لا شك أن الدول العربية لم تعد كما كانت قبل الربيع العربي فالتغير امتد لكل الدول سواء تلك التي قامت بها ثورات أو من تغيرت ذاتياً، لقد أصبحت التنمية
هدف البرامج الحكومية وأصبح الإنسان هو محور اهتماماتها بطريقة لم تكن معهودة ما قبل الربيع العربي.
وهنا برز التحدي الأكبر والذي كان بشكل أو بآخر من أهم عوامل استحقاق هذا التغيير ألا وهو البطالة خاصة بطالة الشباب ولأن %65 من السكان في العالم العربي
هم من الشباب فإن هذا الأمر يشكل تحديا وفي الوقت نفسه فرصة للاستفادة من قوة عمل الشباب لدفع عجلة التنمية.
ولا يخفى على المتابع لأوضاع معظم الدول العربية أن التنمية متعطلة أو تسير بخطى بطيئة ولتسريع هذه الخطى كاستحقاق من ناحية وللمساهمة في خلق وظائف للشباب
فإن كثيرا من المقترحات تصب في الاتجاه نحو تحرير الأسواق من أجل جذب استثمارات خارجية للمساهمة في الأنشطة التنموية من خلال
إقامة مشاريع كبرى تتواكب والمرحلة المقبلة.
والإشكالية هنا أن المستثمر الأجنبي سيتجه نحو حلول يحقق بها أقصى ربح ممكن وهذا من حقه ولكن في ظل غياب المعايير اللازمة قد لا يحقق الاستثمار الأجنبي
الفوائد المرجوة منه، وأهمها توظيف الشباب لأن أسواق الدول العربية تستقبل كل أنواع السلع وغير السلع فإن المخاوف ستبرز في حالة استعانة
المستثمر الأجنبي لعمالة أجنبية للمساهمة في بناء المشاريع التنموية.
إن الإغراق العمالي خاصة الآسيوية لكثير من الدول العربية قد يقوض كل الجهود التنموية نحو إقامة مشاريع تستوعب الأعداد المتزايدة من البطالة
وكما هو معروف فإن العامل الأرخص هو المفضل للمستثمر، وهنا يأتي دور الحكومات في تقنين هذه العملية بما
يخدم مصالحها بدون إحداث نفور للمستثمر الأجنبي.
إن رفع الحد الأدنى للأجور يعتبر من السياسات المهمة التي تخدم تنافسية العامل العربي لأنه إذا وجد المستثمر الأجنبي أن أجر العامل الآسيوي مساوٍ
للعامل العربي عندها لن يضطر للاستعانة بالعمالة الآسيوية إلا في أضيق الحدود. فالحد الأدنى للأجور سياسة متبعة في أغلب دول العالم بل إن
الاتجاه الحالي هو تطبيق الحد الأعلى للأجور والذي بدأ بالانتشار بعد الأزمة العالمية وفضيحة رواتب التنفيذيين الخيالية وللأسف فإننا في الدول العربية
لدينا نظام الرواتب والأجور مفتوح الطرفين فلا حد أدنى ولا أعلى للأجور في تطبيق غير واع لسياسة تحرير أسواق العمل بصورة متطرفة للغاية.