الإجراءات الوهمية لن تنقذ منطقة اليورو
من الشخصيات التي لا يمكن نسيانها في كتاب أطفال ألماني مشهور شخصية الشبح العملاق. فهو يبدو من مسافة بعيدة شبيهاً بالعملاق، لكنه يصبح أصغر كلما اقتربت منه. وتحول الشبح العملاق في رواية مايكل إند التي تحمل عنوان ''جيم نوبف''، إلى رجل عجوز متوسط الطول له لحية طويلة.
في كل مرة أسمع فيها عن حلول المجلس الأوروبي، يذكرني الأمر بذلك الرجل العجوز الفقير. وبدت كل واحدة من استراتيجيات الحل من جانب المجلس مثيرة للإعجاب. ولم تبد الاتفاقية التي تم التوصل إليها في 11 آذار (مارس) شاملة فقط، بل جاءت مفاجئة. ومن المؤسف أنك إذا نظرت من مسافة أقرب، كما فعلت أنا في الأسبوع الماضي، فإن الاتفاقية تبدو أصغر بحيث أنها تفتتت في نهاية الأسبوع.
أكثر العمالقة الأشباح صخبا هو آلية الاستقرار الأوروبية التي تتحول إلى آلية الأزمة الدائمة اعتباراً من عام 2013. وحين أعلن عن أن آلية الاستقرار الأوروبية سيسمح لها بشراء السندات في الأسواق الرئيسية، بدا وكأن ذلك تراجع ألماني كبير. وتم تضليلي بذلك لفترة قصيرة.
لقد تبين أن ادعاء السوق الرئيسية مجرد خيال. ولن تكون آلية الاستقرار الأوروبية، مثلا، في مركز يمكنها من دعم البرتغال خلال الأشهر القليلة المقبلة، حين يحتاج هذا البلد إلى تأجيل كميات كبيرة من الديون. وإذا لم تستطع البرتغال إعادة تمويل نفسها، فلن يكون أمامها من خيار سوى قبول برنامج معتاد من دعم الائتمان تحت مظلة الإنقاذ الحالية. ولن تكون آلية الاستقرار الأوروبية راغبة في مساعدة البرتغال من خلال العمل بعدد قليل من مزادات الأسهم بصفتها مشتري الملاذ الأخير، إلا بعد سنوات قليلة، حين تخرج البرتغال المرنة والمتحولة من التقشف وتخطط للعودة إلى أسواق المال.
ماذا عن القرار الخاص بقبول سقف إقراض مرتفع يبلغ 500 مليار يورو؟ أليس هذا مبلغا كبيرا؟ أوليس هو سقف أعلى فاعلية من سقف الآلية الحالية؟ الأمر ليس كذلك بالفعل. ولو سمح لآلية الاستقرار الأوروبية بأن تعمل بحرية في الأسواق الرئيسية والثانوية لكانت مهمة. لكن في ظل القيود على عملياتها، فإن السقف ليس بالأهمية المشابهة. وإذا كنت تقصد قص أجنحة آلية الاستقرار الأوروبية، فإن أذكى وسيلة لذلك هي وضع حدود على ما يمكنها أن تفعله بالأموال. وتوصل المجلس إلى اتفاقيات بدت وكأنها صفقة كبرى – لكنها كانت صغيرة.
أما الشبح العملاق الثاني، فهو الذي أصبح اسمه ''ميثاق من أجل اليورو''. وكان يفترض به أن يغير قواعد العمل الرئيسية لمنطقة اليورو، بقبول الحاجة إلى تنسيق السياسات في عدد من المجالات الجديدة لسياسة الاقتصاد الشامل. ولم يتطلب انكشاف هذا الوعد سوى أيام قليلة. فبعد حادث اليابان النووي، اتخذت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي كانت لولا هذا الحادث من مؤيدي استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء، قراراً عاجلاً بإغلاق سبع مفاعلات نووية ألمانية. والطاقة نفسها ليست جزءا من عملية التنسيق، لكن في ظل الأثر المترتب عن هذا القرار على نطاق الاقتصاد الكلي ـ على أسعار الطاقة والتضخم ـ فإن ما حدث كان يمكن أن يكون مناسبة مثالية لاختبار رغبة منطقة اليورو في تنسيق السياسات. وأعلم أن هناك على الأقل، واحدة من حكومات بلدان منطقة اليورو الصغيرة كانت مستاءة حين عرفت القرار من خلال وسائل الإعلام. وأشك أنها الوحيدة. إن الاتحاد الأوروبي وبلدانه الأعضاء ليسوا مستعدين بعد للعالم الجريء الجديد لتنسيق السياسات.
وثالث الأشباح العملاقة هو ميثاق الاستقرار والنمو الذي أعيدت الحيوية إليه خلال الفترة الأخيرة. إن عمر اليورو الآن 11 عاماً فقط، لكنه يشهد بالفعل ميثاقه الثالث، بعد فشل ميثاقين سابقين. والفكرة الرئيسية وراء هذا الإصلاح هي تعزيز ودعم إجراءات العقوبات لفرض انضباط مالي – تعتبر النخب السياسية الأوروبية أن عدم وجودها هو السبب الرئيسي لهذه الأزمة. وإذا وضعنا مبررات هذا الاقتراح جانباً، فمن المحتمل جدا أن يفشل الميثاق في المستقبل للأسباب ذاتها التي أفشلت سابقيه في الماضي. وظل جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، يكرر أنه لا بد من تطبيق آلي لإجراءات العقوبات. ونحن نعرف من خبرتنا أن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي معتمدون بعضهم على بعض بصورة كبيرة. وهم بحاجة إلى بعضهم بعضا بحيث لا يصفعون واحداً منهم بالعقوبات. فهل يمكنك أن تتصور أن يفرض المجلس عقوبة على فرنسا؟
الشبح العملاق الرابع هو الوعد بإيجاد استراتيجية شاملة لتفكيك البنوك. وفي اختبارات تحمل البنوك التي تتم في العالم الحالي نقاط الضعف ذاتها التي تضمنتها اختبارات العام الماضي المنتقدة. ولن تكون هناك فرضيات عجز سيادي لسجلات البنوك. ومما يؤكد عبثية كل هذه الممارسة أن ألمانيا لم تقم حتى بالاستعداد اللازم لإنشاء صندوق إعادة هيكلة جديد للتعامل مع عملية إعادة رسملة محتملة. ونظراً لرفض ألمانيا تطبيق قواعد كفاية رأس المال، وفقاً لاتفاقية بازل 3 الجديدة، فمن المحتمل أن تنجح كل البنوك في اجتياز الاختبارات بعلامات متقدمة. إن الاستعداد لمواصلة اقتراف الأخطاء ذاتها أمر يثير الذهول.
إن أولوية المجلس هي قياس المصالح السياسية المحلية، بينما يدير عناوين رئيسية. والمجلس ناجح في ذلك. لكن ليست لديه استراتيجية لحل الأزمات. ولذلك أتشكك في جدوى التعهد الذي قالوا فيه إنهم سوف ''يقومون بكل ما يتطلبه الأمر'' لحماية اليورو. وربما يتبين أن ذلك هو آخر الأشباح العملاقة.
من الشخصيات التي لا يمكن نسيانها في كتاب أطفال ألماني مشهور شخصية الشبح العملاق. فهو يبدو من مسافة بعيدة شبيهاً بالعملاق، لكنه يصبح أصغر كلما اقتربت منه. وتحول الشبح العملاق في رواية مايكل إند التي تحمل عنوان ''جيم نوبف''، إلى رجل عجوز متوسط الطول له لحية طويلة.
في كل مرة أسمع فيها عن حلول المجلس الأوروبي، يذكرني الأمر بذلك الرجل العجوز الفقير. وبدت كل واحدة من استراتيجيات الحل من جانب المجلس مثيرة للإعجاب. ولم تبد الاتفاقية التي تم التوصل إليها في 11 آذار (مارس) شاملة فقط، بل جاءت مفاجئة. ومن المؤسف أنك إذا نظرت من مسافة أقرب، كما فعلت أنا في الأسبوع الماضي، فإن الاتفاقية تبدو أصغر بحيث أنها تفتتت في نهاية الأسبوع.
أكثر العمالقة الأشباح صخبا هو آلية الاستقرار الأوروبية التي تتحول إلى آلية الأزمة الدائمة اعتباراً من عام 2013. وحين أعلن عن أن آلية الاستقرار الأوروبية سيسمح لها بشراء السندات في الأسواق الرئيسية، بدا وكأن ذلك تراجع ألماني كبير. وتم تضليلي بذلك لفترة قصيرة.
لقد تبين أن ادعاء السوق الرئيسية مجرد خيال. ولن تكون آلية الاستقرار الأوروبية، مثلا، في مركز يمكنها من دعم البرتغال خلال الأشهر القليلة المقبلة، حين يحتاج هذا البلد إلى تأجيل كميات كبيرة من الديون. وإذا لم تستطع البرتغال إعادة تمويل نفسها، فلن يكون أمامها من خيار سوى قبول برنامج معتاد من دعم الائتمان تحت مظلة الإنقاذ الحالية. ولن تكون آلية الاستقرار الأوروبية راغبة في مساعدة البرتغال من خلال العمل بعدد قليل من مزادات الأسهم بصفتها مشتري الملاذ الأخير، إلا بعد سنوات قليلة، حين تخرج البرتغال المرنة والمتحولة من التقشف وتخطط للعودة إلى أسواق المال.
ماذا عن القرار الخاص بقبول سقف إقراض مرتفع يبلغ 500 مليار يورو؟ أليس هذا مبلغا كبيرا؟ أوليس هو سقف أعلى فاعلية من سقف الآلية الحالية؟ الأمر ليس كذلك بالفعل. ولو سمح لآلية الاستقرار الأوروبية بأن تعمل بحرية في الأسواق الرئيسية والثانوية لكانت مهمة. لكن في ظل القيود على عملياتها، فإن السقف ليس بالأهمية المشابهة. وإذا كنت تقصد قص أجنحة آلية الاستقرار الأوروبية، فإن أذكى وسيلة لذلك هي وضع حدود على ما يمكنها أن تفعله بالأموال. وتوصل المجلس إلى اتفاقيات بدت وكأنها صفقة كبرى – لكنها كانت صغيرة.
أما الشبح العملاق الثاني، فهو الذي أصبح اسمه ''ميثاق من أجل اليورو''. وكان يفترض به أن يغير قواعد العمل الرئيسية لمنطقة اليورو، بقبول الحاجة إلى تنسيق السياسات في عدد من المجالات الجديدة لسياسة الاقتصاد الشامل. ولم يتطلب انكشاف هذا الوعد سوى أيام قليلة. فبعد حادث اليابان النووي، اتخذت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي كانت لولا هذا الحادث من مؤيدي استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء، قراراً عاجلاً بإغلاق سبع مفاعلات نووية ألمانية. والطاقة نفسها ليست جزءا من عملية التنسيق، لكن في ظل الأثر المترتب عن هذا القرار على نطاق الاقتصاد الكلي ـ على أسعار الطاقة والتضخم ـ فإن ما حدث كان يمكن أن يكون مناسبة مثالية لاختبار رغبة منطقة اليورو في تنسيق السياسات. وأعلم أن هناك على الأقل، واحدة من حكومات بلدان منطقة اليورو الصغيرة كانت مستاءة حين عرفت القرار من خلال وسائل الإعلام. وأشك أنها الوحيدة. إن الاتحاد الأوروبي وبلدانه الأعضاء ليسوا مستعدين بعد للعالم الجريء الجديد لتنسيق السياسات.
وثالث الأشباح العملاقة هو ميثاق الاستقرار والنمو الذي أعيدت الحيوية إليه خلال الفترة الأخيرة. إن عمر اليورو الآن 11 عاماً فقط، لكنه يشهد بالفعل ميثاقه الثالث، بعد فشل ميثاقين سابقين. والفكرة الرئيسية وراء هذا الإصلاح هي تعزيز ودعم إجراءات العقوبات لفرض انضباط مالي – تعتبر النخب السياسية الأوروبية أن عدم وجودها هو السبب الرئيسي لهذه الأزمة. وإذا وضعنا مبررات هذا الاقتراح جانباً، فمن المحتمل جدا أن يفشل الميثاق في المستقبل للأسباب ذاتها التي أفشلت سابقيه في الماضي. وظل جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، يكرر أنه لا بد من تطبيق آلي لإجراءات العقوبات. ونحن نعرف من خبرتنا أن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي معتمدون بعضهم على بعض بصورة كبيرة. وهم بحاجة إلى بعضهم بعضا بحيث لا يصفعون واحداً منهم بالعقوبات. فهل يمكنك أن تتصور أن يفرض المجلس عقوبة على فرنسا؟
الشبح العملاق الرابع هو الوعد بإيجاد استراتيجية شاملة لتفكيك البنوك. وفي اختبارات تحمل البنوك التي تتم في العالم الحالي نقاط الضعف ذاتها التي تضمنتها اختبارات العام الماضي المنتقدة. ولن تكون هناك فرضيات عجز سيادي لسجلات البنوك. ومما يؤكد عبثية كل هذه الممارسة أن ألمانيا لم تقم حتى بالاستعداد اللازم لإنشاء صندوق إعادة هيكلة جديد للتعامل مع عملية إعادة رسملة محتملة. ونظراً لرفض ألمانيا تطبيق قواعد كفاية رأس المال، وفقاً لاتفاقية بازل 3 الجديدة، فمن المحتمل أن تنجح كل البنوك في اجتياز الاختبارات بعلامات متقدمة. إن الاستعداد لمواصلة اقتراف الأخطاء ذاتها أمر يثير الذهول.
إن أولوية المجلس هي قياس المصالح السياسية المحلية، بينما يدير عناوين رئيسية. والمجلس ناجح في ذلك. لكن ليست لديه استراتيجية لحل الأزمات. ولذلك أتشكك في جدوى التعهد الذي قالوا فيه إنهم سوف ''يقومون بكل ما يتطلبه الأمر'' لحماية اليورو. وربما يتبين أن ذلك هو آخر الأشباح العملاقة.