الدولار الكندي وتداول السلع: النفط والدولار الكندي في سوق العملات (فوركس)
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
لسبب ما عندما يتم ذكر كلمات مثل (مصدري النفط) فإن المواطنين في الولايات المتحدة الأمريكية غالبا ما يتذكرون دول مثل السعودية العربية والكويت وبعض الدول في الشرق الأوسط كمصادر رئيسية للنفط في العالم. ولكن في الحقيقة فإن تلك الفكرة ليست دقيقة بنسبة عالية، حيث أن جزء كبير من النفط الذي تستورده الولايات المتحدة الأمريكية يأتي معظمه من كندا، فعلى سبيل المثال، بلغ استهلاك الولايات المتحدة الأمريكية من النفط في مارس 2009 حوالي 2.5 مليون برميل من النفط الكندي يوميا. وأكبر ثاني مصدر للنفط بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية هي المكسيك.
ومن الجدير بالذكر أن كندا تعتبر من أكبر 10 منتجين للنفط في العام وتعتبر من أكبر مصادر الطاقة في العالم الفترة الأخيرة. كما أن أكثر الإنتاج الكندي من النفط يتم تصديره للخارج وجزء كبير منه يتم تصديره لجارتها الولايات المتحدة الأمريكية. ولكنها ليست الدولة الوحيدة التي تقوم بشراء النفط الكندي، حيث تقوم اليابان أيضا باستيراد جزء كبير من احتياجاتها النفطية من كندا أيضا. ومن هنا من الممكن أن نعرف أن دول الشرق الأوسط ليست وحدها التي تحتل المراكز الأولى من إنتاج النفط في العالم ولكن تعتبر كندا أيضًا من أكبر منتجي النفط الخام أيضا.
عملة السلع (الدولار الكندي) في سوق العملات
بسبب الاعتماد الكبير للاقتصاد الكندي على صادرات النفط الخام للخارج فإن ذلك كان له تأثيرا كبيرا على الدولار الكندي وحركته في سوق العملات مقابل العملات الأخرى، الأمر الذي جعل الكثير من المتداولين في سوق العملات يعتمدون على النفط الخام في تداولاتهم على الدولار الكندي. ولهذا تم ظهور مصطلح (عملات السلع) بين المشاركين في التداول في سوق العملات. وكان الدولار الكندي من أكثر العملات المقصودة بهذا المصطلح وذلك نظرا لارتباطه الكبير بالنفط الخام.
وفي الحقيقة فإن المنطق يقول أنه كلما ارتفعت أسعار النفط الخام في السوق فإن الدولار الأمريكي سوف يرتفع أيضا في سوق العملات؛ وذلك بسبب الأرباح الإضافية من صادرات النفط الكندي. وفي حالة عمل دراسة على تاريخ أسعار النفط الخام والدولار الكندي في سوق العملات فإننا سوف نجد وجود علاقة وارتباط كبير بين الاثنين بصورة كبيرة. فكان المتداولون كلما ارتفع النفط الخام يقومون ببيع الدولار الأمريكي وشراء الدولار الكندي والعكس في حالة حدوث انخفاضا في النفط الخام. ولكن تلك السياسة ليست دقيقة بنسبة 100% طوال الوقت. وفي الحقيقة، لا توجد سياسة ناجحة بنسبة 100% فهناك دائما نسبة للخطأ. ولكن على الرغم من ذلك، تعتبر هذه سياسة كافية لجعل المتداولون في سوق العملات يحققون أرباحا لا بأس بها من التداول على أساس العلاقة بين النفط الخام والدولار الكندي.
العميل الوفي
مما لا شك فيه أن من أهم العملاء والمشتريين للنفط الكندي هي أكبر دولة عظمى في العالم وهي أيضا جارتها وهي الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من تأرجح أسعار النفط الخام على مر الأوقات المختلفة إلا أن الطلب الأمريكي على النفط لا يزال يسجل مستويات مرتفعة ومستمرا في ارتفاعه. ولعل السبب في ارتفاع الطلب الأمريكي على النفط الكندي هو قرب الدولتين من بعضهما البعض مما يوفر الكثير من تكاليف الشحن بل أيضا فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعتبر نفسها قد اشترت النفط من دولة غريبة وأن الدولارات التي تم دفعها للاقتصاد الكندي سوف يعود بالنفع أيضا على الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى.
من ناحية أخرى فإنه لا يخفى على الجميع حقيقة عدم رخص مسألة شحن النفط الكندي إلى اليابان. ولكن على الرغم من ذلك إلا أن اليابان تعتبر أيضا من أكبر مستهلكي النفط الكندي بصورة كبيرة وذلك لأسباب معينة. والسبب الأساسي هو الاستقرار السياسي لكندا مقارنة بالدول المصدرة الأخرى للنفط حول العالم، بالإضافة إلى استقرار الدولار الكندي في سوق العملات بصورة كبيرة مقابل العملات الأخرى حتى لو تأثر الدولار الأمريكي والين الياباني بالأحداث العالمية.
الكثير من المخزون
في الحقيقة فإن كندا لم تتخطى المملكة العربية السعودية كأكبر مورد للنفط الخام في العالم فقط، ولكن أيضا تعتبر كندا من أكبر الدول في العالم من ناحية مخزونات النفط الخام، الأمر الذي يؤدي أيضا إلى ارتفاع الطلب على النفط الكندي مما يدعم الدولار الكندي بصورة كبيرة ويرفع درجة الارتباط بين سعره وسعر النفط الخام في العالم.
وعلى الرغم من فارق المسافات الكبير بين كندا والمملكة العربية السعودية، إلا أن الاكتشافات النفطية الأخيرة في المملكة العربية السعودية لم تكن مبهرة بشكل كبير بالنسبة لشركات النفط في العالم مما أدى إلى اتجاه الكثير من تلك الشركات للاستثمار في كندا، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع موقع كندا بالنسبة للمصدرين للنفط حول العالم، خاصة مع وجود اكتشافات جديدة لمصادر نفطية في كندا الفترة الأخيرة، مما يدعم الاقتصاد الكندي الذي بالضرورة سوف ينعكس على الدولار الكندي مقابل العملات الأخرى في سوق العملات مع ارتفاع الطلب من الدول الخالية من النفط حول العالم.
ولا يمكن أن ننسى أنه هناك دولة أخرى في العالم ترتفع معدلات طلبها على النفط الخام بصورة كبيرة ولا يزال معدل الطلب في ارتفاع مستمر وهي الصين. ولهذا فإنه من المتوقع أن تنضم الصين لقائمة البلاد المستوردة للنفط الكندي الفترة القادمة بصورة كبيرة الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الطلب على النفط الكندي أكثر مما يدعم بالتالي الدولار الكندي في سوق العملات مقابل العملات الأخرى.
كيف تربح من هذا الزوج في سوق العملات
عند النظر إلى أي رسم بياني يقارن أداء الدولار الكندي بالنفط الخام، سوف نلاحظ أن ذلك الرسم البياني يشبه الراقص المحترف والنفط هو القائد في هذه الرقصة. فعندما يتجه النفط إلى اتجاه معين يتبعه التابع له وهو الدولار الكندي إلى نفس الاتجاه. لذلك فإنه كان من الملاحظ ارتفاع درجة الارتباط بين النفط الخام والدولار الكندي في سوق العملات بصورة كبيرة قد تصل إلى 80% من الوقت تقريبا. لذلك، من الممكن أخذ النفط الخام كمؤشر قيادي لحركة الدولار الكندي ويمكن استخدام تلك العلاقة في الحصول على أرباح من هذه العملة عند تداولها في سوق العملات.
ولكن سوق العملات ليس هو السوق الوحيد الذي من الممكن استخدام تلك العلاقة فيه، فهناك الكثير من الأسواق والأدوات الأخرى مثل مؤشرات الصناديق والتي تركز على الدولار الكندي، أو صناديق الأوراق المالية التابعة للعملات والتي تقوم بمتابعة أداء الدولار الكندي بصورة يومية مقابل سلة من العملات. وهناك بعض الصناديق الأخرى التي تقوم بمتابعة أداء أكبر الأسهم في سوق الأسهم الكندي والتي بدورها أيضا تتأثر بعلاقة الدولار الكندي بالنفط الخام في السوق.
ويجب أن نلاحظ أن تلك الصناديق التي تتابع أداء بعض الأسهم الكندية لا تتابع فقط الأسهم المرتبطة بالصناعات النفطية ولكنها تتابع شركات متنوعة التخصصات في الاقتصاد. لذلك فإنه من الممكن أيضا متابعة بعض الأسهم المتخصصة في هذا المجال بعينها مثل شركة "سينسور للطاقة" وهي من أكبر الشركات الكندية العاملة في مجال النفط.