التحول الصامت في الصناعة
هل لاحظنا جميعًا هذا التحول الصامت في الصناعة خلال السنوات الخمسة الماضية؟ حين كنت أحد شباب رواد الأعمال كان التداول مُنصبًا بشكل رئيسي على الميتاتريدر4 واستراتيجيات تتبع الاتجاه. لم أجمع أي إحصائيات محددة ولكن يمكنني بوضوح ملاحظة الحضور البارز للجوانب النفسية والسلوكية في المناقشات المهنية.
يقدِّم عدد متزايد من الشركات خدمات تتمحور حول تحليل سلوكيات المتداولين، وشخصياتهم، وأنماط اتخاذ القرارات والتوجيه الشخصي. بالنسبة لي فإن هذا الاتجاه يعتبر رائع ومثير للاهتمام.
هل تنضج صناعتنا؟
يبحث العديد من البائعون في صناعة التداولات المالية عن توسيع دائرة هذا النشاط لتشمل قطاع أوسع من الجمهور. وهو ما يعني إتاحة فرص التداول لعديمي الخبرة ممن لا تتوفر لهم خلفية في مجالي التمويل والتداول. نسخ التداولات يعتبر مثال جيد على ذلك، حيث يمكنك تتبع أحد قادة التداول ومراقبته وهو يحقق الأرباح من أجلك.
لذلك ربما يصبح من الممكن حاليًا في ظل تزايد عدد المتداولين ووجود حالة أفضل من التجانس أن نفهم السبب في ازدياد المناقشات حول الجوانب النفسية والسلوكية: والتي يمكن أن تمثِّل أسرارها المفتاح للنجاح أو تقصير منحنيات التعلم للمبتدئين بجانب تحسين نتائج التداول بالنسبة لذوي الخبرة.
لهذا يمكن القول أن الصناعة أصبحت منفتحة وأكثر تنوعًا ليس فقط في جمهورها المستهدف بل أيضًا في نوعية المنتجات المقدمة: حيث يتزايد اعتماد مفهوم الألعاب في منتجات التداول، التركيز على تقديم مواد تعليمية ذات جودة عالية، بجانب تنوع الأدوات المساعدة.
وإذا ارتديت ثوب الحكمة لثانية واحدة لن يسعني سوى القول أن هذا التطور رائع بحق. حيث يشير إلى عدم جمود الصناعة في ظل تطورها وتكيفها مع المتغيرات. أما لو كانت قد ظلت منصبة فقط على المتداولين المحترفين ومطوري اكسبرتات التداول فلربما كان قد أصابها الركود بل وتجمدت في نهاية المطاف.
الطنين النفسي
كما يمكننا ملاحظة تزايد عدد المؤلفين وقادة الرأي ممن يكتبون عن تلك الموضوعات ومدى تأثيرها على نتائج التداول. هذا الأمر كان مقتصرًا قبل بضع سنوات على فئة محدودة من المتداولين – ولكن بات هو الاتجاه السائد في الوقت الحالي. ويبدو أن هناك اتفاق بين الجميع على أن تداول الأخبار أو الأحداث المالية لا يحقق سوى نتائج محدودة وبالتالي فإن الوعي بالتحيز الشخصي (الشخصية وأسلوب صنع القرار) يساهم بشكل كبير في قدرتك على تحقيق عوائد أكبر من التداول أو على الأقل الحد من الخسائر.
يبدو هذا الطرح معقولًا ومنطقيًا: حيث يمكن للمرء أن يكون أكثر دقة في فهم تأثير خبر معين والتفاعل معه بطريقة متكاملة بينما قد يصاب متداول آخر بنوع من الهستريا. النوع الأول تقِل لديه احتمالات الانحراف المعياري عن متوسط حجم الصفقة بينما الأخير يمكن أن تتغير ردود أفعاله وبالتبعية أحجام تداولاته بشكل كبير. وهو ما قد يقود في نهاية المطاف إلى تحقيق النجاح أو الخروج تمامًا من السوق.
أعتقد أن العلوم السيكولوجية/السلوكية يجب أن تكون هي المحيط الأوسع لصناعة التداول. ومع زيادة عدد المتعمقين في هذا البحر الواسع كلما زاد بالتبعية حجم الجمهور المستهدف مع إتاحة خدمات جديدة وأيضًا ارتفاع أحجام التداول.
ماذا بعد؟
نعم – هل تتوقع مني أن أخبرك بكل ما سوف يحدث؟ حسنًا لا أعلم ولا أعتقد أن هناك من يعلم. ولكن متابعة تزايد الاهتمام بتلك المجالات يدفعني للاعتقاد بأن الاتجاه الطبيعي لهذا التطور هو زيادة القدرة على تلبية مزيد من الاحتياجات، مثل الاختلافات الثقافية والاختلافات الثقافية الفرعية.
على سبيل المثال: لن يقتصر الأمر على ما يتوقعه المتداول الفرد، أو حتى ما يشعر به أو يتصوره، ولكن سيكون من الضروري مراعاة السياق الثقافي لهذا المتداول. واستنادًا إلى ما يطلق عليه البعض “البيانات الكبيرة” – أعتقد أن هذا النهج يمكن أن يخلق رؤى مجدية حول كيفية اجتذاب والحفاظ على العملاء في الصناعة. ما يصلح وما لا يصلح، استنادًا إلى الجمع بين الجوانب النفسية والثقافية.
لا زلنا حتى الآن في مرحلة البداية بينما بعض الشركات قد خطت خطواتها الاولى في هذا الاتجاه. يمكن أن يثبت هذا النهج فاعليته وأهميته في تحديد كيفية التداول والطريقة التي يجب أن يتم إدارة شركات الوساطة وفقًا لها. دعنا نلتقي مرة أخرى بعد خمس سنوات لنعرف هل كنت على صواب فيمَا ذهبت إليه!