التمر أم النفط ؟.. مزارعو العراق يخشون على أرضهم من حمى الذهب الأسود
الزبير (العراق) (رويترز) - يزرع جليل جبر الفرطوسي أرضه الواقعة بالقرب من البصرة منذ عام 1970 لكنه قد يفقدها في عراق ما بعد الحرب في ظل الهرولة نحو الذهب الأسود الذي يقبع تحت الأرض التي يزرع فيها الطماطم (البندورة) والخيار.
وأصبحت العقود الممنوحة لشركات النفط العالمية التي قد ترفع طاقة العراق الانتاجية الى 12 مليون برميل يوميا من 2.5 مليون في الوقت الراهن شريان حياة مُحتملا للبلد الذي دمرته عقود من الحرب والعقوبات والتدهور الاقتصادي.
لكنها قد تمثل مشكلة للمزارعين من أمثال الفرطوسي الذي تقع أرضه الزراعية فوق حقل الزبير النفطي الذي تقدر احتياطياته بأربعة مليارات برميل.
وقال الفرطوسي (55 عاما) الذي يعمل في خمس مزارع في الزبير انه يزرع هذه الأرض منذ أن كان طفلا قبل 40 عاما. وأضاف أنه اذا أُخذت منه أرضه فانه سيكون كشخص عار بين الملأ لا يملك شيئا يقتات منه.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد ان الحكومة ستقدم تعويضات مالية وأراض بديلة في بعض الحالات لكن الدولة هي المالك الشرعي لحقول النفط.
وتابع قائلا ان أي بقعة أو أرض سواء كانت زراعية أو غير ذلك تقع داخل حقول النفط هي ملك للدولة. وأضاف أن الشركات العالمية والحكومة لن تسمح لاي جهة أن تعيق تطوير حقول النفط.
وتجري زراعة التمور والبطيخ والخضروات في الارض الخصبة التي تقع فوق جانب من أكبر حقول النفط في العالم منذ عقود من الزمن لكن العشائر التي تزرع هذه الارض تخشى أن تنحى جانبا في ظل الاندفاع نحو تطوير الاحتياطيات الضخمة بالعراق.
ورفع أحد زعماء العشائر في محافظة ميسان بجنوب البلاد دعوى ضد قطاع النفط العراقي التابع للدولة قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 بسبب فقدانه أرضه الزراعية ويطالب بتعويض قدره حوالي مليوني دولار.
وقد تكون هذه القضية بالون اختبار للمنازعات حول حقول النفط التي فازت بها شركات أجنبيبة عملاقة في جولتين للتراخيص العام الماضي.
ومن الصعب مقاومة إغراء تضاعف انتاج النفط العراقي بأربعة أمثاله. وسيجعل ارتفاع الطاقة الانتاجية الى 12 مليون برميل يوميا من العراق منافسا للسعودية.
كما ستسمح للعراق -الذي يمتلك ثالث أكبر احتياطيات في العالم- بجمع السيولة التي يحتاجها لاعادة الاعمار والوصول الى مستوى من الرخاء لوقف نشاط المسلحين الذين يواصلون قتل وجرح المئات كل شهر.
ويعول العراق العضو في منظمة أوبك على شركات عملاقة مثل بي.بي البريطانية ولوك أويل الروسية ورويال داتش شل واكسون موبيل وغيرها لتوفير الاستثمارات والخبرة اللازمة لحقوله النفطية.
ويشكل فشل الكتل السياسية العراقية في الاتفاق على حكومة ائتلافية منذ الانتخابات غير الحاسمة التي جرت في مارس عائقا أمام عمل هذه الشركات لكنه لم يمنعها من إرساء أساس مشروعات التطوير.
وعندما أطاح الغزو الامريكي بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قامت عشيرة المحيات بحماية منصات النفط في حقول غرب القرنة الواقعة شمالي الزبير من عصابات السلب والنهب.
وقال وسمي فياض المحيات الزعيم العشائري في قرية العبرة الواقعة على بعد حوالي 110 كيلومترات شمالي البصرة ان عشيرته تعيش في هذه المنطقة منذ 600 عام لكن شركة نفط الجنوب المملوكة للدولة تحاول ابعاد أهل عشيرته.
وقال انهم عرضوا الرحيل اذا عوضتهم وزارة النفط وأعطتهم أراض أخرى قريبة لكن أربع سنوات من المحادثات لم تثمر شيئا حتى الآن.
وأصبح التوصل لاتفاق أشد الحاحا بعد منح المرحلتين الاولى والثانية من حقل غرب القرنة الى شركات عالمية العام الماضي وهما من أكبر المشروعات النفطية في العالم.
وقال المحيات انهم يطالبون بأن يعملوا حراسا في المنشات النفطية وأن تكون لهم مجمعات سكنية وأن يجري تعويضهم كغيرهم. وأضاف أنهم اذا حصلوا على مطالبهم فانهم سينتقلون الى منطقة أخرى والا فانهم لن يغادروا.
وخلال سنوات حكم صدام حسين الاربع والعشرين سمحت الحكومة للمزارعين بزراعة الارض الواقعة داخل حقول النفط بموجب عقود تأجير سنوية من وزارة النفط. والان يقول مزارعون انهم يواجهون تعطيلا عندما يطلبون تجديد هذه العقود.
ويحظى المزارعون بدعم من سياسيين محليين.
وقال أحمد السليطي نائب رئيس مجلس محافظة البصرة ان المحافظة لا تعترض على مطالبة شركة نفط الجنوب بالاراضي لكن لا بد من تعويض المزارعين.
وأضاف أن مجلس المحافظة سيدعم حقوق المزارعين