد الأمريكي بقيمة 400 مليار دولار، قد توجهوا للدولار الأمريكي كملاذ آمن ضمن هذه الظروف الاقتصادية السيئة، ليرفع من سعر الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية لأعلى سعر له من ستة أشهر، و هذا ما كان له تأثير قوي على المعدن الأصفر ليتراجع يومين متتاليين بشكل كبير.
انخفضت أسعار المعدن الأصفر لتقف حالياً عند مستويات 1731.03 دولار للأونصة، عقب تحقيق أعلى مستوى لها خلال اليوم عند 1755.03 دولار للأونصة، منذ افتتاح تداولاتها اليوم عند 1740.05 دولار للأونصة، في حين حققت أسعار الذهب أدنى مستوى لها خلال اليوم عند 1720.10 دولار للأونصة.
قامت وكالة موديز لخدمات المستثمرين اليوم بتخفيض تصنيف ثمانية بنوك يونانية لتعلقها الشديد بسندات الحكومة اليونانية، وسط تفاقم الأزمة و ارتفاع نسبة المخاطر حول الدولة التي تشهد تراجعاً حاداً في أداءها الاقتصادي بعد الإجراءات التقشفية الشديدة التي أقامتها الدولة لضمان استمرار حزم المساعدات القادمة من صندوق النقد الدولي و الاتحاد الأوروبي.
أضاف قرار وكالة موديز مزيداً من الضغوط السلبية التي تؤثر على الأسواق لتزيد من حدة المخاوف التي تُحيط بالدولة حول احتمالية إفلاسها، و يأمل المستثمرين أن تبقى محاولات البنك المركزي الأوروبي قائمة لاحتواء الأزمة، و لكن هل ستكون كافية لاحتوائها.
بدأ الذهب باكتساب بعض العزم الصاعد الذي قد يدفعه للأعلى بعد تراجع الدولار الأمريكي في جلسة اليوم، حيث أنه من المُفترض أن يشهد الذهب عزماً صاعداً يدفعه للأعلى، إلا أن ارتفاع الدولار قد أعاق رحلة الذهب الصاعدة ليشكل حاجزاً رادعاً للذهب على الرغم من البيانات الاقتصادية المحبطة من مُعظم الاقتصاديات العُظمى التي تشهد تباطؤاً في مسيرة نموها، و التي بدورها تؤثر على مسيرة التعافي العالمية.
صدرت بيانات اقتصادية أمس أثرت على الأسواق العالمية سلبياً، حيث شهدت الصين تراجعاً حاداً في قطاعها الصناعي، لتتبعها ألمانيا التي أظهرت تباطؤاً شديداً في الأنشطة الاقتصادية لقطاعيها الصناعي و الخدمي، أما عن منطقة اليورو، فقد سجل كل من قطاعها الصناعي و قطاع الخدمات انكماشاً، لتضيف مزيداً من المخاوف حول منطقة اليورو التي تُعاني من أزمة الديون السيادية، و مدى قدرتها على تحمل الأزمة و احتوائها من الانتشار للدول الأوروبية الأخرى، حيث تدور مخاوف المستثمرين عن احتمالية إفلاس اليونان.
اجتمع وزراء المالية لمجموعة الدول العشرين أمس متأخراً، ليتعهدوا بالتصدي إلى المخاطر المتزايدة التي تؤثر على وتيرة النمو العالمية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي و التي تضعه تحت قائمة الشك، و أنهم سيحدو من التوتر المسيطر على الأسواق بعد موجع البيع الشديدة التي شهدتها أمس إثر الخوف من توجه الاقتصاد إلى الركود.
و ذكرت دول المجموعة أنها ستتكاتف للتصدي للمخاطر و الصعوبات التي تواجه الاقتصاد العالمي، و عن أزمة الديون الأوروبية، فقد أشارت المجموعة أنه يجب على القارة الأوروبية احتواء أزمة الديون و عدم السماح لها الانتقال للدول الأوروبية الأخرى، كما أنه يجب عليهم توسيع نطاق الصندوق الأوروبي للتسهيلات المالية خلال اجتماعهم القادم في 14-15 من شهر تشرين الأول.
أحد أهم العوامل التي أثرت على الأسواق العالمية بشكل سلبي هو إشارة البنك الفيدرالي الأمريكي عن وجود ضغوطات سلبية كبيرة تؤثر على النظرة المستقبلية للاقتصاد الأكبر في العالم، و الذي بدوره يؤثر على مسيرة التعافي العالمية بشكل كبير، حيث قام البنك الفيدرالي بإحباط المستثمرين بعد الخطة التحفيزية التي يعتقد المحللون أنها غير كافية لدعم الاقتصاد الأمريكي الذي يشهد وتيرة نمو هشة، و هذا ما أكسب الدولار الأمريكي قوة تدفعه للأعلى.
إذ انخفض مؤشر الدولار والذي يقيس أداء الدولار مقابل ست عملات رئيسية بما فيها اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني، ليتداول حاليا عند مستويات 78.13 محققا أعلى مستوى له خلال اليوم عند 78.48 منذ افتتاح تداولاته عند مستويات 78.42 ومحققا أدنى مستوى له خلال اليوم عند 77.94.
يستمر تركيز المستثمرين على مسيرة التعافي العالمية و التي تستمر بفقدانها العزم الكافي، و بالعين الأخرى على استقرار منطقة اليورو مع شح البيانات الاقتصادية الصادرة اليوم، و قد نرى تراجع بموجة البيع اليوم مع نهاية الأسبوع مع تغطية المراكز بالأخص بعد الخسائر الفادحة التي منيت بها الأسواق حيث تراجعت الأسهم الأوروبية أمس لأدنى مستوى لها منذ 26 شهر.
شح البيانات الاقتصادية سيؤدي إلى حالة التذبذب التي قد تسيطر على الأسواق، في حين يبقى الشعور العام محبطاً مع تراجع النظرة المستقبلية للاقتصاد، في حين أن الأمل الوحيد لليونان هو حصولها على الدفعة القادمة في تشرين الأول، و التي ستكون القشة التي نتعلق بها إلى أن نتأكد أن الاقتصاد غير متجه إلى الركود.