~¤¦¦§¦¦¤~ *هل سيخسر الدولار وضعه كعملة احتياطية للبنوك في ظل اليورو؟*~¤¦¦§¦¦¤~
خلال الألفي عام الماضية تغيرت العملات الرائدة دولياً لمرات كثيرة. فمن العملة الرومانية إلى البيزنطية إلى الجلدر الهولندي، ومن ثم الجنيه الإسترليني إلى أن وصلنا إلى الدولار، وهو عملة الاحتياطي العالمي المسيطرة لأكثر من خمسين عاماً مضت. وهذا الوضع الذي تمتع به الدولار طوال تلك المدة كان يقدم مزايا اقتصادية هائلة للولايات المتحدة الأمريكية، فهي تستطيع أن تدفع قيمة وارداتها، وأن تستدين بعملتها المحلية وكل ذلك بكلفة فائدة منخفضة. ولكن حصة الدولار من احتياطات العملات الدولية انخفضت من 80% في منتصف السبعينات إلى حوالي 65% اليوم، وهذا يطرح السؤال عما إذا كان الدولار في خطر من أن يفقد وضعه الطليعي كعملة دولية رئيسية. السؤال نفسه كان قد طرح في بداية التسعينات بعد الانحدار الطويل الذي عانى منه الدولار آنذاك، إلا أنه استمر بالظهور كعملة دولية رئيسية في ذلك الحين. ولكن في بداية التسعينات لم يكن هناك عملة بديلة للدولار، أما اليوم فيوجد اليورو الذي يمكن أن يظهر كبديل وكتحد للاحتياطات من العملة الخضراء. فحتى تصبح عملة ما عملة احتياطي دولي فإن بعض المقومات الرئيسية لا بد من توافرها، مثل: وجود اقتصاد ضخم ومتين يحمي هذه العملة، وتوفر أسواق مالية مستقرة وعميقة ومفتوحة، بالإضافة إلى معدلات تضخم منخفضة، وأخيراً وليس آخراً توافر الثقة بقيمة هذه العملة.
وبالنظر إلى اليورو في ضوء معدلات أسعار العملات الحالية، نلاحظ أن المنطقة الاقتصادية لليورو ليست أصغر بكثير من تلك التي هي للدولار، كما أن منطقة اليورو هي أكبر مصدر في العالم. ومنذ نشأة العملة الأوروبية الموحدة أصبحت الأسواق المالية الأوروبية أعمق وأكثر سيولة. صحيح أن معدل النمو في منطقة اليورو أخفض من معدل النمو للناتج المحلي الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بمعايير الدولار فإن الوزن الاقتصادي لمنطقة اليورو قد نما قياسياً بالوزن الاقتصادي للولايات المتحدة خلال السنوات الخمس الماضية.
نقطة ضعف الدولار تكمن في إخفاقه في لعب دور العملة الحافظة للقيمة، فمنذ عام 1960 انخفض الدولار بمعدل الثلثين تجاه العملات الأوروبية، وذلك إذا أخذنا العملة الألمانية كمؤشر لما قبل فترة ظهور اليورو في عام 1999، وانخفض الدولار بالنسبة نفسها تجاه الين الياباني. ومنطقة اليورو على عكس الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر دائن صافٍ في العالم، ولم يحدث من قبل أن كانت عملة الاحتياطي الرئيسية هي أكبر مدين صاف كما هو الحال الآن مع الولايات المتحدة، لأن المدين قد يكون مستعداً لأن يستخدم تعويم العملة لتخفيض عجزه الخارجي، وهو أمر مرغوب فيه بالنسبة لعملة تلعب دور الاحتياطي. ويتساءل المشككون بوضع الدولار عن السبب الذي يدفع المستثمرين لحيازة موجودات بعملة دولية قادت سياساتها إلى تهديد وضع عملتها كعملة احتياطية، وعلى الرغم من هذه الشكوك إلا أنه يمكن القول: إن الدولار الأمريكي قدم بوصفه عملة الاحتياطي العالمي المسيطر خلال أكثر من نصف قرن مزايا اقتصادية هائلة للولايات المتحدة الأمريكية، وعزز سيطرتها الاقتصادية دون خوف من أن يفقد يوماً وضعه الطليعي كعملة دولية رئيسية.