من المستفيد من ضرب اليورو
بورصة انفو. الاحد 19.07 - هل ما زال الإعتقاد ممكنا بوجود مؤامرة ضد اليورو؟ وان كانت موجودة فعلا فمن هم ناسجوها؟ ومن هم المستفيدون منها؟
واذا كانت المؤامرة فعلا موجودة - او كانت موجودة - فهل ان الاوروبيين براء مما حدث لعملتهم؟ وقبل كل شيء هل ان القيمة الحالية لليورو هي القيمة المُستحَقة له؟
هذه الاسئلة تعيدنا الى الأخبار التي سبق واشرنا اليها في الشهر الماضي عن تكتل مجموعة من الصناديق الاستثمارية الاميركية ونسجهم لخطة اضعاف اليورو بهدف تحقيق الربح طبعا.
اليوم وبعد مضي أسابيع على هذه الاخبار، وبعد ان حلّ باليورو ما حلّ يصح اعادة التبصر بهذه الامور والخروج منها بافق جديد.
ان تكون الصناديق الاستثمارية قد هدفت لاخضاع اليورو لمشيئتها امر لا يمكن اثباته بالقطع او نفيه بالقطع. قد يكون فعلا سببا رئيسيا من أسباب تراجع العملة الموحدة. المهم الآن في الامر ان مصلحة الصناديق هذه لا تنفي وجود مصلحة اميركية عامة في ذلك، ولا تعفي الحزبين الاميركيين ( الحاكم والمعارض) من مسؤولية تقديرية تجاه هذا الامر.
التبصر في الامر يوجب السير بنفس الوجهة التي سارت بها الاحداث في الاشهر الماضية في محاولة للخروج باستنتاج مقنع ومنطقي مبني على المعطيات المتوفرة...
لا أحد يُنكر وجود مصلحة اميركية باضعاف الدولار في مرحلة من المراحل تشجيعا وتحفيزا للصادرات الاميركية، من حيث تسهيل المنافسة لها في الاسواق الخارجية، ومن حيث تصعيب منافسة البضائع الاجنبية في عقر دارها.
لا أحد يُنكر وجود هذه المصلحة، ولكن يجب الاعتراف ان هذه المصلحة انتهت فور اشتداد الهجوم المتعدد الاطراف على الدولار كعملة احتياط عالمي، وازدياد المطالبة بانهاء هذا العصر، والانتقال الى عملة جديدة باشراف صندوق النقد الدولي تكون هي الركيزة للاحتياط العالمي. هذا الواقع ادخل على الامر معادلة جديدة وبات على الاميركيين الانتقال من سيناريو اضعاف الدولار الى سيناريو الحفاظ على الدولار كعملة احتياط.
الى هذا فان اضعاف الدولار دون هز الثقة العالمية به هو مصلحة اميركية مؤكدة، ولكن اضعاف الدولار ان ادى الى هزّ الثقة به ودفع خصومه الى المطالبة بانهائه فهنا تقضي المصلحة الاميركية بالدفاع عن الدولار.
مصلحة الاميركيين الاولى حاليا تكمن في قدرتهم المستمرة على خدمة ديونهم وايجاد مصادر مهتمة بشراء السندات الحكومية التي يصدرونها. الصين واليابان هما الطرفان الرئيسيان المعنيان بالامر . الكل يذكر حالة التململ الصيني التي ظهرت في حقبة تراجع الدولار السنة الماضية نظرا لكون هذا التراجع سيذيب قيمة الاحتياط الموظف في السندات الاميركية.
الى ذلك لا يمكن ان ننسى الاصوات التي ارتفعت منادية باحلال اليورو محل الدولار كعملة احتياط دولي - او على الاقل باشراكه في ذلك من خلال تحول جزء مهم من الحتياطات العالمية اليه -، كما لا يمكن ان ننسى اغتباط الاوروبيين بذلك وتقبلهم ارتفاع اليورو الى ما فوق ال 1.5000 رغم كون هذا الارتفاع تهديدا للقدرة على التصدير والمنافسة. هل يُعقَل ان يكون هذا الوضع مقبولا بالنسبة للأميركيين؟
ما تقدم لا يعني ان منطقة اليورو بانظمتها الحالية سليمة وغير مسؤولة عما حدث، ولكن الوضع المالي الاميركي كما الاقتصادي الحالي لا يبرر اطلاقا ارتفاع الدولار الحاصل او سعي البعض للترويج لنظرية المساواة بين الورقة الخضراء والعملة الموحدة على اساس دولار واحد يساوي يورو واحد.
لا يمكن لأحد ان يُنكر الخطر الكامن في سوق العقارات الاميركي ( هذا الخطر بدا هائلا من خلال بيانات الاسبوع الماضي خاصة وانها الاولى بعد انتهاء برامج الاعفاء الضريبي والقروض العقارية).
لا يمكن لأحد ان ينكر الخطر الكبير الذي تمثله المديونية العالية الاميركية والعجز الهائل في الميزانية الذي يتعدى ال 10% .
لا يمكن لأحد أن يُنكر الدور العدائي الهجومي المبرمج الذي لعبته وكالات التصنيف الإئتماني ( وكلها اميركية ) في إشعال النار الاوروبية وكبّ الزيت عليها.
هل يعني هذا الشرح المطول ان اليورو سيعاود الارتفاع مقابل الدولار؟
الشرح يعني بالطبع ان الارتفاع مُبرر ومنطقي، ولكنه لا يعني انه آتٍ بالسرعة التي يتمناها البعض.
الارتفاع هذا آت لان تجاهل هذه المشكلات الاميركية ممكن بالمدى المنظور من خلال تشديد الخناق على الاوروبيين استغلال للصعوبات التي تواجه بعض دولهم، ولكن يستحيل استمراره الى الابد.
الارتفاع هذا قد يتأخر لبعض الوقت لان صورة العملة الموحدة مشوهة حاليا. ومن يمتلك من الشجاعة ما هو مطلوب من اجل شراء اليوروات وتكديسها رهانا على قناعة راسخة، وتجاهلا لمشاعر السوق العامة التي لا تزال متشككة ومترددة ودافعة للترند بالاتجاه التراجعي.
بالمدى البعيد سنعاود رؤية الضغط على الدولار وسيعاود اليورو الافادة من هذا الامر...وستبدو تأكيدات "جورج سوروس" المبشرة بنهاية اليورو فقاعات هوائية مسلية وغير ذات معنى...
ردّ رئيس البنك المركزي " جان كلود تريشه " على "جورج سوروس " لم يتأخر: مهمتنا الحفاظ على استقرار العملة الاوروبية، وسنفعل ذلك