العجز في الميزان التجاري الأمريكي يظهر استقراراً خلال آب/أغسطس .. و وتيرة تقديم طلبات الإعانة تنخفض في الأسبوع الماضي
لا تزال أعقاب أسوأ أزمة مالية منذ نهاية ثلاثينات القرن الماضي عزيزي القارئ تلقي بظلالها على الأسواق العالمية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص، مع الإشارة إلى أننا شهدنا تباطؤ عجلة النمو في الاقتصاد الأمريكي في الفترة الماضية، كما شهدنا ارتفاع الدولار الأمريكي، الأمر الذي قاد توسع العجز في الميزان التجاري في الولايات المتحدة، علماً بأن محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة أظهر يوم أمس انقسام أعضاء اللجنة حيال موضوع إقرار جولة ثالثة من التخفيف الكمي.
حيث توسع العجز في الميزان التجاري الأمريكي في خضم ارتداد الدولار الأمريكي خلال شهر آب/أغسطس، الأمر الذي أثقل كاهل صادرات البضائع الأمريكية، بسبب ارتفاع أسعارها، إذ وصل العجز في الميزان التجاري خلال تلك الفترة إلى 45.6 مليار دولار مقارنة بالعجز السابق الذي وصل إلى 44.8 مليار دولار، والذي تم تعديله إلى عجز بمقدار 45.6 مليار، وبأفضل من التوقعات التي بلغت عجز بقيمة 45.8 مليار دولار، وذلك وفقاً لما صدر عن وزارة التجارة الأمريكية اليوم الخميس.
وبتناول المؤشرات الفرعية، فقد أكد المؤشر على انخفاض الصادرات الأمريكية خلال آب/أغسطس بنسبة 0.1 بالمئة، لتصل إلى 177.61 مليار دولار، بالمقارنة مع القراءة السابقة التي بلغت ارتفاعاً بنسبة 3.4 بالمئة أو 177.71 مليار دولار، في حين استقرت الواردات عند القراءة الصفرية، أي أن نسبة التغير بالمقارنة مع الشهر الماضي بلغت 0.0% لتستقر عند 223.22 مليار دولار، بالمقارنة مع القراءة السابقة التي بلغت 223.33 مليار دولار، وبالنسبة لصادرات البضائع فقد انخفضت لتصل إلى 126.69 مليار دولار، بالمقارنة مع القراءة السابقة التي بلغت 126.79 مليار دولار، بينما وصلت واردات البضائع خلال الشهر نفسه إلى 188.11 مليار دولار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 188.07 مليار دولار.
الجدير بالذكر هنا أن اكتساب الدولار الأمريكي كمّاً من القوة أمام العملات الرئيسية خلال شهر آب/أغسطس ساهم في توسع عجز الميزان التجاري، مع الإشارة إلى أن عوامل أخرى لعبت في ذلك التوسع، أولها استمرار الضعف في مستويات الطلب، مما أثر سلباً على الصادرات الأمريكية وذلك وسط تعثر الأوضاع الاقتصادية حول العالم، أما ثانيها فيتمثل في تشديد شروط الائتمان على مستوى العالم، الأمر الذي أجبر البنوك التجارية على تشديد شروط الإقراض لديها بالرغم من تدني أسعار الفائدة أيضاً على مستوى العالم، إضافة إلى مخاوف المستهلكين من استمرار ضعف مستويات الإنفاق والطلب.
ونشير أيضاً إلى أن السبب الرئيسي في استقرار الواردات الأمريكية يكمن في انخفاض أسعار النفط الخام، إلا أن الضعف لا يزال سيد الموقف في الاقتصاديات الكبرى حول العالم، وبالأخص الاقتصاد الأمريكي، والذي من المتوقع أن يعلن بنكه المركزي عن جولة ثالثة من خطط التخفيف الكمي؛ إذا ما استمر الضعف سيداً للموقف حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن حالة من القلق لا تزال تهيمن على الأسواق المالية بشكل عام، وسط ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، إلى جانب الضعف في مستويات الطلب بالمجمل كما أسلفنا في الأسطر القليلة الماضية، والتي تثقل مجتمعة كاهل النشاطات الاقتصادية في الاقتصاد الأمريكي، وسيبقى ذلك الضغط سيداً للموقف ما لم نشهد انخفاض معدلات البطالة بشكل جيد في الولايات المتحدة الأمريكية.
وهنا نؤكد على أن نمو الأسواق إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي سيجعل من البضائع الأمريكية منافسة بشكل أكبر في الأسواق العالمية، وبالتالي فإن البضائع الأمريكية قد تنتعش خلال الفترة القادمة، والتي قد تسمح لقطاع الصناعة الأمريكي أن يدعم النمو ويبني قاعدة ثقة لدى المستثمرين بدلاً من إضعاف مستويات الطلب.
وبالنسبة للاقتصاد الأكثر التصاقاً بالاقتصاد الأمريكي -الاقتصاد الكندي- فقد صدر عنه اليوم مؤشر تجارة البضائع الدولية والذي ارتفع على غير التوقعات خلال آب/أغسطس، ليصل إلى عجز بقيمة 0.62 مليار دولار كندي، بالمقارنة مع القراءة السابقة التي بلغت 0.75 مليار دولار كندي كعجز، والتي تم تعديلها إلى عجز بقيمة 0.54 مليار دولار كندي، إلا أن الأسواق توقعت بأن المؤشر سيصل إلى 1.00 مليار دولار كعجز.
ونشير هنا إلى أن الاقتصاد الكندي يعتبر الاقتصاد الأكبر ارتباطاً مع الاقتصاد الأمريكي تجارياً، وبالتالي تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضاً على الاقتصاد الكندي، وهذا ما قد يظهر بالفعل في الميزان التجاري الكندي، كما يتوقع الاقتصاد الأمريكي بأن نمو خلال الفترة القادمة من هذا العام، والأمر ذاته ينطبق على الاقتصاد الكندي، حيث تشير التوقعات أن الاقتصاد الكندي سيصل إلى مستويات النمو بحلول العام المقبل 2012.
وفي النهاية فإن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الكندي سيتبع خطى الاقتصاد الأمريكي نحو التعافي ليصل إلى النمو على المدى البعيد خلال العام المقبل، وذلك على الرغم من الاحتمالية الكبرى التي تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيتوسع بشكل أسرع من نظيره الكندي، ولكن بالتأكيد سيتأثر الاقتصاد الكندي بالإيجاب من تحسن الاقتصاد الأمريكي وسط العلاقة الاقتصادية القوية التي تجمع البلدين.