نشعر في حالة من القلق و التوتّر في الأسواق المالية الدولية عامةً، و قد شمل ذلك أسواق السلع و الأسهم و العقود الآجلة و غيرها، لكن ما هو ملحوظ هو أن أسواق العملات تعاني من توتّر حاد جداً في ظل انتظار المتداولين لنتيجة طرح إيطاليا لسندات في الأسواق، و المتداولون يريدون قياس مدى الثقة أو القلق الذي سوف يقرّب المتداولين من تلك السندات أو يبعدهم عنها، خصوصاً بعد أن تم تخفيض تصنيف إيطاليا الائتماني سابقاً.
كذلك، تحذير البنك المركزي الأوروبي هذا اليوم من أن مشاركة القطاع الخاص في أزمة الديون السيادية قد يضر في سمعة العملّة الموحدة " اليورو "، سبب مزيداً من التوتّر في أسواق صرف العملات الأجنبية و كان التأثير الأكبر على اليورو.
في الحقيقة، هنالك إشارات تظهر بأن زعماء أوروبا يحاولون جاهدين التوصّل لاتفاق لحماية القطاع المالي و المصرفي و دعم الدول في الاتحاد الأوروبي حتى لا تصل بها الأمور لما وصلت له اليونان، و هذا ما يقلل إلى حد ما القلق في الأسواق. لكن في المقابل، نستطيع أن نرى بأن القلق مستمر و التوتّر في أسواق العملات ظاهر للعيان.
تميل تداولات مؤشرات الأسهم الأوروبية إلى السلبية، فالقلق واضح في تلك الأسواق و قد حصلت عمليات جني أرباح فيها رغم أن أسواق الأسهم الآسيوية اليوم مالت للإيجابية. فانتظار المتداولين لبيانات أولى الشركات الأمريكية الكبرى " جي بي مورجان " عن أداء أعمالها للربع الثالث. كذلك، بيانات الصين هذا اليوم أظهرت انخفاضاً في نمو الصادرات ليضع الصين في تحد كبير، حيث أن نمو الصادرات كان الأدنى منذ سبع أشهر، و قد حققت الصين نمواً مقداره 17.1% في الصادرات و هذا أقل من التوقعات. مما يظهر تعمّق التباطؤ الاقتصادي الدولي و الذي أثّر على الصين بشكل مباشر.
البيانات الاقتصادية الألمانية و تأثيرها على سعر صرف اليورو
أظهرت البيانات الاقتصادية الألمانية هذا اليوم ارتفاعاً في مستوى التضخم، حيث ظهر بأن مؤشر سعر المستهلك المتجانس من الاتحاد الأوروبي قد ارتفع إلى مستوى 2.9%، و هذا كان سبباً لتقليل الضغوط السلبية التي شهدها سعر صرف اليورو إثر القلق في الأسواق المالية.
إن ارتفاع مستوى التضخم قد يحد من قدرة البنك المركزي الأوروبي من أن يقوم بأي تحرّك في سعر الفائدة، و هذا ما يؤكد فعلاً كلام تريشيه سابقاً الذي أشار إلى أن مستوى الفائدة حالياً متدني. و بذلك، كانت الخسائر التي تعرّض لها سعر صرف اليورو هذا اليوم محدودة بعض الشيء.
حركة سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي
بعد أن ارتفع سعر صرف اليورو هذا اليوم نحو مستوى 1.3826 دولار لليورو الواحد، عاد و انخفض ليلامس الأدنى له عند سعر 1.3707 دولار لليورو الواحد. لكن نستطيع أن نرى بأن الخسائر التي تعرّض لها سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم تعتبر محدودة نسبياً مقارنة في موجات الارتفاع التي حصلت خلال هذا الأسبوع.
إن سعر صرف اليورو يتداول حالياً بين مستوى الدعم 1.3710 و مستوى المقاومة 1.3825، و هذه التداولات ما زالت تميل لحظياً على مستوى تداولات اليوم لصالح الدولار الأمريكي، لكن في الحقيقة، ما زال الزوج مرشحاً له الارتفاع إلا إذا شهد كسراً لمستوى الدعم المشار له متبوعاً باستقرار تحت 1.3680.
الجنيه الإسترليني يعاني أمام قوّة الدولار
اكتسب الدولار الأمريكي هذا اليوم قوّة إثر طلبه كعملة تصفية مراكز مالية و الاتجاه له كملاذ آمن. و هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار الأمريكي رافقه بيانات الميزان التجاري البريطاني و التي مع أنها أظهرت تحسّناً في العجز، إلا أن هذا التحسّن ما زال يقع ضمن العجز الكبير نسبياً.
انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني هذا اليوم مقابل الدولار الأمريكي من الأعلى عند مستوى 1.5761 إلى مستوى 1.5672 دولار للجنيه الإسترليني الواحد، و تظهر التحليلات الفنية بأن استقرار تداولات الزوج ما دون مستوى المقاومة 1.5780 قد يبقي على الميل الهابط على الزوج.
الدولار الأمريكي في قفص صناعته يابانية!
حاول الدولار الأمريكي يوم أمس الخروج من القفص الذي حبس به أمام الين الياباني، حيث أن الزوج قد خرج من النطاق الجانبي المعتاد بسبب الثقة التي سادت يوم أمس. لكن، لأن الثقة التي نشهدها في الأسواق المالية ما زال يشوبها حالة من القلق الكبير، عاد الين الياباني هذا اليوم ليكتسب عزماً صاعداً واضحاً مقابل الدولار الأمريكي ليخسر بذلك الدولار الأمريكي معظم مكاسب يوم أمس.
انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي هذا اليوم مقابل الين الياباني بعد ملامسته للأعلى عند 77.29 ين للدولار الأمريكي الواحد، و حقق الدولار الأدنى له هذا اليوم عند سعر 76.66 ين للدولار. تبدو التداولات هذا اليوم أكثر تذبذباً مما اعتدنا سابقاً، و هذا قد يكون دلالة على محاولة الدولار الهروب من القفص و التحليق صعوداً أمام الين الياباني.
إن التحليل الفني يظهر لنا بأن احتمال ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني قد يكون متاحاً، لكن هذا يتطلّب شرطاً أساسياً هو عدم كسر مستوى 75.80 ين للدولار الأمريكي الواحد، حيث أن كسر هذا المستوى قد يزيد الضغوط السلبية للدولار مقابل الين الياباني.