تناول الدكتور "محمد العريان" الخبير الاقتصادي العالمي وكبير المستشارين الاقتصاديين في شركة "أليانز"، اتفاق "أوبك" التاريخي لخفض الإنتاج الأسبوع الماضي، وذلك في مقال له على "بلومبرج" عرض خلاله رؤيته حول التأثير المتوقع للاتفاق على مستقبل القطاع النفطي.
شيء واحد بدا بارزاً بشكل واضح في اتفاق "أوبك" الأسبوع الماضي، وهو تطور نهج قادة المنظمة أثناء محاولتهم التعامل مع المحددات الواقعية الجديدة للأسواق والتي تسببت في انخفاض العوائد الإجمالية للمجموعة بأكثر من النصف على مدار العامين الماضيين، ولكن نجاح هذا الاتفاق يعتمد بشكل كبير على كيفية إدارة المنظمة لبعض التحديات القديمة والتي تبدو مألوفة بشكل كبير، حيث إن النتيجة الأولية والأكثر واقعية هو سوق ذات نطاق محدود.
وبعد مفاوضات مطولة أعلنت منظمة "أوبك" صفقة هي الأولى من نوعها يتم بموجبها خفض الإنتاج الإجمالي للمجموعة بمقدار 1.2 مليون برميل/يومياً إلى نحو 32.5 مليون برميل ابتداءً من الأول من يناير/كانون الثاني، وللوصول إلى تلك النقطة وافق ثلاثة أعضاء على تحمل أكثر من 60% من إجمالي التخفيض، حيث التزمت المملكة العربية السعودية بتخفيض إنتاجها بمقدار 486 ألف برميل في اليوم، والإمارات بمقدار 139 ألف برميل، فضلاً عن 131 ألفًا كانت من نصيب الكويت.
وللوهلة الأولى، تبدو تلك الخطوة على أنها عودة لنهج قديم اتبعته "أوبك" على مدار عقود، تقوم فيه السعودية جنباً إلى جنب مع حلفائها المقربين في مجلس التعاون الخليجي بلعب دور "المنتجين المرجحين"، حيث تقوم خلاله بتعديل إنتاجها في مواجهة التقلبات الدورية، لتقوم بتخفيضه مع اتجاه الأسعار إلى مستويات منخفضة جداً، بينما تعمل على زيادته مع اتجاه الأسعار عالياً.
ولكن السعودية القائد الفعلي للمجموعة تخلت عن هذا النهج في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014، وذلك في ضوء إدراكها بأن النتيجة الأكثر احتمالاً لتلك السياسة على المدى الطويل هي خسارتها لجزء من حصتها السوقية لصالح أعضاء غير متوافقين معها داخل المنظمة أو لصالح منتجين من خارج المجموعة، أو حتى لمصادر أخرى غير تقليدية مثل الصخر الزيتي، لذلك فإن اتفاق "أوبك" تضمن ثلاثة عناصر جديرة بالملاحظة حاولت من خلالها المنظمة تكييف اتفاق خفض الإنتاج مع الواقع الحالي لأسواق النفط.
العنصر الأول، هو أن المنتجين من خارج "أوبك" سيكونون جزءاً من هذه الجهود بتحملهم لمقدار 600 ألف برميل/يومياً من إجمالي التخفيض، وفي حين أنه سيتم الاتفاق على التفاصيل خلال الأيام المقبلة ارتكز هذا العنصر على التزام وافق عليه الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بتحمل موسكو لما يقرب من نصف المجموع.
أما العنصر الثاني، فيتعلق بالنهج المتباين الذي اتبعته "أوبك" على نحو غير عادي خلال المفاوضات، حيث سمحت المنظمة باستثناء بعض أعضائها المتورطين في نزاعات مثل نيجيريا وليبيا من الاتفاق، بينما سمحت لإيران بزيادة إنتاجها في الوقت الذي تسعى فيه طهران للوصول إلى مستويات إنتاجها الطبيعية بعد رفع العقوبات، بينما علقت إندونيسيا عضويتها.
والثالث، هو نجاح المنظمة في التأثير على العراق -- العضو الذي ارتفع إنتاجه إلى مستويات قياسية – ليوافق المسؤولون العراقيون على خفض الإنتاج بواقع 210 آلاف برميل يومياً.
وتأمل "أوبك" في أن تساعد هذه التغيرات في ترسيخ نقطة وسط قابلة للصمود بين نهجها القديم وبين التخلي الكامل عن سياستي سقف الإنتاج والمنتج المرجح.
وقد يؤتي هذا الاتفاق ثماره في حال أصبح المنتجون من داخل "أوبك" ومن خارجها أكثر التزاماً وانضباطاً بالضوابط المتفق عليها، خصوصاً بعد أن أخذوا العظة الكافية على مدار العامين الماضيين مع الانخفاض الحاد الذي شهدته الإيرادات والاحتياطيات الدولية، ولذلك يحتاج الاتفاق لأن يتم دعمه من خلال عملية مراقبة دقيقة ودورية لمستويات الإنتاج.
ورغم ذلك لن يتمكن الاتفاق من إلغاء تأثير مصادر الطاقة غير التقليدية على مستويات الأسعار، ونتيجة لذلك فلا يجب أن نتوقع عودة الأسعار إلى مستوى فوق 70 دولاراً للبرميل ناهيك عن 100 دولار الذي كان سائداً قبل سنوات قليلة، في ظل استعداد المزيد من إمدادات النفط الصخري لدخول الأسواق، لذلك فإن أفضل ما يمكن أن تتطلع إليه "أوبك" من هذا الاتفاق هو تحقيق حالة معقولة من الاستقرار المبدئي في الأسعار في حدود 50 إلى 60 دولارًا للبرميل.
وعلى الرغم من أنه كان تاريخياً، إلا أن اتفاق الأسبوع الماضي لا يعتبر عودة إلى الأيام الذهبية لمنظمة "أوبك" وإنما هو جزء من تكيف تدريجي للمنظمة مع نظام جديد للطاقة، ويعطي هذا التغيير أعضاء المنظمة المزيد من الوقت لتنفييذ التغييرات الهيكلية الأساسية في بلدانهم من أجل تقليل الاعتماد الاقتصادي الضخم على إيرادات الطاقة، والاتجاه نحو توليد المزيد من الإيرادات غير النفطية، وترشيد الإنفاق، لأنه من دون تلك الإجراءات فإن بلدانا أخرى ستنضم إلى الإكوادور ونيجيريا وفنزويلا، لتواجه هي الأخرى خطر التعديلات غير المنضبطة والمدمرة التي تفرضها قوى السوق.
اتفق الى حد كبير مع صديقى العزيز د. محمد العريان على الرغم من انقطاع التواصل بيننا من منذ فترة طويله
لكنى اشهد له بأنه صاحب رؤية مميزة وأكثر ما اتفق فية معة هو الفقرة المكتوبه بالون الازرق
كما ان مستوى اسعار شهر يناير و فبراير سيكون امتحان قوى لاوبك لتحديد مسار النفط خلال 2017