في ظل التقشف.. أثرياء السعودية يودعون أوروبا!
ألقت السياسة التقشفية الجديدة للحكومة السعودية، التي اتبعتها نتيجة هبوط أسعار النفط، بظلالها على المواطن السعودي، حيث أدت إلى تراجع ثقة المستهلك، ما انعكس سلبا على الإنفاق.
وفي مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" مؤخرا، قالت الصحيفة البريطانية إن السعوديين الأثرياء اعتادوا الانفاق والسفر والاحتفال بالعيد بعد صيام شهر رمضان، لكن هذا العام اتسم بالتقشف وتراجع ثقة المستهلك وضعف الاقتصاد نتيجة تدابير التقشف الحكومية.
ونقلت الصحيفة عن أحد موظفي الحكومة قوله: "أكثر المخاوف متعلقة بالميزانية الحكومية (السعودية)، نظرا لتقليص الإنفاق وتراجع الإيرادات. كل شيء مرتبط بالميزانية، فعلى سبيل المثال هبطت مبيعات التجزئة".
ولفت الموظف إلى أن "عدد أصدقائه المسافرين إلى أوروبا بدأ يتضاءل، وذلك لاختيارهم قضاء إجازاتهم الصيفة في أماكن بالقرب من المملكة بسبب التكلفة المنخفضة مقارنة بأوروبا".
كما يرى الخبير الاقتصادي في "كابيتال إكونوميكس" للاستشارات، جيسون تافي، أن الإجراءات التقشفية في الميزانية السعودية أثرت على قطاعات اقتصادية مختلفة، وكان لها تأثير على ثقة المستهلكين، وقال: "إن لتدابير التقشف أثرا صعبا، خاصة على قطاع الإنشاءات وشعور المستهلكين".
وقالت شركة "كابيتال إكونوميكس" إن معدل النمو في إنفاق المستهلك في السعودية تباطأ بشكل ملحوظ، وتشير التوقعات إلى أنه سيستقر عند 2-3% خلال عام 2018، وهو ما يمثل هبوطا من المعدل 6-7% الذي سجلها الإنفاق في العقد الماضي.
وكل ذلك يدل على أن المواطن السعودي يفضل تقليص نفقاته في ظل السياسة التقشفية التي تتبعها المملكة نتيجة هبوط أسعار النفط، المورد الأساسي للميزانية السعودية. وسيخلق توجه السعوديين نحو الإحجام عن الإنفاق معاناة لدى الشركات التي تكافح بسبب سياسة التقشف الحكومية.
وإحدى النتائج السلبية على الاقتصاد السعودي، انخفضت الإيرادات في قطاع التجزئة بنسبة 45% في الربع الأول من عام 2016. كما سجل ناتج القطاع الخاص، باستثناء الصناعات النفطية، في الربع الأول من العام الجاري نموا بنسبة 0.2% على أساس سنوي، والذي يعد أقل معدل للنمو منذ عام 1990.
وكان قطاع التجارة والفنادق والمطاعم أسوأ القطاعات من حيث الأداء، إذ هبط في الأشهر الثلاثة الأولى من العام بنسبة 0.8%.
وتأتي المعاناة الاقتصادية الناجمة عن التدابير التقشفية، في وقت أطلق فيه الأمير محمد بن سلمان، ذو 30 عاما، خطة إصلاحات طموحة بقيمة 72 مليار دولار تهدف للحد من اعتماد المملكة على عائدات النفط، عبر دعم مشروعات القطاع الخاص وتقليص الدور الحكومي.
وردت الحكومة السعودية على هبوط أسعار النفط عبر الحد من الإنفاق الحكومي، إذ تم تقليصه في الربع الأول بنسبة 30%. وفي خطوة لتمويل العجز في ميزانية البلاد اتجهت الرياض نحو احتياطياتها المالية، التي جمعتها في فترات ازدهار أسعار النفطـ، كما بدأت بالاقتراض من الأسواق الخارجية.
وقال مصرف "أتش أس بي سي" في مذكرة حديثة: "رغم الانخفاض في حجم الطلب المحلي وتقليص الإنفاق العام، نتوقع أن تبقى أرصدة الحسابات الخارجية والمالية في المملكة تعاني من عجز، ما سينجم عنه زيادة الديون وبالتالي هبوط الاحتياطيات النقدية".
إلى جانب قطاع التجزئة والفنادق والإنشاءات لم يسلم القطاع المصرفي السعودي من المعاناة، حيث سجلت الوداع في مايو/أيار الماضي هبوطا بنسبة 3.4%، وهذا يعد أكبر تراجع في 22 عاما.
وفي ظل ذلك، سمح البنك المركزي السعودي للمقرضين بزيادة نسبة القروض للودائع إلى 90%، بغرض التعامل مع انخفاض السيولة، لكن المصارف ماتزال تكافح للإقراض بهدف دعم قطاع الشركات.