2017-03-13
في وقت تواصل فيه شركات الطيران الأوروبية والأمريكية اتهاماتها المتكررة لنظيرتها الخليجية بمنافسة غير عادلة جراء حصولها على دعم حكومي، لا تلوح في الأفق أي بوادر على انتهاء تلك الحرب التي تدور رحاها في الخفاء وتخرج للعلن من وقت لآخر.
وفي فبراير/ شباط الماضي، طالبت أكبر 3 شركات للطيران بالولايات المتحدة "دلتا – يونياتد- أمريكان إير لاين" الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بسرعة التدخل لإنقاذ الشركات المحلية من "المنافسة غير العادلة" من قبل الناقلات الخليجية.
وفي مطلع مارس/ آذار الجاري دخلت الناقلات الأوروبية على خط المواجهة؛ إذ طالبت شركات "لوفتهانزا" الألمانية و"إير فرانس- كي.إل.إم" مفوضية النقل الأوروبية بمواجهة ما سموه "الممارسات غير العادلة لشركات الطيران الخليجية".
ودأبت الناقلات الخليجية على نفي الأمر جملة وتفصيلا، مؤكدة على أن نجاحها في اختراق تلك الأسواق هو خلاصة عمل جاد وتطوير مستمر لأعمالها.
ويقول محللون بقطاع النقل والطيران إن مناصبة شركات الطيران العالمية العداء بين الحين والآخر للناقلات الخليجية يأتي بينما الصناعة منافسة شديدة في وقت تنتهج فيه الشركات الخليجية سياسات توسعية.
ويتوقع اتحاد النقل الجوي الدولي "إياتا" تراجع هوامش ربحية الشركات العاملة بالقطاع خلال العام الجاري مع ارتفاع أسعار النفط ما سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة التشغيل مقارنة مع السنوات السابقة.
حمائية ترامب
منذ أن تولى الرئيس الأمريكي الجديد "ترامب" رئاسة أكبر اقتصاد في العالم، أكد القاطن الجديد للبيت الأبيض في أكثر من مناسبة اتخاذه لإجراءات "حمائية" من أجل دعم الاقتصاد عبر فرض المزيد من الرسوم على الخدمات والمنتجات التي قد تضر بالصناعات المحلية في بلاده.
وبدا أن شركات الطيران الأمريكية تسعى للاستفادة من الأمر؛ إذ وجهت صرخة استغاثة إلى ترامب ضد الناقلات الخليجية الكبرى.
وفي رسالة موجهة لـ"ترامب" نشرها موقع "تحالف الأجواء المفتوحة والعادلة"، والذي يضم "أمريكان إيرلاينز" و"دلتا" و"يونايتد إيرلاينز" حثت على فرض اتفاقية "الأجواء المفتوحة" وإنهاء ما وصفتها بـ"سياسات الدعم التي تحظى بها الشركات الخليجية" و"الدفاع عن العمال الأمريكيين".
وتابعت الرسالة: "العمال في صناعة الطيران الأمريكية بحاجة لمساعدتك. من دون التحرك العاجل لإدارتك فإن الأمريكيين الذين يعملون بجد سيواجهون منافسة غير عادلة من الشركات الخليجية المملوكة للحكومة".
وقالت "راشيل سولومن"، التي تعمل كمتحدثة لشركة دلتا، "نسعى بكل تأكيد لتأمين منافسة عادلة مع الناقلات الخليجية الكبرى التي تتلقى دعما من حكومتها... سنواصل انتهاج كافة السبل التي تأمن ذلك الأمر".
وشركة "دلتا" التي تأسست في العام 1924 تنشط في 88 دولة حول العالم عبر 334 وجهة، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة.
وتابعت "سولومن":"المنافسة غير العادلة لم تلق بظلالها على أعمال الشركة في الأسواق الخارجية ولكن حتى السوق الأمريكية والأوروبية بدأت الناقلات الخليجية في اقتحامها بقوة".
وتبني شركات الطيران الأمريكية اتهاماتها لشركات الطيران الخليجية على تقديمها لأسعار تنافسية بفضل الدعم الحكومي الذي تتلقاه الناقلات ما يمكنها من خفض تكلفة التشغيل ويرفع الطلب عليها.
ويقول روبرت جونكويز، محلل قطاع النقل الجوي لدى موديز :"ما تفعله الشركات الأمريكية بالوقت الحالي هو سياسة الطرق على الحديد وهو ساخن... يريدون الاستفادة من سياسات الحمائية التجارية التي يتبناها "ترامب" منذ مجيئه إلى البيت الأبيض".
والحمائية التجارية، هي إجراءات فرض ضرائب ورسوم على الواردات من السلع والخدمات كحماية للمنتجين والموردين الوطنيين.
ويتابع "جونكويز":"يتحدثون بصفة مستمرة عن تلقي الناقلات الخليجية الكبرى دعما حكوميا حتى إنهم يذكرون أرقاما على وجه التحديد.. الأمر يحتاج إلى تحقيق موسع لإثبات التهم وهو أمر سيستغرق الكثير من الوقت".
وتدعي الشركات الأمريكية في الرسالة التي وجهتها إلى ترامب أن الشركات الإماراتية والقطرية على وجه التحديد "حصلت على مستويات دعم غير مسبوقة" قدرتها الرسالة بنحو 50 مليار دولار منذ 2004 للسيطرة على صناعة الطيران العالمية.
وقال "بن ماميك" مسؤول علاقات المستثمرين لدى شركة "أمريكان ايرلاينز": "الرسالة التي توجهنا بها إلى المسؤولين بالولايات المتحدة هي نداء متكرر لإضفاء ميزة المنافسة العادلة داخليا وخارجيا".
وتابع: "سنواصل طرق كافة الأبواب من أجل الوصول إلى هذا الهدف بما يخدم مصالح أعمالنا".
ولم تكتف الشركات الأمريكية بالرسالة التي وجهتها إلى ترامب إذ طلب الرؤساء التنفيذيون لأكبر ثلاث شركات طيران أمريكية مقابلة وزير الخارجية "ريكس تيلرسون" في مطلع الشهر الماضي لمناقشة الأمر.
واختتم "ماميك": "مراجعة اتفاقية السماوات المفتوحة أمر حتمي للحفاظ على تلك الصناعة بالولايات المتحدة والتي توفر آلاف الوظائف للأمريكيين".
ويقضي اتفاق السماوات المفتوحة بعدم التدخل الحكومي لتحديد عدد الرحلات الأسبوعية أو السعة أو الأسعار، مما يتيح للناقل الجوي تسيير عدد غير محدود من الرحلات بين دولته وأي دولة أخرى.
شركات الطيران الأوروبية... اتهامات وتناقضات
في مطلع الشهر الجاري كالت شركات الطيران الأوروبية هي الأخرى الاتهامات للناقلات الخليجية بتلقي الدعم الحكومي ما يفسد أجواء المنافسة فيما بدا أنه تحرك جماعي مع نظيراتها الأمريكية.
وطالبت شركتا لوفتهانزا الألمانية و(إير فرانس – كي إل إم) الفرنسية-الهولندية في مطلع الشهر الجاري، في رسالة مشتركة من مفوضة النقل بالاتحاد الأوروبي "فيوليتا بولك"مواجهة ما سموه ممارسات غير عادلة لشركات الطيران الخليجية.
ولكن الاتهامات التي تدعيها الشركات الأوروبية تتزامن مع توقيع اتفاقات بينها وبين الشركات الخليجية من أجل التعاون.
وفي مطلع فبراير/شباط وقعت "لوفتهانزا" الألمانية اتفاقا مع الاتحاد للطيران بقيمة 100 مليون دولار للحصول على خدمات توريد الأطعمة والمشروبات، ووقعتا مذكرة تفاهم في مجال صيانة الطائرات.
والاتحاد للطيران الإماراتية واحدة من أكبر الشركات المتهمة بالحصول على دعم مالي حكومي وهو الأمر الذي نفته الشركة مرارا وتكرارا.
وقال بديش كابور، المتحدث باسم الاتحاد للطيران: "أكدنا في أكثر من مناسبة على عدم حقيقة الأمر... نركز بالوقت الحالي على توسعة أعمالنا ولا نلتفت إلى مثل تلك الاتهامات".
فيما قال "بوريس أوجريسكي"، المتحدث باسم "لوفتهانزا"،نعمل على ضمان تحقق عنصر المنافسة العادلة وفي نفس الوقت نبحث عن الاستفادة من الشراكات... كل ما نطالب به هو سن القوانين التي تضمن المنافسة العادلة".
ونشرت وكالة "رويترز" في منتصف الشهر الماضي مسودة لقانون جديد للمفوضية الأوروبية يسمح لها بفرض رسوم على شركات الطيران من خارج الاتحاد الأوروبي أو تعليق حقوقها في تنظيم رحلات إذا ما خلصت إلى أن تلك الشركات تضر بمصالح نظيراتها الأوروبية.
ويختتم "روبرت جونكويز"، محلل قطاع النقل الجوي لدى موديز: "المنافسة المشتعلة بين الناقلات الخليجية ونظيرتها في أوروبا وأمريكا ستستمر بشكل أو بآخر... فأي تحركات من حكومات تلك الدول قد تضر الناقلات الخليجية سيقابلها تحركات فورية إعمالا لمبدأ مهم وهو المعاملة بالمثل".