سوروس يخسر اسيا الصغرى تدريجيا
لا أحد يستطيع أن يجيب على وجه الدقة على التساؤلات الكثيرة المثارة حول الملياردير الأميركي جورج سورس الذي تحاصره أصابع الاتهام في غير دولة في العالم بوقوفه وراء انهيارات اقتصادية كأزمة دول النمور الآسيوية خلال عامى 1997 و1998 على سبيل المثال. فهذا المهاجر المجري ذو الأصول اليهودية الذي تسربت معلومات عن سعيه في 1998 للمضاربة على الريال السعودي وإنزال قيمته، واجه دعوى جنائية في مدينة المااتا (كازاخستان) تتعلق بالتهرب من دفع الضرائب.
عقلية جهنمية ويدعم "التطرف الديني"!!
الملياردير اليهودي جورج سورس يخسر آسيا الوسطى تدريجيا
المااتا (كازاخستان) -د. باسل الحاج جاسم
وأقامت إدارة مكافحة الفساد الاقتصادي في هذه المدينة الكازاخية دعوى بحقه على خلفية عمليات التفتيش والتدقيق التي قامت بها إدارة الضرائب في المااتا، حيث تبين أنه من العام 2002 وحتى آذار 2004، ارتكبت مؤسسته مخالفات بمبالغ تجاوزت 600 ألف دولار أميركي. وتوصف مؤسسته المعروفة باسم "منظمة المجتمع المفتوح" بأنها قريبة من الاستخبارات الأميركية، لكن تصرفات سورس تتعدى مثل هذا الرابط إلى ما هو أكبر من مجرد عميل للمخابرات.
وردت المنظمة على الإجراءات الكازاخية بقولها "إن هناك تعديل على النظام الجنائي في كازاخستان تم تمريره في فبراير 2004م يمنع إعطاء المنظمات الدولية أية معلومات يمكن أن تعتبر مضرة بدولة كازاخستان, ويعطي الدولة حق اعتبار أن تمرير هذه المعلومات لهذه الجمعيات هو خيانة،
كما أن حكومة أوزبكستان شنت حملة إعلامية ضد الجمعيات الدولية غير الحكومية وموظفيهم واصفة إياهم بالخونة".
وكانت "منظمة المجتمع المفتوح" التي يقع مقرها الرئيس في نيويورك، افتتحت مكاتب في طشقند (اوزبكستان) في 1996. ومنذ ذلك الوقت أنفقت المنظمة 22 مليون دولار لتسويق فكرة الإصلاحات، كما أنها عملت في حقول الاقتصاد، الصحة العامة، التعليم والفن والثقافة. وفي 2003م كانت هذه المنظمة أكبر متبرع خاص في أوزبكستان حيث قامت بإنفاق 3.7 مليون دولار كمساعدات.
وكان سورس الذي دعم المعارضة الأوكرانية، أعلن في حوار لصحيفة "لوس انجلوس تايمز" عن رغبته بتكرار ثورة جورجيا المخملية في كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان. وكانت جورجيا شهدت انقلابا في 2003 أطاح بادوراد شيفرنادزة وأسند السلطة إلى ميخائيل سكاشفيلي الموصوف بأنه "خادم أميركا المطيع".
وحسب الصحيفة الأميركية ذاتها انفقت مؤسسة سورس لدعم الإصلاح السياسي في دول آسيا الوسطى زهاء 20 مليون دولار. وكان سورس خصص 10 ملايين دولار من أجل هزيمة بوش في الانتخابات الأميركية الأخيرة. ويقول محللون عن هذا السخاء في دعم معارضي سياسات بوش، إن سورس يرغب في سيطرة إدارة "أقل حماقة" في واشنطن ليتسنى له الحفاظ على مصالحه الاقتصادية الضخمة حول العالم.
واتسمت ردود الفعل الرسمية من قبل حكومات آسيا الوسطى حيال رغبة سورس في تكرار السيناريو الجورجي في آسيا الوسطى بقدر من السخونة، فقد قال المتحدث باسم الرئيس القيرغيزستاني ابديل سيكيز باييف "يجب أن تتطور الديموقراطية لوحدها,وجميع محاولات تصديرها غير مقبولة" مؤكدا أن عمل مؤسسة سورس في قيرغيزستان مقتصر على تطوير المناهج التعليمية والمساعدة في إنشاء معاهد للديموقراطية.
من جهتها وصفت الخارجية الطاجيكية تصريحاته بـ"غير المجدية". ورفضت وزارة العدل الأوزبكية تمديد فترة اعتماد عمل مؤسسة سورس على أراضيها معتبرة أن المؤسسة تتدخل في الحياة السياسية للجمهورية الأوزبكية. وعلق وزير العدل الاوزبكي عبد الصمد بالفان على طلب التمديد بقوله "اخفت مؤسسه سورس في أوزبكستان العديد من نشاطاتها,وتمويلها لم يكن شفافا"، وأضاف أن"العديد من نشاطاتها كانت تدعم التطرف الديني وتشجعه".
على أن الأحاديث لا تدور عن دور سورس في الولايات المتحدة وآسيا الوسطى فحسب، فهذا الملياردير اليهودي تتهمه جهات بالضلوع في أزمة النمور الآسيوية وفي مقدمتها ماليزيا. وكانت هذه الدول عانت أزمة اقتصادية خانقة في النصف الثاني من التسعينات في القرن الماضي. واتهم رئيس وزراء ماليزيا آنذاك مهاتير محمد "جهات يهودية" بالوقوف وراء محاولات ضرب اقتصاد بلاده.
وكان سورس وصف مهاتير آنذاك بأنه يمثل "خطرا على ماليزيا"، ورد عليه هذا الأخير بـ"إن سورس أبله". وتمكن مهاتير من تجاوز الأزمة الاقتصادية مما دفع هورست كوهلر المدير العام للبنك الدولى للقول بأن "محاضر كان على صواب".
يشار إلى لسورس كتب عدة تناقش الأنظمة المالية العالمية. وفي كتابه عن إصلاح النظام المالي المعولم، هاجم " هشاشة النظام المالي العالمي"، داعيا إلى ضبطه ومراقبته. كما أنه يهاجم بلا هوادة النظام الداخلي الأميركي والسياسات التي تتبعها الإدارة الحالية في الخارج.