بات احتمال زوال منطقة اليورو او تجزئتها ما بين دول تمضي قدما واخرى تخرج من العملة المشتركة، يطرح بشكل صريح مع ما ينطوي عليه من عواقب لا يمكن احتسابها في ظل التداخل الكبير لمختلف اقتصادات المنطقة.
وباتت هذه السيناريوهات التي كانت تثير الهلع عند بدايات الازمة، تطرح بشكل متزايد الى حد ان البعض اصبح يتوقع الا يتخطى اليورو عتبة السنة الجديدة.
وفي دليل على التشاؤم المخيم حاليا، اصدرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مؤخرا انذارا اذ اكدت ان التفاقم السريع للازمة يهدد تصنيف جميع الدول الاوروبية حتى الاكثر متانة بينها مثل المانيا وفنلندا وهولندا.
ومضت الوكالة ابعد من ذلك فلفتت الى ان «احتمال حصول تعثر متعدد .. لاكثر من دولة في منطقة اليورو لم يعد ضئيلا» بل انه يزداد بشكل متواصل في غياب اي حل للازمة.
وفي حال تحقق هذا الاحتمال، فسيقود الى تفكك منطقة اليورو بعد اكثر من 12 عاما على قيامها مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر بحصول ردود فعل متسلسلة مثل افلاس المؤسسات وانهيار النظام المالي والمبادلات التجارية، ما سيقود الى اضعاف الاتحاد الاوروبي على الساحة الدولية.
وحاول مصرف يو بي اس السويسري في دراسة تقدير كلفة الخروج من منطقة اليورو فتوصل الى ارقام تتراوح ما بين 9500 و11500 يورو للفرد خلال السنة الاولى بالنسبة لبلد يعاني من مشكلة ديون واوضاع ضعيفة، ما يوازي نصف الثروة التي ينتجها هذا البلد.
اما بالنسبة للدول التي تشكل النواة الصلبة لمنطقة اليورو مثل المانيا، فان الكلفة ستتراوح ما بين 6000 و8000 يورو للفرد خلال السنة الاولى.
وتشير كل هذه الارقام الى ان فاتورة الخروج من العملة الاوروبية ستكون اعلى بكثير من كلفة الازمة المالية عام 2008 التي اطلقها افلاس مصرف ليمان براذرز الاميركي.
وسعيا للحد من الاضرار، تعمل فرنسا والمانيا حاليا على عدة خيارات لاصلاح الاتحاد الاوروبي والخروج من الازمة، بدون ان تستبعدا المضي قدما ضمن دائرة اصغر من الدول عند الاقتضاء.
وبين المشاريع قيد الدرس اقرار معاهدة مصغرة لتعزيز ميثاق الاستقرار تضم دول منطقة اليورو الراغبة في ذلك.
وحذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الخميس خلال قمة اوروبية مصغرة في ستراسبورغ من انه «في حال رفض (اصلاح الاتفاقيات) فسنتبع استراتيجية اخرى» يمكن ان تتضمن «اتفاقات بين الحكومات» ما سيؤدي الى استبعاد بعض الدول المتمنعة.
واوضح دبلوماسي اوروبي ان:
«النهج الذي نعمل عليه يقضي باصلاح الاتفاقيات اولا بين الدول ال27. وفي حال طرحت بعض هذه الدول صعوبات او اعتبرت ان ذلك غير ممكن، عندها ينتقل الامر الى دول منطقة اليورو وحدها.
لكنه اضاف انه «في حال لم تشأ دولة او دولتان من الاتحاد النقدي المشاركة، فلن ندعها تقف في طريقنا».
وهو مشروع يثير استياء المفوضية الاوروبية.
ورد المتحدث باسم الشؤون الاقتصادية في الاتحاد اماديو التافاج الاثنين خلال مؤتمر صحافي انه «ان كان الهدف النهائي هو الحفاظ على استقرار منطقة اليورو، فمن الواضح عندها ان التجزئة لا تخدم هذا الهدف، بل ينبغي ان يقوم اي اقتراح يطرح على الحفاظ على وحدة منطقة اليورو.
وحذر المركز الاوروبي للسياسة من انه «لتجنب نهاية الاتحاد الاوروبي، ينبغي مراعاة العلاقات بين دول منطقة اليورو ال17 والدول العشر الاخرى التي لا تنتمي اليها».
وفي هذه الاثناء لا تزال الاسواق تنتظر ردا واسع النطاق على ازمة الديون وتعول في ذلك على البنك المركزي الاوروبي الذي قد يعيد شراء قسم كبير من ديون الدول المأزومة او على صندوق النقد الدولي.