لا تزال الكرة في ملعب القمة الأوروبية
تستمر حالة التفاؤل الحذر بالسيطرة على الأسواق المالية بعد القمة الأوروبية التي أزالت العديد من المخاوف و التساؤلات حول مدى قدرة القادة على تخطي أزمة الديون، و مدى جديتهم بإيجاد خطة شاملة وجذرية لحل أزمة الديون، فقد أظهرت القمة توصل القادة لضرورة إعطاء اليونان الدفعة السادسة من قرض إنقاذ ، و يستمر تركيز المستثمرين اليوم على أي تعليقات تصدر عن القادة تُشير إلى ماهية الإجراءات التي سيُفصح عنها الأربعاء وسط شح البيانات الاقتصادية اليوم.
لا يسيطر على تركيز المستثمرين إلا آخر تطورات القمة الأوروبية التي أقيمت يوم الأحد و سيتم عقد القمة الثانية يوم الأربعاء، التي تُعد العامل الأساسي الذي تتحرك عليه الأسواق العالمية و الأوروبية في ظل هذه الظروف الاقتصادية، فبعد أن أفصح القادة بأن البنوك الأوروبية بحاجة لأكثر من 100 مليار يورو لدعمها و تحقيق السيولة المطلوبة في الأسواق، لقيت الأسواق نوعاً من التحسن على أمل إصدار مزيداً من القرارات المشجعة، و لكن هل سيقر القادة هذا المبلغ لاعادة رسملة البنوك أم أن قرارهم سيقتصر على مبلغ متواضع بنظرهم يفي بالغرض.
و لا ننسى دور اتفاق القادة و تحرير خلافاتهم في هذه الثقة التي جابت الأسواق، فقد أظهر القادة موقفاً موحداً بعض الشيء بخصوص خطة إعادة رسملة البنوك و التي ستتبلور بشكل أكبر في القمة الأكبر، و لكن بالمقابل،لم يتم الإفصاح عن أي إجراءات قد يتم أخذها بخصوص المعضلة الأكبر اليونان، و تكثر التوسعات التي تشير إلى احتمالية تحميل الجزء الأكبر من الخسائر للقطاع الخاص وفقاً للاقتراح الألماني.
يتبع المستثمرين اليوم سياسة الانتظار و الترقب لأية تطورات أو تعقيبات من القادة الأوروبيين حول الأزمة أو خطة الطريق التي سيُفصح عنها في قمة الأربعاء، و أعجب المستثمرين قيام القادة باستفزاز الرئيس الايطالي و حثه على فعل شيء بخصوص الدين الايطالي المرتفع، حيث أنهم متخوفين من سقوط ايطاليا لاحقة اليونان و هذا ما يُعد الخطر الأعظم، الأمر الذي جعل الرئيس الايطالي عقد اجتماع طارئ لحكومته يناقش فيها التطورات الاقتصادية في المنطقة و آلية عمل التقاعد في الدولة.
ولن يشغل بال المستثمرين اليوم بشكل رئيسي سوى الإجراءات التي يتم ترتيبها و تنسيقها من قِبل القادة الأوروبيين ليتم إعلانها في قمة يوم الأربعاء وسط شح البيانات التي ستصدر اليوم عن القارة الأوروبية و عن أكبر الاقتصاديات العالمية.
ولا بُد للإشارة عن البيانات الاقتصادية التي أظهرت انكماشاً في قطاعي الصناعة و الخدمات في منطقة اليورو، لتسجل مزيداً من الانكماش خلال شهر تشرين الأول، كما أن قطاع الصناعة الألماني أيضاً قد سجل انكماشاً في نفس الشهر بعد النمو الذي سجله الشهر السابق و لكن تحسن قطاع الخدمات الألماني رغم ذلك ليسجل نمواً بدلاً من الانكماش الذي سجله الشهر الماضي.
أن غياب البيانات الاقتصادية الهامة من الولايات المتحدة لن يجعل أوروبا إلا محور اهتمام المستثمرين و موضع محادثاتهم، حيث يبقى المستثمرين غيورين على مصلحة القارة التي قد تكون هي الموجه الذي يقود الاقتصاد العالمي نحو الركود بشكل أكبر من غيرها، فالجهود الذي يقوم فيها القادة و الإجراءات التي أفصح عنها و سيتم الإفصاح عنها في القمة القادمة، تُعتبر إشارات واضحة و قوية لمستقبل القارة الأوروبية و مصير الاقتصاد العالمي ككل.
بتجميع كل هذه البيانات و العوامل الاقتصادية، لا يسع للمستثمرين سوى النظر و الترقب للقادة الأوروبيين و هل الإجراءات التي سيتخذونها و الخطة التي سيقرونها ستكون كافية للحد من انتشار الأزمة و المحافظة على السيولة الكافية في الأسواق، و هل ينظر القادة لحماية اليونان و منعها من الإفلاس أم أنهم سيعتمدون خطة الإفلاس المنتظم و يحملون الخسارة الأكبر على القطاع الخاص، و عليه سيعم الأسواق حالة من عدم الاستقرار و تسيطر التذبذبات على التداولات إلا أنهم سيبقون متفائلين قبيل قمة يوم الأربعاء التي سيتم الإفصاح فيها عن القرارات النهائية.