قصَّة نجاح كيفن سيستروم مؤسس إنستغرام
في كثير من الأحيان تستحوذ الشركات الناشئة على اهتمام الإعلام، وتوصَف عادةً بأنها قد حقَّقت "نجاحًا بين عشية وضحاها"، باعتبار أنَّها وصلت إلى إنجازٍ لا يُصدَّق في عامٍ أو اثنين. انتابني شعورٌ لبعض الوقت أنَّنا إذا دقَّقنا النظر فيمن أسَّسوا "تجارب النجاح بين عشيةٍ وضحاها" تلك؛ سيتضح لنا أن تلك الإنجازات ليست من قبيل المصادفة. لذا سأحاول هنا أن أُقدِّم نظرة أعمق حول الكيفية التي بدأ بها هؤلاء المؤسسين تجاربهم الناجحة.
كيفن سيستروم (Kevin Systrom) هو المؤسس الشّريك والرئيس التنفيذي لـ"Instagram"، تطبيق مشاركة الصور لأجهزة آيفون وأندرويد، الذي يُمكِّنك من إضافة "المُرشّحات" إلى الصور، ومشاركتها على التطبيق نفسه أو على الشبكات الاجتماعية الأخرى. إنستغرام هي واحدة من أكبر النجاحات التي تحقَّقت مؤخرًا؛ فقد استحوذ عليها "فيس بوك" بملياري دولار أمريكي قبل مرور سنتين على إطلاق التطبيق؛ وتجاوزت للتوِّ حاجز الخمسين مليون مستخدم (المُترجم: للتوّ هنا ترجع على تاريخ كتابة المقال الأصلي)؛ ما جعلها واحدةً من أسرع الخدمات نموًا على الإطلاق. إذًا كيف بدأ كيفن رحلته نحو تأسيس شركته الناشئة وتحقيق هذا النجاح؟ دعونا نلقي نظرة.
البدايات
نشأ كيفن في بلدة صغيرة في ولاية ماساتشوستس الأمريكية.
دخل أول جهاز حاسوب إلى منزله في سن 12؛ وعندما كان يلعب Doom II، بدأ في تعديل مستويات اللعبة، قائلًا: "هذه هي الطريقة التي بدأت فيها الأمور حقيقةً. سأبقى مُمتنًا لـ Doom II في كل شيء.".
مارس كيفن هواية البرمجة أولًا مع البرمجة بلغة كيو بيسك (QBasic).
حين حصل على AOL، طوَّر كيفن برامج باستخدام لغة Visual Basic للإقلاع دون اتصال بالشبكة.
في المدرسة الثانوية، حضر كيفن دروس علوم الحاسب بدلًا من علم الأحياء.
أيام "ستانفورد"
مارس كيفن البرمجة نشاطًا جانبيًا طوال الوقت الذي أمضاه في جامعة ستانفورد.
طوَّر كيفن موقعًا منافسًا لكريغسليست (Craigslist)، يستهدف الحرم الجامعي في "ستانفورد"؛ واستخدم الخدمة 8000 شخص في الجامعة. كانت هذه واحدة من أولى تجارب كيفن في تأسيس الشركات الناشئة.
"ستانفورد هي واحدة من أفضل الأماكن لمقابلة المهندسين الأذكياء جدًا، وذوي الخبرات الهائلة أيضًا."
سجَّل كيفن اسمه في صف علوم الحاسب في جامعة ستانفورد. يتذكَّر كيفن أنَّه وجد الصف صعبًا للغاية؛ ولم يحصل على علامات رائعة. ومع ذلك، فإنه يتذكَّر العديد من زملائه، الذين يعمل واحدٌ منهم في إنستغرام في واقع الأمر.
وقع الاختيار على كيفن ليكون ضمن برنامج زمالة مايفيلد (Mayfield Fellows)؛ وهو برنامج عمل يهدف إلى التعرُّف إلى شركات التكنولوجيا الصاعدة. يقتصر الانتساب إلى البرنامج على القليل من الطلبة المُميَّزين في "ستانفورد" أو الطلبة الذين يدرسون درجة الماجستير جنبًا إلى جنبٍ مع البكالوريوس.
خلال الفترة التي قضاها كيفن في جامعة ستانفورد، التقى شون باركر، ومارك زوكربيرغ، وآدم دانجيلو وغيرهم، من خلال نشاطاته وفترة التدريب في شركة Odeo.
التدريب في Odeo
ضمن كيفن لنفسه فرصة تدريبٍ في Odeo (شركة ناشئة تنتج البودكاست). وكما يعرف البعض، ستصبح Odeo في وقت لاحق "تويتر". كان كيفن في Odeo قبل أن تصبح تويتر، ولكن مؤسس تويتر الشريك جاك دورسي (Jack Dorsey) كان أحد أوائل المستثمرين في إنستغرام بعد عدة سنوات. وسعيًا للحصول على التدريب، وجد كيفن بريد "إيفان ويليامز" الإلكتروني عن طريق إجراء بحث عن اسم نطاق Odeo عبر خدمة whois. لم يتلقَ كيفن ردًا في المرة الأولى التي أرسل فيها بريدًا إلكترونيًا، ولكن بعد رسالتين آخرتين وافق "إيفان" على مقابلة كيفن.
"أفضل عمل هو ذلك الذي تفعله بكد؛ فهذا ما أقوم به يومًا بعد يومٍ في إنستغرام."
يتطلَّب الأمر الكثير من العمل الشاق؛ والتدريب هو وسيلة رائعة لتعلُّم ذلك.
في عام 2005، وخلال فترة تدريبه في Odeo، اجتمع كيفن بشون باركر، ومارك زوكربيرغ، وأتيحت له الفرصة للعمل لصالح "فيس بوك".
العمل في جوجل
بعد ستانفورد، تولَّى كيفن وظيفة في مجال التسويق للمنتجات في جوجل.
كانت لدى كيفن خبرةً تسويقيةً نتيجةً لتدريبه في عدد من وكالات التسويق.
عمل كيفن على Gmail وتقويم جوجل (Google Calendar)، وتطبيق Docs (المستندات) وSpreadsheets (جداول البيانات) خلال عمله في جوجل.
تعلَّم كيفن في جوجل "كيفية التحدُّث عن المنتجات".
انتقل كيفن إلى فريق تطوير الشركات الذي يقوم على أمر الاستحواذ على الشركات الناشئة، الأمر الذي أطلق شرارة رغبته في أن يكون جزءًا من شركة ناشئة هو نفسه.
Nesxtstop
يقول كيفن عن الفترة التي عمل فيها في فريق تطوير الشركات في جوجل: "رأيت الكثير من روَّاد الأعمال يستمتعون للغاية بتأسيس الشركات الناشئة حتَّى لقد انضممت إلى شركة أسَّسها بعض موظفي جوجل.".
انضم كيفن إلى Nextstop، الشركة التي أسَّسها زملاؤه في جوجل.
بدأ كيفن في التسويق، ولكن تحوَّل بعد ذلك إلى الهندسة. يقول: "فقط في وظيفتي التالية في Nextstop أمكنني القول إنَّني تحوَّلت من كوني هاويًا لأن أصبح قادرًا على كتابة برامج تصلح للخروج إلى النور.".
بعد أن ترك كيفن شركة Nextstop استحوذت "فيس بوك" عليها في نهاية الأمر.
Burbn
بعد عامٍ قضاه في Nextstop، قرَّر كيفن أن يؤسس شركته الناشئة باسم Burbn.
عمل كيفن على تأسيس Burbn بنفسه.
كان Burbn تطبيقًا لتسجيل الحضور عبر الهاتف المحمول (check-in) مبنيٌ بالكامل على لغة HTML5.
حين تُسجِّل حضورك إلى مكان ما عبر Burbn، يمكنك إضافة مقطع فيديو أو صورة.
التقى كيفن "أندرسون ستيف" من شركة Baseline للاستثمار. وخلال الاجتماع، كان كيفن سيتقبل رسائل نصية تبلغه بأن مُستخدمين جُدد كانوا ينضمون إلى Burbn. كان ستيف يعرف بعضهم؛ مما دفعه إلى اتخاذ قراره بأن ثمَّة أمرٍ ما مهم يحدث أمام عينيه. أمَّن كيفن في هذا الاجتماع أوَّل استثمار لـ Burbn بقيمة 50 ألف دولار.
أحد زملاء كيفن السابقين في جوجل قدَّمه إلى المستثمر مارك آندرسن الذي كتب له شيكا بمبلغ 250 ألف دولار من 500 ألف دولار حصل عليها كيفن.
استطاع كيفن جذب عددٍ كافٍ من الناس لمشروعه Burbn؛ فجمع 500 ألف دولارٍ تمويلًا مبدئيًا.
كان "مايك كريغر" واحدًا من أوائل مستخدمي Burbn، بالإضافة إلى كونه زميلًا في برنامج Mayfield Fellows. أصبح مايك مؤسسًا شريكًا لكيفن وأحد أعمدة إنستغرام.
إنستغرام
جلس كيفن مع مايك وقرَّرا أن تطبيقهما لم يكُن مميزًا بما فيه الكفاية في مجال تطبيقات تسجيل الحضور (check-in)؛ وأدركا أن الصور كانت شيئًا يستمتع به مستخدمو Burbn؛ فقرَّرا أن يركزا تمامًا على الصور. هكذا وُلد إنستغرام.
بُنيَ إنستغرام حول 3 مشاكل حقيقية: لم يكُن باستطاعة المستخدمين التقاط صور جميلة بهواتفهم، وكان من الصعب نشر الصور على شبكات متعددة، وكان تحميل الصور عبر التطبيقات الأخرى بطيئًا جدًا.
حين أُطلق إنستغرام وواجها مشاكل تتعلَّق بتوسيع نطاق العمل، أصبح "آدم دانجيلو" مُنقذهما؛ فتابع معهما خطوات الحصول على خطة بديلة. كان آدم دانجيلو أيضًا أحد أوائل المستثمرين في إنستغرام.
سلسلة من الخطوات
قد أكون مخطئًا ولكن بالنظر إلى كل الأمور المختلفة التي فعلها كيفن قبل إنستغرام وفي العمل على إنستغرام نفسه، يبدو واضحًا بالنسبة إليَّ أنه كان يبني على ما سبق في كل شيء فعله.
لم يكُن من المُرجَّح أن يجِد كيفن شغفًا في العمل على مشاريع جانبية دون أن يلعب Doom II ويستمتع بتعديل المستويات. بغير هذا الشغف، ربَّما لم يكُن ليبني موقعًا منافسًا لـCraigslist في ستانفورد، الأمر الذي من المرجَّح أنه قد لعب دورًا كبيرًا في حصوله على التدريب في Odeo.
نتيجةً للتدريب في Odeo والمشاريع الجانبية العديدة التي نفَّذها، كان كيفن في وضعٍ قوي يؤهله لتكتشفه "فيس بوك"؛ ومكَّنه ذلك من مقابلة مارك زوكربيرغ والمرور إلى آدم دانجيلو، أوَّل مدير تقني CTO في "فيس بوك"، حين كان يواجه مشكلة في توسيع أعمال إنستغرام.
يبدو أنَّ كل هذه الأمور السابقة ساهمت في حصوله على وظيفة في شركة جوجل. وخلال فترة وجوده هناك، انتقل للفريق الذي كان يُركّز على عمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة. أعطاه ذلك خلفيةً جيدةً عن الأمر؛ وساعده على أخذ زمام المبادرة للانضمام إلى Nextstop. وخلال الفترة التي قضاها في Nextstop، انتقل من عمله بالتسويق إلى مهندس متفرغ للبرمجة بشكل كامل.
كان كيفن مُسوِّقًا بارعًا ومهندسًا مُتمكِّنًا في الوقت الذي أسَّس فيه Burbn وإنستغرام عبر كل تجاربه السابقة. كانت لدى كيفن أيضًا صلاتٌ بعددٍ كبيرٍ من الناس الذين قدَّموا له المساعدة في كافة جوانب تأسيس الشركات الناشئة.