ماذا ربح العالم من قناة السويس؟ ...تقرير
كشف الدكتور عبدالتواب حجاج، المستشار الاقتصادى لرئيس هيئة قناة السويس، عن تحقيق التجارة العالمية التى عبرت قناة السويس خلال عام 2014/2013، بدلًا من الدوران حول الطريق البديل «رأس الرجاء الصالح»، أرباحًا ووفورات مالية بلغت نحو 26 مليار دولار، فى حين أن هذه التجارة سددت رسوم عبور فقط بلغت 5.3 مليار دولار لصالح هيئة القناة والاقتصاد المصرى.
وقال حجاج فى ورقة بحثية حديثة حول اقتصادات التجارة الدولية العابرة قناة السويس، إن قناة السويس - منذ إنشائها- تمثل أهمية إستراتيجية كبرى فى المجالات المختلفة، وتعد شريان رخاء اقتصادى مهمًا لمعظم دول العالم، وأقصر طريق مائى يربط بين الشرق والغرب، وأيضا بين الشمال والجنوب، مما ساهم فى تطوير وزيادة حجم التجارة العالمية، وغيّر من شكل خريطة المواصلات البحرية العالمية.
وأوضح حجاج أن حركة البضائع العابرة للقناة تتأثر بالتغيرات التى تطرأ على حركة التجارة العالمية بصفة عامة وعلى المناطق المستفيدة من قناة السويس بصفة خاصة، وقال إنه من خلال دراسة تطور كل من كميات التجارة العالمية، والكميات التى عبرت القناة وأهميتها النسبية تبين أن معدلات نمو كميات البضائع العابرة للقناة يفوق معدلات نمو التجارة العالمية مما أدى إلى تزايد الأهمية النسبية لها خلال السنوات السابقة مقارنة بتأثير الأزمة المالية العالمية عام 2008، الذى كان أكثر حدة على قناة السويس.
وتابع حجاج بأن الأهمية النسبية لأنواع البضائع العابرة للقناة تختلف عن أهميتها النسبية للتجارة العالمية، حيث تمثل البضائع المحوّاة حوالى %54 من كميات البضائع العابرة للقناة مقابل %15.5 من التجارة العالمية.
كما تجتذب قناة السويس حوالى %21 من تجارة الحاويات العالمية (عدد الحاويات المحملة التى عبرت القناة عام2012 بلغ 32.1 مليون حاوية، وبلغت التجارة العالمية 155مليون حاوية) وبتضمنها %100 من تجارة الحاويات على الطريق بين أوربا والشرق الأقصى.
وقال حجاج إن تأثير قناة السويس ظهر واضحا على اقتصاديات التجارة العالمية عندما تعرضت للإغلاق عدة مرات حيث أدى إلى زيادة كبيرة فى الأعباء الإضافية لتكاليف النقل وإلى اضطراب حركة التجارة العالمية، وكان التأثير أكثر شدة على التجارة البترولية بين الشرق الأوسط وأوروبا، والتجارة المنقولة بحرا إلى دول شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وقال إنه فى عام 1966 - آخر سنة قبل إغلاق القناة بعد حرب 1967 -عبرت قناة السويس كمية من البضائع بلغت 242 مليون طن ( منها 176 مليون طن من المواد البترولية بنسبة %73 ).
وهذه الكميات قد تحولت إلى طريق رأس الرجاء الصالح مما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل وتأخر وصول البضائع الأمر الذى أحدث آثارا اقتصادية بالغة.
وأضاف أن اغلاق القناة أدى إلى ارتفاع نوالين النقل البحرى بسبب عجز طاقة النقل البحرى عن مواجهة الطلب الناتج عن طول مسافات الرحلات حول رأس الرجاء مع زيادة الاستثمارات التى تم إنفاقها لبناء سفن جديدة وخاصة ناقلات البترول قدرت بحوالى 2600 مليون دولار.
وقال حجاج إن الاغلاق أدى إلى زيادة فى تكاليف النقل البحرى بما مقداره 4400 مليون دولار خلال السنوات 1967- 1971 واستمرار هذه الزيادة سنويا بمعدل 875 مليون دولار.
وتابع أن الخسائر الاقتصادية التى بلغت حوالى %20 من قيمة صادرات دول شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا، و%23 لمعظم الدول النامية واستبعاد الدول المصدرة للبترول.
وقال إن الخسائر الإجمالية التى لحقت بالتجارة بين أوروبا ودول شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا بلغت 560 مليون دولار وهو ما يعادل حوالى %13 من قيمة صادرات هذه الدول خلال السنوات 69– 1970مع تحول جزء من التجارة البترولية من منطقة الشرق الأوسط إلى مناطق أخرى فى شمال وغرب أفريقيا ومناطق أخرى أكثر قربا من مناطق الاستهلاك العالمى.
وأشار حجاج فى دراسته إلى حدوث اضطرابات فى حركة التجارة العالمية بسبب تأخر تسليم البضائع والمنتجات ( بسبب طول زمن الرحلات ) وزيادة تكلفة التأمين والأعباء التمويلية، بالإضافة إلى الانخفاض الرهيب فى أنشطة الموانى القريبة من قناة السويس مثل عدن وجيبوتى وبورسودان.
وكشف حجاج أن ملخص النتائج المباشرة لغلق قناة السويس تمثل فى زيادة تكاليف النقل البحرى بحوالى 7080 مليون دولار خلال الفترة من منتصف عام 1967 حتى نهاية عام 1971 مع استمرارها بمعدل 1715 مليون دولار سنويا بعد ذلك وذلك بخلاف الآثار الأخرى غير المباشرة السابق الإشارة إليها.
وكان من نتائج هذه الآثار الاقتصادية لغلق القناة أن حرصت دول العالم على التعاون فيما بينهما لإزالة مسببات غلق القناة والمعاونة فى سرعة تطهــيرها وإعادة الملاحة فيها وكذلك المعاونة على دعم مشروعات تطويرها.
وطرح حجاج تساؤلا حول..ماذا يكسب العالم حاليا من وجود قناة السويس؟ حيث أكد أنه اعتمد على حساب الوفورات التى حققتها كميات البضائع التى عبرت القناة بدلا من الدوران حول رأس الرجاء الصالح من خلال عملية حسابية لمسافة الرحلة البحرية بين الموانئ وكل من قناة السويس وطريق رأس الرجاء الصالح مع حساب كميات النقل البحرى ( طن/ ميل ) على الطريقين.
وتوصل البحث إلى أن كميات البضائع التى عبرت القناة عام 2013 وقدرها 754.5 مليون طن قد سارت لمسافة 4027331 مليون (طن / ميل) عبر قناة السويس بدلاً من مسافة 8736263 مليون (طن / ميل) حول طريق رأس الرجاء الصالح وبذلك يكون مقدار الوفر 4708932 مليون ( طن/ ميل) الذى حققته القناة.
وأوضح أن هذا الوفر يمثل حوالى %54 من المسافة حول رأس الرجاء الصالح، أى مايعادل %116 من المسافة عبر قناة السويس.
ويمكن حساب قيمة الوفر الذى حققته التجارة العالمية نتيجة اختيار طريق قناة السويس بدلا من طريق رأس الرجاءالصالح والبالغ مقداره 4.7 تريليون ( طن / ميل).
كما تناولت الدراسة قيمة الوفورات المباشرة التى حققتها التجارة العالمية من عبور القناة عام 2014 حيث زادت كميات البضائع العابرة- من754.5 إلى 822.3 مليون طن- بنسبة %9.0 وزيادة اخرى البضائع المحواة - من406.1 إلى 435.0 مليون طن- بنسبة %8.5 وزاد عدد الحاويات المحملة- من32.1 إلى 35.0 مليون حاوية teu– بنسبة %8.4 ( وهى بضائع حساسة للزمن ) وتمثل %53 من اجمالى الكميات العابرة فى 2014.
وقال حجاج إن الزيادة المطردة فى كميات البضائع العابرة عاما بعد عام تؤدى إلى زيادة فى حجم وقيمة الوفورات التى تحققها من عبور قناة السويس.
وفى نهاية دراسته قال المستشار الاقتصادى لرئيس هيئة قناة السويس إن حساب المكاسب التى حققتها التجارة العالمية من عبور القناة بدلا من الدوران حول أفريقيا تفوق هذة النتائج، ومن أهمها قيمة الوفر فى زمن الرحلات وعائد رأس المال المستثمر فى البضاعة.
حيث تشير الإحصاءات المنشورة لمنظمة « أنكتاد UNCTAD» إلى أن قيمة التجارة العالمية عام 2013 قد بلغت 18.8 تريليون دولار امريكى، منها البضائع المصنعة قيمتها 12.1تريليون دولار، ويمكن تصور قيمة البضائع التى عبرت القناة عام 2013، وحساب العائد على رأس المال المستثمر فيها والوفر المحقق فى زمن الرحلات وعلى الأخص فى البضائع المحواة ( وهى بضائع حساسة للزمن ) والتى تمثل أكثر من نصف هذه الكميات.
وأضاف أن زيادة الاستثمارات المطلوبة لبناء سفن جديدة لمواجهة الطلب على النقل أخذت فى الاعتبار حجم الوفورات التى تحققها القناة والتى تمثل %116 من طاقة النقل الحالية عبر قناة السويس أى أنه مطلوب مضاعفة طاقة عدد السفن التى عبرت القناة لتعويض عدم استخدام القناة كممر ملاحى رئيسى فى حركة التجارة الدولية.