المستثمرون حائرون مع اقتراب طرح عطاءات النفط الإيرانية
2016-10-20 رويترز
بعد عامين من تعهد إيران بفتح قطاعها النفطي ترقبا لرفع العقوبات عنها تقول شركات أجنبية إنها لا تزال تعاني من شح المعلومات عن حقول النفط الإيرانية وشروط العقود وهو ما يعرقل قرارات الاستثمار.
وزار رؤساء شركات نفطية كبرى من بينها بي.بي وتوتال وإيني ورويال داتش شل ولوك أويل طهران هذا العام مع رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي عن إيران في يناير كانون الثاني. وأمضت وفود تلك الشركات أسابيع في اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين قبيل بدء الطرح المزمع لعطاءات الاستثمار الشهر القادم.
لكن عدة مسؤولين تنفيذيين كبار وأعضاء من وفود المفاوضات أبلغوا رويترز بأنهم لم يحصلوا بعد على معلومات كافية حول الطبيعة الجيولوجية للحقول الإيرانية أو شروط العقود. وقال الأشخاص الذين لم يتحدثوا من داخل إيران إن الموقف لم يتضح أمامهم بشأن الوقت الذي يستغرقه استرداد تكلفة الاستثمار ومن هم الشركاء المحليون الذي يمكن الدخول في شراكة معهم.
وبينما تتطلع الشركات الأجنبية بشغف إلى العمل في إيران التي تحوز عشر الاحتياطيات العالمية من النفط إلا أنها أيضا تتوخى الحذر من أي شروط تعاقدية ربما تقودها إلى الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية المتبقية.
وقال بوب دادلي الرئيس التنفيذي الذي تسعى شركته للفوز بصفقات لتطوير عدة حقول إنه لا يعرف بعد التفاصيل المتعلقة بأي عقد محتمل.
وقال دادلي الأسبوع الماضي "إيران إقليم كبير للنفط والغاز... لكن ليس لدينا أي عقود محددة حاليا. علينا أن نكون حذرين للغاية. لا نريد انتهاك أي عقوبات."
وإذا أدى هذا الغموض إلى إحجام الشركات عن المشاركة في العطاءات أو الاستثمار في أماكن أخرى فربما يقوض ذلك خطط الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني لجذب استثمارات بما يصل إلى 185 مليار دولار من شركات النفط الكبرى إلى 50 مشروعا وزيادة إنتاج بلاده إلى 5-6 ملايين برميل يوميا من الخام من أقل من أربعة ملايين برميل حاليا.
وربما يحرم ذلك الجمهورية الإسلامية من دخل تحتاجه بشدة وهي تسعى للتعافي من عقوبات استمرت لأعوام وأضرت اقتصادها.
وتزايدت حدة المنافسة بين الدول المنتجة للنفط على جذب استثمارات أجنبية على مدى السنوات الخمس الماضية نظرا لاكتشافات كثيرة لاحتياطيات جديدة من الطاقة في دول مثل البرازيل والولايات المتحدة.
ويخيم التناحر السياسي في طهران على آفاق قطاع الطاقة في البلاد. فخصوم روحاني المتشددون يعارضون بقوة تمكين شركات أجنبية من السيطرة على حقول النفط قائلين أن هذا يتعارض مع الدستور الذين ينص على عدم تملك الأجانب للموارد الطبيعية بينما تقول الحكومة إن معارضيها يعرقلون التعافي الاقتصادي.
وقال بعض المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط الذين يتطلعون للاستثمار في إيران إن هناك غموضا أيضا حول ما إذا كانت الصفقات ستتطلب موافقة البرلمان أم لا وهو مبعث قلق في بلد ذي نظام حكم معقد يفتقر إلى الشفافية يمسك بزمام السلطة فيه مسؤولون منتخبون وغير منتخبين.
ومع الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو أيار تتنامى المعارضة لروحاني وحلفائه هذا العام من جانب المتشددين المقربين من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ومن الحرس الثوري وهو قوات النخبة العسكرية ذات التأثير السياسي القوي.
وتخرج التوترات بين الفريقين أحيانا إلى العلن ومن ذلك كلمة ألقاها اسحق جهانكيري النائب الأول للرئيس الإيراني انتقد فيها معارضي الحكومة في مؤتمر كبير لصناعة النفط في طهران هذا الأسبوع.
وقال جهانكيري أمام مسؤولين إيرانيين كبار في القطاع وممثلين من شركات النفط كبرى "نرى كيف تطور بعض جيراننا في السنوات الماضية. فالعراق على سبيل المثال تمكن من زيادة إنتاجه فوق أربعة ملايين برميل يوميا. ينبغي ألا ندع البلاد تتخلف بسبب أشخاص عديمي الإحساس بالمسؤولية."
* تغييرات
وشهد هذا العام تغييرات في إدارة شركة النفط الوطنية الإيرانية التي يوجد مقرها في أحد أقدم المباني في العاصمة طهران.
وقال مستشار غربي يعمل مع شركة أجنبية كبيرة تجري محادثات مع شركة النفط الحكومية "تذهب إلى طهران لتكتشف أن الطاقم الذي كنت تتحدث إليه قد تغير بأكمله."
وتسبب التغييرات في تأخر الموافقة لعدة أشهر على النموذج الجديد للعقود مع الشركات الأجنبية والمسماة بعقود البترول الإيراني.
وقال مسؤولون إيرانيون إن العقود الجديدة ستكون أكثر ربحية للمستثمرين عن عقود إعادة الشراء التي كانت مستخدمة في التسعينات - آخر فترة زمنية سمح فيها للشركات الأجنبية بالاستثمار في الحقول الإيرانية- حيث ستستعيد الشركات أموال الاستثمارات من خلال تصدير النفط والمنتجات البترولية.
وقالت شركات مثل توتال وإيني إنها خسرت أموالا في الماضي بسبب عقود إعادة الشراء ودعت طهران إلى العمل بالعقود الجديدة على مدى العامين الماضيين. وفي أغسطس آب وافقت حكومة روحاني أخيرا على النموذج الجديد للعقود قائلة إنه يدشن حقبة جديدة من الاستثمارات في في حقولها النفطية التي تحوز احتياطيات تقدر بنحو 157 مليار برميل.
ورغم مرور شهرين على تلك الموافقة لا تزال الأمور غامضة أمام الشركات النفطية التي تتفاوض مع إيران فيما يتعلق بالشروط المحددة في العقود الجديدة وما إذا كانت تلك العقود تحتاج إلى موافقة البرلمان أم لا.
وقال مسؤول من شركة نفط كبرى تتفاوض على صفقة مع إيران "لا أعتقد أن أي شخص سيذهب ويوقع عقدا بدون موافقة البرلمان. كيف تضمن أن العقد حقيقي إذا لم تكن هناك موافقة برلمانية في بلد يقوم على نظام برلماني."
* شركاء
وحينما سئل عن الغموض الذي يكتنف العقود قال علي كاردور رئيس شركة النفط الوطنية هذا الأسبوع إن نماذج العقود الجديدة موجودة وإن الشركات ستحصل عليها عندما تشارك في العطاءات. ولم يدل كاردور بمزيد من التفاصيل.
وقال إن وزارة النفط الإيرانية ستطرح أول عطاء للبلاد لتطوير حقل جنوب أزاديجان النفطي في 19 نوفمبر تشرين الثاني ثم ستطرح مناقصة لحقل واحد شهريا في الأحد عشر شهرا القادمة.
ويقول مستثمرون غربيون محتملون إنهم لم يروا بعد وثائق لحقل جنوب أزاديجان أو أي حقل آخر تتعلق باحتياطياته أو العمل المطلوب منهم القيام به.
وقال مسؤول من شركة نفطية كبيرة "ما رأيناه فقط حتى الآن هو إطار عمل للعقود الجديدة لكن الرسوم والشروط ليست واضحة. يقول المسؤولون الإيرانيون إن تلك الموضوعات ستناقش بين الشركات الأجنبية وشركة النفط الوطنية."
وقال مسؤول من شركة كبرى أخرى إن تفاصيل مقتضبة ظهرت في الأسابيع الماضية مع إبلاغ مسؤولين إيرانيين مستثمرين محتملين بأنهم سيتلقون مستحقاتهم على مدى سنوات وذلك في تناقض صارخ مع العراق الذي يدفع المستحقات بمجرد ضخ الاستثمارات.
ولا تزال مسألة الشراكة مع أطراف محلية أيضا غير واضحة.
وقال كاردور في المؤتمر النفطي "ستتولى شركات النفط الدولية قيادة دفة المشروعات وستتعاون معها الشركات الإيرانية. في بعض الحقول..ستقود الشركات الإيرانية دفة المشروع."
وقال نائبه غلام رضا مانوشهري في مؤتمر صحفي في وقت لاحق بمقر شركة النفط الوطنية إن إيران منحت الموافقة لإحدى عشرة شركة محلية لللمشاركة في العطاءات.
وأضاف أن من المرجح أن تقود شركات نفطية غربية المشروعات الضخمة بينما ستقود الشركات المحلية المشروعات الأصغر حجما.
وفي الأسبوع الماضي وقعت شركة النفط الوطنية أول عقد من العقود الجديدة مع بيرجيا للنفط والغاز وهي شركة إيرانية وصفتها واشنطن بأنها جزء من إمبراطورية يسيطر عليها الزعيم الأعلي آية الله خامنئي.
وقال حميد فرح وشيان وهو محلل سياسي من طهران "تريد المؤسسة طمأنة المتشددين لكنها توضح أيضا من هو المسؤول عن قطاع النفط والغاز الإيراني..المتشددون والحرس الثوري.
"لا يريدون أن يفقدوا السيطرة على قطاع الطاقة في إيران وأي شركة أجنبية تريد الاستفادة من هذا القطاع عليها أن تتعامل معهم."