دول أجنبية تساهم في تخريب الاقتصاد العراقي
مع إنتشار عمليات تزوير العملة في العراق عبر عصابات تنشط في مختلف المدن لا يستبعد الخبير أمين حسين أن دول أجنبية لها صراعات قديمة مع العراق تساهم في صنع أو تمرير العملات المزورة إلى البلاد بغية تخريب الإقتصاد العراقي.
بغداد: يعاني كريم الخفاجي وهو صاحب متجر أقمشة في الكاظمية في بغداد من كثرة العملة المزورة التي صارت ظاهرة يعاني منها السوق في الآونة الأخيرة. وبغياب التقنيات الحديثة فإن تمرير فئات العملة المزورة – بحسب الخفاجي – أمر يحدث بسهولة وسلاسة مكبداً أصحاب المصالح التجارية خسائر كبيرة.
وعلى رغم خبرة الخفاجي التي تسهل له كشف العملة المزورة إلا أن ذلك لا يكفي لفرز العملة الأصلية من المزورة. ويقول الخفاجي:
في بعض الحالات فإن كشف العملة المزورة أمر صعب مع تطور تقنيات التزوير.
ويرى كامل فاضل وهو صاحب محل صيرفة أن تزوير العملة العراقية أسهل بكثير من العملة الأميركية والأوروبية لكن يصعب كشفها مقارنة بالعملات الأخرى.
وبحسب الخبير الأول في البنك المركزي العراقي مظهر محمد صالح فإن عام 2011 شهد إلقاء القبض على حوالي ألف وثلاثمائة شخص زوروا عملات نقدية محلية وأجنبية.
ويؤكد الصيرفي أحمد جاسم في النجف أن جميع فئات العملة العراقية تُزوّر بصورة مستمرة. ويتابع بالقول:
منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي والعملة المزورة متوفرة بشكل كبير بعد طبع الدينار في المطابع الحكومية المحلية وبالورق العادي مما يسهل من تقليده.
وبدأ التداول بالدينار العراقي القديم (السويسري) منذ عام 1931 حين كانت العملة تطبع في المملكة المتحدة.
وفي أغلب دول العالم فإن مكافحة تزوير العملة يتم عبر إستحداث تقنيات متطورة توزع على البنوك ومراكز المال ومكاتب الصيرفة المالية والمراكز التجارية.
ويشير جاسم إلى أن تقادم تقنيات العملة العراقية يسهل على المزورين تقليدها ولابد من تجديدها وتحديث نسخها لقطع الطريق على المزورين.
ومن أبرز مواصفات العملة العراقية التي من المفترض أنها تمنع التزوير هي العلامة الفسفورية وصورة رأس الحصان إضافة إلى نوع الورق.
وإنخفضت عمليات التزوير للعملة العراقية وحل محلها تزوير العملات الأجنبية حين فقد الدينار العراقي قيمته في سوق العملات أثناء الحرب العراقية - الإيرانية حتى وصلت قيمته عند نهاية الحرب إلى 25 سنتاً أميركياً.
وتشير الحوادث إلى أن عمليات التزوير قائمة على قدم و ساق عبر عصابات تنشط في مختلف مدن العراق وآخرها عصابة من سبعة أشخاص القي القبض عليها في كركوك الأسبوع الماضي مختصة بتزوير العملة وتداولها.
وبحسب ضابط الشرطة وهام القيسي فإن هذه العصابة تزور فئة العشرة آلاف دينار لتصرف في الأقضية والنواحي التابعة لمحافظة كركوك.
ويعتبر قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 تزييف العملة أو تقليدها جريمة تزوير تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.
ولا يستبعد الخبير الاقتصادي أمين حسين أن دولاً أجنبية كانت لها صراعات مع العراق ساهمت في أوقات معينة في صنع أو تمرير العملات المزورة إلى العراق بغية التأثير على الاقتصاد العراقي.
ويقول الخبير الاقتصادي فاضل فليح من بنك بابل أن ورقة "المائة دولار" هي الأكثر تزويراً في العراق كما أنها الأكثر تهريباً بين العراق والدول المجاورة .
وبحسب فليح .. مهما كانت التقنيات ذات كفاءة في طباعة العملة إلا أن المزورين يجدون غالباً ما يتمكنون به من إختراق أسرار طباعة العملة عبر الثغرات الممكنة. ويقول فليح: لا يمكن الاستهانة بالمزورين في العراق فالانفتاح الاقتصادي أتاح لهم تطوير وسائلهم حيث تشير الدلائل إلى أن العراق يمكن أن يكون مركزاً لعمليات تزوير العملات في المنطقة وفق إعترافات الكثير من مزوري العملات الذين تربطهم علاقات عمل مع أقرانهم في دول الجوار.
ويشير تاريخ العملة في العراق إلى أن عام 1958 شهد الغاء الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم علاقة الدينار العراقي بالجنيه الإسترليني ولكن الدينار العراقي بقي محتفظاً بقوته الشرائية حيث كان يعادل 3.30 جنيه إسترليني في ذلك الوقت.
ويرى فليح ان بدائية التعاملات المالية في العراق والتي مازالت تعتمد على التبادلات النقدية فحسب يشجع على تقليد العملات. ويضيف: الاعتماد على الحسابات المصرفية الالكترونية واستخدام البطاقات البنكية إضافة الى التحويل والبيع والشراء عبر الإنترنت يساهم في تقليص أعمال تزوير العملة.
الجدير بالذكر أن آليات البطاقات الذكية والحسابات المصرفية الرقمية مازالت ثقافة جديدة في العراق ولم تعم بشكل واسع .
لكن سعيد رزاق المصرفي في شارع النهر في بغداد يرى أن العملة العراقية الورقية لم تكن طيلة عقود الثمانينيات والتسعينيات بدرجة عالية من الكفاءة بعدما إستبدلت النسخة السويسرية بالمحلية.
وشهد الدينار العراقي أدنى قيمة له حيث إنهارت قيمته بشكل كامل في فترة الحصار الاقتصادي في التسعينات.
وبعد عام 2003 صدر دينار عراقي جديد صنع في مطابع ديلارو في بريطانيا بمواصفات متطورة يصعب تزويره حيث إستبدل بالدينار المطبوع محلياً كما إستبدل الدينار العراقي المطبوع في سويسرا بما يعادل 150 ديناراً حديثاً.
ويعتقد سعد المياحي وهو تاجر عملة أن إمكانيات عصابات التزوير في العراق لم تعد محدودة وأصبح متاحاً لهم إستخدام تقنيات متطورة مثل الطباعة الدقيقة الملونة.
ويتابع: الكثير من المواد الأولية لتقليد العملة متوفرة اليوم في العراق بعدما كانت تستورد من دول الجوار لكن عمليات التداول مازالت أكثر نشاطاً في المناطق الحدودية المحاذية إلى سوريا وإيران والسعودية.