التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
ارتفاع المعادن الثمينة جنباً إلى جنب مع أسواق الأسهم
ارتفعت أسواق المعادن الثمينة بشكل عام خلال بداية تداولات هذا الأسبوع، و منذ يوم الجمعة الماضي، سادت التداولات الإيجابية الأسواق المالية للأسهم في ظل بيانات و نتائج الشركات الأمريكية التي أظهرت قوّة و إيجابية، و ارتفعت إثر ذلك مؤشرات الأسهم الأمريكية. كذلك، نرى بأن هنالك تفاؤلاً في الأسواق المالية في انتظار قرار القادة الأوروبيين النهائي تجاه صندوق حفظ الاستقرار المالي الأوروبي، فيما التفاؤل يزداد فيما قد تحصل اليونان على حزمة جديدة من المساعدات.
هنالك بوادر إحراز تقدّم ملموس لاحتواء أزمة الديون السيادية، و رغم استبعاد أن يشارك البنك المركزي الأوروبي في خطط الإنقاذ من خلال توسعة صندوق حفظ الاستقرار المالي الأوروبي، إلا أن التقدّم الواضح الذي أعطى بعض الملامح بأن نرى خطّة كبيرة قادرة على احتواء الأزمة. نستطيع أن نشعر بأن الأسواق المالية تريد أن تصدّق بأن القادة الأوروبيين قادرين على حل أزمة الديون و احتواءها ، و رغم أن ذلك لم يثبت بعد، إلا أن التفاؤل في الأسواق واضح.
أظهرت بيانات من اليابان بأن الصادرات اليابانية ارتفعت، و هذا يعتبر إشارة إلى أن اليابان قد تكون بدأت في التعافي الحقيقي من آثار التسونامي الذي ضرب بها في وقت سابق من هذه السنة. و اليوم، استطعنا أن نلتمس الإيجابية في تداولات الأسواق المالية الآسيوية، و نرى ارتفاع مؤشر نيكاي الياباني بمقدار 1.90% كذلك ارتفاع مؤشر شنغهاي المركّب بمقدار 2.23%، فيما نستطيع أيضاً أن نرى بأن مؤشر هانج سينج و قد ارتفع بمقدار 3.98% ليتداول هذه اللحظات بإيجابية كبيرة.
لكن، تكمن المشكلة بأن كل الثقة التي تجوب الأسواق المالية ممزوجة في القلق، و هذا القلق نابع من حالة عدم اليقين. فالمتداولون رغم تفاؤلهم و اعتقادهم بقدرة القادة الأوروبيين على حل أزمة الديون، إلا أن بعض الشك ما زال يساورهم. و هذا القلق يتطلّب من المتداولين تغطية مخاطر أسواق العائد المرتفع من خلال طلب الأصول التي من خلالها يتم تخفيض المخاطرة الابتدائية للاستثمارات في الأسواق المالية، و من هذه الأصول المعادن الثمينة، و بهذا نجد بأن أسعار المعادن الثمينة بدأت تداولات هذا الأسبوع بإيجابية.
نستطيع أن نرى سعر الذهب اليوم و هو يتداول بارتفاع مقداره 0.56% و يتداول سعر الأونصة حالياً عند 1651.20 دولار للأونصة الواحدة. كذلك، ارتفع سعر الفضة بمقدار 0.35% ليتداول سعر أونصة الفضة الآن عند 31.51 دولار للأونصة، فيما سعر البلاتين فقد ارتفع بمقدار 1.13% ليتداول في هذه اللحظات عند سعر 1528.00 دولار للأونصة الواحدة. إن هذه الأسعار كما هي في حوالي الساعة 03:02 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 07:03 صباحاً بتوقيت غرينتش ).
إن اتجاه المتداولين لأسواق العائد المرتفع يضغط سلباً على الدولار الأمريكي، حيث يقوم المتداولون ببيع الدولار بقصد الاتجاه نحو الأصول المرتفعة العائد في ظل محاولات منهم للمضاربة أو الاستثمار. و هذا ما يضعف الدولار الأمريكي و يفيد المضاربة في أسواق المعادن الثمينة و يدعم الارتفاع في أسعارها. كذلك، بيانات اليابان هذا اليوم أعطت احتمالاً بأن نرى تعافي اقتصادي في الدول الآسيوية لتدعم الاقتصاد الدولي، و هذا كان تأثيره إيجابي على البلاتين الذي ارتفع اليوم بشكل ملموس فاق ارتفاع سعر الذهب و الفضة.
التفاؤل الممزوج في الحاجة لتقليص المخاطرة، إلى جانب انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي، أسباب تدفع في أسعار المعادن الثمينة للانخفاض. و انتظار نتائج القمّة الأوروبية يجعل المعادن الثمينة متوتّرة و متذبذبة لكن مع ميل صاعد. لكن، إلى متى قد يستمر هذا الميل الصاعد؟
في الحقيقة، إن تداولات أسعار المعادن الثمينة لم تكن في اتجاه صاعد خلال الفترة الماضية، بل نستطيع أن نرى بأن الأسعار تتداول في نطاق جانبي. فالذهب تداول بين سعر 1600.00 و 1690.00 دولار للأونصة منذ فترة، و كذلك سعر الفضة تداول في مستويات بين 29.00 و 33.00، فيما تداولات البلاتين فقد انحصرت بين 1580.00 دولار و 1430.00 دولار، و هذه التداولات تعد اتجاهاً جانبياً يعكس حالة التوتّر في الأسواق المالية عامة. فالثقة قد تتسبب أحياناً في بيع أصول المعادن الثمينة لدخول أسواق العائد المرتفع، لكن نرى بأن هنالك فئة من المتداولين يفضّلون طلب المعادن الثمينة لتغطية مخاطر حالة عدم اليقين. كذلك، حركة الدولار الأمريكي عادت لتؤثر في أسواق المعادن الثمينة، ليس بشكل مطلق، لكن كعامل مساعد للارتفاع عندما ينخفض الدولار الأمريكي، و عامل مساعد لانخفاض المعادن الثمينة عندما يرتفع سعر صرف الدولار.
إن التذبذب الكبير من المحتمل استمراره في أسواق المعادن الثمينة هذا الأسبوع، و ربما نرى محاولات جديدة للارتفاع، لكن يجب أن نكون حذرين جداً في تداولات أسواق المعادن الثمينة، فالتذبذب الكبير ربما يجعل الموجات الصاعدة و كذلك الهابطة غير واضحة المعالم و سرعان ما تنتهي. لكن لا نستبعد مبدأياً محاولة للارتفاع بدعم من انخفاض سعر صرف الدولار، و كذلك الحاجة لتغطية بعض مخاطر الأسواق المالية في ظل التفاؤل الممزوج في القلق في الأسواق عموماً.