تراجعت الليرة التركية بنسبة 1.3 % مع بداية التداولات يوم الاثنين، بعد إعلان وزير الداخلية التركي استقالته، وقرار وكالة تنظيم ومراقبة البنوك التركية بتقليص حجم الأموال التي يمكن للبنوك التركية استعمالها في أسواق المقايضة مقابل العملات الأجنبية.
تراجعات العملة التركية دفعت زوج الدولار ليرة إلى معاودة ملامسة المستوى 6.79 بالقرب من أعلى مستوياته على الإطلاق عند 7.10 التي كان قد بلغ في أزمة عام 2018.
وعرض وزير الداخلية التركي، سليمان سويلو، استقالته من منصبه بعد انتقاد إجراءات العزل العام التي فرضت خلال اليومين الماضيين لاحتواء تفشي فيروس كورونا، لكن الرئيس التركي رجب أردوغان رفض استقالته.
في غضون ذلك، فنّد أحد كبار مساعدي أردوغان، إبراهيم كالين، التكهنات بأن البلاد قد تلجأ إلى صندوق النقد الدولي للمساعدة في تعزيز اقتصادها وتجديد احتياطاتها من العملات الأجنبية المتضائلة.
ومن المعلوم أن الرئيس التركي من أكبر الناقدين للمؤسسات المالية الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي، ولجوء تركيا إلى الاستدانة منه يعني أن "السكين قد وصل إلى العظم" كما يقول المثل.
تقييد البنوك التركية عن تبادل العملات الأجنبية:
من جهة أخرى، أعلنت الهيئة التنظيمية المصرفية في البلاد ليلة الأحد أنها سوف تشدد القيود الحالية على مقايضات العملات والمعاملات المماثلة الأخرى التي يمكن أن تقوم بها البنوك التركية مع الأطراف المقابلة الأجنبية.
في إجراء يهدف إلى دعم العملة المحلية التي انخفضت بنسبة 14% منذ بداية عام 2020، وهو أداء أسوأ بكثير من الانخفاض بنسبة 5 % لمؤشر MSCI الواسع لعملات الأسواق الناشئة.
يوم الأحد، خفضت وكالة تنظيم ومراقبة البنوك التركية (BDDK) الحد الأقصى لمعاملات تبادل العملات الأجنبية، ومعاملات العقود الآجلة والخيارات مع الكيانات الأجنبية إلى 1٪ من سيولة البنك، من 10٪ سابقًا.
قبل أزمة العملة التركية في عام 2018، لم يكن هناك حد لتداول العملات الأجنبية بالنسبة للبنوك التركية. لكن تركيا شهدت سلسلة من التخفيضات منذ ذلك الحين، بما في ذلك تخفيض إلى 10٪ من 25٪ في فبراير من هذا العام.
في بيان، قالت وكالة BDDK أنه أجرت هذا التعديل لدعم التدابير المتخذة لحماية الاستقرار المالي في البلاد وإدارة المخاطر التي يثيرها تفشي فيروس كوفيد 19.
ما معنى هذا؟
باختصار، البنوك المؤسسات المالية لديها سوق خاص بها أين يمكنها تبادل أو مقايضة swap العملات والديون بهدف التحوط أو المضاربة يسمى swap market. ويعد سوق لندن هو الأكبر من حيث حجم التداول، وفيه أيضا تتم أيضا التداولات الأكبر من التداولات على الليرة التركية.
اجراء الوكالة التركية يهدف إلى تقليل حجم التداولات على الليرة التركية وبالتالي التقليل من سرعة التراجع في قيمتها.
وقال محللون إن الخطوة ستجعل من الصعب على المستثمرين الدوليين بيع الليرة حسب وكالة رويترز، التي نقلت أيضا عن متداول الفوركس في بنك مقره اسطنبول: إن حجم التداولات على الليرة التركية كان يبلغ حوالي 10 مليار دولار والآن يتوقع أن ينخفض إلى حدود 1 مليار دولار.
خطوط المقايضة Swap Lines أم خطوط النجاة:
في الأسبوع الماضي وردت أنباء أن تركيا بدأت محادثات مع دول مجموعة العشرين الأخرى لإدراج مصرفها المركزي في خطوط المقايضة Swap Lines مثل تلك التي فتحها البنك الاحتياطي الفيدرالي مع مجموعة من الدول.
خطوط المقايضة Swap Lines هي آلية تسمح البنك الاحتياطي الفيدرالي، تمويل البنوك المركزية للدول المعنية بالدولار دون اللجوء إلى سوق الفوركس، مما يساعد هذه البنوك في اتخاذ إجراءات تسمح بدعم الاقتصاد والعملة المحلية.
خلال مكالمة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 31 مارس آذار، طرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فكرة أنه يتعين على مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي توسيع خطوط المقايضة لتشمل البنك المركزي التركي.
ورفض ممثلو رئاسة الجمهورية، والخزانة، والبنك المركزي، وكذلك البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي التعليق.
وبعد صدور الخبر عكس مؤشر بورصة إسطنبول المصرفي خسائره ويرتفع بنسبة 3.8٪، كما قلصت الليرة التركية من خسائرها.
لم تسفر المحادثات بعد عن نتائج ملموسة، لكنها تؤكد على جهود تركيا لضخ العملة الأجنبية وبالتحديد الدولار الأمريكي في اقتصادها.
وأصبح إيجاد مصدر للعملات الأجنبية أمرًا ملحًا بشكل متزايد مع انخفاض إجمالي احتياطيات البنك المركزي التركي بما يقرب من 17 مليار دولار أمريكي منذ بداية العاملين حذر إلى 89.6 مليار دولار أمريكي، حيث كانت السلطات تعتمد على المقرضين الحكوميين لإغراق السوق بالدولار.
حتى الآن، تجنبت تركيا اللجوء إلى صندوق النقد الدولي (IMF) أو حتى الاشارة إلى مناقشة امكانية حول التمويل بموجب أداة التمويل السريع الطارئة التي يستعملها الصندوق الدولي مع الدول الاخرى أو أي اتفاق احتياطي.
ومع ذلك، لا يستبعد المسؤولون الأتراك احتمال أن يلعب صندوق النقد الدولي دورًا في اتفاقيات مقايضة الثنائية مع البنوك المركزية الأخرى أو يقدم المساعدة في ظل آلية إقراض طارئة.
خلاصة القول:
الاقتصاد التركي لم يتعافى بعد من أزمة عام 2018 ليدخل في نفق مظلم مع الاقتصاد العالمي لا أحد يعرف أين نهايته، والليرة التركية تهوي إلى القاع مقابل الدولار واليورو مع توقع الكثيرين المزيد الهبوط على المدى المتوسط.
الأمر الوحيد الذي يمكن أن يخفف من سرعة الهبوط وربما يوقفها هو فتح خطوط المقايضة مع البنوك المركزية العالمية وخاصة البنك الاحتياطي الفيدرالي، الأمر سوف يعطي بعض المتنفس البنك المركزي التركي لدعم العملة المحلية.
أدوات الحل التي بيد الحكومة التركية أصبحت محدودة، وأغلبها الآن يوجد في الخارج وبالتحديد بيد الولايات المتحدة وطبعا أي مساعدة من ترامب لن تأتي بالمجان.
التحليل الفني لزوج الدولار ليرة تركية USDTRY:
الصورة على الرسم البياني أكثر ووضوحا، السعر الآن يتداول بالقرب من القمة الاخيرة عند 6,79. الزوج حاول اختراق مستوى المقاومة هذا في الأسبوع الماضي في مناسبتين لكنه فشل.
الاختراق والإغلاق اليومي فوق هذا المستوى، سيكون إشارة لمزيد من الارتفاعات.
مستوى المقاومة التالي هو القمة الاسبوعية المتشكلة في آب أغسطس عام 2018 عند 6,83.
ثم تأتي القمة الأعلى على الإطلاق عند 7,10.
على الجانب الهابط، لدينا مستوى الدعم المتمثل في الحد السفلي للقناة السعرية الهابطة والمتوسط الحسابي 100 على الرسم البياني 4سا.
كسر هذا المستوى، ثم الإغلاق تحت مستوى الدعم 6,59 سيكون الشرط للهبوط في حركة تصحيح أقوى نحو مستوى الدعم 6,37.