باريس 14 أكتوبر تشرين الأول (رويترز) - قوبلت مقترحات بمضاعفة حجم صندوق النقد الدولي إلى مثليه في إطار تحرك دولي شامل لحل أزمة ديون أوروبا بمعارضة فورية من الولايات المتحدة ودول أخرى مما وأد الفكرة في الوقت الراهن وألقى بالعبء مجددا على كاهل أوروبا.
وظهرت الخطوط العامة للخطة التي حظيت بدعم العديد من الاقتصادات النامية في الوقت الذي بدأ فيه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين اجتماعا في باريس لمناقشة حالة الاقتصاد العالمي الذي يواجه تهديدا من الدول الأوروبية الغارقة في الديون.
وقال مصدر في مجموعة العشرين إن بعض المسؤولين أيدوا ضخ نحو 350 مليار دولار في صندوق النقد الدولي. ومن بين الخيارات الأخرى التي تجري دراستها القروض وأدوات استثمارية محددة الغرض واتفاقات لشراء السندات.
ولم يضيع وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتنر وقتا في رفض الفكرة. وعبر المساهمون المسيطرون على صندوق النقد الدولي وهم الولايات المتحدة واليابان وألمانيا والصين عن رضاهم بكفاية موارد الصندوق التي تبلغ قيمتها 380 مليار دولار. وأبدت كندا واستراليا أيضا رفضهما.
وقال جايتنر "لديه (صندوق النقد) موارد هائلة جدا غير موزعة."
والولايات المتحدة من الدول الحريصة على مواصلة الضغط على الأوروبيين لاتخاذ إجراءات أكثر حزما لإنهاء أزمة الديون المستمرة منذ عامين والتي بدأت في اليونان ثم انتشرت إلى أيرلندا والبرتغال وتخيم حاليا على اسبانيا وايطاليا.
وقال وزير الخزانة الاسترالي وين سوان "الأولوية الأولى هنا هي أن يرتب الأوروبيون شؤونهم الداخلية."
وأعلن وزيرا مالية فرنسا وألمانيا اللتين تواجهان ضغوطا من بقية دول العالم لتنسيق جهودهما تعهدا جديدا بإعداد خطة لمنطقة اليورو قبل قمة قادة مجموعة العشرين في مدينة كان في الثالث والرابع من نوفمبر تشرين الثاني.
وقال وزير المالية الفرنسي فرانسوا باروان بعد غداء عمل مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "سنواصل مناقشاتنا في الأيام القادمة لكننا توصلنا بالفعل إلى بعض الاتفاقات التي ستكون مهمة جدا."
وإذا كانت الأذهان في حاجة لمزيد من التركيز فإن خفض التصنيف الائتماني لاسبانيا قبل ساعات من الاجتماع أبرز احتمال تعرض اقتصاد أكبر من اليونان كثيرا للخطر.
وخفضت مؤسسة ستاندرد اند بورز تصنيف ديون اسبانيا طويلة الأجل متذرعة بارتفاع البطالة في البلاد وشح الائتمان وارتفاع مديونية القطاع الخاص.
ويحاول المسؤولون الفرنسيون والألمان الاتفاق على تفاصيل خطة لحل الأزمة قبل قمة الاتحاد الأوروبي المقررة في من 23 أكتوبر تشرين الأول الجاري وتجري محادثات موازية بشأن تعزيز القاعدة الرأسمالية لصندوق النقد الدولي.
وتسببت المخاوف من الأضرار التي قد يلحقها تخلف اليونان -وربما دول أخرى- عن سداد ديونها بالنظام المالي في تقلبات شديدة في الأسواق منذ أواخر يوليو تموز إذ هبطت الأسهم العالمية 17 بالمئة من أعلى مستوياتها في 2011 المسجلة في مايو ايار.
وقال وزير المالية الكندي جيم فلاهيرتي أيضا إنه ينبغي أن تواصل مجموعة العشرين الضغط على منطقة اليورو في رحلتها "الشاقة" لإيجاد حل وألا تركز على موارد صندوق النقد الدولي.
وخلافا لما حدث في عام 2009 حين أطلقت مجموعة العشرين خطة منسقة للتحفيز الاقتصادي لانتشال العالم من الأزمة فإن دول العالم منزعجة من بطء التحرك الأوروبي بينما تتصارع واشنطن وبكين بشأن اليوان الصيني.
وتتمثل الخطة الفرنسية الألمانية على الأرجح في مطالبة البنوك بتحمل خسائر أكبر لحيازاتها من الديون اليونانية من نسبة 21 بالمئة التي وردت في خطة في يوليو تموز لتقديم حزمة إنقاذ ثانية لليونان وهي نسبة لا تبدو الآن كافية.
وقال وزير المالية الفرنسي فرانسوا باروان الذي يستضيف محادثات باريس في مقابلة مع راديو يوروب 1 "ستكون أكبر من ذلك .. هذا شبه مؤكد."
ومن المتوقع أيضا أن تتضمن الخطة نظاما لإعادة رسملة البنوك وخططا لزيادة حجم صندوق الإنقاذ الأوروبي برأسمال مقترض.
وقال وزير المالية الياباني جون ازومي إنه سيعرض تجربة اليابان "المريرة" حين فشلت في احتواء الأزمة المصرفية في التسعينات بسبب اتخاذ إجراءات أقل مما يلزم في وقت متأخر جدا.
وقد تشير مجموعة العشرين إلى أزمة اليورو في بيانها وفي المؤتمرات الصحفية الختامية مساء السبت لكن من المستبعد الخروج بنتائج أكبر من ذلك إذ أن قمة الاتحاد الأوروبي التي ستعقد بعد تسعة أيام ستكون هي اللحظة الحاسمة.
وقالت مصادر في مجموعة العشرين إن معظم اقتصادات مجموعة بريكس التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا تؤيد تعزيز قاعدة رأسمال صندوق النقد الأوروبي كأداة لمواجهة الأزمة.
وقال أحد المصادر "قلنا هذا في السابق وأبلغناه مجددا .. أنه إذا دعيت الاقتصادات الناشئة ومجموعة بريكس للمساهمة فيمكننا فعل ذلك من خلال صندوق النقد الدولي."
وأضاف "الهند مستعدة لذلك والصين والبرازيل لا تعارضان الفكرة أيضا."
وقال مصدر آخر في مجموعة العشرين إن صندوق النقد الدولي سيقدم خطة تحظى بتأييد واسع إلى مجلسه التنفيذي لإتاحه خطوط ائتمان قصيرة الأجل للدول التي تتمتع بعوامل أساسية صحية لكنها متضررة من أزمات السيولة. وقد يساعد هذا دول منطقة اليورو التي أضرتها أزمة الثقة الحالية في السندات السيادية للمنطقة.
وقد يعطي اجتماع باريس الضوء الأخضر للهيئات التنظيمية لفرض قواعد جديدة على البنوك التي تعتبر "أكبر من أن تترك لتنهار" والتي تتضمن متطلبات إضافية لرأس المال ومن المقرر إقرارها رسميا في كان.