النفط يساعد العراق على إيجاد مشترين لسندات دولية
رغم الحرب التي يخوضها العراق ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية وهبوط أسعار النفط الذي عصف بماليته العامة لا يزال بإمكان هذا البلد الاعتماد على احتياطاته النفطية لجذب مشترين إلى اول إصداراته من السندات الدولية في تسع سنوات.
وفي الأسبوع الماضي قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري لرويترز إن الحكومة المركزية تبحث مع سيتي بنك ودويتشه بنك إصدارا محتملا لسندات دولارية بقيمة خمسة مليارات دولار لأجل خمس سنوات يساعدها على سد العجز في موازنتها.
ويعتقد الكثير من مديري الصناديق أن العراق سيعجز عن بيع مثل هذه الكمية الضخمة من السندات دفعة واحدة خصوصا وأنه لم يحصل على تصنيف ائتماني من إحدى الوكالات الكبرى. والحصول على تصنيف ائتماني قد يستغرق شهورا.
صحيح أن دعم السندات بإيرادات نفطية محددة سيعزز طلب المستثمرين إلا أن الحكومة لم تقل إنها ستفعل ذلك وقد ترفض تكبيل يديها بهذه الطريقة.
لذا قد يتم طرح إصدار أصغر حجما في الأسابيع القادمة ربما يتراوح بين مليار دولار ومليارين.
لكن ما من شك في أن العراق لا يزال يستطيع دخول سوق الدين الدولية وقتما يشاء. فاحتياطاته النفطية ضخمة جدا وخططه لإنتاج هذا النفط غاية في الطموح بما يجعله سوقا جذابة لأموال الراغبين في التعرض للمخاطر السياسية مقابل جني عوائد مرتفعة.
وزاد العراق ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إنتاجه إلى 3.40 مليون برميل يوميا في يناير كانون الثاني من 3.05 مليون برميل قبل عام. وقالت بغداد إنها تهدف لرفع إجمالي طاقتها الإنتاجية إلى ما بين 8.5 مليون و9 ملايين برميل يوميا بحلول 2020.
ربما يكون هذا الهدف مفرطا في التفاؤل في ضوء المخاوف الأمنية وتردي البنية التحتية ونقص السيولة. لكن حقول النفط الضخمة في العراق تقع في المنطقة الجنوبية التي يسيطر عليها الشيعة بما يجعلها في مأمن من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية نسبيا.
سيراهن مشترو السندات العراقية على أن الإنتاج سيزيد في السنوات المقبلة بما يكفي العراق لخدمة ديونه بسهولة حتى وإن لم ينفذ خطط التوسعة بالكامل.
وقال بريان كارتر مدير محافظ في أكاديان لإدارة الأصول في بوسطن "طموحات إنتاج النفط العراقي عالية وتوفر محفزا إيجابيا للدين العراقي."
يشير التداول في السوق الثانوية لسندات عراقية مقومة بالدولار تستحق في 2028 إلى استعادة العراق ثقة المستثمرين بعض الشيء بعد تهافتهم على البيع في أواخر العام الماضي مع هبوط أسعار النفط.
وقفز العائد على السندات إلى مستوى قياسي بلغ 10.49 بالمئة في منتصف ديسمبر كانون الاول من نحو 7.2 بالمئة في سبتمبر لكنه نزل بعد ذلك إلى 8.54 بالمئة.
توجد عدة عوامل وراء هذا التعافي. فالقوات الحكومية العراقية حققت بعض المكاسب في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية خلال الأشهر القليلة الماضية ولم تعد بغداد معرضة لخطر مباشر.
وبعد أن وصل سعر مزيج برنت إلى 45 دولارا للبرميل ارتفع الخام فوق 50 دولارا للبرميل.
ووضع زيباري خطة معقدة لمعالجة العجز المتوقع البالغ 21 مليار دولار في موازنة هذا العام. ويعتزم الوزير اتخاذ إجراءات كثيرة من بينها فرض ضرائب على واردات السيارات وبطاقات الهواتف المحمولة وتوفير ملياري دولار عن طريق تقليص مكافآت موظفي الحكومة الذين يتقاضون رواتب كبيرة وجمع 1.8 مليار دولار باستخدام حقوق السحب الخاصة للعراق من صندوق النقد الدولي.
وإذا مكنت هذه الخطوات الحكومة من الوفاء بالتزاماتها وزاد إنتاج النفط أكثر ستكون المالية العامة للدولة في حال أفضل بكثير خلال سنوات قليلة.
يجني العراق حاليا نحو 50 مليون دولار سنويا من صادراته النفطية. وإذا استقرت أسعار النفط فإن نمو الإنتاج بنسبة 50 بالمئة فقط سيدر إيرادات إضافية تقرب من 25 مليار دولار بما يكفي لسد العجز في الموازنة بالكامل
يقول كيفين دالي مدير محافظ في أبردين لإدارة الأصول إن السندات التي ينوي العراق طرحها ستكون جذابة إذا انطوت على عائد نحو تسعة بالمئة وأجل عشر سنوات.
وأضاف "سيكون هناك طلب على العراق بالتأكيد بل وسيزيد إذا حصلوا (العراقيون) على تصنيف ائتماني."
والعلاقة التي تربط بين السندات العراقية المتداولة وسندات الأسواق الناشئة الأخرى ضعيفة جدا بما يجعل من العراق سوقا استثمارية جاذبة لبعض الأموال خصوصا مع اقتراب رفع أسعار الفائدة الأمريكية الذي يؤثر سلبا على سندات الأسواق الناشئة بصفة عامة.
ولاحظ مديرو الصناديق أيضا أن سعر السندات العراقية المتداولة جذاب مقارنة مع سندات دولارية مستحقة في 2023 لنيجيريا التي تواجه مشكلات سياسية وأمنية كبيرة لكن يتم تداول سنداتها بعائد يقل 165 نقطة أساس عن نظيرتها العراقية.
وقال سيرجي ديرجاتشيف وهو مدير محافظ لديون الأسواق الناشئة في يونيون انفستمنت برايفيتفوندز في ألمانيا إن فرص التعافي الكبير لأسعار النفط ضئيلة جدا في حين أن فرص قضاء العراق على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية شبه منعدمة.